الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة -انتحال صفة مقدسة-

عبد الصمد مرون

2012 / 8 / 16
الادب والفن


بعد أن أتيت على وجبة الغذاء، صحن بكامله من العدس، مع بعض الطماطم والبصل، آلفت ارتخاء في جميع عضلات جسدي، بعد مجهود مضني طوال الصباح، وتحديدا منذ الثانية عشرة، الوقوف على مشارف دربنا، شحذ كل الحواس لرصد أي تغير يلحق حينا، ليتضح فيما بعد أن كل شيء على حاله، الأطفال في وساختهم يلعبون، العم إدريس يلعب "ضامة" مع نفسه، بعدما أوصل كل رفاقه إلى متواهم الأخير وأضحى ينتظر فقط من يوصله إلى مصيره، بعدما استغنى عن انتظار معاشه الذي لم يأتي بعد، هذا مع استثناء المتغير الوحيد في "الدوار" وربما في المنطقة، وهو أن "با البتشو" قد فتح الله عليه، واستطاع أن يضيف براكة جديدة إلى جمهوريتنا القدرة.
تركت كل هذه الأفكار التي ناوشتني هذا الصباح، ثم بدأت أبحث عن جهاز التحكم عن بعد، لأشغل التلفاز ثم وجدته بعد مشقة، شغلت الجهاز في حرص شديد، لكي لا يقع ضحية العطب بين يدي، وأرغم بعد ذلك على سماع حديث الصباح والمساء، من الجميع؛ الأم الجدة الإخوان الأب وحتى من "السبسي" رفيق الوالد الوحيد، ضبت الجهاز على القناة الأولى وهي الوحيدة التي تلج دوارنا، ومباشرة انبرى صوت المذيع منفجرا في وجهي؛ وهو يعلن أن الشعب خرج عن بكرة أبيه، ليستقبل الملك الهمام وحصانه المحترم، تذكرت أن أبي لم يشتري بكرة بعد، لذلك وجب أن أذكره، كي لا يقع تحت عقاب القانون، جميلة جدا الأنشطة الملكية، فهي على الأقل تستطيع بواسطة البياض الذي يفيض من الشاشة منافسة سواد "باركتنا"، كما أن مشهد الوجوه السود الذي تسبح صعودا ونزولا يثير في إعجابا غريبا، كما لو كان الأمر يتعلق بمقطوعة موسيقية، وتحت مفعول العدس، وجدتني أتخيل للحظةـ، أنني الجالس على ذلك الحصان البهي، ورغم أنني لم أركب في حياتي غير حمار جدي، إلا أنني بدوت لنفسي بارعا في ركوب الخيل، أتهدى جموع الجواري المخلصات لفحولتي، كان وجهي يشع نورا من أثر "الكمبا والكلامار" المصحوب بكأس نبيذ فاخر، لا من المغشوش عند "الگراب".
وبما أن الفرصة لن تسمح مرة أخرى، تفتحت مواهبي على ضرورة سن قرارات جديدة، بمناسبة هذه البهرجة التي أعيشها، من جملة هذه القرارات المستعجلة، إحداث وزارة جديدة، سأطلق عليها اسم وزارة "البراكة والروبيني" ستعنى هذه الوزارة الجديدة بهدم جميع البراريك، داخل الوطن وخارجه، لتبني في أخر المطاف "براكة" كبيرة تستوعب جميع السكان، كما ستصدر قرارا خاصا أُعفى بموجبه لاعتبارات العهد الجديد، من طابور السقي، فمتى حضرت يحق لي تحت حماية القانون أن أسقي قبل الجميع، مع استثناء نورة بنت المعلم "سليمان"، يحق لها أن تسقي قبلي، بعد ذلك سأمنع أكل العدس في جميع التراب الوطني، بل سألغي كلمة عدس، التي تزدحم بها مقرراتنا الدراسية، سأكلف "شميشة" وزارة الأكل كي تحرص على انتقاء الأطعمة لي لأتخلص بذلك من عقدة بركاش سابقا وشميشة لاحقا، لن أنام بعد الأن على الحصير، سأنام فقط على البصمات، لأنني سأراكم جميع الأفرشة الحاملة لشارة البصمة، وأنام عليها دفعة واحدة، أنام عميقا عميقا...، في هذا الجو داهمتني دغدغة خفيفة أيقنت أنها من إحدى الجواري، اشتدت الدغدغة، انقلبت لكمة على الرأس، ثم على وجه، انتفضت واقفا، طار أثار النوم، كانت الغرفة ممتلئتا بوجوه شاحبة، فجأة أتاني صوت مجهور: هذا يا سيدي انتحل الصفة المقدسة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لن نسيسلم
سامى الوينى ( 2012 / 8 / 16 - 19:47 )
من الاشياءالتى تدعوالى الاسىاننسبة الاميةفىمصربلغت55فى المائاةحسب اصدارالاممالمتحدةهذا بالاضافةالى الاميةالسياسية التىتبلغ80فةالمائةلذلك يسهلخداع شعب اغلبيتة من الاميين الذين يصدقون كل ما يسمعونة وقد احسنت الفاشية الدينية استغلالهذة التلحية لمصلحتها وافهمت الشعبانها تحكمبامراللة ومن يخالفها يعصى امر اللة ويجب قتلة.الشىءالاخر ان اليسار المصرى فى تراجع مستمربسببالتضييقالميت علية وكذلك بسبب ان عبد الباصر لعنة اللة لعب الدور الاساسى فى سحق اليسار وخاصى الحزب الشيوعى المصرى..واشاع الخوف والرعب فى نفوس الجماهير وهوالذى استطاع ان يقيم حاجز الخوف الرهيب والذىكسرتة ثورة يناير ...وقدترك مبارك تلك العصابة لتنموولكن تحت ضوابك معينة لتكون فزاعةللشعب..

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان