الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور والأقباط

رفعت السعيد

2012 / 8 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



وفيما ينهمك البعض فى محاولات فرض دستور يعبر عن وجهة نظرهم وحدهم دونما نظر لمصر، التى تحتاج إلى دستور يحمى حقوق كل أبنائها وعلى قدم المساواة بغض النظر عن الدين أو المعتقد أو الجنس أو الوضع الاجتماعى. نعود إلى وثائق دستور ١٩٢٣ نراجعها فى أسى إذ نكتشف أننا نتراجع وبفعل رؤى أعتقد أنها ليست صحيحة بعيداً عما كنا عليه من تقدم وليبرالية وحفاظ على الوحدة الوطنية.

ونقرأ فى الأعمال التحضيرية لدستور ١٩٢٣:

■ سعادة محمد على باشا: ليس فى تمثيل الأقليات بدعة مطلقاً. وأرى أن هذا جوهرى لحفظ وحدة الأمة المصرية.. وأتقدم بالاقتراح التالى «يجرى الانتخاب العام بالطريقة التى قررناها فإذا أسفرت النتيجة عن انتخاب عدد يتفق مع نسبة الأقليات انتهى الأمر، وإلا أجريت انتخابات يشارك فيها المسلمون والأقباط معاً لانتخاب العدد اللازم من الأقباط».

■ حضرة عبدالحميد بك بدوى: «إن تقديم التمثيل على هذه الصورة يحيى فكرة التعصب التى نرجو أن تمحى. نريد سياسة قومية خالصة لا تلتفت فى طريقها إلى الأديان وإنما لمصلحة الوطن. أرجو ألا نضع نظاماً يشطر عناصر الأمة إلى أقليات وأكثريات» (الدستور- الأعمال التحضيرية- الجزء الأول- صـ٢٠). وفى الجلسة التالية «٧مايو١٩٢٢» بدأ حسين رشدى باشا رئيس اللجنة النقاش من جديد قائلاً: «ورد تلغراف من المحامى وديع صليب بالمنصورة يقول إن الأقباط قبل المسلمين يعارضون تخصيص مراكز برلمانية للأقباط الذين لا يقبلون ضمانات خاصة لمصالحهم خلاف الضمانات الممنوحة لكل الشعب المصرى».

■ حضرة توفيق بك دوس: كان المتبع فى انتخابات مجلس محلى بندر أسيوط أن ينتخب ثلاثة مسلمين ورابع قبطى، وفوجئنا فى المرة الأخيرة بانتخاب أربعة مسلمين فحدث امتعاض شديد، فرجونا محمود بك بسيونى أن يستقيل ليحل محله قبطى وكان ترتيبه الخامس. ثم أعلن دوس تأييده للتمثيل النسبى «صـ٢٥».

■ حضرة إلياس عوض بك: نحن نشعر بشعور الأقباط فإن حُلت المسألة لغير مصلحتهم نتج عن ذلك امتعاض شديد.

واستمر النقاش وانقسم أعضاء اللجنة إلى فريقين، فريق يؤيد التمثيل النسبى «أنبا يؤانس- توفيق بك دوس- على المنيلاوى بك- محمد على باشا»، وفريق يعارضه «عبدالحميد بك بدوى- محمود بك أبوالنصر وعدد من الأقباط».

وفى جلسة ٢٥ أغسطس ١٩٢٢ قررت أغلبية لجنة الدستور رفض اقتراح التمثيل النسبى.

وهكذا مسلمون وأقباط أيدوا، ومسلمون وأقباط عارضوا. وألح علىَّ سؤال أصابنى بأرق: هل أخطأ الأقباط الذين رفضوا التمثيل النسبى؟

وأتت إلى خاطرى إجابة مريحة لأنها إجابة مصرية: لم يخطئوا. وإنما الخطأ يأتى إلى الأقباط الذين يكتفون بالأنين والشكوى من التمييز، ولا يمدون يداً حاسمة وجماعية للعمل المشترك والموحد للقوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية التى تناضل من أجل دستور يحقق دولة مدنية حقاً تحمى حقوق الجميع على قدم المساواة: النساء كالرجال، المسيحيون كالمسلمين، الفقراء كالأغنياء.

وبدلاً من الترحم على أيام ١٩٢٢ تعالوا لنعمل شيئاً للمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم مع التنويه
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 18 - 08:25 )
طرح موضوعي ويستحق الاحترام والتفكًّر
مع ضرورة التنويه والتشديد الى ما ذكرته في الفقرة الأخيرة
فلا يجوز أن تُهمّش الأقليات ولا يجوز لها أن تكون مثل مسمار جحى


2 - الوطن أهم من الدين
محمد زكريا توفيق ( 2012 / 8 / 18 - 23:51 )

الوطن أهم من الدين، الوطن ثابت أما الدين فمتغير. الوطن
(Hardware)
،أما الدين فهو
(Software).
الوطن حقيقة ملموسة، أما الدين فخيال وتهيؤات. إنك تستطيع أن تحيا بدون دين، لكن بالقطع لا تستطيع أن تحيا بدون وطن. الدين إذا خرج عن كونه علاقة روحانية بين الرب وعبده، أصبح أداة ظلم في يد الحكام والطغاة. أوروبا لم تتقدم إلا عندما حمت نفسها وتحصنت ضد الأديان، وعندما روضتها وحصرتها داخل الكنيسة والجامع والمعبد.
نحن لن ينصلح حالنا إلا عندما نلغي المادة الثانية من الدستور بكل شجاعة، وعندما نعلي قيمة الحق والعدل والحرية والمساواة بين بني البشر، وهي قيم فشلت في تحقيقها الأديان، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين. هذه بديهيات من العار أن نظل نرددها ولا تجد سميع أو مجيب.

اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ