الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصوات المدافع في رمضان سوريا هذه السنة ليست للإفطار

كرم يوسف

2012 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



سوريا كغيرها من بلاد كثيرة، ارتأت الحالة على أن يترافق، إفطار صائميها مع صوت مدفع الإفطارأيضاً ، وعلى أصداء آذان صلاة المغرب، كنوع من طقس رمضاني ألفه السوريون عبر سنوات طويلة، لا بل أن يصعد كثيرون - ولافرق هنا بين الكبارٍ أو الصغار- إلى أسطح منازلهم، لرؤية مدفع الإفطار،وسماع دويه في لحظة الإفطار، ثم الركض على السطح باتجاه درج الدار، حاملين فرحة رؤية المدفع، و أصداء صوته إلى مائدة الطعام التي فارقوها خلال ساعات النهار، وهم صائمون، إلى أن بات مدفع الإفطار جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الرمضانية للسوريين بشكل عام، فالمدفع الرمضاني، هو وحده المدفع الذي لم تكن له نية في أن يقتل أحداً حين يُطلق، خلافاً للمدافع التي لا تخرج من فوَّهاتها النار إلّا لتحصد أرواحاً.

ماهوبارز في رمضان سوريا هذه السنة، والسنة الفائتة، أن تلك المدافع التي كانت تطلق في سماء سوريا بأيد سوريين، لأجل الإفطار فحسب، قد تخلت عن مهمتها الإفطارية تلك، وتفرغت إلى مهمَّة أخرى، مهمَّة كان من الصعب على حاكم استولى على السلطة في سوريا أن يتركها وشأنها، وهو نفسه الحاكم الذي كان محافظاً على منع كل مدافع سوريا من أن تطلق منها قذيفة واحدة، في جبهات الحدود، وارثاً ذلك الدور عن أبيه، ضمن ما ورث.
كما أن من بين مايميز رمضان –سوريا- خلال هاتين السنتين، أنّ تلك المدافع التي كان ينتظر السوري صوتها، ليملأ الفرح قلبه –بعد صيام ساعات كثيرة – بات يطلب اللعنة لتلك اليد التي أمرت قادة ذاك المدفع، بتحريكه لهدم البيوت فوق رؤس ساكنيها، راجياً الشلل لتلك اليد تنفذ وتفعل ما أؤتمرت به، دون أن تأبه تلك اليد التي تطلق جحيم الحمم لكل الويلات التي ستحل بالمكان التي ستحوله قذيفة مدفعه إلى أنقاض، وما ستحصده من أرواح، وماستسبغه على ذاكرة من ينجو منها من ويلات فراق أحبة، ليرافقها إلى آخرلحظة من عمره.

أولئك السورييون الذين كانوا يعتلون قبل دقائق من موعد الإفطار أسطح منازلهم، لسماع دوي المدفع، ورؤيته، قبل سنتين من الآن،هم أنفسهم اليوم من يعتلون أسطح منازلهم، لإسكات ذاك المدفع الذي نقل حارات كاملة، لا بل قرىً، ومدناً معه إلى النسيان، وأجبر الآلاف على ترك مساقط رؤوسهم، لتغدو تلك المنازل جزءاً من الذاكرة، بكل مائها، وخبزها، ويطول ذلك إلى موعد تتكلل فيه ثورتهم بالنجاح، لا بل أجبر كثيرون وكثيرات على مفارقتهم منازلهم، وأحبتهم، إلى الأبد ،حين أمسوا شهداء نتيجة قصف تلك المدافع، ولم يرحموا حتى وهم في مقابرهم من المدافع التي كانت تدكّها، في أبشع مثال لأعتى حاكم .
ابتدأ ثوار سوريا أولى جمعهم الرمضانية هذه السنة تحت عنوان" رمضان النصر سيكتب في دمشق" ، وكلهم أمل أن يكون شهر رمضان هذه السنة، فاتحة لوطن لاطاغية فيه، لوطنٍ لا شيء يدرس طلابه في كتب التاريخ إلا عن طاغية حكم بلدهم بعد أبيه، عن طاغية واجهه السوريون في ثورة يتيمة ، وهم يذبحون صباح مساء، ليفخر السوريون الصغار بأنهم أبناء لأبطال .
سيقرأ السوريون الصغار بعد ان تتكلل ثورتهم بالنصر كتب تاريخهم الجديدة، وهم يتعرفون على أسماء حدائق، وساحات، ومدارس وطنهم الجميل الذي يرفع أسماء شهدائه في ثورة كرامة سطرها آباؤهم في سجل التاريخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح