الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتائج الإنتخابات بين الواقع والطموح

لميس كاظم

2005 / 2 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أظهرت نتائج الإنتخابات ، أن ثلاث قوائم إنتخابية فقط ، هي التي أستحوذت على حصة الأسد ، أما بقية القوائم فلم يكن لها نصيب بالأصوات بما لايتانسب مع نضالها وتأريخها السياسي ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، قائمة إتحاد الشعب وقائمة عدنان الباججي ، جائتا مخيبة للأمال لدرجة فاقت التوقعات والأحصائيات التي أجرتها كل مراكز للأحصاء .
بالبداية، وقبل الغوص في تفاصيل هذا الموضوع الشائك ، لابد من التهنئة لكل الناخبين والمرشحين بنتائج هذه الأنتخابات والتأسف لمن لم يفز،عسى أن تكون الجولة القادمة أفضل، وأن يتحلى الكل بروح رياضية ، المهم أن الدرس الأول من العراق البرلماني قد أنتهى ، إذ ليس من المهم فقط الفوز بالعملية الديمقراطية، لكن الأهم هو كيفية الحفاظ عليها وتطويرها لتصبح تقليدا أساسيا في حياة العراق السياسية مستقبلاً.
النتائج التي أدهشت كل المراقبين ، هو النجاح الكاسح للقوى الدينية الأنحسار الواضح للقوى اليسارية والعلمانية، وهذه النتيجة كانت مأخوذة بالحسبان وهناك العديد من الأسباب في ذلك أبرزها:
إن البلد كان محكوم بالحديد والنارلمدة 35 سنة وكانت القوى اليسارية والشيوعية محكوم عليها وعلى عوائلها بالأعدام ، من أجل التطهير البعثي لكل ماهو يساري وتقدمي في العراق ، الأمر الذي حسر المد اليساري وقتله في فكر العقل العراقي وخصوصا الشباب منهم. هذا التغيب الدموي ، ولد حالة نفورشديد ، وعدم التقرب من الأفكار اليسارية طوال الفترة المنصرمة التي أنعدم فيها وجود اي نشاط سياسي لأي حزب يساري عامة وشيوعي خاصة.
النشاط الدكتاتوري والتبعيث القسري لإجتثاث فكر اليسارمن العقل العراقي، وحالة الفقر المدقع و الأمية العالية ، الذي مر به الشعب العراقي خصوصا في فترة الحصار ، ولد نزعة دينية لدى العقل العراقي ، لأنها أضمن طريقة للتهرب من الملاحقة البعثية ، بل أحيانا البعث نفسة، يتجة للدين في حالة الإختناق السياسي، كالحملة الأيمانية التي ينفذها البعث بين فترة وأخرى ، هذا سهل لتأسيس قاعدة دينية قوية بدون تنظيم حزبي، خصوصا بعد أن أغلق البعث كل منافذ ومناهل الفكر اليساري ونشاطه وبالوقت نفسى أغلق وخنق كل مظاهرالترفيه والترف والمودة ، إذ أستطاع البعث ان يغيير نزعة المجتمع من العلمانية الى الدينية لقناعتة بأن هذا أضمن له سياسيا وكذلك تلبية لرغبة صديق الأمس ، الولايات المتحدة، ففي التسعيتات كان اليسار والشيوعية يحارب بالسلاح الديني ، هذا ساعد على خلق مجتمع ديني قلق الأستقرار.
الضغط العالي الذي مارسة البعث على سايكولوجية المواطن العراقي من الترغيب والترهيب والتبعيث والأهانة الأعتقال وأنتهاك الأعراض ومصادرة كل حقوق المواطن والمواطنة العراقية وإستباحة البلد من كل النواحي والأنكى من ذلك غياب كامل لكل ممثلي المؤسسات المدنية في الدفاع عن حقوق المواطن والمواطنة العراقية ، أذ اصبح العراقي غير محمي قانونياً. هذا الشد والتجاوز الغير مسبوق له غير مزاج وأخلاق الشخصية العراقية وسطحت الحياة العراقية بمفاهيم بعثية ساقطة تحلل كل شيئ في سبيل توفير لقمة العيش وتحقيق الهدف مهما كانت طرقه. أن الشخصية العراقية تعرضت الى حالة غسيل سايكلوجي وأخلاقي كامل وقد نحج البعث الى حد ما في هذه المهمة. أن هذا الأنعطاف الخطير الذي مارسة البعث ضد المجتمع ولّد شخصية عراقية متعددة الأوجهة وتستطيع التعايش بسرعة مع كل الأزمنة والأنظمة وتستجيب لأي نظام سياسي قادم.
سقوط النظام السياسي بسرعة غير متوقعة، أصاب العقل العراقي بما يسمى حالة الصدمة والفزع ، هذه المسافة الشاسعة ، من أقصى المنع الى أقصى الحرية، التي تمت في زمن قصير جدا سبب أرباك فكري وأضطراب سياسي عند المواطن العراقي. الديمقراطية والوعي الإنتخابي يمر بمراحل توعية وتربية وأعداد نفسي وترويض العقل عبر فترات زمنية متباعدة لايمكن أختزالها الى شعارات وخطب سياسية سريعة.
الناخب العربي القسم الأعظم منه، هو من أعضاء سابقين في حزب البعث، الذي كان يُغدي فكريا ويصب حقده ضد اليسار عامة والشيوعي خاصة ، بحيث أن الناخب يصوت الى التيار الديني أسهل بكثير من التصويت الى التيار العلماني. بالأضافة الى ذلك الحملات المعادية للشيوعية التي تغذيها القوى الدينية والقومية.
التعددية الهائلة في الأحزاب والقوائم الأنتخابية ، فمن نظام الحزب الواحد الى نظام أكثر من 200 قائمة إنتخابية ، شتت صوت الناخب العراقي وأربكتة ،لأنه لم يتسنى له التعرف على كل البرامج الإنتخابية . الحقيقة أن الناخب العراقي لم ينتخب برنامج حزب سياسي معين وأنما أنتخب الولاء الديني والقومي والطائفي.
الحالة الأمنية الغير مستقرة ، منعت المرشحين من النشاط الأعلامي والأنتخابي ، مما لم يسمح للأحزاب الأحتكاك المباشر بالناخبين وكذلك المعلومات الأنتخابية كانت قليلة نسبياً مقارنة بالحدث الأنتخابي.
هيمنة وأستغلال رجال الدولة على الأعلام والتلفزة وحرمان الكثير من الأحزاب من حقها الدعائي في الأنتخابات.
حداثة عمر الأحزاب السياسية وفقرها للتجربة الإنتخابية البرلمانية أفقدها المناورة والوقوع في فخ اللعب والخدع الأنتخابية الدينية والقومية التي حصدت نتائج الأنتخابات.
أن الدرس الأول كان ناجحُ في حدثه ، وفتح الباب على مصراعيها لكل الأحزاب، لدراسة وتقييم هذا الدرس والأستعداد للدرس الثاني ، وهو الأصعب .
أن هذا الدرس أوضح صورة ضبابية لحالة القوة التصوتية للأحزاب العراقية، لكن هذه الصورة لايمكن أعتمادها في وضع العراق الحالي ، الغير مستقر أمنياً أقتصاديا وسياسياً وفكرياً.
أن المواطن العراقي لايزال قلق وخائف من الماضي ومتعرض لضغوط قومية وطائفية ودينية بشكل مباشر وغير مباشر تقيدهُ من أداء صوته. أن إستقرار الوضع وتحرر المواطن الأقتصادي والقضاء على البطالة وأعادة تأهليه نفسياً وفكريا وأقتصادياً سيغير الكثير من النتائج في الأنتخابات القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة