الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور عبد العزيز الخير في سجن لاخير

احمد مصارع

2005 / 2 / 18
أوراق كتبت في وعن السجن


الدكتور عبد العزيز الخير في سجن لاخير !
أمضيت سنة أو يزيد , رفقته في زنزانة واحدة , وفراشي بجوار فراشه , فمن لا يفخر بمجاورته في السجن , وله حفظت أجمل عبارات سجن الحياة الثالثية :
لا تسألني كم سجنت , بل اسألني مع من سجنت ؟!
لأقول لك مفتخرا بالسجن الى جانبه , حيث يستوي الليل مع النهار , وفي حالة استنفار , من غار الى غار , ومن صدمة مع هذا الجدار وذاك الجدار .., وحقيبته المعدة وما أجمل العبارة النذلة : حالة طوارئ .
لا طوارئ , يمكن لها أن تكون نذالة صرفة إلا مع الحكيم : عبد العزيز الخير .
أبو المجد من أطرافه , سفير لطبيب السجن بلا حدود , من الصغير الى الكبير , من القزم الى العملاق , من الفقير الى الحقير ومن الراعي الى السفير , يحمي الحياة , بلا حدود , ويسافر في طبه من عهد الطبيب البابلي , من الخطيئة في حق الإنسان والوطن , وصولا الى حق الحشرات بالحياة .
كل الوسائل المتاحة في الطب , في سجن العدم , سجن الإيديولوجية الانقلابية التعسة , ووهم تصوير عباد الله الفقراء , بوصفهم سموزا , أو بول بوتا , أو بينوشي و كيوتو بلا توقيع أمريكي , في سجن متضع للغاية , في سجن بائس يصعب على جان جينيه تصويره ببراعة أدبية نفسانية , أو تاريخانية , أو اجتماعية جمعوية مبتذلة للغاية , فما الذي يمكن له , ومهما بلغت درجات عبقريته فعله و في واقع سريالي و وسرياني , وسوري , ليس له أي صلة شرعية , بأجواء عشرة آلاف ليلة وليال , مسوخ ومسوخ حتى آخر العمر , ولكن الحكيم يصر على تطبيع مالا يطبع , ويصر على تعميد الخطيئة , ونشر روح السلام بلا يأس و وبلا استسلام من شمس العصر العربي والإسلامي الغادر .
عيونه المتورمة من السهر , تقصف مهجعنا في حرص بالغ على أداء دوره الفني في إعداد عشاء فاخر , ويعتقد بصرامة بالغة و بأن إنقاذه لحياة إنسان على وشك الموت , لن يمنعه من أداء دوره الإنساني , وحياة تفاعله مع أبناء مهحعه العتيد , ولذلك يجري بحثا عن حالة طبخة أعدها وقد كلفني مراقبتها ريثما يعود ..!!
لقد حول مهجعنا الى عيادة شعبية , في وطن سجني غير اجتماعي وغير اشتراكي , في الداخل والخارج , فباب الزنزانة ثلاثي الأقفال , ولمجرد أن يفتح , سنقول للنوم السابع وداعا , فليس لدق الحديد على الحديد رنه , بل انتقام لحداد الدولة اللاعصرية .
ماذا أكتب ؟! ..
قل ماذا فعلت أولا , خذ نفسا وبعدها نم بعمق , بل تحلل من ملابس الاستنفار بلا حدود , وبعدها لكل حادث حديث , ولكنه يصر على سماع ماكتبته حلما بمستقبل بشري أفضل :
لقد كتبت عن القومندان تشي غيفارا , والدنيا التي ليست كوما من حجاره ...
ويصرخ بفرح مكبوت لك جائزة , وخلال ثوان يعد لي كأسا ذهبية يزيد إشعاعها على تماثيل بوذا الذهبية , ويقول في زهد كبير هذه جائزتك , ولم أكن أدري عمن يستحق جوائز العصر المجوسي , فلا أحد سواه , يستحق جائزة , الطبيب بلا حدود إن وجدت , لقد مات سار تر وقبله ألبير كامي , وصار الآخر هو الجحيم والعبث بلا حدود, وليحفظ الله عظام الجدود ..
مات أحدهم , وراح ينفخ فيه روح الحياة , أنه يريد استمرار الحياة , نفخ حتى لم يعد يقدر , واحمرت عيونه , الى درجة النفور و الخروج من الصدغين , بضع ساعات , ليس إلا ,وزاد عليها في بكاء مرير , وكان الضحية يحبه كما الولد وكما الأبوة , ولم يكن يدري أبدا أنه يبادله نفس الشعور , والحكيم ليس يدري , ولكنني أدري .
لقد حمل الشهيد مدثرا ببطانية لالشئ , سوى الحلم البعيد بكرامة مفقودة لوطن غير حر وشعب غير سعيد و وليس هناك أي أمل بحياته , وعودته من جديد ..
وطن الرعاة للأبد وطن من ليس له وطن , إلا ابن الوطن , ومأساة أن نمضي نحو المصير المجهول , وانقطاع الأرحام , وسخام وحمام , من تراثنا الشهير , شهرة التفاهة بلا حدود , وشهرة أوطان بلا جدود , وفي عصر الأطباء بلا حدود ...
هل الأبدية قدرنا ؟ وهل يدوم الاستبداد وظلم ذوي القربى , لمجرد فشلهم واتضاعهم , ونجاحنا , فهو مني , ولكنه ليس منا , وهل حتام علينا أن نسقط أجمعين ؟!
ويسألني ببراءة الأطفال :
ما لذي تقوله يا احمد ؟
فأقول : السجن ليس لنا نحن الأباة .... السجن للمجرمين الطغاة .
ويشعر طبيب السجن , وسفيره بلا حدود بالقدرة على التجدد بلا حدود .
وأتساءل ببراءة الى متى يعرش طغيان العشيرة والبداوة , والى متى يبقى وهم الأمن يتساوى مع أمن الوهم ؟!!
أطلقوا سراح الطبيب عبد العزيز الخير أيها اللؤماء بلا حدود , لكي يتواصل الأحفاد مع الجدود ...
احمد مصارع
الرقه -2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا


.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال




.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام


.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ




.. تكنولوجيا التعرف على الوجه تتسبب في اعتقالات خاطئة في ولاية