الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المربع قبل الأول

مجدي مهني أمين

2012 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لا نجد عنواناً يصف ما نحن فيه الآن إلا "المربع قبل الأول"، فكان يمكننا أن نصف ما نحن عليه بالعودة للـ"المربع الأول" لو كنا أمام حكومة تتصرف بمنطق عصر مبارك، في الواقع نحن أمام حكومة تتصرف في بعض خياراتها – مع الفارق- بمنطق عصر عبد الناصر..

- ما الفرق الجوهري بين عصري مبارك وعبد الناصر؟

عصر مبارك كان بلا مشروع كبير،أو فلنقل عصر بلا مشروع، وبهامش من الحرية يسمح بالتظاهرات والنقد في الصحافة والقنوات الفضائية ببعض الخطوط الحمراء، والمحافظة على السلام مع إسرائيل، وفوق هذا وذاك كان عصر فساد، ولعل الخطوط الحمراء كانت لرعاية هذا الفساد المتفشي في كافة أجهزة الدولة من كبيرها لصغيرها.

أما عصر عبد الناصر فكان عصر المشروع السياسي الكبير، مشروع القومية العربية، وعصر المشروع التنموي الكبير؛ عصر السد العالي والنهضة الصناعية والزراعية، كما كان أيضا عصر قمع الحريات وتكميم الأفواه تكميما تاما، لا خطوط حمراء ولا بيضاء، وكان عصر الصدام مع إسرائيل، تلك التي جرتنا لحرب قضت على مشروعي عبد الناصر: قضت النكسة على القومية العربية وعلى مشروع النهضة الصناعية والزراعية.

وفي زمن الإخوان نحن مقبلون على عصر أقرب لعبد الناصر منه لمبارك، نحن مقبلون على قمع للحريات وتكميم الأفواه، والعمل على غلق القنوات المعارضة للرئيس، كما أننا أمام مشروع سياسي كبير: مشروع الدولة الإسلامية التي تتخطى حدود البلاد، والذي يلزم له بالضرورة أن يدخل، آجلا أم عاجلا، في الصدام مع إسرائي؛ العائق الجغرافي والثقافي أمام المشروع.

هذا مع حديث لدولة الإخوان عن مشروع للنهضة، وكلا المشروعين: ناصر والإخوان، دار حول قناة السويس، ناصر أممها كي يبني من مواردها اقتصاد بلاده، والإخوان يفكرون في بيعها كي يبنوا من ريعها مشروع النهضة الخاص بهم، الأول استردها والثاني يبيعها، هذا مع العلم أن الإخوان لا يملكون حق هذا البيع، أو الانتفاع، لأي دولة أخرى دون العودة للشعب، لأنهم حكومة الشعب.. وهنا التشابه بين دولة الإخوان وناصر والسادات ومبارك في أنهم جميعا رأوا أن الشعب ملك لهم ؛ أكثر من أنهم حكومات في خدمة الشعب، فالقاسم المشترك بينهم جميعا أنهم رأوا في أنفسهم حكومات أبدية، تبيع وتشتري وتنتخب وتبقى دون معارضة ودون تداول للسلطة، سلاحهم القهر والقمع وتكميم الأفواه وباقي الوصفة لممارسات الدولة المستبدة.

نحن نعود لممارسات عصر عبد الناصر، الفارق، أن أهداف عبد الناصر كانت وطنية، وأهداف الإخوان إخوانية، عصر يعطى كافة المناصب لذوي الثقة على حساب الكفاءة؛ ثقة الجماعة هذه المرة، ستتراجع الشفافية حتى تختفي، وتشتد قبضة الدولة على مقدرات الناس، وتُفتح المعتقلات للمثقفين والمعارضين سياسيا، بل حتى للمشتبه فيهم كنوع من الخطوات الاستباقية، ومع تراجع الشفافية وظهور المعتقلات، يتراجع القانون، ألم يحاول الرئيس مرسي ان يعيد مجلس الشعب المنحل بقرار مخالف لحكم المحكمة الدستورية، والآن يسعون للنيل من بعض رموز السلطة القضائية كالمستشارة تهاني الجبالي.. نفس الصدام بين عبد الناصر ومجلس الدولة بسبب دعوة عبد الرازق السنهوري بعودة الحياة البرلمانية وعودة الجيش لثكناته.

أسس عبد الناصر لنظام ديكتاتوي بقيادة الحزب الواحد- هيئة التحرير ثم الاتحاد الاشتراكي، ولم يخرج السادات ولا مبارك عن فيادة الحزب الواحد، الحزب الوطني، وثار الشعب وخلع مبارك عندما تفاقم الحكم الديكتاتوري وأسفر عن فساد غير مسبوق.

الفساد استنفر الثورة أكثر من الديكتاتورية، حتى بعد النكسة، وبعد خطاب التنحية، خرجت الجماهير تطالب بعودة ناصر، الجماهير أحبت الديكتاتور، وطنيته وإخلاصه وطهارة يده وانحيازه للفقراء غفرت له ديكتاتوريته وانفراده بالحكم، ولكن الجماهير لم تكن تدري أن الديكتاتورية هي البيئة الصالحة للانتهازيين والوصوليين، بيئتهم على خجل في البداية ، ثم بلا خجل ووضوح وبكل تبحج في عصر مبارك.

وثار الناس على هذا الفساد المتبحج، وكأن الناس لم يثُروا لأنهم يُسرقون، بل لأن السارق لم يعد يأبه بهم، لم يعد يأبه إن كانوا يعرفون أو لا بعرفون أنه سارق، وأصبح الحديث عن التوريث حديث عادي، عيني عينك، وهنا ثار الناس من أجل عدم الإكتراث بهم، ثاروا من أجل كرامتهم وخلعوا مبارك.
نحن أيضا في الـ "مربع قبل الأول" لأن الإخوان عازمون أن يعودوا بنا لما قبل عصر عبد الناصر، فإن كان مشروع عبد الناصر هو الحداثة، فالإخوان يتبون مشروعات في الحكم تعود للقرون الوسطى، اليوم يرسون قواعد الحكم الشمولي، وغدا ينبت الفساد ، فالحكم الشمولي وتكميم الإفواه وعدم الشفافية والتخويف هم البيئات الصالحة للفساد..

فهل سننتظر حتى يتفاقم الحكم الشمولي وينبت الفساد كي نثور وقتها ونخلع الإخوان، أم سنعدل اليوم مسار حكم الإخوان لنضمن الشفافية والديمقراطية وحرية التعبير والتداول الحقيقي للسلطة؟

ملحوظة 1: ما يحدث في إيران لا يمثل تداول للسلطة فهم ينتقلون من رئيس لرئيس آخر يأتي لهم من تحت عباءات حكم الملالي..
ملحوظة 2: يمكن ليوم 24 أغسطس، بتضافر الشباب والرموز، أن يقدم إجابة مفيدة لإنقاذ الثورة من مطب الحكم الشمولي المتربص بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا