الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا لا أخاف إلاّ من إثنين

أسماء الرومي

2012 / 8 / 13
الادب والفن


هذا المقهى الذي إعتدتُ الجلوس فيه .. أراه قد تغير كثيراً ؟ وقد يكون صار أجمل فهذه الكراسي المبطنة باللون
الأحمر والواجهة الجميلة التي تطل على الشارع . أعتقد إني إبتعدتُ فترة قد تكون طويلة ،وقد يكون إنشغالي بالسفر
المتكرر هو الذي أبعدني عن الأماكن التي أحبها والتي اعتدتُ على إرتيادها . فمن يعيش سنيناً طويله في الغربه
يحاول إيجاد ما يجعله يشعر بارتباطٍ بالمكان الذي يعيش فيه ،وقد يساعده ذلك
كنتُ باستمرار أجلس هنا في هذا المقهى ،أتخذ مكاني البعيد قليلاً عن الآخرين لأكتب ،وها أنا اليوم أبتعد عن
المجموعة التي معي . فتحتُ حقيبتي لأخرج الورقة التي كتبتُ فيها بعض الملاحظات لتكون موضوعاً لِما أكتبه
فقبل فترةٍ قصيرةٍ كنتُ في سفرة لبضعةِ أيام مع مجموعة من الأطباء، كنت أستمع لأحاديثهم ،ومنهم من كان الطبيب
الخاص للرئيس العراقي السابق.. فهو يختار من يشاء وطبعاً الأختيار يتبع سمعة الطبيب ،فالمشهور بكفاءتِه هو
المطلوب . ويكون تحت الطلب وفي أي وقت،وفي أي مكان يكون فيه ،وبلا مقابل ،وقد أخبرني أحدهم بأنهم ذات يوم
قطعوا عمله أثناء إجرائه لعمليةٍ جراحية واختصاصه في أماكن دقيقة وحساسة .وكم من توافه أربكوا الأطباء بسببها
حيث لا تحتاج أي تدخلٍ طبي
من الأحاديث التي لفتتْ إنتباهي ،الزيارات التي كان يقوم بها الرئيس السابق للمستشفيات ،ففي ثمانينات القرن
الماضي، كنا قد اعتدنا على سماع الكثيرعن زيارات صدام حسين للبيوت،للمدارس،للمستشفيات ولازلت أذكر،كيف
وقفنا نحن الهيئة التدريسية،في صفٍ طويلٍ قرب الباب الرئيسي للمدرسة والمكشوف على شارعٍ رئيسي،وعلى
الساحة التي يتجمع فيها الطلبة ،لنتدرب كيف نستقبل الرئيس حين يكون في زيارةٍ مفاجئةٍ لمدرستنا
والذي فهمته بأن إستقباله في أحد المدارس لم يكن بالمستوى المطلوب ،وقد تكون الزيارة المفاجئة أربكت الموجودين
وكم كان منظرنا مضحكاً ونحن نتدرب على المصافحة والأنحناء بعضنا لبعض .والطلبة الذين حصروا بعيداً وهم
ينظرون متعجبين ماالذي يحدث لأساتذتهم
عدتُ للورقةِ أمامي والتي كتبتُ فيها الملاحظات . في أحد شوارع بغداد وبالتحديد شارع الكفاح قرب ساحة النهضة
هناك كانت تقع إحدى المستشفيات .والحديث حول أحد الجراحين في تلك المستشفى . هذا الطبيب كان قد أجرى
عملية لمريض مصاب بقيلةٍ مائية والتي تحدث في كيس الصفن وتؤدي لزيادة كبيرة في الحجم
من الأختلاطات الشائعة بعد هذه العملية، تجمع ماء مع الدم النازف من جراء العملية ،وقد يصبح الحجم أكبر من
السابق أي قبل العملية ، ولكن وبعد أيام وبالتدريج يختفي الورم ليعود كل شئ لطبيعته
وفي صبيحة اليوم الثاني من إجراء العملية ،وبعد أن إستعاد المريض وعيه الكامل وقدرته على التركيز إمتدت
يده لثوبه ،رفعه ، كان ذلك قبل الزيارة التي إعتاد الأطباء القيام بها في الصباح لمرضاهم فالوقت لازال مبكراً
نظر المريض ،رأى إن الورم قد صار مضاعفاً ، صُعقَ فهو لم يرَ الطبيب ليفهم ماحدث ،وفي تلك الأثناء ،ولسوء
حظ الطبيب الجراح ،دخل الرئيس للردهة وكان مع أحد الممرضات
حين رفع المريض رأسه رأى صدام حسين صرخ : سيدي إلحكلي ـ إلحقني ـ تعال وشوف ما فعلوا .وبدون أي
إستفسار صاح صدام حسين، هاتوا الطبيب .جاء الطبيب المرعوب وبأقصى سرعته، حاول إفهام الرئيس ولكن
صدام حسين أصدر قراره وبالحرف الواحد : شوف ستبقى هنا جالساً وعلى هذا الكرسي قرب سرير المريض
إلى أن تعود .... لحجمهما الطبيعي وبلا إعطاء أي مجال لمناقشة الأمر خرج صدام
وأسبوع كامل والطبيب المسكين يتنقل بين الكرسي والسرير القريب لمراقبة عودة تلك .. المصيبتين .. لمريض
البلاوي . وبعد أن عاد كل شئ لطبيعته ،خرج المريض معافى مشافى. وجرّ الطبيب المسكين أنفاسه
وظل هذا الطبيب يكرر
أنا لا أخاف إلاّ من إثنين ... الله وصدام حسين
11/8/2012
ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية دفع ترامب أموالا لممثلة أفلام إباحية: تأجيل الحكم حتى 1


.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر




.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان