الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمخض التجمع فولد فاراً ميتاً : قراءة في قرارات هيئة- قيادة- التجمع- الوطني الديمقراطي- الاخيرة

عادل عبد العاطى

2005 / 2 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في الايام بين 7 و11 فبراير الجاري؛ عقدت هيئة "قيادة" التجمع "الوطني الديمقراطي" سلسلة اجتماعات في اسمرا؛ ربما ستكون هي اخر اجتماعات لهذه الهيئة في الخارج؛ ان لم تكن آخر اجتماعاتها علي الاطلاق؛ وفقا للتغييرات السريعة في خارطة التحالفات السياسية؛ وتصدع دور التجمع نفسه وتحلله فيما يبدو للكثير من المتابعين.
وقد انعقدت هذه الاجتماعات تحت ظل الانتفاضة الباسلة لجماهير البجة في شرق السودان؛والتي ارادالنظام اغراقها في بحر من الدم؛ وتحت ارهاصات انتفاضة اخري في اقصي الشمال بحلفا وديار المناصير؛ وفي وقتت تتواصل فيه انهار الدم وممارسات العنف والقمع من قبل النظام في دارفور؛ والاعتقالات والتضييق علي الحريات في الخرطوم وفي الاقاليم ؛ وفي ظرف ارتفعت فيه اصوات عديدة من قبل الناشطين في التجمع وبعض فصائله؛ رافضة اتفاق القاهرة الذي وقع بالاحرف الاولي بين التجمع والنظام؛ الامر الذي جعل الكثيرون؛ ممن لا يعرفون هذا التجمع جيدا؛ ياملون ان يخرج بقرارات توازي حجم التحديات؛ وتراعي للمزاج الجماهيري؛ وتري الي المصالح الحقيقية للمواطنين.
فهل كانت تلك الاجتماعات بمستوي المسؤولية التاريخية؛ وهل كانت قراراتها لصالح المواطن؛ ام لصالح دهاقنة التجمع ونخبه السياسية؛ وهل تمخض التجمع وولد مولودا عفيا؛ وانجز انجازا كبيرا كما يذهب بعض المطبلين له؛ ام ان الامر علي عكس ذلك تماما؟؟
كل هذه الاسئلة ؛ مما ما سنحاول اجتراحه؛ في هذه القراءة السريعة!

تصدع الحلف الميرغني – القرنقي:
نقول ان اول نتائج الاجتماعات الاخيرة للتجمع؛ هو تصدع الحلف ما بين الميرغني وقرنق؛ وهو الحلف الذي استند عليه وجود التجمع؛ طوال السنين الاخيرة؛ وهوحلف غريب كان لا بد ان ينتهي الي الانهيار. فالميرغني هو احد اعمدة السودان القديم؛ وزعيم طائفي؛ وقائد في احد حزبين كان لهما قصب السبق في الازمة السودانمية؛ وصاحب توجهات عروبية واسلامية قوية؛ وقرنق يدعي انه ثائر من اجل السودان الجديد؛ وانه علماني وتقدمي افريقي؛ مما يجعل من اتفاقاتهما القديمة والاقدم ( ما يسمي باتفاقية السلام السودانية في عام 1988 في عهد الديمقراطية الثالثة؛ ثم تحالفهما اللاحق في التجمع) ؛ شيئا من غرائب السياسية السودانية؛ والتي لا تفسر الا بالانتهازية السياسية والمكايدات الحزبية ومنطق شيني واشيلك.
لقد حللنا في غير هذا المقام هذا الحلف غير المقدس؛ واوضحنا انه سينتهي الي زوال؛ وهذا ما سارت اليه الامور.. ولكننا نقول هنا فقط؛ انه كان حلفا قائما علي المصلحة لا علي وحدة البرامج والتطلعات؛ فقرنق اراد به ان يكسر دعاية النظام ضده؛ بوصفه معاد للاسلام والعروبة ؛ وكانما اراد ان يقول: (وكيف أكون كذلك وانا حليف احد اكبر القادة الدينيين في السودان؟) ؛ وان يستخدمه مدخلا للدوائر العربية والاسلامية المتشككة تجاهه؛ وخصوصا الدائرة المصرية؛ بينما الميرغني اراد ان يستفيد من قوة قرنق العسكرية الضاربة؛ لكيما يرجع الي السلطة التي اغتصبتها منهم الانقاذ؛ وهي ابن الطائفية العقوق.
تصدع هذا الحلف بدأ من انخراط الحركة الشعبية تحت قيادة قرنق في مشوار التسوية الثنائية مع نظام الخرطوم؛ في اهمال تام ل"حلفاؤها" في التجمع؛ الامر الذي رد عليه الميرغني بتوقيع اتفاق جدة لعام خلي مع نائب رئيس النظام؛ وتوقيع اتفاق القاهرة بين التجمع والنظام في الشهر الماضي؛ ومحاولة رأب الصدع مع حزب الامة ؛ ضمن لعبات من الضغط المتبادل؛ لا يجب ان تسود بين الحلفاء؛ الا اذا احسوا ان حلفهم هو في طريقه الي الأنهيار.
قرنق في شعوره بالقوة والنصر؛ والذي جلبته له اتفاقيات نيفاشا؛ وفي احتقاره لحلقاؤه في التجمع "الوطني الديمقراطي"؛ الذين اختبرهم جيدا خلال 15 عاما من العمل المشترك؛ فوجد انهم لا يمكن التعويل عليهم؛ وانهميستحقوا كل احتقار؛ كان واضحا في محاولاته لفك الارتباط مع التجمع؛ حيث قال في تصريحات عن مستقبل وجودهم في التجمع؛ ان حركته ستبقي فيه؛ >.؛ كما قال ان وجود التجمع واستمراره >؛ في اشارات واضحة؛ لا ييجهلها الا غشيم او متغاشم؛ مهما حاول البعض اظهار انها جمل عامة لا يفهم منها التشكيك في جدوي استمرارية التجمع؛ من قبل احد "اعضائه" الرئيسيين.
واذا كان المثل السوداني يقول ان الفهيم بالرمشة؛ والغشيم بالدقشة؛ فان قرنق لم يدقش دهاقنة التجمع فحسب؛ بل هو قد صقعهم صفعة مباشرة؛ وذلك بعدم مشاركته في اجتماعات هيئة "قيادة" التجمع؛ وهو عضو اصيل فيها؛ وذلك بعد ان اجلت اجتماعاتها مرارا؛ انتظارا له؛ وعندما حضر الي اسمرا في النهاية؛ فانه سافر دون ان يحضرها؛ ولكن بعد ان التقي بالجميع؛بما فيهم اهل الشعبي واقطاب النظام الارتري؛ ولم يكتف بذلك؛ بل اخذ معه كذلك لكي لا يحضرها القيادي في الحركة الشعبية وذراعهه اليمني؛ باقان اموم ؛ وهو من يشغل منصب الامين العام للتجمع "الوطني الديمقراطي" السعيد!

الوحدة الموهومة لل16 فصيلا المزعومة:

وقد كتب بعض الصحفيين؛ نقلا عن مصادر التجمع ودهاقنته؛ بعد نهاية اجتماعات هيئة "قيادته"؛ انها اثبتت وحدة ال16 فصيلا المكونة له؛ وهذا الزعم لعمري مما يسمي في علم الاجتماع بالتفكير وفقا للرغبات؛ وفيما يسمي بالبلدي والدارجي ب"الاستهبال السياسي"؛ وهو تعبير صككناه علي وزن تعبير "اليسار المستهبل" ؛ الذي جاء به احد دهاقنة التجمع؛ وهو السيد محمد ابراهيم نقد؛ الزعيم الابدي للحزب الشيوعي السوداني (؟)؛ في وصفه لبعض الاحزاب والقوي الاخري التي تتواجد علي يسار حزبه.
نبدأ فنقول ان سيرة الاستهبال تبدأ من العدد ذاته؛ وهو ال16 فصيلا؛ فم اين اتي هذا الرقم السحري؛ ولماذا لا تكون 19 او 29 فصيلا مثلا؛ حيث اننا قمنا برصد الفصائل المذكورة في موقع التجمع "الوطني الديمقراطي" الرسمي بالشبكة العالمية؛ فوجدناها 12 فصيلا ؛ واذا ما اضفنا لها حركة تحرير السودان؛ والتي انضمت الي التجمع في العام السابق؛ فهي تكون 13؛ فاين هي الفصائل الثلاثة الناقصة؛ واين من هذه الوحدة التاريخية عدم حضور جون قرنق وباقان اموم لاجتماعات هيئة القيادة؛ ناهيك عن تاكيدهم لهذه لوحدة المتوهمة اوالموهومة ؟
نذهب ابعد فنقول؛ ان هذه الوحدة المزعومة؛ لا توجد في داخل بعض الفصائل نفسها؛ فقوات التحالف السودانية؛ والتي يقول موقع التجمع الرسمي عنها << في 28 فبراير 2002 ، اندمجت قوات التحالف في الحركة الشعبية>> ؛ والتي لسبب ما بعد ثلاث سنوات لا تزال غير مندمجة مع الحركة الشعبية؛ انشطرت الي قسمين؛ اعطتهم هيئة القيادة صفة المراقب ؛ اي انها تكاد تكون نزعت العضوية عنهم؛ بعد ان احتفظوا بوجودهم في التجمع – وهم مندمجين في الحركة طيلة هذه الوقت؛ او في سيرورة طويلة من الاندماج - ؛ فهل ساهم الشطرين المتصارعين من قوات التحالف في الاجتماع؛ وهل سمح الارتريون الذين يعتقلون منتسبي احد الشطرين لممثليه بالحضور؛ بعد ان رفضوا حضورهم في السابق؛ وهل اعاد التجمع صفة العضوية الكاملة لاحد الشطرين او كلاهما؛ وهل هذا الحديث عن الوحدة المزعومة لا يعبر عن شي؛ الا عن الاستهبال السياسي للمجموعة المتنفذة التي تتحدث باسم اشلاء التجمع الذي كان؟
الحديث عن الوحدة؛ يراد به التغطية علي واقع ان اتفاق القاهرة الموقع بين قيادة التجمع التنفذة والنظام في 16 يناير السابق؛ قد رفضته علنا وفي بيانات رسمية وفي تصريحات قياداتها والناطقين باسمها؛ اربعة من فصائل التجمع الرئيسية والفاعلة عسكريا؛ وهي تنظيمات مؤتمر البجة والاسود الحرة السودانية؛ النشطية بشرق السودان؛ وحركة تحرير السودان والتحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني؛ العاملة بغرب السودان؛ وعلي واقع ان حركة تحرير السودان لم ترسل هي الاخري قادتها لاجتماعات هيئة قيادة التجمع؛ في ظل "انشغالها" بمفاوضات ابوجا واللقاءات في ليبيا والمعارك في دارفور وصراعاتها الداخلية الخ.
يقول البيان الختامي لاجتمعات هيئة "قيادة" التجمع:
<<وفى سبيل الوصول إلى تحقيق الحل السياسي الشامل فإن تنظيمات مؤتمر البجا، والتحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني، والأسود الحرة، وحركة تحرير السودان تبارك اتفاق القاهرة، رغم أنها لم تشارك فى المفاوضات،>>
من العجيب الا تشارك اربعة تنظيمات اساسية وفاعلة عسكريا من اعضاء التجمع في المفاوضات؛ ثم تاتي لتبارك اتفاقا لم تفاوض فيه ورفضته علنيا وببيانات مكتوبة وتصريحات عديدة؛ ومن الغريب الا تعلن هي هذه المباركة بصورة مكتوبة وعلنية؛ وانما تتركها لبيان "هيئة القيادة " الختامي؛ الا ان يكون هذا من قبيل الاستهبال السياسي واللعب علي الذقون؛ الذي لا نستغربه من دهافنة التجمع؛ ونستغربه اذا تم من القوي المذكورة؛ او ان يكون التفسير ان من قاموا بصياغة البيان قد كذبوا علنا؛ وزوروا ارادة القوي المذكورة؛ وانطقوها بمواقف لم تقفها؛ وعندها فان مسيرة التصدع ستستمر؛ وستنفجر الوحدة المزعومة للفصائل ال16 المزعومة؛ مثل بالون منفوخ؛ وخز بابار محماة في النار.

مأساة دارفور وقضية الشرق:
انعقدت اجتماعات هيئة "قيادة" التجمع؛ والماساة الانسانية والازمة السياسية –العسكرية في دارفور قد وصلت الي حدودها القصوي؛ حيث لا تكف قوات الحكومة وطيرانها عن قصف المواطنين العزل؛ ومن ذلك قصف منطقة شنقلي طوبايا اخيرا؛ ولا تتوقف هجومات المليشيات الموالية للنظام علي المواطنين؛ ويستمر مسلسل النزوح والهروب؛ بما يخلفه من اخطار صحية وبئيية واجتماعية داهمة علي الضحايا؛ يمكن ان تؤدي الي موت الالاف منهم .
وفي حين يهتم كل العالم بماساة دارفور؛ ويناقشها مجلس الامن والامم المتحدة؛ وتقام لها المنابر التفاوضية في ابوجا والحوارات في ليبيا وتشاد وينخرط فيها الاتحاد الافريقي وتحظي باهتمام العالم اجمع؛ ذلك حين لا يزال والنظام لا يزال سادرا في غيه؛ الامر الذي وجد معارضة شديدة من الراي العام السوداني؛ والمتبدي في مظاهرات وفعاليات النشطين السودانيين في الخارج والداخل؛ وادانة المجتمع الدولي؛ فان هيئة القيادة لم تجد ما تقوله عنهذه المأساة والازمة؛ غير جملتان؛ تتكونان من 34 كلمة؛ من ضمن البيان الختامي المكون من 865 كلمة؛ اي ما يساوي 4% من نص البيان؛ والجملتاان تنطقان:
<<كما أكدت هيئة القيادة دعمها ومساندتها لمنبر أبوجا وملتقى طرابلس ..
كما حملت الحكومة المسئولية عن الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في دارفور، والتي أكدتها اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، ودعت إلى محاكمة المسئولين عنها>>
يتم هذا التعامل غير المسؤوول؛ مع كارثة انسانية تعتبر الاكبر في العالم اليوم؛ يقترب ضحاياها من المليونين؛ بلا اي تحليل منهيئة "القيادة"للازمة وخطورتها؛ ولا تقديم حلول محددة لحلها والياتها؛ ولا ادانة واضحة للنظام في كامل ممارساته واستمراره في القمع والتدمير؛ ولا ايقاف التفاوض معه والتوقيع علي اتفاق معه في ظل هذه الظروف؛ ولا دعم واضح ومفصل ومحدد ل"اعضاء التجمع" من القوي المناضلة في دارفور (حركة تحرير السودان والتحالف الفيدرالي)؛ مما يوضح الافق الضيق والتعامل الانتهازي لدهاقنة التجمع وقيادته المتنفذة؛ تجاه قضية هي الاكثر اشتعالا اليوم من ضمن القضايا السودانية؛ وان همها في الركض وراء كراسي السلطة والحكم ؛ اكبر من تناولها لمصالح المواطنين وأمنهم وحياتهم وكرامتهم ؛ وقد تبدي كل هذا في تكريس هيئة "القيادة" ل166 كلمة في بيانهم الخاتمي (19% من جملة البيان) ؛ لمسالة اشتراكهم في السلطة بنسبة ال14 % التي اعطيت لهم؛ واشتراكهم في لجنة هامشية ما لدستور مزعوم ما؛ يبني وفق صفقة نيفاشا الجائرة؛ علي قاعدة دستور الانقاذ الكالح الكريه!!
اما قضية شرق السودان العادلة؛ وانتفاضة الشرق الباسلة؛ وانهار الدماء التي حاول النظام ان يغرقها فيها؛ والاعتقالات التي لا يزال ضحايها بالسجون؛ فقد ابتسرها دهاقنة التجمع؛ في مقايضة دنيئة؛ تكشف عن انتهازيتهم؛ حينما ربطوا موافقة فصائل مؤتمر البجة والاسود الحرة علي اتفاق القاهرة؛ بموافقتهم هم علي قيام منبر خاص لمناقشة قضية الشرق؛ وعندما لم يقفوا موقفا ثوريا واضحا؛ بتعليق المفاوضات والتوقيع مع النظام؛ طالما ظلت قضيتي الشرق ودارفور غير محلولة؛ بل قضية السودان اجمعه.. وتجلي الابتسار في ربط انتفاضة الشرق الباسلة؛ والتي اقضت مخدع النظام؛ بغيرها من القضايا؛ مثل احداث التزوير في الانتخابات والعنف تجاه الطلاب؛ وهي قضايا مهمة؛ ولكنها لا ترقي لقضية انتفاضة الشرق والمذبحة التي لفتت ضمير العالم؛ ولكنها لم تلفت ضمير قيادات التجمع المتنفذة.
ولا يعد هذا غريبا؛ علي تجمع يتبني الناطق الرسمي باسمه في الداخل (علي السيد) خطاب النظام حينما يتحدث عن الشغب وتخريب الممتلكات العامة؛ ويضعها – لو تمت – في ميزان واحد مع المجزرة؛ بل ويقرع الضحايا ويقف موقف النظام منهم؛ ويدينهم تحديدا ويكاد يبرئ النظام من جريمته القذرة؛ ويتبعه في ذلك الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي فتحي شيلا؛ بييان مماثل آخر؛ كتب بحبر الخنوع ومداد الذل وروح التجارة والخذلان.
وقد تقدم تنظيمي مؤتمر البجة والاسود الحرة بمطالب محددة من التجمع لكيما تتبناها هيئة القيادة؛ وهي مطالب الحد الادني؛ وتتعلق فقط بانتفاضة الشرق وحيثياتها؛ وهي: "التحقيق بواسطة لجان محايدة يشارك فيها التجمع الوطني الديمقراطي للتحقيق في جريمة بورتسودان وأن يقدم المجرمون للمحاكمة العادلة والعلنية؛ المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين فورا؛ رفع حالة الطوارئ عن الأحياء في المدن وسحب القوات الخاصة والتي مازالت
تقوم باستفزازالمواطنين بطريقة عنصرية ربما تفجر الوضع؛ان يعلق التجمع الوطني الديمقراطي مواصلة التفاوض مع الحكومة حتى تنجز الحكومة النقاط السابقة"؛ فماذا كان رد دهاقنة التجمع عليهم: صفرا كبيرا.
ان عطية المزين التي قدمها دهاقنة التجمع لجماهير الشرق ولتنظيماتهم – التي هي اعضاء فيه - ؛ والقائلة: <<وسيسعى تنظيما مؤتمر البجا والأسود الحرة لإيجاد منبر خاص بهما، وتؤازرهما هيئة القيادة في ذلك.>>؛ انما تفضح هيئة "القيادة" العاجزة والمتكالبة علي فتات السلطة ؛ والتي خاطبها مؤتمر البجة والاسود الحرة وطالباها بالوقوف مع مواطني الشرق في معركتهم غير المتكافئة مع النظام الشرس؛ فكان رد هيئة القيادة ان ابحثوا عن منبر للتفاوض لكم؛ ونحن سنوازركم؛ وذلك بعد ان نوقع في القاهرة نهائيا في احتفال ضخم؛ نغطي به علي عجزنا؛ ونذهب للخحرطوم للتمتع بال14 % من المناصب؛ لكي نشارك ولجنة الدستور وغيرها من الفتات والمصالح الشخصية والحزبية الرخيصة؛ وبذلك اثبتوا صحة ما قاله عنهم احد قيادات حركة تحرير السودان؛ سليمان نواي؛ حين قال عن اتفاق القاهرة؛ وهذا قبل سقوط هيئة "القيادة" في اسمرا امام التحديات الخطيرة في دارفور وشرق السودان:
"لقد كشف هذا الاتفاق ان حجم التناقض بين القوى الشمالية والمعارضة وحكومة الخرطوم جد ضئيل وهامشي.." واضاف "ان الهدف من الاتفاق بالنسبة الى طرفيه معاً هو فتح الباب امام الاحزاب التقليدية للعودة الى الخرطوم ومزاولة نشاطها الحزبي"

انفاذ اتفاقية القاهرة هو مربط الفرس:
لقد بدا واضحا؛ ان القوي المتنفذة في التجمع؛ انما دعت لاجتماع هيئة "القيادة" حصرا ؛ لكيما تجد منها تفويضا ودعما لاتفاقية الاستسلام؛ والمسماة باتفاقية القاهرة؛ بين بعض اطراف التجمع المتنفذة؛ وبين طرف من النظام؛ والتي تعطي دهاقنة التجمع 14 % من السلطة؛ سال لعابهم لها؛ حتي فقدوا صوابهم؛ بدليل عدم اشراكهم لاربع فصائل اساسية في المفاوضات؛ وبدليل التهافت الذي مارسوه في اسمرا؛ في اجتماعهم غير الكريم هذا.
يقول البيان الختامي لهيئة "قيادة" للتجمع:
<< استعرض الاجتماع اتفاقية القاهرة المبرمة بين التجمع الوطنى الديمقراطى والحكومة، وبعد نقاش مستفيض أقرت هيئة القيادة الاتفاقية بالإجماع آخذة بعين الاعتبار تكاملها مع اتفاقية السلام الموقعة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة لإحداث تحول ديمقراطى، وخلق واقع جديد يوفر مُناخا ملائماً للحراك السياسي السلمي واستنهاض الحركة الجماهيرية لدعم مسيرة السلام والتحول الديمقراطي. وقد وقفت هيئة القيادة على بعض النواقص التي شابت الاتفاق وأوصت بمعالجتها عند بحث آليات التنفيذ.>>
ان هذه الجملة التي تحتوي علي 68 كلمة – ضعف ما خصص لدارفور-؛ انما تشكل مادة نموذجية للانتهازية السياسية والاستهبال السياسي؛ حيث تسمي صفقة نيفاشا اتفاقية للسلام؛ وحينما تتحدث عن التحول الديمقراطي في وقت يقصف فيه النظام بالطائرات المواطنين العزل في دارفور؛ ويغتال المتظاهرين في بورتسودان؛ ويعتقل قيادات المناصير في بيوت الاشباح ؛ ويتصدي للطلبة في الخرطوم؛ وكذلك عندما تتشدق عن الحراك السياسي السلمي واستنهاض الحركة الجماهيرية الخ؛ وهي تركض وراءالسلطة؛ الامر الذي تبين في عجز البيان؛عندما تركوا كل التنظير ومعسول الكلام؛ ورجعوا الي الحساب؛ ليقولوا:
<< رأت هيئة القيادة أن نسبة المشاركة المقررة للتجمع فى السلطة وفق برتكولات نيفاشا غير مقبولة، إذ أنها لا تتناسب مع حجم مسئوليات التجمع، ولا مع حجم الأحزاب والقوى الشعبية التي يمثلها، ومن ثم أرجأت اتخاذ القرار حول المشاركة لانتظار النتائج التي تخرج بها اللجنة المشتركة لتنفيذ الاتفاقية، والمناط بها بحث هذا الأمر.>>
اننا لا نعرف ما هي مسؤوليات اشلاء التجمع ودهاقنته ولا حجمها؛ ولا نعرف تمثيله لقوي شعبية واحزاب يزعمها؛ فاذا ما استثنينا الحركة الشعبية التي اخذت نصيبها في نيفاشا؛ واذا ما راينا ان حركات دارفور تفاوض بمفردها؛ واذا راينا توصية التجمع للبجة والاسود الحرة بالبحث عن منبر لهم؛ واذا تنبهنا لاقصاء حزب الامة كونه غير عضو بالتجمع؛ واقصاء المؤتمر الشعبي من طرف النظام والتجمع؛ واذا استثنينا حزب الميرغني الذي تشلع الي ثلاثة احزلب او اكثر؛ فما هي الجماهير والاحزاب التي يتحدث عنها بيان هيئة القيادة؛ اهي جماهير حزب نقد المختفي؛ والذي كان نصيبه في اخر انتخابات برلمانية 1% من مقاعد البرلمان؛ ام هي جماهير احد اجنحة البعث المتشظي الي اجنحة لا تري بالعين المجردة؛ ام هي جماهير تيسير محمد احمد المعتقلة في حفر تنظيمه؛ ام هي جماهير بقية الفصائل ال16 المزعومة؟
في الحق فاننا كما لا نبلع الحديث عن جماهير التجمع ومسؤلياته وحجمها؛ فاننا لا نصدق البتة مسالة ارجاء التجمع اتخاذ القرار حول المشاركة في السلطة؛ لنتائج عمل لجان ما؛ فهم قد بتوا امرهم وانتهوا؛ واتخذوا قرارهم منذ اتفاق جده الانتهازي الذي طبخ بليل؛ وما هذه الا مساومات التجار وحركاتهم لرفع السعر ةتحلية الصفقة؛ وهم يعلموا انهم لن ياخذوا سوي ما عرض عليهم؛ بعد ان يتسني لهم اقصاء اكثر من يستطيعون؛ من المنافسين.
ان هذا البيان لا يحدثنا عن تلك النواقص التي اشار اليها؛ وفي الحقيقة فان كل الاتفاقية؛ بالمرجعيتين الاساسييتين التي تستند عليهما ( صققة جدة وصفقة نيقاشا) ؛ انما هي منقصة كبيرة واحدة؛ ولكننا نمشي معهم ونقول لهم وكيف تقبلوا اذن اتفاقية رفضتها اربعة من تنظيماتكم الاساسية؛ ورفضتها الغالبية من ناشطيكم؛ وكادت تشق احد احزابكم ذات "الجماهيرية" الفذة ؛ وكيف توقعوا اتفاقا لم تُحسم فيه اليات التنفيذ؛ ولمّ التراكض هكذا وتوقيع اتفاق انتم لم تجيزوه قبل توقيعه؛ وهل كانت هيئة "القيادة" تملك غير البصم؛ بعد ان وقعتم علي الاتفاق واعلنتم مواعيد الاختفال به الخ ؛ وما كل هذا الهراء والتديل؛ ان لم يكن هو الاستهبال السياسي والتجارة السياسية والالانتهازية السياسية والنخاسة بقضية الوطن في سوق الصفقات والتسويات مع عصابة "الانقاذ" المجرمة الفاشية؟

دهاقنة التجمع وقواه المتنفذة يتمخضوا فيلدوا فارا ميتا:
مما قيل اعلاه؛ نصل الي حقيقة ان دهاقنة التجمع والقوي المتنفذة فيه؛ ممثلة في الحلقة المهيمنة في "هيئة قيادته"؛ لم ترتفع مرة اخري لمستوي المسؤولية التاريخية؛ وان قراراتهم لم تكن لصالح المواطن او الوطن؛ وانما لصالح دهاقنة التجمع ونخبه السياسية وتجاره؛ وان هؤلاء قد تمخضوا وولدوا فارا؛ وفي الفئران فقد كان فارا ميتا؛ وان التجمع قد "انجز" انجازا كبيرا كما يذهب بعض المطبلين؛ ان صح استخدام كلمة الانجاز هنا؛ ولكن في مجال النخاسة السياسية والاستهبال السياسي وبيع القضايا الوطنية "والمصيرية"؛ بثمن بخس؛ وهو 14 % من مقاعد سلطة مهترئة.
نقول هنا؛ اننا لكيما نضع الاشياء بوضوح تام؛ فاننا نقصد بدهاقنة التجمع؛ وبالقوي المتنفذة فيه؛ قيادة محمد عثمان الميرغني تحديدا؛ وبعض اطراف اسرته؛ والثلة الملتفة حوله من انتهازيي الحزب الاتحادي الديمقراطي؛ وكل من يدعمه في سياساته الانتهازية؛ وهم علي التوالي قيادة الحزب الشيوعي السوداني؛ وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي؛ والمجموعة العليا لما يسمي بالقيادة الشرعية للقوات النظامية في شخص السيد عبدالرحمن سعيد ؛ والسيد فاروق ابو عيسي.
ان هؤلاء قد سقطوا سقوطا شنيعا؛ وخصوصا قيادة الحزب الشيوعي السوداني؛ والتي تلعب بالبيضة والحجر؛ حيث يساهم "طفلها" المعجزة الشفيع خضر في هندسة اتفاق القاهرة؛ والدفع بكل قواه للتوقيع عليه؛ حتي اثني عليه مفاوضو النظام؛ بينما ترسل بقية قياداته اشارات متناقضة؛ تريد ان تخدع بها الناس؛ وتعجز عن ان تعترف بانخراطها التام في التسوية؛ ولكن الفرعون العاري منكشف الان؛ والكل تابع ان قيادة الحزب الشيوعي العليا المغرمة بالبيانات؛ لم يفتح عليهم الله او ماركس بحرف؛ لتقييم نيفاشا؛ او تقييم اتفاقية القاهرة؛ او ادانة مجزرة بورتسودان؛ وانهم بصموا علي اتفاقية جدة؛ وبصموا علي انفاذ اتفاقية القاهرة؛ فليذهبوا اذن الي مزبلة التاريخ التي يحلو لهم الحديث عنها وارسال الشرفاء اليها؛ غير ماسوف عليهم؛ في معية الطائفيين والتجار الحرامية والانتهازيين من كل شاكلة ولون.
ليذهبوا اذن من فوق جراح شعبنا ودمائه النازفة؛ ليحتلوا المقاعد؛ ولياكلوا فارهم الميت الذي ولدوه؛ وليكملوا سيرة السقوط والانتهازية والاستهبال السياسي؛ وليعلنوا ان هذا ما يقدروا عليه؛ وانهم ضعيفين؛ وان من يؤيد الانتفاضة او خيارات اخري؛ فليفعلها؛ كما قال احد اكبر "ثورييهم"؛ لا فض فوه؛ السيد التجاني الطيب بابكر؛ وليتحالفوا مع اخوانهم –الاعداء؛ من شموليي الانقاذ؛ وليركبوا معهم نفس المركب الخرب؛ ويقعوا معهم في نفس المستنقع؛ لكن فليا يظنوا انهم يمكن ان يخدعونا مرة اخري؛ فقد شببنا وشعبنا عن الطوق؛ ولا قبل لهم وانقاذهم بمواجهة السيل القادم؛ والذي سيكنسهم معا جميعا لا محالة.
بالمقابل سيقبض الشرفاء من ابناء وبنات الشعب علي الجمر؛ وسيلتزموا بمصالح وحقوق البسطاء والضحايا والمقهورين من المواطنين؛ وسيواصلوا طريق النضال رغم وعورته؛ ورغم تساقط دهاقنة السياسية السودانية؛ وسيبقي طريق الانتفاضة طريقنا؛ وباب الحرية بابنا؛ ندق عليه وتدق عليه الايادي المضرجة التي نسوها وباعوها؛ وسياتي يوم العدالة والحقيقة والحرية لا محالة؛وهو اليوم الذي يرونه بعيدا؛ ونراه اقرب من حبل الوريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا