الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الطائفي الاسلامي السياسي موجود ويجب ان نخشاه, ردا على الاستاذ جواد البشيتي

خالد عبد القادر احمد

2012 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



[email protected]

الكاتب الاستاذ جواد البشيتي, الذي اجله واحترمه, واثمن عاليا اهتمامه, بالانجاز العلمي, ومحاولته قراءة اثر هذا الانجاز في الثقافة الانسانية فكرا وممارسة, دعانا في مقالة الامس, ( لا تخشوا ما لا وجود له ) الى اسقاط فوبيا الخوف من نظام طائفي اسلامي سياسي, الذي يرى ان لا وجود له في الواقع, ووظف رؤياه الخاصة هذه, لدعوتنا الى الالتفاف حول الرئيس المصري محمد مرسي, وهي بالطبع دعوة تتسلل بنا عبر ممر هذه الرؤية النظرية الى الالتفاف حول حزب الحرية والعدالة ومن خلفه جماعة الاخوان المسلمين,
بالطبع انا اعتقد ان كاتبنا لم يكن ليوجه لنا مثل هذه الدعوة, للالتفاف حول واجهة محمد مرسي المتصدرة للمعرض السياسي لحزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان المسلمين, لولا ان الاستاذ جواد البشيتي, لم يكن على قناعة تامة ان هذه القوة هي قوة ثورية ( بالمعنى التقدمي للكلمة ) وان السماء تاريخيا لم تمطر نظما سياسية دينية,
ان الاستاذ البشيتي, في تبريره لهذه الدعوة لجأ الى توظيف حقيقة من حقائق الديالكتيك المادي, وهي مقولة ان النظم السياسية هي بجدلية مادية معينة نتاج خاص اجتماعي سياسي من اشكال نتاجات عملية الانتاج الاقتصادي الاجتماعي, وتناقضات علاقاتها, وهذا صحيح نظريا, في محاولة لطمأنة القاريء ان الواقع الحضاري الراهن للمجتمعات سيلفظ محاولات استعادة نظم اسقط التاريخ ضرورتها للواقع الانساني, وطرح فيه بدائلها من النظم السياسية الحضارية, التي تتجه في سماتها الديموقراطية الى العلمانية كمرحلة في مسار الوصول الى المجتمع العلمي, وهذا ايضا صحيح نظريا,
ان الخطير في مقالة الاستاذ جواد البشيتي, هو محاولتها توظيف الفكر والرؤية العلمية, في خدمة الاتجاه والقوى الرجعية, التي تعيق حركة الانسانية على مسار التقدم الحضاري الانساني, ولا تعني هذه الملاحظة اتهاما للاستاذ البشيتي بالتحول الى الرجعية, بمقدار ما تشير الى كبوة جواد علمي, ربما عانى من خلل رؤية مؤقت,
ولنبدأ حوار الاستاذ جواد البشيتي, من محاولة استيضاح المعنى التقدمي لمقولة الثورة, في خضم هذا الصراع الايديولوجي السياسي المضطرم في المنطقة, والذي يلعب به المصطلح اللغوي العام دور السلاح الخادش لدقة التعبير العلمي, لصالح تغييب الرؤى المنتج لها, والتي تعيد نظم الالتفافات الانسانية كقوى فاعلة منتصرة للافكار,
فالثورة التقدمية هي في المنظور العلمي, هي الثورة التي تستجيب للضرورة التاريخية في تغيير نظم البنى الاقتصادية الاجتماعية وتعبيراتها العامة سياسيا, وهي ذات مقدمات تراكمية, تنتهي الى قفزة نوعية هي الانتفاضة ومن ثم تعود الى منهجية المراكمة والتي قد تضطر المجتمع الى حلقات ثورية اخرى, كما يحدث في مصر الان,
مثال ما سبق, ثورة 32/ يوليو/ 1952م المصرية, والتي جاءت استجابة للتحولات الاقتصادية الاجتماعية المصرية, حيث طرح الواقع تناقضا كانت واجهته حالة الصراع بين نظام الراسمالي التقدمي ونظامه السياسي المطلوب, مع نظام الانتاج الاقطاعي المتخلف ونظامه السياسي المتهالك, اما بعده الاعمق فكان ضرورة نقل مصر من الصورة القومية ما قبل الراسمالية, اي العرقية الطائفية المضمون, الى صورة مصر القومية الحديثة, فاستحضر الصراع حركة الضباط الاحرار ( البرجوازية الصغيرة ) لتنجز مهمة البرجوازية القومية ( البرجوازية الكبيرة ) في الانتفاض والاستيلاء على السلطة, وبدء مسار رسم مصر القومية,
اننا لسنا هنا بصدد نقد ثورة يوليو المصرية, وفي ذلك الكثير مما يمكن قوله, لكنه يمكن تاطيره في مقولة ان البنية الفكرية, للقوة السياسية للثورة لم تكن في رؤيتها الايديولوجية على مستوى ادراك مهمة نقل مصر من الصورة القومية العرقية الطائفية الى مصر القومية الحديثة, مما جعل من بنيتها الايديولوجية معيقا لتحقيق التناغم والانسجام المطلوب بين مسار تطور بنية المجتمع المصري التحتية في حركتها الموضوعية, والبنية الفوقية الايديولوجية الطائفية الطبقية للمجتمع, والتي اعادت اجهاض ما تحقق من مكتسبات ديموقراطية من المفترض ان ينطوي عليها النظام القومي الجمهوري, وما نشير اليه هنا يذكرنا بسلامة النقد الذي وجهه الاستاذ غسان بن جدو حول افتقاد انتفاضات الريع العربي للرؤية الثورية, كما ان ما نقوله هنا يسلط اضاءة على حقيقة سبب عداء جماعة الاخوان المسلمين لثورة يوليو المصرية,
نعم انا اقر مع الاستاذ البشيتي ان تيارات الاسلام السياسي هم ثوار, ولكن ثوار من اجل ماذا؟ هل لدفع التحرر الحضاري المصري نحو مستويات تقدمية اعلى وارقى, ام من اجل اجهاض ما تحقق من تححر حضاري في مصر, واعادة اغراقها في بحر الطائفية الذي هو تاريخيا وايديولوجيا حافظة بقاء الاثنية الطبقية؟
ننتقل الان الى مسالة ان لا نظام سياسي ديني, امطرته السماء على الانسانية, التي يطرحها الاستاذ جواد البشيتي, ونقر معه بصحة المقولة, فصورة السماء وكما تعكسها الاديان هي صورة اخلاقية, غير ان ذلك لا يلغي ان هذه الصورة الاخلاقية نزلت على نظم مجتمعية اقتصادية سياسية, عرقية طائفية اصلا, فحورت صورتها الاخلاقية الى صورة نظامها العرقي الطائفي السياسي السابق التحقق, وكل ما فعلته ان ادعت انه ارادة السماء غير القابلة للنقاش,
نعم ان الضرورة التاريخية بتحققاتها تجاوزت بمستويات كبيرة الصورة التقليدية القديمة للنظام العرقي الطائفي الطبقي, ووجهت له ضربة قاسمة باستحداثها الظاهرة القومية الحديثة, وهو ما يرفض ان يقرأه في ومن الواقع الحضاري الراهن الطائفيون والقوميون العرب, ولكن هل يعني ذلك غياب الفكر العرقي الطائفي من الواقع, بالطبع لا, فمن المعروف بطؤ غياب البناء الفكري الروحي الراسم للايديولوجيا الاجتماعية, خاصة مع وجود استمرارية لبقايا من النظام البائد تشوه بنية المجتمع الحضاري الحديث وتعيق تحققه بان تعيد ايديولوجيا ذلك النظام انتاج قوى مجتمعية تخدمه وإن بمضامين طبقية حديثة, وغير القبلية التاريخية التي تلقفت ما امطرته السماء سابقا, فالمكون الاجتماعي للمركز الديني السياسي الطائفي لجماعة الاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسي الاخرى, هو مكون طبقي راسمالي متشابك الذات والحركة مع قوة الراسمال النفطي الخليجي الاقليمي وقوة الراسمال العالمي العام بما فيها قوة الراسمال العالمي الصهيوني,
لقد كان اجدى بالاستاذ جواد البشيتي ان يقرأ اثر المتغير الطبقي المجتمعي البرجوازي الراسمالي في البناء الايديولوجي للطائفية المنوي بناءها في مصر ( الثورة ), وكيف تعمل قوى تيارات الاسلام السياسي على تجسيده في الواقع في صورة نظام من مهمات بنيته معاداة الاستقلال والسيادة الوطنية في حال عملت على او استلزمت قطع تشابك راسمال هذه القوى الخاص مع كتلة الراسمال العالمي, وتبعا للاوطنية الاساس القبلي العرقي المؤسس لهذه الايديولجيا,
ان قرارات الرئيس المصري محمد مرسي, والتي تقصي دور التعددية من العملية الديموقراطية, وتستحضر عوضا عنها الاستفراد والاستحواذ والاسئثار, بما تبقى من المرحلة الانتقالية فترسم ( بمسئولية التاسيس الدستوري, ومسئولية التشريع, ومسئولية التنفيذ, وبتهميش دور باقي القوى السياسية والمؤسسات المدنية, وتغيب الرقابة الاعلامية), فترسم الواقع المصري على صورة منظورها الطائفي الطبقي السلطوي الخاص له, متظللة بمقولة تطهير المجتمع من رموز النظام السابق, والتي في الحقيقة هي بذاتها اسوأ ما كان فيه واسوأ ما تبقى منه,
ان ما سبق عرضه لا يوضح فقط سبب عداء طائفية الاسلام السياسي المزمنة لثورة يوليو, ولا يوضح ايضا الاتجاه الخطر الذي تجر مصر اليه قوى الاسلام السياسي المصرية, بل ومخاطر التي ستجلبها ايضا على القضايا الوطنية العادلة لشعوب ومجتمعات منطقة الشرق الاوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية, من خلال بناء حلف اسود طرفيه الرجعيات السياسية التقليدية في المنطقة وكتلة الانظمة الاخوانية الجديدة, والتي تتموضع جميعا الان وفعليا وبصورة خاصة في حاضنة اجندة النفوذ السياسي الامريكي
لقد كانت عملية سيناء الارهابية وما سفكت من دم مصري بريء دليل على بدء التحرك الجماعي لهذا التحالف السياسي الاسود, ضد مصالح شعوب مجتمعات المنطقة, وتحديدا ما يتعلق بمكتسباتها الديموقراطية السابقة التحقق, ورغم ادراكي انها مرحليا ستصب في المحاولة الامريكية للجم التوسعية الصهيونية, ومحاولتها التحول لمركز قوة عالمي, ورغم ادراكي ان هذه المحاولة ستقتضي انهاء حالة الانقسام الفلسطينية, واطلاق التسوية, الا انه من حقي كفلسطيني ان اتحسس ان ثمن كل هذا الذي يبدو لصالح قضيتي سيدفع ثمنه من الحقوق الفلسطينية وعلى حساب مصيرنا القومي,
لكل ذلك اقول للاستاذ جواد البشيتي ومن على ارض احترام رؤيته الفكرية السياسية, لا يا استاذ جواد النظام الطائفي الطبقي السياسي حقيقة موضوعية موجودة في الواقع, فكيف لا يجب علينا ان نخشاه؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن