الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماكينة الإخوانية

سعد الله خليل

2005 / 2 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


لم يكن تيسير علوني (الإخواني) الهارب من سوريا منذ أوائل الثمانينات، بعد سلسلة من أعمال العنف والقتل والإرهاب، تورط فيها جماعة الإخوان المسلمين، وروعت جميع المواطنين في أغلب المدن السورية، وطالت فيما طالت المؤسسات المدنية، والحافلات المكتظة بالمسافرين.
لم يكن هذا الرجل، وشريكه الشولي في (قندهار)، الذي كان يصف قوات التحالف ب (الكفار)، يتمتعان بالمصداقية في عملهما الصحفي خلال تغطيتهما لأنباء المعارك والحرب ضد نظام (بن لادن- طالبان) في أفغانستان. وتحيزهما كان واضحا جليا، لم يسعيا كمراسلين صحفيين لإخفاءه أبدا، رغم ادعائهما الحياد. وكانا ينقلان الأخبار بصورة مزيفة مشوهة، مخالفة للحقيقة، وتحريضية، ولا يخفيان عواطفهما وتعاطفهما مع ذلك النظام الدموي القمعي الأسود المقبور، وأيتامه الإرهابيين الذين احتلوا أثناء الحرب، المدارس والمستشفيات، للاحتماء بها، وحولوها إلى مقرات لإقامتهم ونومهم وقياداتهم وعملياتهم. فإذا قُصف مقر من هذه المقرات، شهد (علوني): أن القصف طال مدرسة، أو مستشفى، وأن الضحايا عشرات القتلى والجرحى من الأطفال والمرضى. وإن قُصف معسكر للإرهابيين، أشاع (علوني): أن قرية لا أثر فيها للمقاتلين قد قصفت، وأن القتلى شيوخ ونساء وأطفال.
لقد عتم، وتكتم (علوني) على ما قامت به جماعة بن لادن وطالبان من سلب ونهب للبنك المركزي وباقي المؤسسات الرسمية الأفغانية، عشية سقوط كابول بأيدي قوات التحالف ومسعود، وهروب هذه الجماعات إلى قندهار، ولم يقر (علوني) بهذه الجرائم، إلا بعد أن ألقت القبض عليه أثناء هروبه من كابول، إحدى القبائل المعادية لطالبان وبن لادن، في رسالة إخبارية على الهواء مباشرة، أرسلها للجزيرة، ولم تُعاد إذاعة هذه الرسالة فيما بعد أبدا. وبنفس الطريقة تصرف (علوني) في بغداد، قبيل سقوط صدام وأيتامه ونظامه المقبور.
لقد استطاعت الماكينة الإعلامية للإخوان المسلمين، رغبة منها في نفي الاتهامات، وإبعاد الشبهات، أن تعبئ الكثير من الأشخاص والهيئات والمنظمات، للتظاهر، وعقد المؤتمرات والندوات، للمطالبة بإطلاق سراح المحسوب عليها تيسير علوني، قبل أو دون محاكمته، والمعتقل في أسبانيا بتهمة التواطؤ أو التنسيق مع خلايا إرهابية، مرة باسم حرية الصحفيين، ومرة باسم حقوق الإنسان، وأخرى باسم الرأفة والرحمة الإنسانية، بالنظر لحالته الصحية، ولكن ما يثير الدهشة والاستغراب أن تتمكن الماكينة الإخوانية من استقطاب كتائب شهداء الأقصى، وتلحقهم بقائمة المطالبين، بالرغم من أن هذا الأمر خارج مهامهم، ولم يكن يوما في دائرة اهتماماتهم.
حتى وزير خارجية قطر، طالب الحكومة الأسبانية بإطلاق سراح تيسير علوني، مقابل تعاون المتهم مع المحققين! مما يعني أن المتهم سلبي في التحقيق، يتكتم أو يرفض الإجابة على أسئلة المحققين، ولعله يضللهم بخصوص ما يعلمه عن الإرهابيين، وسر علاقته بهم، إن في أسبانيا، أو غيرها من الدول الأوروبية.
وإذا كان للسيد الوزير عذرا وهدفا من إطلاق سراح (علوني) يتمثل في إنقاذ سمعة قناة الجزيرة- باعتباره أحد أو أهم المالكين لأسهمها- مما قد يلحق بها، فيما لو حكم على أحد موظفيها بتهمة الإرهاب. فما هو عذر وهدف كتائب شهداء الأقصى التي ترفع شعار فلسطين، ولا شيء غير فلسطين؟
هل تيسير علوني مذنب أم بريء؟
لا أحد يستطيع أن ينكر تعاطف (علوني) مع نظام (بن لادن- طالبان) في أفغانستان، ودفاعه المستميت عن هذا النظام الذي لا يرى فيه سوى الإيمان بالله، والالتزام بتحقيق العدالة والحرية والكفاية للناس، كما ظهر ذلك جليا في خطابه على (الجزيرة)، في حلقة من حلقات الاتجاه المعاكس عام (2000) جمعته مع حميدة نعنع. وأيضا دفاع زوجته على شاشة (الجزيرة) بعد هروبهما من أفغانستان، عن القوانين التي سنها الإرهابيون، وكانت تحكم المرأة الأفغانية وتقيدها وتستبد بها في أفغانستان. فهل كان (علوني) صادقا في أقواله وعواطفه؟ أم أن صورته وخطابه آنذاك، كانا مزيفين، على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، لكسب ود القاعدة وطالبان، ليقبلاه دون غيره مراسلا للجزيرة في وقت رفضوا فيه، ومنعوا دخول أي صحفي سواه إلى أفغانستان؟ وهل كانت له علاقات تنظيمية لوجستية مع هذه الخلايا الإرهابية؟ أم أنها محض علاقات مهنية صحفية؟
لماذا يرغب الأخوان المسلمون بمنع محاكمة تيسير علوني؟ ولماذا يستبقون الأحداث، ولا ينتظرون القضاء الأسباني ليقول كلمته في هذه القضية؟ هذا القضاء الذي أشاد تيسير نفسه، بنزاهته وعدالته مرات عديدة، وفي كل المناسبات.
إن كثيرا من الصحفيين قد عرضوا حياتهم للخطر من أجل المعلومة الصحيحة والخبر اليقين، أو من أجل تحقيق سبق صحفي. وكثيرون منهم، استدرجوا، وخُطفوا، وقطع الإرهابيون رؤوسهم، ومثلوا بجثثهم، إن في العراق أو في الباكستان. وما زال بعضهم يرزح تحت نير الاعتقال، وبطش التعذيب، وجشع الابتزاز. وكل ذلك لم يردع هؤلاء الصحفيين الشجعان، من المضي في اقتحام المخاطر، للحصول على الخبر الصحيح، وكشف الحقيقة، بعيدا عن الآراء الخاصة، والعواطف الشخصية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-