الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيير من الوسط

عمر قاسم أسعد

2012 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



ربما كان البعض يراهن على أن التغيير ــ إن قام ــ سيقوم من الجنوب والحاضنة معان أو الكرك ، ومنذ بدايات الحراك كان للجنوب السبق والمطالبة بالإصلاحات ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مطالب الحراك مطلبية محددة السقف ، لا تعدو عن مطالب اقتصادية إصلاحية .
وإن كان الزخم بأعداد المشاركين في الحراكات كبيرا إلا أنه كان بإمكان الحكومة التعامل مع الحالة الراهنة ــ أنذاك ــ كما هي ومعالجة الكثير من المشكلات المطلبية .
إلا أن تعامل الضد من قبل الحكومة خلق نوعا من العداء الظاهر ونوعا من التحدي العلني لما تمثله الحكومة ، مما اعطى فرصة لظهور الحالة النوعية في الحراك والتي قامت بالتأثير على الحراك باتجاه منظم .
الحكومة قامت ــ من خلال تصرفاتها ــ بنقل الحراك وسقوفه المتزايدة إلى مناطق أخرى من المملكة وتمركزه في العاصمة ( عمان ) .
عندما تلجأ الحكومة لسياسة القمع والاعتقال فإن حركة الاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات ستنتقل وتتركز في العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وكف يد الاجهزة الامنية ، وهكذا غدت العاصمة مسرحا للحراكات ومسرحا لهتافات بلا سقوف وبكل الألوان ،وقد تم تشكيل عدة تيارات وتجمعات وحراكات تحت مختلف التسميات ،
والحكومة ــ ممثلا للنظام ــ ما زالت تتعامل مع الشارع معاملة الضد والعدو والتسويف والمماطلة والقمع والاعتقال ، وبدل أن تلجأ الحكومة لخيار الحوار ـ الذي طالبت به الجماهير ــ لجأت لخيار العنف والاعتقال ، وهنا كان المقتل من خلال بروز ظاهرة العداء بين معسكر الحكومة وما تمثله ومعسكر الشارع وما يمثله أيضا ، وأدرك بعض ممن كانوا محسوبين على الحكومة ان عليهم التماهي مع الشارع وبغض النظر إن كان هذا باختيارهم أم بإيعاز من الحكومة .
وعلينا أن لا ننكر ان أن الشارع قد اكتسب ــ ظاهريا ــ مجموعات سجلت حضورها بامتياز ونتج عن ذلك حراك من نوع أخر وهو الحراك ( المعلوماتي ) الذي كان فيما مضى في دائرة السرية ، وتم تداول لمعلومات الفساد والسرقة وتم معرفة أسماء وتكشفت خيوط اكثر تشعبا وامتدادا نحو رأس الفساد ، وأصبحت المعلومة في الشارع بين يدي كل فئات وشرائح المجتمع الأردني ، وككل مرة أهملت الحكومة كل الخيارات لفتح صفحة جديدة وبدء التعامل مع الشارع بمصداقية ــ ولأنها تفنقد للمصداقية ــ وقفت عاجزة أمام الواقع الذي فرض نفسه على الشارع ، ولم يعد في جعبة الحكومة ما كان بجعبتها ، الخيار الوحيد هو سياسة القمع والاعتقال والتعامل مع الضد ، وافتعال أزمات ومسرحيات ظنا منها أنها ستشغل الشارع بقضايا ثانوية هامشية وتشتت أنظار الشارع إلى حوادث أخرى ، وأيضا لتخويف الشارع من القادم الذي ينتظر الساحة الأردنية وللقضاء على أي فكرة قد تتبلور في أذهان الناس عن ضرورة التغير الجذري للنظام .
إن انتقال نوع وكم الحراكات والاعتصامات من مناطق المملكة ــ وإن كانت متفرقة ــ إلى العاصمة ( عمان ) هو دليل على أن القادم لن يكون بصالح الحكومة ولا النظام وإن هذا الانتقال فرض وجوده من خلال نشر منظومة من الافكار السلبية حول النظام وانتشرت بشكل افقي لتطال كل المناطق المجاورة للعاصمة ( مناطق الوسط ) ولا يخفى على أحد التشكيلة الديمغرافية في بعض المناطق المحيطة بالعاصمة .
شرائح أخرة من مكونات النسيج الأردني بدأت تستوعب أنها لن تكون بمعزل عن الحراك ، وإن لم تكن متواجده فيه ظاهريا إلا انها كثيرا ما تتفق حول شعاراتها ،وإن عاجلا أم آجلا سكيون بمقدورهم ان يحددوا خياراتهم ، وفي داخلهم ما زالو يحملون ذات الهم وذات القهر وذات المأساة التي تحيط بالشعب الأردني ككل .

عمر قاسم اسعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر