الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغرب التوقفات

حميد المصباحي

2012 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


مغرب التوقفات
نجا المغرب من هزات كثيرة عبر تاريخه,لدرجة يمكن القول معها,أن إنجازاته كانت هي تحقيق الإستقرار,وتجنب الإحترابات المباشرة والقاسية,حيث تصل درجة العنف حد الإقتتال الأهلي,بحيث كانت المواجهات السياسية تنتهي بالإحتكام إلى القوة الخفية,العمومية,كتهديد تلجأ إليه الدولة,أما المعارضة فكانت تهدد بالإضرابات العامة,والتمهيد بها للنزول إلى الشارع السياسي,الذي يصعب التحكم فيه,بل إن هناك قوى خفية يمكن أن تستغل هذه المناوشات وتوسع المواجهات مع الدولة,التي كانت تضع الجيش مباشرة وراء قوات الأمن والقوات المساعدة,مما يعني,أن الأمن العام هو شأن الجيش والدرك أيضا,وقد كانت هناك انتفاضات شعبية,بدأت منذ سنة 1965,بالدار البيضاء,وقد كانت قوى المعارضة في صلب الدعوة لمثل هذه الإنتفاضات من خلال الإضراب العام,الذي غالبا ما كان ينتهي بمواجهات بين الجماهير الغاضبة وقوى الأمن,ثم تتوقف الأمور,وتبدأ الإعتقالات في صفوف الزعامات السياسية والنقابية,وتمتد لكل المشاركين في المظاهرات,بعد أن تخفى جثث القتلى ولا يصرح بها من طرف المستشفيات,بل منها ما دفن سرا,وكانت الكثير من الأسر,لا تصرح بقتلاها خوفا من انتقام رجالات المخزن,ولم تكن لأبنائها انتماءات سياسية أو نقابية,يحتكم إليها للبحث في ملابسات القتل الذي تعرض له أبناؤها أثناء الإنتفاضات,بل إن هنا حالات,البيضاء 81و84كانت الجثث متناثرة بدرب السلطان,ولم يستطع الناس الإقتراب منها,وبقيت الأبواب موصدة,إلى أن نظفت الشوارع,وكانت الأبواب تهشم بحثا عن الفارين المزعومين,كأسلوب للتخويف والترويع,وبعض المظاهر الأخرى,التي يكره المرأ مجرد تذكرها,يفرج عن بعض القادة,ويبدأ الإنفراج من جديد,وتخرج الدولة بإصلاحات بسيطة,لا تعالج جوهر المشكل,بل تعيد صياغته واختراع الأجوبة,التي يفرض على المعارضة القبول بها,تفاديا للأسوء من الأحداث,إذ بدا فيما بعد أن المعارضة بعد محاولات الإنقلاب 72و71 أخذت هي نفسها تتخوف من الإنقلابات العسكرية,بسبب التجارب التي عاشتها الكثير من الدول بأمريكا اللاتينية وحتى إفريقيا,تبين فيما بعد أيضا,أن الحركية السياسية,لم تجد أمامها إلا الإضرابات العامة,ففسح مجال المؤسسات التمثيلية,دون السماح للمعارضة بأن تكون لها القوة التي تؤهلها لنيل الأأغلبية,بحيث,خفت عمليات التزوير,وتم القبول بسماع خطابات المعارضة داخل البرلمان,بعد الإتفاقات التي عرفت,بالإجماع,والسلم الإجتماعي مقابل الدخول فيما سمي بالمسلسل الديمقراطي,الذي اعتبرته المعارضة هامشا ديمقراطيا,يسمح لها بإعادة تنظيم نفسها والتحول إلى قوة ديمقراطية,بالتخلي عن نظام الخلايا,بالأحياء السكنية والتجمعات القروية,وهنا كان من الطبيعي أن تظهر معارضة راديكالية جديدة,يسارية وحتى إسلامية,سرية,شكلت حلقات,واتسعت حلقات بعضها,وخصوصا التنظيمات التي عايشت المظاهرات,وكانت فاعلة فيها,وقد طال الكثير منها القمع والتصفية,في الشوارع أو حتى داخل السجون والمعتقلات,استمرت في نضالاتها,وقررت فيما بعد الإنتقال إلى العمل السياسي العلني,لتشكيل أحزاب سياسية ومنظمات تعمل وفق الآليات الديمقراطية والدستورية المتعارف عليها في اليسار الديمقراطي والتجارب الغربية العريقة,فأدرك النظام المغربي,حاجته للأحزاب السياسية الحقيقية,التي تمثل الناس,وتحمل همومهم,وتتجاوب معهم,وأن فكرة سيطرة الدولة على المجتمع لا يمكن الوثوق بها,ولا بمن اخترعوا هذه الخدعة واقترحوها على نظام الحكم,وأسسوا بناء عليها أحزابا سميت إدارية,برنامجها الوحيد خدمة الدولة سياسيا,واستقطاب النخبة لتصير في خدمة السلطة والخضوع لها,وحتى لا تكون العملية مباشرة كانتىهذه الأحزاب وسيطة لسلطة المخزن,وأداته الطيعة لتحقيق غاياته السياسية والإقتصادية والإجتماعية,كان من الطبيعي لنظام الحكم أن يجدد نفسه,فهياكله تغيرت شخوصها,وبذلك فتحت آفاق نحو التغيير,وكانت تلك فرصة,لإثبات ما سمي بالتغيير في إطار الثبات أو الإستمرارية,بحيث كانت الداخلية هي مؤشر أي تحول محتمل,ربح هذا الرهان,بتنحية وزير الداخلية,حارس الآليات العتيقة لتدبير الملفات الأمنية,وقامع الإنتفاضات,بل والساخر من شهدائها وقتلاها,كانت المبادرة مثيرة,واعتبرت إشارة للأحزاب السياسية والمعارضة بالخصوص,واستكمل التناوب,رغم غضب الكاتب العام لحزب المعارضة الإشتراكية,واستمر التلويح بالإصلاحات وبوشرت بعضها على مستوى البنيات والمشاريع الكبرى,وتأسيس آليات جديدة لمتابعة هذه المشاريع,من خلال صناديق خاصة,ومراقبة وخارج سلطة الحكومة,وكانن لابد من تدشين ملامح عصر جديد,بالمصالحة,لجبر الضرر,وتعويض المتضررين من زمن الرصاص والتصفية,والسماح لهم بالتعبير عن معاناتهم,لفضح الجلادين,وقد وجدها نظام الحكم وسيلة للتخلص ممن كانت لهم يد في التعنيف أو دافعوا عن التصفية الجسدية للمعارضة ورموزها,وتلك وسيلة لاستمالة المعارضة ونيل رضاها والإعتراف بما قدمته للبلاد,رغم أن بعض رجالاتها اعترف بأنهم كمعارضة لم يكونوا ملائكة ,بل كانت لهم طموحاتهم السياسية,ورهاناتهم,بل إن منهم من أحال رمزيا إلى بعض العلاقات المشبوهة بين أحد وجوه المعارضة وقيادة الجيش قبيل إحدى المحاولات الإنقلابية,ولم تثبت هذه الحقائق,وربما كانت مزايدة من المزايدات التي تلجأ إليها بعض القيادات لإرباك الحقل السياسي المغربي في تلك اللحظة من لحظات التناوب الحساسة,وظهور الجرائد المستقلة بما مثلته من رهانات جديدة لم تتضح بعد كل أبعادها السياسية لحد اللحظة,في هذا السياق,بدأت التحولات تزحف في اتجاه العالم العربي,ووصلت إلى الشمال الإفريقي,بل أسقطت الثورات العربية,بعد تونس,بل إن الشمال الإفريقي كان هوالسباق للتغيير,تلتها ليبيا,بعد مصر,كانت التحولات سريعة ومفاجئة للعالم بأسره,وما زاد العالم تخوفا منها,أن القوى التي سجلت حضورا فيها بعد الإنتخابات,كانت قوى دينية,سلفية,ولم يكن المغرب بعيدا عن هذه التحولات,إذ سرعان ما رفعت أعلام 20فبراير,والتحقت بها بعض قوى اليسار والجماعات الدينية,كما حدث في كل الدول العربية,لكن أحزابا كثيرة,ترددت ومنها حزب العدالة والتنمية نفسه,والتقدم والإشتراكية كحزب اشتراكي,فكان على الدولة التحرك,لتتم عملية صياغة الدستور الجديد,والتصويت عليه,ثم انتخابات,فاز فيها حزب ديني,بدون عنف ولا مواجهات,ليعتبر فوزه السياسي,بمثابة ربيع عربي على الصيغة المغربية,المسالمة في تحولاتها العامة والسياسية,وكانت رهانات القوى السياسية كبيرة ,غير أن الدستور الجديد,اعتبر تجاوزا لسقف المعارضة التي طالما اعتبرت الإصلاحات الدستورية بمثابة تهديد,أو صيغة لتجديد تحالفاتها ضد النظام السياسي المغربي,وبذلك جر البساط من تحت أقدامها ووضها أمام الأمر الواقع,مثبتا لها أن الديمقراطية التي تطالب بها,لايمكن أن تصب إلا في صالح قوى أخرى مختلفة عنها,ولا يمكن الوثوق فيها كلها,فهي خليط يصعب التعامل معه,وأن حزب العدالة والتنمية,هو الذي يمثل الإتجاه العقلاني فيها,وله حق إدارة شؤون المجتمع إن فاز بالأغلبية,التي كانت تفريجا سياسيا عن حالات احتقان عرفها المشهد المغربي,سياسيا واجتماعيا,يبدو أن حزب العدالة والتنمية أحسن التأقلم مع هذه الوضعية,التي تأهل بها ليكون إطفائيا جيدا,في السياسة,لكنه أشعل حرائق اجتماعية,لا يمكنه التغلب عليها بسخرية أمينه العام,مما سيعود بالمغرب إلى الباب المغلق من جديد.
حميد المصباحي كاتب وروائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم