الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة بورما ... هل يتعرض المسلمون للاضطهاد حقا؟

حيان الخياط

2012 / 8 / 11
حقوق الانسان


مجزرة بورما ... هل يتعرض المسلمون للاضطهاد حقا؟
المجزرة ووسائل الاعلام
انتشرت في الاونة الاخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي صور لأناس يبدو انهم تعرضوا لإبادة شاملة، صفحات ومجموعات عديدة على "الفيس بوك" تنشر صور للضحايا بشكل دوري.
ان كانت هذه الصور حقيقية فان شيئاً ما يمنع وسائل الاعلام من نشره والاهتمام به، فمن البديهيات التي يعلمها كل الناس ان وسائل الاعلام تتلقف اي حادثة مهما كانت صغيرة وتضخم منها احياناً، فما بالك بمجزرة كاملة تتعرض لها شريحة واسعة من مواطني بورما. ما الذي منع الاعلام من القيام بعمله يا ترى؟
قبل التسرع في الحكم ووضع فرضيات بلا جدوى، يجب ان نعرف جميع ملابسات ما يحدث في بورما، ولنبدأ بمعلومات عن بورما نفسها.
بورما الدولة
بورما هي احدى دول جنوب شرق آسيا، واسم الدولة الرسمي هو "جمهورية اتحاد ميانمار، تأسست عام 1937 بعد الانفصال عن حكومة الهند البريطانية. حيث اصبحت مستعمرة بريطانية منفصلة.
تضم بورما مواطنين متعددي، الاعراق، اللغات والأديان بسبب تعدد العناصر المكونة للدولة، بشكل عام يتحدث جل سكان بورما اللغة البورمانية ويطلق على هؤلاء "البورمان" اما باقي السكان فيتحدثون لغات متعددة.
نأتي الان الى التكوين الاهم في بورما، وهو التكوين الديني، يشكل البوذيين النسبة الاكبر من سكان بورما وهم يمثلون ثلثي السكان تقريباً، اما المسلمين فنسبتهم لا تتعدى ال 15% تقريباً، وهم يمثلون اقلية، والغريب في الامر ان اكثرية المسلمين ينحدرون من اصول عربية، حيث يعود نسبهم الى المسلمين في اليمن والجزيرة العربية، بالاضافة الى القليلين من اصول فارسية.

ما يقال عن المجزرة

بالاعتماد على كلام موسوعة ويكيبيديا، بدأ كل شيء في 3 يونيو 2012 حيث قتل الجيش البورمي احد عشر مسلماً بدون سبب بعدما انزلوهم من الحافلات، فقام المسلمون في اقليم أراكان ـ ذو الاغلبية المسلمة ـ باحتجاجات عنيفة على ما جرى.
فتعرض المحتجون بدورهم الى مجزرة على يد الجيش والغوغاء، راح ضحيتها أكثر من 20000 مسلم في احصائية، و50000 مسلم في احصائيات غير رسمية.
واستمر العنف من خلال احراق المسلمين وتهديم دورهم ومساجدهم، حيث تعرض 2000، و70 مسجداً للتدمير.
وعلى اثر كل هذا اندلعت اشتباكات عرقية/دينية بين كل من المسلمين والبوذيين.
رواية اخرى تطرح سبباً وإحداث مختلفة عما جاء اعلاه، حيث نشرت صفحة "كلنا خالد سعيد" على الفيس بوك (بحسب موقع اخبارك.نت) كلاماً لدبلوماسي مصري في بورما جاء فيه ان سبب ما حصل هو اغتصاب فتاة بوذية وقتله، مما حدا ببعض البوذيين الى قتل 10 مسلمين كرد فعل وانتقام لما حصل للفتاة، فقام المسلمين بعد صلاة الجمعة بالهجوم على البوذيين وقتل بعضهم، وبسبب تشابك هذه الاحداث جرى ما لا يحمد عقباه.
حسب الظاهر فان الفرق كبير بين الرواية الاولى والثانية، وهذا ما يدعو للتشكيك ولو قليلاً في صحة الخبر بأكمله.
التضخيم اللامحدود في مواقع التواصل الاجتماعي
من المرجح ان اول وسيلة تم من خلالها نقل خبر مجزرة بورما هو موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وذلك عن طريق مجموعة من الصور التي يفترض انها تحتوي على قتلى مسلمين مرصوفين بعضهم فوق بعض. هذا المنظر المؤلم سبب حالة هوس بنشر هذه الصور، وقد تم انشاء صفحات لا حصر لها مكرسة بشكل كامل لطلب التضامن مع مسلمي بورما.
ومن هذه الصفحات، " حمله نصره المسلمين في بورما"، " أنا مسلم أنا ضد مجزرة بورما-أستحلفك بالله نشرها لنصرة اخواننا المسلمين"، " بورما المنسية جرح لا يندمل" وعشرات الصفحات التي تحمل عناوين مشابهة.
هل الصور لمسلمين مقتولين حقاً؟
قام "فراز احمد" بالتأكد من مصداقية اغلب الصور التي يتم تداولها، ونشر ما توصل اليه في احدى المدونات الاجنبية، ومما قاله عن السبب الذي دفعه للتقصي والبحث: "دافع البحث والانسانيه والاطلاع هو الذي حركني لانطلق في رحلة الكترونية للبحث عن هذا الاشاعات لعلمي ان البوديه تحرم قتل اي شكل من اشكال الحياة ,وبعد ان جمعت الادلة والاثباتات من جميع المواقع استطعت حتى استطيع ابين واوضح لكم كيف لفقت هذه الصور وفبركت حتى تكون وسيله لنشر التطرف والعداء والكره للاخرين."
احدى الصور تحتوي على مجموعة من البوذيين بزيهم المميز مع وجود جثث متكدسة يقومون بحملها، وهي تنشر على اساس ان المقتولين من المسلمين! تبين ان الجثث تتعلق بزلزال حدث في هضبة التبت في جمهورية الصين الشعبية عام 2010، وقاموا بجمع الجثث وحرقها حسب التعالم الخاصة بهم.
صورة اخرى لرجل يركض وهو محترق ولهيب النار من حوله، تنشر بكثرة للتدليل على قساوة ما يعانيه المسلمون في بورما! حقيقة هذه الصورة انها لرجل صيني يحرق نفسه معترضا بسبب زيارة الرئيس الصيني للهند.
وكل هذه الحقائق مرفق بها روابط للخبر الاصلي، وهذا يوضح مدى الزيف في نقل هذه الصور، فهي صور لأحداث متفرقة حصلت في

حقيقة ما يجري

هل يعاني المسلمون في بورما من وطأة ما يحصل لهم من اضطهاد؟ ام ان كل ما يتم تداوله كذبة يحاول بعض الاشخاص من خلالها الهاء الناس قليلاً؟
لو تأملنا الموضوع بروية، لوجدنا ان المسلمين هم الاقلية في بورما، وليس من المستبعد ان يتعرضوا لبعض الاضطهادات والمشاكل المختلفة، وبحسب المعطيات المتوفرة، فان حدوث بعض عمليات القتل او التهجير متوقعة ولكن لا ينبغي ربط هذا الامر بالدين حصراً او تضخيم ما يجري من أجل كسب تضامن قوي. قد يكون سبب ما يحدث عرقياً او ردة فعل على جريمة اغتصاب او سبب اخر لا نعلم به.
اذاً، في التحليل الاخير ينبغي عدم انكار ما يمر به المسلمون في بورما ولكن يجب موضعة الخبر في سياقه وحجمه الصحيح.

التفسير العلمي لسبب انتشار صور مجزرة بورما

يملك الانسان خلايا خاصة في الدماغ تدعى بـ" الخلايا العصبية المرآتية" وهي موجودة عند الرئيسيات ايضاً، لقد تم اكتشاف وظيفة هذه الخلايا عن طريق تجربة قام بها باحث ايطالي عام 1992. فقد قام هذا الباحث بتوصيل اسلاك الكترونية في عقل شمبانزي، ومن ثم تسجيل جميع الاشارات الكهروعصبية التي تحصل.
وفي احد الايام قام الباحث اثناء التجربة بإحضار وجبة طعام ليأكلها، ولكنه تفاجئ بوجود نشاط حركي يحدث لمنطقة اليد في دماغ الشامبانزي رغم ان يد القرد لم تتحرك اطلاقا.
لقد اكتشف هذا ان القرد ينظر الى الطعام الخاص به ويتجسد حالة الباحث ذهنيا ويتخيل ان يده تمتد الى طعامه ويأكل منه.
نفس هذه الخلايا المرآتية موجودة عند الانسان، وهي المسؤولة عن حدوث بعض ردود الافعال مثل ان يكون شخصاً ما متابعاً لمباراة كرة قدم، وتصل الكرة الى منطقة الهجوم، فيقوم احد اللاعبين باللحاق بها قبل خروجها من الملعب، فان هذا المشاهد ستشد عضلات ساقيه وظهره وهو متحفز للحاق بالكرة، رغم انه مجرد مشاهد!
وفقاً لهذا المنظور يمكن القول ان الانسان يشعر بالعطف والألم عند رؤية صور يقال انها تتعلق بمجزرة تحدث في احدى الدول. عند رؤية هذه الصور فان الانسان العادي سيحاول المساهمة ولو بقدر بسيط مثل مشاركة الصورة على صفحته الخاصة في الفيس بوك او القيام بنشر الخبر بأية وسيلة اخرى. هذا الامر مرتبط بالإنسان العادي في كل مكان وزمان، فما بالك بمسلم متدين يصل اليه خبر مفاده ان مجموعة من المسلمين مستضعفون في دولة معينة ولا حول لهم ولا قوة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل جميل
هوزان خورمالى ( 2012 / 8 / 11 - 22:28 )
اخي الكريم هذة الفبركات يقوم بها الاسلام السياسي لغرض لفت انظار العالم الية وهوة يقصد ايصال رسالة للعالم العربي بانة هوة الاعلام المصدق لكي يرسخ عندة المسلمين مصداقيتة ......ويسرق دور الاعلام العلماني وغير ةمن وسائل الاعلام وتلك الوسيلة الاعلامية التى يقوم بها الاسلام السياسي غير رسمية اى تعرض الافلام عن طرق يوتيوب وغيرة ومن المواقع التى تنشر فيها الافلام الفيديو ,لو كان الذي يحصل في بورما حقيقي فاين القنوات الاعلامية العالمية من هذة الحدث هل فقدة الصحفيون الامانة الاعلامية هل فقدت القنوات الفضائية مصداقيتها ولما هذا مع العلم هذة القنوات تملك مراسين وموفدين في كل الدول التى تحيط ببورما لنفترض جدلا بان حكومة ميانمار لاتسمح لهم بنقل الخبر دون استثناء ....اذن الخبر والصور مفبركة وغير حقيقية والهدف منة اطال وتوسيع التفرقة العنصرية بين شعوب العالم بكل طوائفة ودياناتهم على المودة نلتقي تحياتي


2 - الى الاخ هوزان
حيان الخياط ( 2012 / 8 / 13 - 02:34 )
عزيزي هوزان

ان التضخيم الذي حصل لقضية بورما يعكس مدى الانغلاق الديني بشكل من الاشكال، فلو ان اضطهاداً ومجازر حصلت للبوذيين لما رأيت مسلماً واحداً يهتم للأمر من الاساس.
من جانب اخر جميع الوكالات الاخبارية العالمية لم تنشر اي صورة مما تم نشره في الفيس بوك او غيره من مواقع التواصل الاجتماعي وهذا دليل على وجود محاولة لتزييف الاحداث واعطائها مجالاً اكثر مما تستحق.
وشكراً


3 - افادة
المكي ( 2012 / 8 / 27 - 11:33 )
انا أراكاني مقيم بدول الخليج اجدادي من المهاجرين الذين فروا من ميانمار بورما ، ولدي أقارب هناك وتصلنا أخبار عما يحصل هناك من مذابح شنيعة وهتك لأعراض المسلمات ، لا أنكر الصور الزائفة التي تطايرت عل صفحات الفيس بوك والانترنت عامة ، ولكن في الجانب الآخر يوجد صور حقيقية للدعاة الذين ذكرتهم وصور أخرى اذا بحثت ستجدها ـ القضية ليست زائفة ولكنها حقيقية .. أرجو أن يكون لديك الجرأة لتتطلع على الحقيقة بنفسك بالذهاب إلى هناك كما تجرأت وكتبت هذا المقال ، فإني أرى أنك أخطأت في حكمك وفي تفسيرك ستحاسب عند الجبار الحي القيوم على كل كلمة كتبتها وترسبت في أذهان الناس على أنها قضية زائفة ، لو لم يكن هناك في الأصل مأساة لما كنت ستراني اليوم أرد على مقالتك .. أنا أراكاني من أحفاد تلك الأراضي الذهبية قل خيرا أو اذكر الله ، ،


4 - قطرة من عدم تحري الدقة تلوث بحر الحقيقة
أحمد شفيع ( 2012 / 8 / 27 - 15:10 )
فرض السلطات البورمية سياسة العزلة التامة على المنطقة التي حصلت فيها المجازر سبب رئيس في انتشار المواد الصحفية العشوائية التي ربما ستساهم في سريان مزيد من الشكوك حول المجازر الحقيقية التي يتعرض لها الروهنحيا بصورة دورية .
والحقيقة المرة هي انشغال المراقبين حاليا بتحليل تلك المواد الصحفية عن المشكلة الأساسية وهي الحاجة الماسة إلى ضغط دولي مكثف على حكومة ميانمار للسماح للإعلام المحايد أن يأخذ دوره حتى يعلم الجميع عن الجلاد والضحية بصورة منصفة وعادلة، بلا تهويل أو تصغير!!
سهل جداً أن أقعد أحلل في مكان مريح عن قصاصة خبر وصلني بصورة قوية أو باهتة ولكن صعب جداً لو تطلب الأمر إلى تصديق الخبر حتى ولو كان صحيحاً بسبب أخطاء بعض المتحمسين والعاطفيين الذين يسيئون إلى الضحايا بتصرفاتهم اللامسؤولة بعدم تحري الدقة في نشر المادة الصحفية أو الخبر أو الصور مما يؤدي إلى انتشار الشكوك وسوء الظن بالضحية الحقيقية.

اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا