الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيتو الفقيه و مخاطر (القاعدة)

مهند البراك

2012 / 8 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ تأسيس الدولة العراقية و بنائها على اساس دستور و مجلس نواب، و الإعلان عن ان الدولة تقوم على السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية كما في العالم المتحضّر، لم يعش العراقيون رجالا و نساء في الواقع و لسنوات طويلة الاّ تحت سلطة القوة السياسية المهيمنة المعلن عنها و سلطة قوانين الاحكام العرفية و احكام الطوارئ . . ثم عاشت البلاد في ظل احكام عسكرية متواصلة منذ استئثار العسكريين بالحكم و تبادلهم دكتاتورياتهم بالعنف، الى انهيار آخر الدكتاتوريات التي حكمت بارهاب وعنف لم تشهدهما البلاد من قبل، باسم حزب حاكم فصّل الحكم و الدولة و القانون على مقاسه و وفق مشاريعه الغامضة . .
حتى صار القانون (ورقة يوقعها صدام)، و انه لايتطلب الى اكثر من (مسدس بالحزام و شهادة قانون في الجيب) على حد تعبير الدكتاتور البائد، و قام على تلك الاسس بإعادة تشريع القانون مستنداً على (خبراء و حَمَلة شهادات بالقانون) لقوننة اعماله التعسفية في عمليات سُميّت بـ (اصلاح القوانين و اصلاح وزارة العدل)، وشيّد بذلك دكتاتورية على اساس (القانون) . .
ليقول اثر تزايد الاحتجاجات الدولية على كثرة المظالم، و على كثرة احكام الاعدام التي كانت تصدر في الظلام و تنفذ سريعاً، ليقول ( أننا دولة قانون . . و ان قوانيننا هي هكذا و لابد ان نحترمها)، في سعي يرى فيه محللون، ان دولة نفطية غنية بالفكر و الثقافة و تفعل فعلها في السياسة و الاقتصاد العالميين، لابد ان تقوم على قانون ـ ايّ قانون ـ شرط ان يكون معترفاً به من قوى متنفذة دولياً سواء كانت احتكارات او دول كبرى، كي يُعترف باتفاقيات حكمه لها و تعهداته في المحافل الدولية . .
و يرى متخصصون ان الإحتكارات الدولية الغربية و الشرقية التي دعمت الدكتاتور و تعاملت معه، رأت و ترى ان صياغة القانون في البلاد لابد ان تنطلق من زاوية مصالحها هي و وسطائها الداخليين و الدوليين، كي تؤمن لها تلك المصالح و كي تستطيع تغطية نفقات الحاكم المطيع لها و تغطية نفقات دعمه، مهما سبّب ذلك من مخاطر بالصالح العام .
و على ذلك بقيت القوانين التي تتحكم بالمفاصل الأساسية و الحساسة في البلاد غير معلن عنها و بقيت مبهمة . . كقوانين النفط، الميزانية السنوية الحقيقية، النفقات الخاصة التي فاقت و لاتزال حتى الآن تفوق الميزانية المعلنة، قوانين الحريات، قوانين و واجبات و حقوق مواطن الشعب مالك الثروات . . رغم الدعوات الى اعادة صياغة القانون العراقي اثر سقوط صدام، و الى خلق سلطة قضائية تناسب الدستور الذي جرى التصويت عليه ـ على ثغراته ـ، في مرحلة دولية و اقليمية جديدة تدعو الى انهاء الدكتاتوريات و اقامة حكومات مدنية دستورية على اساس تبادل سلمي للسلطة بانتخابات، في زمان العولمة و تزايد العلنية و خروج الاحتكارات الكبرى المتعددة الجنسية عن بنيتها الكلاسيكية ـ من صناعية و علمية، مالية و نقدية، جيوسياسية، اعلامية و ثقافية الى غيرها ـ و خروجها حتى على سياسات حكوماتها ان تحددت (*) . .
و فيما تثار نقاشات حامية حول محاولة حكومة المالكي اعادة بناء المحكمة الاتحادية العليا التي اقرّ تشكيلها على اساس الدستور . . محاولتها لتكون على اساس المحاصصة الطائفية و العرقية و على اساس تمتع الفقيه المذهبي ـ الطائفي ـ بحق الفيتو على قراراتها و ليس تمتعه بحق الاستشارة. الأمر الذي يرى فيه كثير من المتخصصين القانونيين و السياسيين بكونه انقلاب خطير على مواد الدستور و روحه الداعية الى قيام حكم مدني يسعى للم شمل العراقيين رجالاً و نساءً، على اختلاف اطيافهم الدينية و المذهبية و القومية في اطار دولة اتحادية دستورية برلمانية، و ان ذلك يؤسس لقيام دولة ولاية فقيه طائفية تنسجم مع نهج و سياسة ولاية الفقيه في ايران التي صارت تهدد و تضغط على تابعيها، و تمدّ يدها لكل من يمكن ان يساعدها في الوقوف امام ضغوطات شعوبها من جهة و ضغوطات المقاطعة الاقتصادية الدولية لها.
وتحاول بدعم من احتكارات كبرى منافسة احتواء الصراعات السياسية و الاقتصادية و صراعات المكوّنات الديموغرافية ـ خاصة الطائفية شيعيّة و سنيّه ـ في المنطقة، بتوظيف ثروات شعوبها النفطية و الغازية، اثر تخوّفها من تزايد احتمالات سقوط عائلة الاسد في سوريا، التي ترى فيها حكومة نجاد القلعة الاساسية لها في سعيها للهيمنة على شؤون المنطقة في تنافس حاد مع دول الخليج . . الامر الذي يزيد مخاوف حكومة المالكي من السقوط في اوحال مستنقع طائفي جديد، و تحاول من خلال حزمة من القوانين المخلّة بالدستور ايجاد طريق لتفاديه من اجل بقائها . . غير مدركة او لامبالية بأنه قد يسرّع من سقوطها فيه، وفق عديد من المحللين و وكالات الانباء .
و يرى آخرون تزايد احتمالات تصدّع تحالفات طائفية و قيام اخرى جديدة في دول المنطقة، بتركيز شعارات تدعو الى الوقوف امام (العدو الديني)، المجسد في الدولة العبرية . الذي يذكيه نهج الالة العسكرية الصهيونية المتغطرس. و يحذّرون من ان منظمة القاعدة الارهابية قد تطوّرت اعمالها من اعمال العصابات، الى محاولة اقامة دولة مستقلة لها كما يجري في اليمن ـ و محاولاتها لإقامة دولة داخل دولة في دول اخرى كالعراق حيث تتزايد عملياتها الارهابية و تعاونها مع فلول صدام مؤخراً ـ . . بعد مقتل بن لادن و ضعف القاعدة في افغانستان و باكستان، و اثر تزايد مواردها بشكل هائل من عملياتها و من تزايد نشاطاتها السياسية ـ و ليست الارهابية فقط ـ و سعيها و عقدها انواع الاتفاقات ـ المؤقتة و الدائمة ـ اقليمياً و دولياً و مع مكوّنات داخلية مذهبية و عشائرية او عرقية في المجتمعات العربية و الاسلامية، وفق بيانات رسمية و وكالات انباء متنوعة.
موظفة لذلك، تزايد الضغوط الداخلية و الإقليمية و الدولية على القوى و المعارضات الديمقراطية المدنية في بلداننا في زمان النهب و الاغراءات و شيوع الإرهاب فيها رغم انواع البيانات الرسمية، و اثر تزايد التمييز و ممارسة سياسات طائفية و عشائرية و عرقية تستفز الآخر كما يجري في البلاد و تكريس ذلك في المحاولات الاخيرة للحكومة للخروج على مواد الدستور سواءً في محاولتها منح الفقيه حق النقض في المحكمة الاتحادية العليا بخلطها للمفاهيم الدستورية و تفسيرها . . او في التلاعب على قوانين الانتخابات التشريعية و المحلية، و على الهيئات المستقلة ( المحكمة الاتحادية العليا، مفوضية الانتخابات و قوانينها، البنك المركزي . . ) .
و تتساءل اوساط واسعة . . هل ستستغل احتكارات كبرى (القاعدة) لمواجهة ايران ، ام انها ستحاول دفعها للعمل مع حكومة ولاية الفقيه الإيراني نحو اقامة (دولة اسلامية على اساس حكم الشريعة في مواجهة اسرائيل) لإدامة حكم او اثر سقوط الاسد ـ بسبب تصاعد صراعاتهما المباشرة اي اسرائيل و ايران ـ ، و ما سيستتبع ذلك من صراعات طائفية اقسى مما مضى تحقق فيها تلك الاحتكارات الدافعة ارباحاً اعلى، موظفة محاولة الدفع الايرانية لمنح الفقيه حق الفيتو آنف الذكر الذي سيكرّس حكم الكانتونات الطائفية الحاكمة في البلاد . . مع التطورات المتلاحقة في سوريا و لبنان و حزب الله فيه، و تطورات سيناء . . التي تدفع احداثها المتسارعة المؤسفة بمجموعها، (القاعدة) الى التواجد و النشاط على اراضيها لمواجهة (العدو الديني الاكبر) !!
و موظفة لذلك جهود و وضع الادارة الاميركية التي تنتظر انتخابات الرئاسة القادمة، و سياسة (دع الامور تتطور بسلاسة ) في ظل جهل و فقر يزدادان بشكل مخيف و خاصة بين الشباب، و في ظل تدهور الخدمات الاساسية كالماء و الكهرباء و محاربة الصحافة و الصحفيين بلا هوادة، و اعادة مناصب و غض نظر عن مجرمين محترفين . .
وفق سياسات الاحتكارات في التلائم و دخول الصراعات القائمة و اذكائها اكثر بواسطة انواع المؤسسات و الشركات و التجمعات، لتحقيق ارباحا فلكية اعلى . . فيما تسعى احتكارات اخرى الى اذكاء الصراع العربي ـ الكوردي لتعطيل العراق من جبهة عنيفة اخرى، عن التقدم و الاستقرار على طريق قيام الدولة المدنية الاتحادية، التي تتطلب توحيد جهود كلّ المكونات على اساس الدستور و اصلاحه بوجهة الهوية الوطنية الجامعة و على اساس الكفاءة و خدمة الحاجات الملحّة للصالح العام، التي تشكّل اساس وقاية و حماية البلاد من المخاطر الكبيرة الشاخصة . .

17 / 8 / 2012 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ان التطور الهائل في تركيبة و مواضيع نشاط الاحتكارات متعددة الجنسيات، جعل من الصعب تحديد جنسية قسم كبير منها كي تجري مقاضاتها ان اخلّت بعقود مثلاً، ولكن قد يمكن مقاضاة احدى شركاتها . . وتشير تقارير دولية لهيئات الامم المتحدة الى عدم خضوع اعداد كبيرة من الشركات متعددة الجنسيات ـ بما فيها اسلامية و عربية ـ لأي قانون . . وما حدث في فضيحة محاسبة شركة (بلاك ووتر) ـ تغيّر اسمها ـ الامنية القى اضواء ساطعة على نشاط خبراء و مؤسسات قانونية دولية مدفوعة الاجر لسد ثغرات قانونية كبرى في نشاط احتكارات عملاقة او شركات عائدة لها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل