الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار الرئيس مرسي خطوة في الاتجاه الصحيح ... ولكن ؟

عليان عليان

2012 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



أقدم الرئيس المصري محمد مرسي على خطوة حاسمة – لم يكن أحد يتوقعها في هذه المرحلة – ألا وهي قراراته الجريئة بإحالة كل من وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ، ورئيس الأركان سامي عنان وبقية قادة الأسلحة الرئيسية إلى التقاعد ، ومن ثم تعيين اللواء عبد الفتاح السيسي – مدير المخابرات العسكرية السابق – وزيراً للدفاع وتعيين اللواء محمد العصار نائباً له ، وكذلك إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري عشية المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة.
وهو بهذه الخطوة حقق ما يلي :
أولاً: أنهى ازدواجية السلطة التي كرسها الإعلان الدستوري المكمل ذلك الإعلان الذي جرد الرئيس من معظم صلاحياته وأراد تحويله إلى شكل كاريكاتوري لا حول له ولا قوة ، وحصر مهماته في قضايا البروتوكول ، ناهيك عن تقييد دوره في تشكيل الحكومة بحيث يكون للعسكر الكلمة الرئيسية ، في تحديد من يملأ الوزارات السيادية وفي تحديد السياستين الأمنية والخارجية.
ووصلت الأمور بالمشير طنطاوي أن يتغيب عن عمد عن حضور اجتماعات الحكومة ، رفضاً منه أن يعمل تحت إمرة كل من الرئيس مرسي ورئيس وزراءه هشام قنديل ،لأن الأمور كبرت في رأسه وفي رأس زملائه في المجلس العسكري الذين اعتبروا أنفسهم الحكام الفعليين للبلاد ، على النحو الذي كان سائداً في تركيا.
ثانيا: وهو بهذه الخطوة ، بدد الصورة التي رسمتها بعض وسائل الإعلام بأنه شخص ضعيف ، وأنه وليس بوسعه أن يقدم على خطوات دراماتيكية ، على نحو لي ذراع العسكر وإقصائهم من سدة الحكم المغتصبة ومن دائرة صنع القرار.
ثالثاً: حقق الشعار المركزي الناظم لقوى الثورة التي دفعت من أجله عشرات الشهداء سواء في ميدان التحرير ، أو في شارع محمد محمود أو في ماسبيرو ، أو أمام مقر مجلس الوزراء ألا وهو " الشعب يريد إسقاط حكم العسكر " ذلك الحكم الذي سهل مهمة الفلول في خلق حالة من الانفلات الأمني ، وفي إصدار أحكام مخففة وشكلية ضد قيادات النظام البائد ، ناهيك عن تبرئة كل من مبارك ونجليه ورجل الأعمال حسين سالم ، من تهمتي الفساد المالي والتربح وغيرهما بذريعة تقادم القضية !!
وهذه الخطوات فتحت الطريق أمام الرئيس الحالي أو أي رئيس آخر في المستقبل لمزاولة مهامه الطبيعية والدستورية خلال فترة الرئاسة والفيصل في تقييم دور الرئيس الحالي يكمن في مدى تحقيق تطلعات الشعب المصري والأهداف التي قامت من أجلها ثورة يناير25 وهي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، فإذا ما نجح في تحقيق هذه الأهداف فإن الشعب المصري سينتخبه مجدداً وإذا أخفق فسيعاقبه الشعب بانتخاب غيره سواء كان قومياً أو يساريا ، أو ليبراليا أو إسلامياً من لون سياسي آخر في إطار التداول السلمي للسلطة.
لقد كانت أحداث سيناء الأخيرة التي راح ضحيتها غيلةً وغدراً ستة عشر جندياً مصرياً ، على يد مجموعات إرهابية خدمت بهذا العمل الجبان أهداف كل من الموساد الإسرائيلي والمجلس العسكري وبقية أطراف نظام مبارك البائد ، كانت تلك الأحداث هي الصاعق الذي فجر القرارات الدراماتيكية الأخيرة.
لقد استثمر المجلس العسكري ، وحكومة العدو الصهيوني وبقية الفلول الذين لا يزالوا يتربعون في مواقع إعلامية مهمة ، استثمروا حادثة سيناء لتحقيق عدة أهداف أبرزها:
أولاً: إظهار الرئيس المصري بمظهر العاجز وأنه غير قادر على ضبط الأوضاع في سيناء ، وتسويق هذه المسألة إعلامياً ودولياً ومن ثم تحميله مسؤولية مصرع الجنود المصريين حيث حاولوا هز صورته عبر الهتافات ضده ، أثناء تشييع جثامين الشهداء.
ثانياً: تسويق مسألة أن بقاء الصلاحيات بيد العسكر يشكل صمام الأمان للأمن والاستقرار في سيناء وعموم البلاد ، ووصلت الأمور بالبعض أن يطالب مرسي بالاستقالة على خلفية حادثة سيناء.
ثالثاً: ضرب العلاقة بين الحكم الجديد في مصر وبين قطاع غزة عبر التطوع الرخيص ، بتلفيق التهم للفصائل الفلسطينية بأنها ساهمت في التخطيط للعملية ودعمها وذلك من أجل إيجاد المسوغ لاستمرار محاصرة قطاع غزة ، على النحو الذي كان سائدا في عهد مبارك علماً أن التحقيقات من قبل الجانب المصري لم تثبت حتى اللحظة تورط الفلسطينيين في تلك العملية الإجرامية.
ووصلت الأمور بإعلاميي الفلول أن ينظموا مظاهرات مزقوا خلاها الكوفية الفلسطينية ، في حين طالب بعضهم بقصف قطاع غزة!! في محاولة بائسة منهم لتجييش الشعب المصري ضد الفلسطينيين لكن محاولاتهم باءت بالفشل ، حيث كشف استطلاع أجرته صحيفة اليوم السابع المصرية ، فشل هذه المحاولات حين رأى أكثر من 67 في المائة من العينة المصرية المستطلعة بأنه لا يمكن أن يكون للفلسطينيين صلة بتلك العملية.
كما أن إعلاميي الفلول باتوا ينفخون في مسألة كاذبة ألا وهي تهديد الفلسطينيين للاقتصاد المصري ، جراء تزويد مصر للقطاع ببعض المشتقات النفطية لتشغيل محطات للكهرباء ، متجاهلين عدة حقائق أبرزها:
أولاً: أن جل ما يحصل عليه الفلسطينيون في قطاع غزة لا يشكل بالمقياس النفطي 1 من أصل 1200 ، من الطاقة المصرية سواءً بالطرق الرسمية أو عبر الأنفاق.
ثانياً:أن السلطات الرسمية المصرية منذ أيام عهد مبارك البائد كانت تقبض ثمن الوقود المصدر إلى قطاع غزة من الجامعة العربية.
ثالثاً: أن الحكومات المصرية في عهد مبارك كانت تصدر الغاز للكيان الصهيوني بأسعار أقرب " للبلاش " وتوفر للكيان الصهيوني حوالي 50 في المائة من احتياجاته من الغاز.
و يبقى السؤال: لماذا هذا الانقسام في صفوف القوى السياسية حيال خطوة الرئيس مرسي الأخيرة ؟
وهنا يجب أن نفرق بين قوى سياسية وطنية وجذرية مثل الناصريين والاشتراكيين الثوريين وحركة السادس من أبريل وغيرها من الحركات والائتلافات الثورية ، وبين قوى الفلول أو بعض القوى التي حسبت نفسها على الثورة ، لكنها عملياً كانت في جيب النظام رغم تشدقها بمقولات اليسار وإساءتها الفظة لتلك المقولات.
فالقوى القومية واليسارية وعلى رأسها الناصريين - الذين أثبتوا حضورهم الكبير والمميز في الانتخابات الرئاسية رغم شح الإمكانات – مشدودة حتى الآن للخطيئة الكبرى التي ارتكبها حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسي للأخوان المسلمين - عندما توافق مع المجلس العسكري والسلفيين على الإعلان الدستوري الذي جرى الاستفتاء عليه في مارس – آذار 2011 ، بالضد من إجماع القوى الوطنية والليبرالية حول ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد (أولاً ) بدلاً من الذهاب للانتخابات حيث ترتب على هذا الإعلان تكريس المجلس العسكري لسطوته وإطالته للمرحلة الانتقالية وما تخللها من آلام وشهداء ، وتسهيل مهمة الفلول في الارتداد على الثورة .
وهذه القوى لم تتجاوز حتى اللحظة ما حصل في الماضي للتعامل مع معطيات المرحلة الجديدة ، وتخشى من أن يسعى الاخوان إلى تأبيد حكمهم للبلاد ، ويستثنى من هذه القوى الاشتراكيون الثوريون "التروتسكيون " واتحاد شباب الثورة اللذان ثمنا خطوة الرئيس مرسي واعتبراها تخدم الثورة وأهدافها.
أما القوى الأخرى فهي إما فلول أو أحزاب نمت وترعرعت بما تكرم عليها النظام البائد بمقعدين أو ثلاثة ، في مجلس الشعب السابق مثل حزبي الوفد والتجمع.
ولكن يرى العديد من المراقبين الحريصين على الثورة وأهدافها أنه حتى تحسب هذه الخطوة لصالح الثورة ، وليس لصالح الإنفراد بالسلطة وشمولية الحكم ، من قبل الأخوان المسلمين فإن ما هو مطلوب من الرئيس المصري وحكومته حتى تضع مصر قدميها على طريق الدولة المدنية ، وتشق طريقها نحو استكمال أهداف الثورة ... مطلوب منها أن تدرك أن عجلة ثورة 25 يناير لن تتوقف ، وأن تقوم بما يلي :
- عدم التعرض لحرية الإعلام طالما كان ملتزماً بالثورة وأهدافها.
- عدم التعرض للحراك السياسي والتنظيمي لقوى المعارضة الوطنية وإتاحة الفرصة كاملة أمامها للعمل .
- الدفع باتجاه إنجاز دستور يلبي مصالح ومكونات وتطلعات الشعب المصري السياسية ، والاجتماعية ، والديمقراطية وعلى رأسها التداول السلمي للسلطة.
- تقديم تطمينات للآخرين بعدم ممارسة شمولية الحكم " أخونة النظام " وذلك عبر إشراك قوى سياسية ومجتمعية أخرى في حكومات ما بعد إنجاز الدستور ، وعدم قصر قيادات المحليات والسفارات وغيرها على لون سياسي واحد.
- التحرر من قيود السلفيين ، الذين يسعون لفرض برنامجهم الاجتماعي في البلاد.
وتبقى هنالك أسئلة محددة ينتظر الرأي العام المصري والعربي الإجابة عليها : كيف انصاع كل من المشير طنطاوي والفريق عنان لقرارات الرئيس مرسي رغم كل ما يملكانه من سطوة وهيلمان القوة ؟ وهل هنالك علاقة للأمريكان كما يشاع بهذا الانصياع ؟ أم أن الرئيس مرسي كسب ولاء قيادات فاعلة وقيادات ميدانية في الجيش مكنته من اتخاذ مثل هذه القرارات ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فلول الاشتراكية
ابو عزيز ( 2012 / 8 / 16 - 07:17 )
اولا بالنسبة للتخوف من - السلفيين ، الذين يسعون لفرض برنامجهم الاجتماعي في البلاد- كما ادعيت.... انا برايي لو انه فلول الاشتراكية مؤمنة بمعتقداتهم وواثقين منها فلاخوف من هذا -المد السلفي - لو كان ذلك صحيحا ..... ولو ان للاشتراكية شعبية وما زالت على قيد الحياة لكسبوا الانتخابات على الاقل بدل من ان ياخذوا الكتابة في المقالات والجلوس في المقاهي...


2 - رد على عصام شعبان وممدوح مكرم-1
ناصر العربي ( 2012 / 8 / 22 - 23:49 )
أستغرب واستهجن ما جاء في تعليق كل من عصام شعبان وممدوح مكرم الذي ينم عن جهل في طبيعة الصراع وأولوياته، فالمقال اعتبر قرار مرسي خطوة في الاتجاه الصحيح ولم يصفها بأنه ثورية ، بل نقل وصف قوى تقدمية لها بهذا الشأن ، نعم هي خطوة بالاتجاه الصحيح لأنها أقصت المجلس العسكري المرتبط بنظام مبارك البائد عن الواجهة ، ما يسهل مهمة القوى الثورية والتقدمية لاحقاًٍ في حال وصولها إلى قمة هرم السلطة.. هذا ( أولاَ ) ( وثانيا ) أن المقال حصر موضوعه بخطوة إقصاء مجلس العسكر ولم يدافع عن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للرئيس مرسي المتساوق مع النهج النيوليبرالي ( وثالثاً ) يبدو أن الأخوين لا يعيان ولا يدركان جدلية قانون التناقض من حيث ضرورة التفريق بين التناقض الرئيس والتناقض الثانوي في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ، وأن التناقض الثانوي قد يصبح رئيسياً في مرحلة لاحقة ، ولا يعيان قانون التحالف والصراع ، إذ أن التناقض الرئيس في هذه المرحلة هو مع الفلول ومع بقايا التظام العميق العميق ( ورابعاً) من خولكما لتصنيف الناصريين وغيرهم بأنهم ليسوا ثوريين وتقدميين، فالناصرية شكلت حالة تقدمية مميزة على الصعيد القومي


3 - رد على عصام شعبان وممدوح مكرم-2
ناصر العربي ( 2012 / 8 / 23 - 00:28 )
( ورابعاً) من خولكما لتصنيف الناصريين وغيرهم بأنهم ليسوا ثوريين وتقدميين، فالناصرية شكلت حالة تقدمية مميزة على الصعيد القومي وعلى صعيد الديمقراطية الاجتماعية ناهيك أن حصول المرشح الرئاسي حمدين صباحي على الترتيب الأول في حواضر الثورة- القاهرة والاسكندرية وبور سعيد مؤشر على أنه يمثل الطبقات التي فجرت ثورة الناس الأحرار في 25 يناير.. وبالتالي وفي ضوء ما تقدم أرى أن ما جاء في تعليقيهما يعكس حالة من المراهقة اليسارية الفجة


4 - رد على السلفي ابوعزيز
ناصر العربي ( 2012 / 8 / 23 - 00:29 )
أما بخصوص تعليق السلفي أبو عزيز فإنه يندرج في إطار الترويج لفكر متخلف لا يحاكي الواقع ولا يسعى لحل مشاكله، فهذا الفكر رجعي بامتياز ويلقى تسهيلات ودعم من القوى الرجعية ناهيك أن القوى السلفية في مصر كانت ولا تزال من قوى الثورة المضادة ، ووقفت موقفاً معادياً للثورة عند انطلاقتها ولم تشارك فيها ، وعملت على توظيف آيات القرآن لخدمة نظام مبارك حين استخدموا الآية الكريمة - وأطيعوا الله والرسول وأولو الأمر منكم - معتبرين مبارك أمير المؤمنين وتجب طاعته وحين اعتبر مشايخ السلفية في مصر بأن الثورة المصرية فتنة.
أما الحديث عن فلول الاشتراكية وأن أنصارها من كتاب المقاهي فهو حديث ساذج ويتجاهل حقيقة أن الاشتراكية رغم كل ما حصل كانت وستظل الرد الطبيعي على نهج الاستعباد الرأسمالي وأنها السند الحقيقي من واقع التجربة لحركات التحرر الوطني في العالم..ويبدو أن أبو عزيز منقطع الصلة عن العالم في سياق جهالة سلفية ماضوية، ولا يعلم أن المد اليساري الاشتراكي يكتسح قارة أمريكا اللاتينية ويمرغ أنف الامبريالية الأمريكية ناهيك أن الحركات المناهضة للعولمة تصطف في خندق القوى الاشتراكية المناهضة للعولمة الامبريالية.


5 - الاشتراكيين المساكين
مسلم عربي ( 2012 / 10 / 15 - 10:50 )
جميع اتباع الاشتراكية وفلولها يمتازون بنفس نمطية التفكير الغبية، وأنا أجزم أن معظم أذنابها قد حصلوا على علامات تكاد تناهز الخمسين والستين وممكن السبعين في الثانوية العامة

أظن أن القطر قاد فاتهم


6 - ملاحظة ذكية
ابو عروة ( 2012 / 11 / 9 - 15:58 )
الأخ مسلم عربي
تحية ، لقد كنت اسبق مني في تسجيل هذه الملاحظة العلمية، والتي يمكن عندها القول بأن علامة الثانوية يمكن ان تكون الشاهد الأكثر مصداقية، او دلالة على مقدرة الغرد على التعلم، إوأي من الأنماط الذهنية التي قد يستخدمها الفرد في فهم العالم المحيط، فالدراسات الجامعية وكلما ارتقى مستواها تدنى مستوى اعتماد الفرد على نفسه في التحصيل، فلربما هنالك من يحمل شهادة الدكتوراة، ولم يكن له اسهام فيها إلا وقت مناقشتها


7 - ملاحظة ذكية
ابو عروة ( 2012 / 11 / 9 - 16:01 )
الأخ مسلم عربي
تحية ، لقد كنت اسبق مني في تسجيل هذه الملاحظة العلمية، والتي يمكن عندها القول بأن علامة الثانوية يمكن ان تكون الشاهد الأكثر مصداقية، او دلالة على مقدرة الغرد على التعلم، إوأي من الأنماط الذهنية التي قد يستخدمها الفرد في فهم العالم المحيط، فالدراسات الجامعية وكلما ارتقى مستواها تدنى مستوى اعتماد الفرد على نفسه في التحصيل، فلربما هنالك من يحمل شهادة الدكتوراة، ولم يكن له اسهام فيها إلا وقت مناقشتها

اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق