الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الأصولية وقضايا المرأة

محمد حسن عبد الحافظ

2012 / 8 / 13
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان موقف المصلحين، إلى نهاية القرن التاسع عشر، يجسد تفاؤل الإنسان العربي المسلم، واجتهاده في سبيل التوفيق بين عقيدته الدينية ومتطلبات حياته الحديثة، فإن الاتجاهات الأصولية المعاصرة تتبنى رؤية دونية شائهة للمرأة مبنية على ردود فعل آنية وقاصرة .
بتصور آخر، فإن تغير معطيات الواقع العربي من القرن التاسع عشر إلى نهاية القرن العشرين قد افرز موقفين مختلفين للأصولية بخصوص المرأة وعلاقتها بالمجتمع، فإذا كانت أصولية القرن التاسع عشر، تعتمد رؤية للتحديث الاجتماعي، بالتوفيق - أو حتى التلفيق - بين الأصول الأولى للإسلام من جهة، والمتطلبات المستمرة للمجتمع الحديث والمتغيرات التي يفرضها الانتقال من مجتمع تقليدي متخلف إلى مجتمع يؤسس لحداثته الخاصة، وإن بدت تابعة في النهاية؛ باعتبار أن الارتداد إلى الأصول والينابيع الأولى للحضارة الإسلامية العربية، يندرج تحت فقه التبعية إلى التراث. من جهة أخرى، فإن الخطاب الديني المعاصر اتسم برفض مظاهر التغيير التي أدت إلى تحول نوعي في وضعيه المرأة، بينما يطرح - في المقابل - تصورات قمعية جديدة، تنادي بعودة المرأة إلى بيتها، باعتبار أن شؤون الحياة في العمل والحكم والقيادة والسياسة هي شؤون الرجل وحده، وقد استمدت هذه التصورات الرجعية أساسها من النصوص الدينية نفسها، بطريقة تخدم مصالح أصحابها، فضلاً عن اعتمادها التفاسير والشروح والاجتهادات القديمة في زمان غير الزمان ومكان غير المكان، ولتعزيز قوة هذه التصورات المصلحية (لا الإصلاحية)، ولسد أبواب الاجتهاد المعاصر أمام عقول العصر الحديث.
ومع اتساع قاعدة الخطاب الديني جماهيريًا، وتسلل مكوناته إلى مكونات الذهنية الفكرية العربية، لأسباب كثيرة، اتسعت حركة الردة تجاه وضع المرأة المتغير وإنجازاتها طوال قرن كامل من الزمان، بمعنى أن الخطاب الديني ليس وقفًا على "رجال" السلطة (الدينية والسياسية) فحسب؛ بل يسهم في إنتاجه وتوزيعه وتلقيه شرائح واسعة من السكان البعيدين عن القرار السياسي ومراكز النفوذ، ونجده في الأحاديث العادية التي يتبادلها عامة الشعب في الشوارع والاتصالات الهاتفية والمقاهي وطوابير انتظار المواصلات وعربات الأتوبيس والميكروباص (كم هي طويلة ومملة هذه القائمة). هذا الاستهلاك الشعبي للخطاب الديني يضمن له حضورًا كبيرًا لا يصدق في الحياة الثقافية (بمعنى واسع لمفهوم الثقافة). وبالرغم من الحساسية المتعاظمة لعدد كبير من المسؤولين (ومن بينهم التكنوقراطيون) في الرأي العام، المتأثرين بواقع الحركة النسائية الغربية في العقود الأخيرة، حيث يدينون اللامساواة بين الجنسين باعتبارها تصرفات بدائية تتنافي مع تطور المجتمعات الحديثة. بالرغم من ذلك، فإن هذه الإدانة لا تتعدى حدودها (الكلامية) حيث يقعون - شاؤوا أم أبوا - في شرك استهلاك هذه المبادئ دون الإسهام في طرحها واقعيًا، مما يعكس في خطابهم وممارساتهم نوعًا من الشيزوفرينيا أو الازدواجية أو عدم اتساق المزاج والفكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد حسن عبد الحافظ، المرأة المصرية ومآزق الفعل السياسي في مصر، القاهرة، 1997.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. UNSILENCED: Stories of Survival, Hope and Activism | Episode


.. UNSILENCED: Stories of Survival, Hope and Activism | Episode




.. UNSILENCED: Stories of Survival, Hope and Activism | Episode


.. لحظة مقتل ملكة جمال #الإكوادور السابقة على يد مسلحين #سوشال_




.. امرأة ستينية ملكة جمال في الأرجنتين