الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقيصة أعمال كمال

نصارعبدالله

2012 / 8 / 12
الادب والفن


لا أخفى إعجابى بأعمال الكاتب الدرامى الموهوب عبدالرحيم كمال ، لكننى فى الوقت ذاته لا أخفى ضيقى بجانب صادم ( من وجهة نظرى على الأقل ) ، تنطوى عليه أعماله ولا يكاد يخلو عمل واحد منها بدءا من "الرحاية" وانتهاء إلى "الخواجة عبدالقادر" الذى أتابعه حاليا بشغف رغم ما ينتابنى من الضيق بذلك الجانب الذى أشرت إليه والذى يتمثل فى أن أعمال كمال تنطوى على إيمان مفرط بالخوارق التى تنتمى إلى عالم الخرافات أكثر مما تنتمى إلى عالم الحقائق فيما أتصور ...وعند هذه النقطة أرى من الضرورى أن أتوقف لكى أقول إن وجه الصدمة لا يتمثل فى أنه يقدم لنا بعض الأحداث والظواهر الخارقة للمألوف، فما أكثر الظواهر الخارقة للمألوف فى عالم الواقع ، ولكن وجه الصدمة يتمثل فى أنه يقدمها لنا على نحو يجعلها أقرب إلى ما يتداوله العامة من الخرافات التى ينسبونها إلى الأولياء تحت مسمى الكرامات والتى تجعل منها غير قابلة للتفسير إلا باعتبارها كسرا لقوانين الطبيعة وناموسها المطرد ...قارن ذلك مثلا بما يفعله العبقرى نجيب محفوظ عندما ترد فى أعماله واقعة خارقة للمألوف ... إنه يوردها بحيث يجعلها تظل قابلة للتفسير من خلال أكثر من رؤية وأكثر من منهج ...على سبيل المثال ..تحلم الأم بأن بنيها قد سقطوا فى بئر فهلك منهم من هلك ونجا من نجا ...بعدها يحل الوباء بالمدينة ويمرض الأبناء ..فيموت من رأته قد هلك فى البئر فى المنام ، ويكتب الشفاء لمن رأته قد نجا ..إن إيراد الواقعة على هذا النحو يترك الباب مفتوحا لمن أراد أن يفسر الواقعة فى ضوء المصادفة وحدها ، ويتركه مفتوحا لمن أراد أن يفسره بأن غريزة الأم قد أحست بشكل مبكر بالوباء وأنه سوف يهلك من ترى أنه أضعفهم مقاومة ، ويترسب الخوف فى أعماقها فتراه متجسداعلى هيئة منام ، كما أن إيراد الواقعة على هذا النحو عند محفوظ يتركه مفتوحا كذلك لمن أراد أن يفسره بأنه إلهام ممن يمسك بمفاتيح الغيب إلى آخر هذه التفسيرات الممكنة والتى لا يحاول المؤلف العبقرى أن يمسك بخناق القارىء فيلزمه إلزاما بواحد منها هو فى الحقيقة أقربها إلى التفسير الخرافى كما يفعل عبدالرحيم كمال ... وسوف أتخيرهنا أمثلة من عمله الأخير: "الخواجة عبدالقادر" أولها عندما يوصد الحراس عليه وعلى كمال أبواب حديقة زينب ، ويقترب منهما عواء الذئاب ، عندئذ يتوجه عبدالقادر إلى الله بأن يفك الكرب ..بعدها يجدان نفسيهما خارج الحديقة بينما الأبواب لا تزال مقفلة بالسلاسل ..لا تدرى كيف؟ ولا تملك لهذا تفسيرا إلا بأنها كرامة أو معجزة !!..ومن هذا المثال أنتقل إلى مثال آخر يتمثل فى مدرس اللغة العربية الذى يحاول أن يشرح للخواجة عروض الشعر العربى ويقطع له أبيات المنخل اليشكرى تقطيعا عروضيا ...(دعنا من أن مدرس العروض يقطع الأبيات بشكل خاطىء بل إنه يقرؤها بشكل خاطىء أيضا فهو يقرؤها وقد سكن قوافيها ..رغم أنها تبدأ بالبيت الشهير: إن كنت عازلتى فسيرى/ نحو العراق ولا تحورى !! كما أنها تنطوى على البيت الأكثر شهرة الذى يقول فيه، وأحبها وتحبنى / ويحب ناقتها بعيرى ..وكلاهما ينتيهيان بالياء المدودة وبالتالى فإن الوقوف على بقية القوافي بالسكون غير جائز بحال من الأحوال إلا إذا كان مدرس العروض جاهلا بالعروض) ...دعنا من ذلك لأن هذا الخطأ قد يكون المسئول عنه هو مؤدى الدور أو المخرج وليس المؤلف عبدالرحيم كمال ، ولننتقل إلى الآن إلى بيت القصيد وهو أن الخواجة عبدالقادر يأتيه فى الرؤيا شيخه الصوفى الذى تسمى باسمه ويملى عليه أبياتا موزونة مقفاة مطلعها : إنى أحبك زينبٌ / حب الحبيب لروحه ، فيطير بها الخواجة فرحا ويهرول إلى مدرس العروض ، لكى ينشده الأبيات التى ألهمه إياها شيخه ...ويندهش المدرس لأن الأبيات موزونة فعلا تبعا لتفعيلات الخليل ...وهذه الكرامة أوالمعجزة (فضلا عن أنها واسعة شوية ) هذه الكرامة تنطوى على عناصر متضاربة وغير متسقة منطقيا، فالخواجة يتلو الشعر بالعربية المعوجة المكسرة وهو ما ينقل مواضع النبر على الحروف، وما يحعل الشعربالتالى غير موزون حتى لو تطابق مع تفعيلات الخليل ( مستفعلن/ متفاعلن ) لأن موسيقى الشعر لا تنبع من التفعيلة وحدها (كما تصور الخليل) بل تنبع أيضا من مواضع النبر (كما يقول العروضيون المعاصرون )...والسؤال الآن : ما دمنا فى معرض المعجزات والكرامات الواسعة ، فلماذا لم تكمل الكرامة اتساعها وتبلغ ذروتها بأن يتلو الخواجة أشعاره بلسان عربى فصيح ومبين بدلا من اللسان الأعجمى المكسر ...سؤال نوجهه إلى الأستاذ عبدالرحيم كمال .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا