الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأس العصفورة

رائدة زقوت

2012 / 8 / 18
الادب والفن


رأس العصفورة
شعور غريب ذلك الذي واكب قراءتي لذلك الكتاب، لا أعرف وصفاً يوفيه حقه، غرابة ..تقزز ..ألم ..، صور شتى من الماضي عادت لتتماسك متشابكة الأيدي لتعمل على حصار عقلي وروحي في تلك المساحة الضيّقة.
أعادتني للمربع الأول عندما بدأ رأسي بالتضخم، في بداية الأمر فرحت أمي كثيراً بهذا التضخم وخاصة أنه كان يضيف لي مسحة جمالية مميزة وفريدة، ثم تحول فرحها فجأة لكابوس كان يقضّ مضجعها ويحيل نهارها لليل مدلهمّ السواد ، كانت تنظر صوبي وتقول متحسرة: لن تتزوجي ....لن يرضى بك رجلٌ مهما كان وأنت بهذه الحالة، وهذا الشكل الغريب، كنت أستمع لها بلامبالاة فأمر الزواج لا يعنيني لا من قريب ولا من بعيد، كانت مشكلتي أكثر تعقيدا وأعمق رؤية من مجرد الزواج والإنجاب، كانت المشكلة تحديداً في رأسي ذلك المتضخم المشوّه، كنت أتساءل ماذا لو طالبت بتغييره ؟؟..أو تحديدا ماذا لو طالبت الطبيب بإجراء جراحة تجميلية له بحيث يعمل على تفريغه أولاً ..، ثم يقوم بقصّ الزوائد التي نبتت على أطرافه، وأحالته من رأس طبيعي جميل لهذا الشكل البشع .
تخيلت الطبيب وهو يقوم بتفريغه في وعاء، ويرمي ما يستأصله منه مع بواقي الأجنة والزوائد الدودية والكلى المستأصلة من المرضى، أرعبني المشهد بكافة تفاصيله، حاولت إلغاء المشهد والعودة للتفكير بأن الاستئصال سيصبّ لا محالة في صالحي،" سأعود تلك الجميلة التي يتقاطر العرسان على بيتها علَّ أحدهم يظفر بها ويعود منتصراً للقفص الزوجي وقد أحضر العصفورة "، مهلا هل قلت عصفورة ؟؟!! ...يا لها من نهاية سعيدة! سأطلب من الطبيب نحت رأسي؛ ليصبح في حجم رأس العصفورة، بذا سيكون القفص مريحاً، ولن أفكر بغيره، ذهبت للطبيب مسرعة؛ حتى لا تفوتني فرصة التحول لعصفورة، دخلت لغرفة الفحص بعد جهد وانتظار، جلست قبالة الطبيب المأخوذ بمشهد ذلك الرأس المشوه، بعد معاينة وفحوصات عدة، قال لي: الجراحة لن تجدي بتفريغ الرأس من محتوياته ولكن بالإمكان إضعاف طاقة تلك المحتويات، وزرع محتويات جديدة والعناية بها؛ حتى تنمو وتكبر فتأخذ مكان الأولى التي تضعف، وبهذا سيعود رأسك تدريجياً لوضعه الطبيعي، والمسألة لا تحتاج لوقت طويل، وافقت وبدأ الطبيب في زرع تلك المحتويات الجديدة، وإضعاف المحتويات الأصلية التي سببت لذلك الرأس تشوهه واعوجاجه، ما أن مضت شهور قلائل على تلك العملية, حتى عاد رأسي لطبيعته وعدت تلك الأنثى الجميلة – الحمد لله – لم تفتني فرصة التحول إلى عصفورة في قفص ذهبي؛ لأكون ملكاً لأحد محبي اقتناء العصافير الجميلة، أمي سعدت جداً برأسي الجديد، وكانت تحيطه برعاية خاصة، أفراد الأسرة كانوا أيضاً سعداء بهذا الرأس الجديد، لم يتركني أفراد الأسرة أنفرد بنفسي ولو قليلاً، كانوا يتناوبون على البقاء معي طوال الوقت، وكأن الجميع بات مرعوباً من مجرد فكرة عودة ذلك الرأس الغريب لي، تماشيت مع الرأس الجديد، وبدأت أجيد تنمية المحتويات الجديدة واستخدامها كما يجب، بعد مضي فترة من الزمن أنس أفراد الأسرة لاستقرار وضع ذلك الرأس، ولتجاوبي معه والعيش ضمن نطاق محتوياته بسلام وسعادة، بدأت المراقبة لي تقل شيئاً فشيئا، كنت أمارس حياتي باعتيادية، الأكل، الشرب، التفكير.....لا لم أكن أفكر بتاتاً، كنت فقط أعيش الحياة بشكل معتاد لم يكن هناك حاجة للتفكير والمحتويات الجديدة لم يكن عنصر التفكير يدخل من ضمنها، كنت أقوم بنشاطي الاعتيادي في تنظيف البيت وتنظيمه مساعدة لأمي التي شعرت بتعب من كثرة الأعمال المنزلية، كنت في قمة النشاط والحيوية، أنظف وأرتب عندما وجدت ذلك الكتاب، في البداية لم يدفعني لتصفحه سوى فضول من نوع غريب، ثم قررت أن أخبئه في غرفتي، أخفيته جيداً، أكملت أعمال التنظيف وفي المساء تسللت لغرفتي بحجة النوم كوني متعبة من العمل طوال اليوم في المنزل، دخلت مسرعة تناولت الكتاب وبدأت في القراءة، أحسست في البداية بشعور غريب، ثم فجأة تفجر شيء ما داخل رأسي، وضعت الكتاب جانباً وغفوت، في الصباح نهضت بصورة مغايرة لنهوضي المعتاد خرجت من الغرفة، دخلت المطبخ حيث كانت أمي.
– صباح الخير قلت لها.
- صب ا ا اح ....صرخت قبل أن تكمل صباح الخير وهي تولول لقد ضاعت البنت مرة أخرى!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش