الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلون الغضب / إلى روح الشهيد شهاب التميمي

سالم وريوش الحميد

2012 / 8 / 10
الادب والفن


بلون الغضب
إلى روح الشهيد شهاب التميمي ........
سرت ببطء وأنا أتخبط ذات اليمين وذات الشمال وكأن الخمر ة سلبت بقايا قدرتي في الثبات على أرض راحت تميد تحت قدمي ، حبو ت بعد أن ارتجت عليّ كل الأبواب وأغلقت كل المنافذ بوجهي .. أغمضت عينين أطفأ النور فيهما .. وامتلأت محاجرهما بالدموع توسطت الرصيف ، بدلتي تحمل سمات أناقتي لولا ذلك التراب والطين الذي تجاسر عليها في غفلة مني ، لازالت الأيام تدور دورتها . اختلطت الكلمات في رأسي
من يكتب لهذا الزمن تأريخه غير أولئك المجانين ، في دنيا السياسة كل الكلام قيل ولم يعد هناك شيئا يقال ،
هذيان محموم وهواجس وآهات وشجون ، تقتات من جسدي ، تنخر كل بنياني ، تحيلني إلى مستعمرة من خراب ، وأرض بور، تشقق أديمها
لن تضيع الكلمات في بحر المجون ...؟ انتزعها من مدافنها
تتلاشى في توابيت القمامة أساطير العدالة ، العدالة مغيبة أيها السادة يا من صغتم القوانين ، ووضعتم الدساتير ...!
تحاملت على نفسي وحاولت أن أنهض أحسست إن ثمة شيئا يقاوم كل محاولاتي العقيمة للحركة , الدم جف على قميصي الناصع البياض ، تخلصت من ربطة عنقي بصعوبة .
أتابع بعيني حالة الهيجان التي تحيط بي دون أن أ عي شيئا مما يدور ، لكن وابل من الكلمات زحفت إلى رأسي اجتاحتني كسيل جارف مزقت تلك الشرنقة الموميائية التي غلفت أفكاري ، إذ راحت تلفني بسرعة جنونية وكأنها دوامة تدور تعتصرني ثم تلقي بي على قارعة الطريق ، تطرد الأفكار مرغمة خارج كوة رأسي ، بعد أن تتخلص من مجالات الجذب التي أحيط عقلي بها ، فأوهمتني بأني مسافر عبر محطات قصية ، المكان والزمان فيهما مجهولين ، رغم أني لازلت في ذات المكان ، لم أتحرك قيد أنملة مذ أن أجبرت على هذا الاستسلام ، وهذا الخدر الذي لف جسدي ...
أصوات سيارات الإسعاف تصل إلى مسامعي ، أضحك في داخلي ، ضحكا متهكما .. لكنه يظل داخل أسوار جمجمتي مُغَلَقَة عليه الأبواب
_أنا سكران أراهم يلومونني ، لم الإسعاف.. تقترب منا ...؟
ألا من أحد يشعر بي ...؟
أغادرت الحكمة رؤوس أصحابها..؟ فأصبحت ككؤوس فارغة حتى الثمالة ، و أترعت العقول بجنون الرغبات المكبوتة .. رغبات التسيد والتملك وحب الاكتناز والسادية والغرائز الجنسية لتثير كل كوامن الشر الدفينة ، تحيل أصحابها ، إلى مصاصي دماء ، إلى مافيات لعصور التغيير ، وآلات تدمير في عصور التوسونامي غير المسبوق بإنذار...
أمن المنطق أن تنتهك حرمة الإنسان حتى بعد موته ،لقد أوهمونا أن الأجساد تنهض من رمسها أنى تشاء
غيبوا الحق بعد إن بح صوته وألقوا به في طوامير العتمة الأبدية
أليست تلك الكلمات كنت دوما ترددها ...؟
ماذا أصابني أهي هلوسات ابتليت بها بعد أن لعبت الخمرة برأسي ..؟، لم كل تلك الأسئلة تدور في داخلي .هاتف يدعوني للنهوض من جديد ،
،أفق لن تكون ضمن قوائم الموتى لأنك لم تغادر محطات الحياة بعد ،السكارى لا يموتون .. قليلا من القهوة يجعلهم يفيقون ... ياااااااا...ما هذه الثرثرة ..؟
حريق في جسدي ، نار لن يخمد أوارها ،
لا لن أذهب معكم كيف أساق مع هذه القطعان من البشر بالسياط ،نزبن إلى حتوفنا حيث نهاية المصير
أهذا هو منطق العصر أن يتحمل الإنسان خطيئة وجوده ،ومعتقده ، وجنسيته ، فحقه بالبقاء مرهون بفتوى رعناء ، أو طلقة ضالة أضاعت الطريق
حين تقطع الرؤوس من خلاف يصبح الموت دعاية مجانية للإيمان ،والعقيدة ، تخترق سنن الغاب ليصبح الإنسان سيدا لها ، يا ويلي مما أنا فيه ... لم هذا الكم من الأفكار تبتليني ...؟
عشتار. مزقي أكفانك أزيحي التراب عن رمسك ، ألبسي ثوب عرسك الذي ما احتوى جسدك إلا سويعات. دم عرسك تحول إلى نزيف سقى عطش الأرض الظمأى ، وتحولت الزغاريد إلى صرخات ، فما عاد لك من مقام ، تعالي إلي حبيتي ، لنعيد عناقا ما عشناه إلا لحظة فراق .. لنقطف عنبا من كرمتنا الدانية القطوف ، ضعي يدك بيدي وأصغي إلى لحن الجمال ، إلى همس الطبيعة ، إلى هديل الحمام ، إلى نوارس الشاطئ ..
أتعرفين إني لم أذق طعما للخمر حتى توسد جسدك الثرى فابتلاني حزن خيم على حانة قلبي وجعلني أ عب كؤوس الطلا ممزوجة بعلقم الموت .. أردت اللحاق بك لكنهم قالوا : لازال في العمر بقية
تأخذني سكرات الموت كلما عنت علي ذكراك ، ألاف الصور تدور في مخيلتي ،ألاف من كؤوس الخمر رحت أعبها تباعا دون ارتواء ,, الأصوات تتعالى ، الدخان يغطي المكان بسحابة قاتمة ،
صوت المذياع يصل إلى سمعي وكأنه همس ( لقد قضينا على بؤر الفساد أحالة 1031قضية فساد للمحاكم ..!)
ضحكت ملئ شدقي ّ (من السكران أنا أم هؤلاء المهووسين بالكذب ....؟
أحملوا هذا المسجى من على قارعة الطريق ..

أغاني الحب طالما سمعناها أنا وإياك في غفلة من الزمان ، ما عادنا نتغنى بها ، ما عادت عروس البحر تستلقي على شواطئنا ولا ربات الجمال يزرن حقولنا ، اليوم نسمع سيمفونيات الموت كأنها لحن أبدي تشنف لها الأذان ،
كاد الألم أن يسرق مني لحظات العمر كلها
عند أبو نؤاس تمثالي شهرزاد وشهريار يشمخان في فضاء رحب .. نجلس قبالتهما على مقعد احتوانا عاشقين ، كنت أرنو إليك ، إلى زرقة عينيك ، إلى أنوثتك الطاغية الجمال، إلى حقول شعرك المسافر مع الريح ، حيث لا مكان لخوف يتسلل قلبك رغم رسائل التهديد التي كانت تصلك باستمرار، يضج المكان بضحكك المتواصل ، قد نكون ضمن حكايا ألف ليلة وليلة ....
_ أتخاف هؤلاء ..؟
_ إن أرواحنا رهينة بين منافق أو مأبون ،
_ مهما حاولوا ،لن يتملكوا أرادتي
حاولت أن أبدو أمامها شجاعا ، ولكن واقعي لم يمارس غير طقوس الخوف عليها ، حاولت أن أطوقها بجسدي ...وأضمها إلى صدري
قريبة مني هي حقيبتي أنظر أليها وليس باستطاعتي رفع أوراقها المبعثرة ، قصصي ، مقالاتي ، حاسبتي الصغيرة ، أخاف أن يأخذها أحد المارة ، لعن الله الخمرة إذ لعبت برأسي .. آه ما أتعس هذه اللحظات التي تمر بي .. لا أستطيع القيام . لا أستطيع أن أصرخ بأولئك المتحلقين حولي .. عسى أن يتركوني .. ألم يروا مخمورا من قبل ...؟ رأسي في دوامة الأسئلة يجتر بقايا من كتاباتي .. التي لازالت عالقة في ذاكرتي
أنشتري معسول الكلام من الأسواق لنرضي نرجسيتهم....؟ لم يغتالوا الكلمة على الطرقات
أنبيع أغلى ما نملك .. مبادئنا كي نعيش ...؟ تبا لها من معادلة صعبة
وجه عشتار البرونزي يلامس وجهي ، وليلها المنثور يحيط بي ، أشم رائحة عطرك ... ليتني أقطف من ثمار خدك قبلة
عشتار اغتالوا صباك لجموح قلمك المجنون حين بدا يطلق صهيله فاستفز ضعفهم ، وفضح ما يخبئه ليلهم ، أولئك الذين أرادوا أن يستولوا على كل بصيص أمل لفقير حالم بالخلاص من فقره ، حاولوا أن يقتلوا الكلام .. ويوأدوا الحقيقة
قرص الشمس باهت أراه لكنه لازال يغازل البصر عله يعود ،
ولكن أنى له أن يعود وقد عميت البصيرة ، قتلوا الورود لأنها تمنح عطرا ، قتلوا الكلمة وكمموا الأفواه ، قتلوك يا عشتار لأنك لم تساهمي بقتل الفقراء .من يستر قبح النفوس غير الرموس ، قلتيها لي مرارا ..؟ كنت أخاف عليك لحظة فراق ما بعده عودة ، اختزلوا خوفي وقلقي عليك واتصالاتي التي لا تنقطع للاطمئنان على مهرة عنادك التي لا تقهر ، أرادوا قتل صهيلك ، زفوا لي نبأ قتلك بكاتم ، فضنوا عليك بسماع صوت الموت أو شم رائحته ، ظنوا أنك تخافين قرقعة مسدساتهم ، ظنوا أنهم يثلمون اليراع ,يدفنون الحقيقة
النهر يعمد كل حي وشهيد ، فمن يعمدنا إذا ما جفت الأنهار ...
مسجى أنا هنا الناس تنظر لي ، يتمتمون بكلام مبهم .. لم أنا هنا ، أهي أثار السكر .. ولكنني لست بسكران ، ما شربت خمرا قط
بحياتي ما مسسته ، فلم أدعي السكر وأنا مضرج بدمائي ...؟ لم أقدامي بلا حراك ...؟ لم تجمدت الحركة ، وحجمت أنفاسي
خلت أن دموع أمي دموع كونت أنهارا ... أحلالا أن نغسل بالدموع ..؟.
سمعت أحدهم يقول
_ الرجل صحفي
_نعم أنا صحفي ،وما الضير في ذلك ...؟
قلتها دون أن أنبس ببنت شفة ،
-أريد مقالاتي أين اختفت كتبت عن خفافيش الظلام .. هاتوا تلك الأوراق لم تحملونني ..رأيت شابا وسيما يأخذ قلمي خلسة لوح لي بعلامة النصر .؟
أين تذهبون بي ...؟
سيارة الإسعاف تقطع المسافات بدهاليز ضيقة ، كل من يحيطون بي أناس أجهلهم لا أعرف من أتى بهم إلي .. المشارط تبعث في النفس الخوف والاشمئزاز ، الأضواء تخترق بقايا خلايا الرؤيا في عينيي .. على صدري وانخفض كما يعلو الموج عند ما يهيج البحر .. ثم هدأ واستكان ..
_لا ألله إلا الله
غطوا وجهي بملاءة بيضاء .. عرفت أن ست رصاصات من كاتم للصوت اخترقت جسدي ولم تفلح كل محاولات الأطباء بإنعاشي
عشتار تعالي .. إلي لا تدعيهم يعبثون بجسدي .. أبعديهم عني أرجوك .
.....
فرت الحمامات البيض ...حلقت في عنان السماء
وفوق أجنحة السحاب .. عشتار تنتظرني هناك . . لازالت تلبس ثوب الزفاف ...

شهاب التميمي :شهيد الصحاف العراقية .. رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين ....اغتالته يد الغدر والإرهاب في بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال