الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احمد الجلبي - الإختراق الجميل والمرشح الأفضل لرئاسة الوزارة العراقية

كامل السعدون

2005 / 2 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الحقيقة ، لا يستطيع أي عراقي منصف إلا أن يعتز بالدور الرائد للسيد الجلبي في تحريك عجلة التحرير الأمريكية الجبارة التي أطاحت بإشرس نظام طائفي شوفيني قبلي قومي دموي في العالم ، إلا وهو نظام المقبور صدام حسين ، ( ولا زال أملنا كبيرا في تلك الآلة المباركة في أن تكمل مشروعها الحضاري الإستراتيجي ، في إزاحة بقية الأنظمة الظلامية والقومجية في المنطقة ، كإيران وسوريا ، تمهيدا لحصول التغيير سلميا في بقية أجزاء الشرق العربي المتخلف ) .
ورغم إستغرابي الشديد للتحول الغريب الذي حصل لدى السيد الدكتور الجلبي عقب بضع أشهر من التحرير ، حين بدأ بالتوجه صوب إيران ، ثم توالت ردود الأفعال الأمريكية والعراقية الرسمية السلبية عليه بشكل متواتر متسارع ، أقول رغم هذا بل ورغم دعوته لفيدرالية الجنوب الشيعية ، فإني لم أستطع أن أستوعب مسألة أن ينقلب وهو العلماني الذي عاش في الغرب ما يفوق النصف قرن ، وتثقف وتعلم في أرقى جامعاته ، وحقق النجاحات الأقتصادية الكبيرة ، وأقترب من مراكز صنع القرار السياسي والأستخباراتي الأمريكي ، وأمكن له أن يقنع البنتاغون والكونغرس في اصدار قانون تحرير العراق ثم تنفيذه لاحقا ، لا يمكن أن ينقلب و يقفز وهو الذكي في السياسة كما الأقتصاد من بارجة الأمريكان النووية الآمنة إلى الزورق البدائي الإيراني المهلهل المتعب الذي وقوده الدعوات والأبتهالات ، والمشكوك في بقائة بضعة أعوام أخرى .
مستحيل ، ليس الجلبي من يفعل هذا ، ولو كان هناك شيعيا علمانيا يمكن أن يفعلها لكان السيد علاوي أو الشعلان أو حتى المئات من قادة وزعماء القبائل الشيعية الجنوبية في الديوانية والسماوة وغيرها ، إنما السيد أحمد الجلبي ...مستحيل ...بل من سابع المستحيلات ...!
لا ...بل هو إختراق إستراتيجي جميل مبارك ، نحن والشيعة في المقدمة منا ، بأمس الحاجة اليه من أجل سلامة ووحدة العراق .
إختراق من قبل الأمريكان للإيرانيين عبر البوابة الشيعية العراقية ، بدأت بزيارة إيران ضمن الوفد الأقتصادي الكبير عقب التحرير ببرهة ، ثم تواصلت بالتودد للسيستاني ومقتدى الصدر ، ثم الزيارات المستمرة للجنوب والتقرب من حزب الله العراقي الإيراني ، وأخيرا الدخول في قائمة السيد السيستاني ، والتي كانت الوحيدة المؤهلة لنيل الأغلبية .
لقد أدرك الأمريكان باكرا ، إن الأنتخابات ( والتي ما كان بودهم أن يسمحوا بها في هذا الوقت المبكر من التحرير ) ، أنها لن تؤتي بما يشبه أحزاب الإشتراكية الديموقراطية في اوربا أو اليابان ، ولا بأحزاب وسط أو يمين ، بل وحتى يسار ، لأن الأنظمة الفاشية ، لا يمكن أن تعمر إلا على جماجم اليسار واليمين والوسط بذات الإن ، فكيف والعراق أصلا لم يعش منذ نصف قرن حياة سياسية طبيعية يمكن أن ينتج عنها أحزاب سياسية ذات توجهات وبرامج اقتصادية وثقافية وسياسية سلمية راقية .
وبالتالي ، فهذا هو الموجود ، أحزاب قومية كردية وأحزاب طائفية سنية وشيعية وأحزاب عرقية مسيحية و...و...و...الخ .
هذا هو ما ورثناه من نظام قهر الأعراق والطوائف والقوميات ....!
إذن فالنتيجة الإنتخابية محسومة سلفا لأهل الدين من الشيعة والسنة ، أما أحزاب البرنامج الوطني ، وهي بالعشرات فإنها فشلت فشلا ذريعا ، وإذن ليس أمام الأمريكان إلا أن يمرروا من الشيعة أكثرهم علمانية ووطنية وأبعدهم عن الطائفية ، وليس في اليد أجمل وأرقى وأقوى من هذا الذي سعى لدى الأمريكان باكرا لأسقاط صدام حسين وأتفق معهم على التفاصيل حتى الدقيقة منها ، في الوقت الذي كان السيد الحكيم وجماعته وآخرون لا زالوا يتلقون التدريبات العسكرية والسياسية في معسكرات الحرس وأروقة المخابرات الإيرانية .
وبزغ نجم السيد الجلبي مجددا ، وأظنه بصراحة الخيار الأفضل لأخوتنا الشيعة في هذه المرحلة بل وفي إنتخابات نهاية السنة ، إذا شاؤا أن يحفظوا حقوقهم ويحفظوا للعراق وحدته ، ويتخلصوا من التدخل الإيراني وبذات الآن يحفظون للأمريكان جميل صنيعهم وتضحياتهم الجمة ، ويتركوهم يكملوا بسلام برنامج إعمار العراق ودمقرطة الشرق الأوسط ، حتى وأن كان ذلك على حساب خسارة الحكم الثوري الإسلامي الإيراني المتعفن الذي لا نظنه سينفع شيعتنا من قريب أو بعيد ، كما ولا نظن أنه يمكن أن يستمر طويلا .
أظن أن من العدل والحكمة أن يكلف السيد الجلبي برئاسة الوزارة وللأسباب التالية :

1- الرجل الجلبي ، رجل أقتصاد أولا ، وله أطلاع على الرموز الإقتصادية الفاعلة في العالم ، إذ هو ذاته كان مالك مصرف ، وبالتالي فهو قادر على إنقاذ الأقتصاد العراقي ، تماما كما فعل المرحوم الحريري في أنقاذ الأقتصاد اللبناني ، بفضل خبرته وأمواله وعلاقاته ، والسيد الجلبي لدية الخبرة والمال والعلاقات ، وإن كان العراق اصلا ثريا ولا يحتاج لملايين السيد الجلبي ، ولكن الرجل يعرف كيف يوظف تلك الثروة ، وهذا ما لا نظن أن السادة الآخرين قادرين عليه .

2- السيد الجلبي ليس لدية أي خلفية لشبهة طائفية او آيديولوجية عروبية أو غيرها ، بل هو رجل براجماتي واقعي وطني ، نظيف اليد بالكامل ، وبالتالي فمثله يمكن أن يكون الوجه الناصع للشيعة في هذه المرحلة الدقيقة من الأحتقان الطائفي والعرقي القائم في العراق .
الشيعة الأحبة ، بحاجة إلى وجه يمكن أن يقبله الآخرون بلا قلق كبير ، خصوصا في هذه المرحلة ،وإلا هل نتنكر لملايين العراقيين الآخرين ومنهم شيعة ايضا يخافون من التمدد الإيراني ومن زج الدين بقوة في السياسة ، مضافا إلى ملايين النسوة العراقيات اللواتي يتعرضن لتهديد مرعب من قبل إيرانيو العراق والمتأثرون لحد الآن بالثورة الإيرانية ( رغم إن نارها موشكة على الخمود ) ؟ .

3- السيد الجلبي رجل العراق لدى الأمريكان ، ونحن بحاجة لطمأنة الأمريكان إلى أننا لسنا متنكرين لهم وللتحرير الذي أنجزوه بدماء ابنائهم وبملياراتهم التي تجاوزت المئات ، وبالتالي من الضروري أن نحافظ على الود معهم لكي لا يتركونا لا سمح الله للعربان والإيرانيين فيجددوا الذبح فينا .

4- السيد الجلبي يمكن أن يكون موثوقا به من قبل الشيعة من حيث أنه لديه برنامج جاد لتصفية البعث ، وهذا ما ينفس عن مكبوتات الملايين من أسر الضحايا من الشيعة ويطمأنهم إلى أن الدماء التي سالت أنهارا عبر أكثر من ثلاثين عاما ، لن تذهب هدرا إذا ما تم تكليفه برئاسة الوزارة ، بذات الوقت الذي سيكون للقانون والدستور الحكم الفاصل في قضايا الإجتثاث ، بحيث لا يغدر بريء ، ولا يهدر دم مظلوم خارج إطار المحكمة ، وهذا ما يمكن أن يتعزز لا سمح الله ، فيما لو إن رئاسة الوزارة أستقرت بيد من هو قريب من إيران أو من تعرض هو وأنصاره للظلم المباشر أيام صدام ، وإلا أو يقدر السيد الجعفري أو عبد المهدي أن يمنع أنصاره من الإنتقام خارج إطار القانون ، فيما لو إن واحدا منهما نال رئاسة الوزارة ، أو أيقدر إي منهم أن يمنع إيران أو المرجعية من التدخل أو أن يغضبها ويغضب كوادر حزبه وجمهوره فيما لو إنه عقد أتفاقات إستراتيجية مع الأمريكان ؟ .
5- رغم أن للسيد الجلبي أزمة مع الأردنيين ، فإنه يمكن أن يكون مقبولا لديهم كما ولدى الآخرين من العرب ، بعكس ما لو أعطيت الرئاسة لمرشح من الإسلاميين ، وأظن أن الضغط الأمريكي على الأردن يمكن أن يفضي إلا تسوية الأزمة بشكل مشرف للطرفين ، في حين أزمة صعود رمز شيعي إسلامي لا أظن أنها قابلة للحل بسهولة ، لأن هناك إيران إلى الشرق من العراق والمنطقة العربية عامة ، والرعب من إيران لا يعادله رعب لدى الأردنيين كما والسعوديين والمصريين والخليجيين عامة .

5- السيد الجلبي ، رمز سياسي حضاري يمكن أن يُقبل أوربيا وروسيا وعالميا بشكل عام من قبل دوائر المال والاقتصاد والسياسة ، بعكس الآخرين ممن لا يمكن أن يأمن لهم الأوربيون ( والذين أكتووا بنار الإرهاب الإسلامي ) .

أظن أن السيد الجلبي هو رجل المرحلة ورجل الشيعة الأصلح في هذه المرحلة وأعتقد أنه سيفيدهم كثيرا كما ويفيد جل العراقيين ، لأنه متحرر من الأيديولوجيا والقومية والطائفية والشعور الفائق الحساسية بالمظلومية ، ولأنه رجل علم وعمل لا تنظير ولا عبادة ولا خلط بين الأزمنة والامكنة والضروريات ، كما هو حال الأخوة المرشحون الآخرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحيفة إيرانية تلوح بنظرية المؤامرة في تحطم مروحية الرئيس الإ


.. تعرف على ظاهرة “الدوكسينغ- التي يستخدمها مؤيدو إسرائيل لحرب




.. سوناك يدعو لإجراء انتخابات مبكرة في بريطانيا خلال يوليو المق


.. جثامين الشهداء متناثرة فيها.. الاحتلال يفرض حصارا على معظم ش




.. شاب يطعن شقيقته خلال بث مباشر على -الإنستغرام-