الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبتور الساق

حملاوي فاطمة الزهراء

2012 / 8 / 13
الادب والفن


و ركبنا قطاار الحياة و بقاات ورانا ذكريات ...

كزوربا اليوناني يترنح يمينا و شمالا ؛ يرقص رقصته المغدورة ؛ يعانق حنين ماضيه بترانيم مزيفة ؛ يختلس النظر من نافذة دهر ذهب و لن يعد ؛ يقنع ذاته ان الذي رحل لا يزال خالدا بكيانه مهما علت صيحات الانهيار و اعلنت الرزايا سهامها ؛ لا يزال من خبايا الماضي جسد يعتلي عرش النضال و يلتمس من الهنيهات ذرة امل عل النفس تحيى مجددا .
هو ذا ما تبقى من جثمانه يرقص برشاقة العذراء تصاحبه نبرات صوت يعزف لحنا للحياة المفقودة لديه ؛ اصلع الرأس اللهم إلا من شعيرات بيضاء حفت رأسه كجواري يحطن ما تختزنه الذاكرة تحفظا من الاندثار و الضياع ؛ عينان ثاقبتان وراء كل انحناءة لهما مشهد عابر يترك صداه محفوفا ؛ يخال للناظر انهما يتمتعان بألق الرؤيا لكن العتمة مثواهما تخران ساجدتين لكل لحظة ابت إلا ان تقطع تأشيرة المرور عبر محطة قائدها جثة ايلة للسقوط في وكرها ابتسامة استفزاز ؛ هو يستفز الحياة ؛ يلاعبها ؛ يخاتلها ؛ سلمته مرضا يقتات من جسده فسلمها ابتسامة امل ؛ افقأت عينيه و منعت النور عنه ففض بكرتها و عانق عريها و رأى في العدم سكينته و وجوده ؛ بثرت ساقه اليمنى فلم يمتنع عن اهدائها اليسرى و اكتفي ى ببقية هيكله .
انتهت رقصته الناقصة غير الشريط و دفع بكرسيه المتحرك نحو سريره ؛ استرخى فوقه كطفل اتعبه اللعب ؛ لعب مع الحياة وسط دوامة قدرية حيث الحياة تتعبك ولا تتعب منك ؛ نزر من الذكرى هب ليختطفه من حاضره ؛ تذكر الغالية تلك المرأة الشقراء الممشوقة القد ؛ بعينيها اليماميتين ؛ و شعرها المخملي ؛ مكتنزة الشفاه ذات ابتسامة شبقية ؛ جسد ينضخ حياة يشي بنهدين يكادان يعلنان عن صرخة ثائر يأبى الخضوع لطبيعته ؛ و ردفيها العالقين كغصني شجرة زقوم ؛ يذكر حينها ملاحقته لها و تغزله الدائم بأوتار جسدها .
وقفت ذات مساء امام نافذة منزلها مراقبا حركاتها وجسدي يشتعل لهيبا لاحتضانها و سل رحيق ثغرها ؛ ما ان خرجت الغالية حتى اطبقت يدي يدي على فمها و سحبتها بخفة الى عزلتي حيث كنا سويا و أعور ثالثنا ؛ على نغمات خربوشة رقصت لي الغالية ا لاباااس ، اااه يا لابااس الحب و الهوى معذب شي ناس... جردتها من حزامها ؛ و بادرت هي بخلع قفطانها و فكت ضفيرتها سحبت سروالها القندريسي المطرز ؛ كل شيء اضحى باديا للعيان ؛ هي ذي الغالية كظبية اعلن الليل سموها امتطيت صهوتها و زادني انينها رغبة في فتك احشائها و فك رموز انوثتها . فكان بيننا ما كان تلك الليلة ؛ اختفت الغالية بعدها كشهاب سرعان ما خفت بريقه ؛ لم يبقى لها اثر بعد ذلك ؛ رحلت وفي جيدها سر نتقاسمه سويا و بين احشائها شيء من حياتي .
تلك يا سادتي غاليتي التي من الزمن علي بفراقها .
فتح عينيه و الدمع رفيقهما ؛ دموع قدر غادر انسكبت صحبتها الروح و تركتها تسبح في غياهب مجهولة ؛ اخد قنينة نبيذه تجرع كأسا منها " نخب الجراح الفاترة ، نخب الليالي العابرة ، نخب وحدتي ، نخب جثة شيعت جثمانها بنفسها و اعلنت موتها و عزاءها لروحها ، نخب الذي لا نخب له ..." .
اطبق رموشه مرة اخرى فإذا بها تقف امامه صورة لروح قتلها دون سابق اصرار او ترصد ؛ نفس وافاها القدر اجلها على يده .
اتذكر جيدا و نحن نلعب لعبة القبطان و السفينة حيث كانت سفينتنا بئر نركب صهوة غطائه الخشبي ؛ احتدم النقاش بيننا حول من يكون القبطان في عناد طفولي اعتلت ثريا مكان القبطان فلم اجد من بد حينها سوى سحب الغطاء بها فكان مصيرها الهلاك ؛ و مصيري اعتلاء سفينة الحياة بمفردي هروبا من بيت طفولتي ؛ قبطان يجهل واجهته . فتح عينيه مجددا و هو يصيح : اختاااه ... ؛ تجرع كاس نبيذ اخر " ايتها الحياة العابثة اريني وجهك مرة واحدة ؛ ايها القدر اللعين صافح يدي لمرة واحدة ؛ ايها الراقدون و الاحياء ؛ ايها الملائكة و الشياطين ؛ ايها الاله الاعظم ؛ اروني وجوهكم اريكم عدلي ...انا الرسول الغائب فيكم انا روحكم ؛ انا الذي عاش ما كسب مات ما خلى ؛ عاش ما كسب مات ما خلى ...."
ردد ذو الساق المبتورة عبارته هاته و قلبه يخفق كطائر جريح القت به السماء فلم يدرها مجددا ..
كثيرا ما تعترينا الرغبة في الصمود امام ضياع هو وجودنا اساسا ؛ نبحث بدواخلنا عن مراسينا تيمنا ببركات نفس ذاقت شقاء الدهر ؛ سالكين سبل الارتواء بحثا عن لحظة قد تكون او لا تكون ؛ يا سادتي للعمر عمر و كما شاءت الحياة بنا فعلت ؛ و ما نحن ان لم نكن زائرين بأرض عبثت بالمنطق و خاضت معراج التيه كقساوسة و كهنة نرتلها بأرواح قد تصلبت فيها النهدات و نفوس هشيمة تذروها الرياح ...
اغلق عينيه و في شفتيه ابتسامة كمنتصر سلمه الدهر اوسمة الخسارة ..." عاش ما كسب مات ما خلى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - BRAVO
karim ( 2012 / 8 / 14 - 16:50 )
BIDON TA3LI9 BRAVOOOOOOOOOOOOOOOOOOOOO

اخر الافلام

.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال




.. الفنان السعودي سعد خضر يكشف لـ صباح العربية سبب اختفائه عن ا


.. الفنان السعودي سعد خضر يرد على شائعة وفاته: مزعجة ونسأل الله




.. مهرجان كان السينمائي : فيلم -البحر البعيد- للمخرج المغربي سع