الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب العراقي والديمقراطية

جاسم المطير

2012 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



كلما حضرتُ اجتماعاً من اجتماعات التيار الديمقراطي اشعر، على الفور، أن سقف قاعة الاجتماع يتقوّس فوق ظهور المجتمعين ليغدو منبعجاً مؤلما بعض الشيء لجميع المشاركين. دائماً أجد أن عدد المجتمعين من (الشباب) يقل كثيرا عن عدد الحاضرين الآخرين، تماما مثل جميع الندوات وقاعات المحاضرات السياسية التي تخلو في أكثر الأحيان من نجوم المساء الناشطات الجميلات كأننا في اجتماعات مخيم تدريب ذكوري أو كأننا مجتمعين في (مجلس الشيوخ) بريفٍ من أرياف العراق. هذا الشيء ألاحظه في اجتماعات ومؤتمرات الديمقراطيين والسياسيين والمثقفين خارج الوطن .
لأنني بعيد عن الشباب في داخل الوطن منذ زمن بعيد لذلك فأنا لا املك مستوى دقيقا من المعرفة عن ثقافة الشباب العراقي ودورهم في النشاطات الثقافية والسياسية والاجتماعية والرياضية داخل الوطن، لكنني ألاحظ على الشاشات الفضائية غيابا أكيدا للشباب عن ندوات اتحاد الأدباء مثلاً ، وعن لقاءات منظمات المجتمع المدني واجتماعات الأحزاب السياسية والمنظمات الديمقراطية وغيرها حتى أنني ألاحظ بوضوح ضعفا كبيرا في علاقة الشباب بالكتب ، أيضا، من خلال إحصائيات دور النشر ومعارض الكتب المحلية والدولية. بمعنى أن الشباب منقطعين عن الثقافة وأنهم لا يحشدون أوقاتهم وأنفسهم وجهدهم لصرف جزء من ساعات يومهم بقراءة كتب غير مدرسية ، غير جامعية.
ليست النشاطات والتجمعات الديمقراطية وحدها هي التي تحفزني على إثارة سؤال كبير عن علاقة الشباب بالديمقراطية أو علاقة التيار الديمقراطي بتجمعات الشباب فقد تقاعس هذا الواقع منذ أكثر من نصف قرن من الزمان خاصة في زمان الدكتاتور صدام حسين حين كان يبدد الوقت العراقي في غسل أدمغة الشباب متماديا في سياسة تبعيث الشباب وحتى الأطفال ليكونوا سندا لنظامه ووقودا لحروبه ، مصفقين لشعاراته، موجهاً ومعبئا كل طاقات الشباب في التنظيم والحركة وفي الأدب والفن والشعر والقصة والرواية ليصنع منها إطاراً لتمجيد شخصيته القاهرة برسمها في لوحات قوية لا تضاهى..!
ما يثير الدهشة أن النظام الجديد بعد 2003 - يدّعي الحكام المسيطرون عليه أنهم من الديمقراطيين - تقاعس كثيرا عن لحظة تطوير كفاءات الشباب وتطوير ثقافتهم ومستوياتهم الديمقراطية وتخليصهم من هموم البطالة والمحن المتعددة المحمولة على أكتافهم من سياسة القمع والبطالة والعسكرة والتجهيل خلال 35 عاما من سيطرة روح الدكتاتورية على نفوسهم . أنتقل المشهد الثقافي – السياسي بسبب هذا التقاعس في تجمعات الشباب من ذروة العبث بطاقاتهم الكامنة لخدمة الفرد والحزب الحاكم إلى نوع جديد من العبث بطاقات الشباب في سوق البطالة والتحشيد الطائفي لهم داخل إطار من التمتمة الكئيبة واللطم على الصدور في مهرجانات الشعائر الدينية الدموية الحزينة ، المتكررة عشرات المرات كل 365 يوما ، حتى غدت الدنيا العراقية دنيا عجيبة مليئة بالعطل الرسمية وشبه الرسمية لمدد تزيد على 180 يوما في العام الواحد فيها.
صحيح أن في هذه (الدنيا العراقية الجديدة) شيء من مظاهر الأخلاق الإنسانية الممتازة لكن فيها الكثير من الأخلاق المتدهورة حيث يبيع بعض الشباب نفسه للتنظيمات الإرهابية لقاء ثمن بخس ليقتل الناس المدنيين الآمنين. غابت الفضائل عن مجتمعنا حيث صارت خيانة الأمانة في دوائر الدولة ظاهرة عامة من ظواهر الفساد. صار( الشاب الشبعان) يلتهم (العاطل الجوعان) وصار الجائع يفترس أكوام المزابل أو يتحول إلى لص أو قاتل . هكذا ضاعت الحكمة القائلة ( أن الكتاب خير جليس) ولم يعد كتاب الديمقراطية جليسا بين صفوف وعقول شبيبتنا العراقية. لم يعد شباب وشابات هذا الزمان يشعرون بالحاجة إلى معرفة جاليلو ومكسيم غوركي وبافلوف وسيمون دي بوفوار وجان جاك روسو وقاسم أمين وداروين وأمينة الرحال وقاسم أمين ومونتسيكيو وعبد الجبار وهبي وأبو كَاطع وميشيل فوكو ودريدر وغيرها. أما أسماء جديدة مثل مارك فيشر ودولوز وغواتاري فهي غير مسموعة ولا مقروءة من شبابنا الجديد، بل صارت كأنها من التحف المكتبية لا تتناسب مع الورع الديني الجديد في الساحة العراقية الطائفية حين جعلت الشباب يعتقدون أن الثقافة الديمقراطية ثقافة جافة، ليست سهلة الدخول إلى أدمغتهم ولم يعودوا يحلمون حتى بالكتب غير الجافة المعنية بالأدب والموسيقى والغناء والعلوم والشعر وكل الثقافة الوجدانية كما كان يحلم بها أقرانهم من جيل خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي.
إن التيار الديمقراطي العراقي مسئول مسئولية مباشرة - بعد تأسيسه – عن فتح الفضاء العام للممارسة الديمقراطية والانغمار بنشاطها المتنوع بما فيها من قيم وآراء وغايات قادرة على تحويل طاقة الشبيبة إلى خطاب يومي حديث ضد القوة والقهر والكبت والتهميش . كما أن الشبيبة مدعوة إلى أن يتفاعل كل (فرد) من أفرادها مع (الجماعة) بشكل واسع وحر وديمقراطي وعقلاني. مطلوب من التيار الديمقراطي العراقي أن يتعامل بمنتهى الجدية لدمقرطة شبـّان المدرسة والجامعة والريف لتشكيل الوعي والإدراك ومؤسساتهما المتنوعة للقضاء على (الاحتباس الديمقراطي) في مجتمعنا الذي تسيطر عليه وتخذله في كل يوم أخبار خسائر منتخباتنا الرياضية الشبابية، أيضا، مثلما تخذله سياسة المنتخبات السياسية الفاشلة في تطوير بلادنا الغنية بالطاقتين ، المعدنية والبشرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس بعد
محمد الشمري ( 2012 / 8 / 13 - 16:16 )
لقدقتل صدام الثقافه والعلوم واتجه نحو الدين والرياضه فقد اغلق المكتبات امام الكتب والمجلات والصحافه واغلق الاتصالات من انترنيت وتلفزيون سوى مايبثه عدي ومن هم الان بعمر الاربعين اميين
معرفه استاذ الجامعه فما دون لايعرف الا ما قرائه من ثقافه قوميه في بطولات وصولات القائد الضروره وخلت البيوت من الكتب والمكتبات التي كانت في كل بيت وكلمه مكتبه مسحت من العقول وصار بدلها دالادعيه والخرفات والخرز والمحابس وكم يكون طول اللحيه وكيف تغتسل من الجنابه

اخر الافلام

.. جمال نزال: وجود السلطة في غزة رهن بحل شامل يتضمن انسحاب إسرا


.. نهضة بركان يستقبل الزمالك في مهمة رد الاعتبار | #هجمة_مرتدة




.. جامعة سيول تضم صوتها للحراك الطلابي العالمي المتضامن مع فلسط


.. استشهاد رضيع وأمه جراء قصف إسرائيلي على منزل بمدينة غزة




.. مراسل الجزيرة: مستوطنون إسرائيليون يحرقون منزلا لعائلة الدوا