الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبهامات لفقرات متقطعة (6)

محمد هالي

2012 / 8 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


- 1 -
اشتعلي يا جمرتنا في طقس المودة، و انفجري قمعا، أو حربا، آو احتمالا للانفجار، لقد ضاقت الطقوس من خرافتنا، و ضاقت الأحلام من شربها الليلي، فاحتضري كتبا، و أفكارا، و حصني قلعتنا الرافضة في شكوى العالم من العالم، انفجري قبل أن تشتعلي، و ارمي مأوانا في غارك المحاط بالأغوار، و اكتمي سر الخطب في قبة الدجالين، لم تنفع النكت، أو فتوى الفقهاء في صيد الآلام المكتومة، و لم تنفع السواقي في بحر الظلمات، انتشري كالربيع في خيمتنا، و انتشري وردا قد يطول أو يقصر صيفه في أضلعنا، احتضري كما احتضر البابا عهد الإقطاع، و ارمي بدجاليك في ملحمة الشعوب، انتظري قصتنا من كتب القادمين، و افرحي كما فرحنا من رؤاك، يوم كنا في زمن الدوران، في لولبة الإنسان المحتضر في خبايا الشؤم، أيام النفي و التشرد، اعتنقي آيات القرى، و أشعار الفقراء، اعتنقي مذهبا ينبع من واد الحار، هو ذا الزمن يظهر في كل باب من دورنا، هو ذا تاريخ الجدد في قلب الجدد ، فانتشري ليلة الانتشار، و اقشعري كما اقشعر البرق في الشتاء، هو ذا الألم ينخر جلدنا، هو ذا التاريخ ينط من جدراننا، هو ذا الصمت اشتهر بالذبح في مجزرتنا، نكون خرفانا ننحني أم بشرا في جودة الرفض، نصرخ ثم نصرخ، كوني كالنار وسط الحطب، كوني كالجراد المنتشر، كوني كالطقس المجهول بالعواصف، كوني قبل أن نصرخ بـأن تكوني كبؤسنا ، نصرخ انتشري، أو انفجري، قبل أن تشتعلي.

- 2 -
تستوقفنا المرايا عندما نرى صورتك تتلألأ ، و تختمر فينا كتاكيتا للمستقبل، اعتقدي أن لونك يطارد الشوق، وشعرك الداكن يتدلى كربيع في حقل مسقي، شيء يتأمل فرحتك الطويلة سوى انك الهلال قبل القمر، فاخطفي القلب من الرئتين، و اعتبريه عشقا أبديا لقوافل تغنت الرحيل، و اخطفي الدم من الشرايين ليسقي نبات الصحراء، لأنك ليلى في ليالي قيس عندما اندثر، أو عشق بثينة في سواقي الدال و المدلول، الذي انفجر، و بين الدال و المدلول تتدلى الكلمات قذفا أو مدحا، فاستشرقي الحلم من الشمس، و كوني كلون تدحرج من فوهة الدخان لينتشر، و كوني شهادة تاريخ تدلت جرثومته ليفتك العينين، و يدع الصمت يجوب الشفاه، في زمن انطفأت فيه الأنوار، هكذا يا امرأتنا تكتشف خبايا الأشياء من طقوس الأجداد، و تكتشف اللوعة من دوران التاريخ.

- 3 -
استعدوا أو لا تستعدوا، فقد باعوا الشرف، باعوا الأوراق، خلقوا حماتهم جوا بعدما استنشقوا الإفرنج، نفس الأفراد، حماة الأفيون، مشجعوا التمرد، رمزا للبترول، استعدوا أو لا تستعدوا، ففي كل طلعة جرحى، و في كل صمت حقن، و في كل حصار انفجار، إنهم مجانين الصحراء، الذين سرقوا الأوحال من كرة الشمس، انطفئوا ليسطروا الحلال و الحرام، من ساحة المقدسات، استعدوا أو لا تستعدوا، فالسلحفاة تنقد رأسها، و القنفذ وضع السياج، و أنت يا بغداد احمي لونك من شظايا الفولاذ، و ارسمي خريطة العشق من كابوس الأمهات، لكونك عاجا من منقار فيل بنته الطبيعة، و تطارده حملة الصيادين.

- 4 -
زمن الطلعات ترن أجراسه زغرودة في الرأس، و من حبر المستنقعات، تتجدد الأمنيات من قاعة الطلعات، هكذا يطلع العالم ليلد أمريكا، و تتدفق الولادة شبرا وراء شبر، يخرج الكتكوت من حانة الخليج كويتيا، و تتجدد الإباحة بترا لمستندات أمام المقدسات،أتلذذ بالصراخ/ أمريكا أمريكا، إياكم من أمريكا في كل القارات، أم نحتمي بالجنوب الذي يعانق الشمال؟ أم نتأمل الطلعات؟ شيء اسمه الدول يطلع من الفيتو، تتحرك الأصوات، في النقد، و حق النقد، لينتفي النقض، و تلتقي الرايات في علامة، فيفتح المتفرجون مناقيرهم، كل قافلة تصطدم بقافلة و تتواصل: ندين ، سنستعد، نتمنى، ننوي، نطمح، سنحتج... تتكالب العبارات، مع الأفعال المسبوقة بالسين و جرد من المتمنيات، هو ذا مجال الانحيازات، ينحاز السمك إلى البحر، لأنه ابن البحر، ينحاز الأمراء إلى أمريكا لأنهم أذيال أمريكا، و ينحاز المنحازون لعدم الانحياز، تتطاير الشكاوى في شكوى، تتطاير المجازر في مجزرة، و تتطاير الطائرات في طائرة، بحثا عن الانحياز في زمن السيبرمان الأبيض.
كثر الكلام في ساحة البراكين، و غاب الكلام عن الدرب المضيء(1)، الذي خطا بخطوات الأبله من أجل طي الجبناء في خانة المهملات، انطقوا يا رافضي الصمت في قرن الغليان، قرن الانتكاسة بلا مأمن، كم غارة دفنت الجثث، و كم بوق صرح بالإبادة، زمن الإبادة، لا صوت يعلو فوق صوت السيبرمان، لا معركة تعلو فوق معركة الانتفاضة، انه القتال في الأغوار، القتال في الجبال،القتال أينما وجد البشر المنحط من صلاحيته الإنسانية.

- 5 -
هوشي منه(2) لغز اللحظة المنطفئ في حيرة، قد يكون هو الضمير المنفصل المبني في محل رفع الظلمات، من عالم الجثث النيرونية(3)، المتوحش، هو الثائر في الشيء ضد الشيء، زمن تصادم الأشياء، و هو الصامد الغيفاري(4) في كوبا الكاستروية(5) المتسلقة من الأوحال و مطاردة رعاة الأبقار، روما لم تعد نيرون، لكن هيروشيما(6) لم تعد هيروشيما لأنها ناكازاكي(7)، استشرقوا الذرة في فيضانات التلوث، و حاصروا الذرة في مكامن الخطأ، استشرقوا يا حماة الطبيعة دجلة(8) و ارموا نفايات الجثث في قاع الفرات(9)، استشرقوا البسمة من حماة الأغوار، و استشرقوا الكآبة من حماة البشر، قد يكون هوليود(10) ساعة التمجد يستمر ليستثمر كل الأبطال لترهيب الأطفال، أو يكون كل السلاح ساعة الحصار، يستطرد ليطرد كل الشعوب. كل الحكم ممتعة، خرافة تسترشد بخرافة، أمام حبر الصحف، و صوت الإذاعات، إنها أبواق تنحدر من بوق : كن فأرا يلسع القطط، أو كن كلبا مسعورا يرتدي الفضائح زمن الإنصياعات.

- 6 -
"وعد الساحة بطل الساحة نجم الحفل و التطبيع
من قال: محال !..أحمق يرفض دون بديل غير الجوع !"(11)
بإسم الجوع تحتدم القضايا لتصطدم بكوارث الزمان، ينفتح الإسطبل ألبهائمي ، يرتدي مظلة الشتاء، يتشرد، يطفو كاللوح فوق الماء، ليصطاد الماس من الذهب، تستمر القافلة من دابة الحمير إلى دابة البغال، لحرث الأغوار من ثقب النفط، ليتدفق الماء في قصور الكآبة، إلى قصور البذخ، و الترف، تتسابق المؤن من خبز التشرد، إلى لحم الخرفان، و تتوالى الشعوذة من زبد الحروب، و من واد الدفء إلى واد الدمار، تتكئ القرارات من حماة الأجانب، تحتل الموانئ، و من قمع التمرد، تدفن النفايات، و من نجا من إشارة الأوامر انصاع عابدا، لأنها أم الإشارة في كوكب كريستوف 12) الباحث عن الاكتشاف، انه جلدكم أيها الأموات حين تهاوى السم، و انبطح الباقي في الفرجة
"أنها الحرب، قد تثقل القلب- لكن خلفك عار العرب-
لا تصالح !
و لا تتوخى الهرب"(13)
ينطفئ البارود، و تتكاثر الدعاية، نمشي معك يا كوارثنا، نعتنق كل شيء من جسم الرضاعة، إلى جسم الانحناء، زمن الخضوع، نقول الكلمة ليسمعوا، و يقولون الكلمة، فتتكاثر الوعود زمن الولادة، تتوالد الجمل بلا نقط، تتطاير الأمعاء، تسقط حريرتها على كل الجراثيم الغائرة وسط الدمار، تتكالب الصيحات بلا مأمن، تتناحر الحكم لتشيد كل الإعلانات في قارة الزوابع، قد تكون الحكاية من أولها أحلاما، أو تكون كصورة رسام تتذبذب في عواصف الرمل، ما استغلوا اللؤلؤ، و المرجان، إلا لكون بعض العرب شربوا النفط، من كثرة الترف بلا شغب، شهادة شاهد هذا الزمان أن أفعى قاتلت في الصومال(14)، و أن ساعة الانتقام من لحم ميت عارض الدفء، و خرافة الإنسان هكذا "الشمس تضحك لنا قبل أن تبتسم للآخرين، لكنهم حجبوها"(15) اختفى النور لتتجلى النار، تتكور الأشعة ، تنفجر الذرة بحثا عن الأمل، فأعادوا الأمل خطوة إلى الإمام، لينتحر الأمل خطوات إلى الوراء، تتشرد الأسر، تنقلب المباني تتهاوى الجسور، تتكسر المآثر، تطفو النار، يغرق الصبي في الدم، ينحني الشيخ للتحكم، يبقى المعوق يتألم،و يشكي اليتيم يبحث عن الأم بلا زوج، يشتد الحصار، بلا منفذ ينتهي الحليب لينتهي الرضيع، ينعدم الدواء ليتفشى الداء
"و القدس صوب مكة مندهش
و القصب على فرات دجلة يرتعش
و النيل كالديك المغدور
ينتقد"(16)
صعب علينا أن نرى الروح بلا مادة، صعب الفناء في دجلة التلوث، و صعب التشرد في ساحة الخراب، لكن ما اخترنا فناء النبات و لا تلوث الأخبار، نشمئز لتتجمع الصيحات، شهادة شعب صفاء، وعد الديدان في المقبرة راحة
"لا تحزنوا .. لا تحزنوا
فما زلنا نحن ألافتان
نرسم السفن
نصنع الطوفان
رغم رادارات القرصان
لا تحزنوا .. لا تحزنوا .. لا تح ...(17)"


الهوامش:
(1) حركة سياسية ماوية كانت تقود الكفاح المسلح في البيرو
(2) قائد ثوري في الفيتنام استطاع أن يطرد أمريكا و أن يشيد أول دولة اشتراكية في بلاده
(3) مشهور بحرقه لروما
(4) استطاع أن يشيد أول دولة اشتراكية في أمريكا اللاتينية بعد الحرب العالمية الثانية
(5) رئيس كوبا السابق
(6) (7) مدن يابانية تعرضت للقصف النووي من طرف أمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية
(7) (9) انهار بالعراق
(10) شركة أمريكية لإنتاج الأفلام و ترويجها
(11) لا تطبيع لزيف الباطل قصيدة لمصطفى بهجت بدوي مجلة الوحدة العدد:35 – 36 / 1987
(12) ينسب إليه اكتشاف القارة الأمريكية
(13) لا تصالح / أمل دنقل مجلة الوحدة العدد 35 – 36 / 1987
(14) أوردت بعض الأنباء أن جندنا أمريكيا لسعته أفعى في الصومال أثناء تدخلها العسكري السابق
(15) محمد شكري / أضواء على زمن الأخطاء / جريدة أنوال المغربية العدد : 990
(16) مشدود يا قدس / قصيدة مصطفى الوالي / جريدة أنوال المغربية العدد: 990
(17) نقوش في ذاكرة الأقنان / قصيدة عبد الرحيم التوزاني مجلة الثقافة العراقية 1977العدد :11 نونبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني