الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس أولمبياد لندن

حسين علي الحمداني

2012 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ليست الحروب وحدها من تضع الدول في صدارة نشرات الأخبار، فنحن أدركنا بشكل كبير بأن سباحة صغيرة بإمكانها أن ترسم الفرحة لشعب كامل وهي تحصد ميدالية في الأولمبياد، ووجدنا بأن جامايكا البلد البعيد جدا عن العالم والذي لا أحد يعرف عنه شيئا سوى إنه بلد السرعة القصوى، وجدنا جامايكا تتصدر نشرات الأخبار، ليس بسبب حرب شنتها أو شنت عليها ، بل بسبب عداء وعداءة ،ورباعي من العدائين والعداءات قهروا السرعة وحطموا الأرقام ومنحوا بلدهم الذهب والسمعة الطيبة.
شعوب تصنع لبلدانها تاريخ، ورجال يذرفون الدموع حين يعزف السلام الوطني لبلدانهم ، وتلك الأثيوبية التي لم ينقطع بكائها منذ أن توجت بالذهب حتى اعتلت منصته، وازدادت دموعها مع كل نغمة من نشيد بلادها.من تابع لندن 2012 من العراقيين كان يتمنى أن يعود ذلك الرباع الذي منحنا وساما وحيدا في تاريخ الألعاب الأولمبية، لا لشيء بل لكي نذرف دموع الفرح في هذا الزمن ، ليت عبد الواحد عزيز في لندن الآن، لكي نتعلم منه معنى الوطن ومعنى النشيد الوطني ومعنى الراية التي ترفع بين الرايات .
أكتشفنا في الأولمبياد بأن أبناء فرنسا ظلوا ينتظرون دراجهم الصغير وقافز الزانة اللذين حملا الذهب لمدينة النور ، أكتشفنا بأن البريطانيين يشجعون رياضيهم حتى وهم يخسرون ، أشياء كثيرة اكتشفناها ، لعل أهمها بأن تاريخ ألأمم يختلف عن تاريخنا ، تاريخنا محفوف بالحروب ومحاط بالسيوف وتنبعث منه روائح الموت وسقوط المدن والخطوط ، أما تاريخ جامايكا والبهاماس وغيرها من الجزر البعيدة فإنه تاريخ يكتب الآن ولن يتوقف عند محطة من المحطات كما توقف تاريخنا مرات عديدة.
أما نحن فقد ابتلانا الله بأولمبياد من نوع آخر ، سباق سيء بين أطراف همها الوحيد أن تجعلنا نبكي من الألم وليس من الفرح ، في عز توقف ساسة العالم عن مزاولة أعمالهم المعتادة وهي السياسة ، توقفوا إحتراما للحدث الأكبر في العالم لندن2012 وتركوا شعوبهم تستمتع بما يصلها من بث حي ومباشر ، فقط حكامنا العرب لم يمنحونا مهلة التمتع ، وجعلونا نغادر القنوات الرياضية لنتابع إمداداتهم العسكرية والإعلامية للمدن السورية التي حولوها لخراب والحمد لله ، وجعلونا نقف مذهولين أمام بكائهم القوي على الشعب السوري وطعناتهم القوية للشعب البحريني ، وفي العراق صمت البعض ونطق البعض الآخر وفي داخل البعض كان يدعو الشيطان أن لا تفوز دانه حسين لكي لا يرفع علم العراق ، لا أدري لماذا أبتلينا بهكذا نماذج قاصرة في السياسة وبارعة في الأزمات.
وكنت في أمسية رمضانية مع ألأصدقاء نتابع سباقات لندن ، قال أحدهم من هو رئيس جامايكا ورئيس وزرائها ورئيس مجلس نوابها ؟ ضحكنا جميعا لأننا لا نعرف من هو وكل ما نعرفه عن هذه الجزيرة علمها ونشيدها ورياضييها ، أحدنا أجاب بالتأكيد جامايكا بلد ليس للمحاصصة مكانا فيه ،وإلا لما تقدموا بهذا الشكل ، وأكيد أيضا ليس فيها قاعدة وبيشمركة وميليشيات ، وربما ليست فيها ديمقراطية أصلا.والأهم بأن لا دول مجاورة لها تتدخل في شؤونها السياسية والرياضية . ولا أظن إن فيها من يشكك بالقضاء ويرتاب منه ، والأهم ليس فيها من السياسيين من يضع قدم في الحكومة وقدم في المعارضة وليس فيها كواتم صوت سياسية ، وليس فيها فلول للنظام السابق تتصيد بالماء العكر ولا كامرات خفية ينصبها الساسة بعضهم للبعض الآخر ، أنها جامايكا جزيرة السرعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السنوار ونتنياهو يعيقان سياسات بايدن الخارجية قبيل مناظرة ان


.. خامنئي يضع قيودا على تصريحات مرشحي الرئاسة




.. يقودها سموتريتش.. خطط إسرائيلية للسيطرة الدائمة على الضفة ال


.. قوات الاحتلال تنسحب من حي الجابريات في جنين بعد مواجهات مسلح




.. المدير العام للصحة في محافظة غزة يعلن توقف محطة الأوكسجين ال