الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور المأكول وقلادات النيل

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2012 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



المعركة حول الدستور بين النمور، والعقل المصرى مبتور، لم يبق إلا القوة الغاشمة تطرد أطياف الشعب، لم يبق إلا قلة متنمرة تتصارع على قطعة اللحم.

السياسة هى هذا الوحل، لهذا قررت العودة إلى روايتى المؤجلة عن ذكرياتى منذ ستين عاما.

لا شىء يبقى فى الذاكرة مثل الحب ما بين العاشرة والعشرين من العمر.

المرأة التونسية لا يخدعها الكلام الزئبقى عن عدم المساس بحقوقها فى الدستور الجديد، تنبهت لكلمة «تكامل» المراوغة، تنبأت المرأة التونسية بالمستقبل المظلم، خرجت فى مظاهرات وقائية استباقية تعلن: لا تكامل، بل المساواة التامة، وعى المرأة التونسية يسبق وعى المرأة المصرية بنصف قرن.

المرأة المصرية ملفوفة الرأس عفيفة النفس لا تتنبأ بالغيب، أصبح الله والغيب من أملاك أصحاب الحكم يتم الآن وضع دستور مصرى فى غياب أطياف الشعب، منهم النساء، لم تخرج المرأة المصرية فى مظاهرة ولم يرتفع لها صوت، ولم يرتفع صوت الرجال، الذين يؤلفون الكتب عن تحرير المرأة، ويحضرون المؤتمرات النسائية الدولية.

الرجال منهمكون فى تقسيم غنائم الثورة ووضع الدستور فى غياب الحرائر والقوارير، لم يضف إلى الدستور حتى الآن مادة واحدة تنص بوضوح على المساواة التامة بين الرجال والنساء فى جميع الحقوق والواجبات العامة والخاصة، هذا هو الأساس الدستورى الأول لأى عدل وحرية وكرامة، فى تونس منذ أيام خرجت مظاهرات الرجال والنساء.

هذا الوعى الشعبى فى تونس يقف ضد أى تهديد لحقوق النساء، هذا الوعى لا ينتظر حدوث الردة، بل يؤمن بأن درهم وقاية خير من قنطار علاج.

الدستور المصرى ينص على المساواة بين المواطنين فى الدولة، هذا النص شديد العمومية ويسمح بالتلاعب، لذلك يجب النص فى الدستور الجديد على المساواة بين المواطنين والمواطنات، وعلى المساواة التامة بين النساء والرجال فى الدولة والأسرة، دون استثناءات تحت أى شريعة.

الدستور فى الدول المدنية يعلو جميع الشرائع والمذاهب الدينية، إلا أن الكلام عن دولة مدنية مصرية ليس إلا مراوغة ودفن الرؤوس فى الرمال.

نجحت المرأة التونسية منذ عام ١٩٥٦ فى اكتساب حقوق، منها تساوى الزوج والزوجة فى حق الطلاق أمام القاضى، وتحريم تعدد الزوجات، هكذا تمت حماية المرأة والأسرة التونسية من آفات تنخر فى عضد الأسرة المصرية حتى اليوم.

فشلت المرأة المصرية فيما نجحت فيه المرأة التونسية منذ عام ١٩٥٦. خرجت آلاف النساء والرجال فى مظاهرات ضد حركة النهضة الإسلامية الحاكمة فى تونس، التى تسعى إلى تمرير فصل ضمن دستور تونس الجديد، يعتبر المرأة «مكملة» للرجل كلمة «مكمل» لا تعنى المساواة، بل التفرقة أو «النقص الذى يحتاج إلى من يكمله»..لغة الدستور يجب أن تكون واضحة دقيقة لا تحتمل التأويل.

طالبت المظاهرات بالوضوح فى الدستور، وشطب كلمة «مكمل»، والنص على المساواة التامة بين الجنسين، المساواة بين الرجل والمرأة تعنى أن كلا منهما مكتمل فى ذاته، أو مكتملة فى ذاتها، رغم مشاركة المرأة المصرية فى الثورة بدمها وحياتها، إلا أنها لم ينلها إلا الأذى، مثل الشباب الفقراء، قتلوا ودفنوا، أو فقدوا نور عيونهم، أو لايزالون مفقودين لم يعثر على جثثهم، أو قابعين فى السجون العسكرية تحت التعذيب.

هؤلاء الآلاف من شباب مصر دفعوا ثمن الثورة بدمائهم، ويعيش الذين قتلوهم فى راحة ونعيم، أو فى سجن خمس نجوم، أو تكرمهم الدولة بقلادات النيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألتكامل هو المنهج المناسب
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 19 - 08:12 )
في وقتنا الحاضر وفي ظل الظروف القاهرة والمتردية يشكل التكامل نقطة محورية لنبدأ في ألأولويات المُلحّة بخطوة على طريق المليار ميل
فالتكامل يعتبر مبعث حقيقي للإستقرار والوصول الى شبه حالة سلام مع الذات التي تختزن كل الإختلالات
والتكامل يحمل معرفات للإختلافات ويفتح الطريق لتلاقح الأفكاربطريقة سلمية بعيدة عن صراع الاضداد الذي أنهك الشعوب

ألاستاذة القديرة نوال : لك مني أطيب تحية


2 - الأستاذة نوال السعداوي المحترمة
ليندا كبرييل ( 2012 / 8 / 19 - 11:25 )
صحيح أن المرأة التونسية ليست كقرينتها الغربية في الحقوق ، ولكن ما حصلت عليه بفضل الرئيس بوقيبة يعتبر ثورة بالفعل . وغير مفهوم بعد ستة وخمسين عاماً من التجربة والتطبيق أن نتلاعب بالألفاظ
فإن كانت المرأة العربية ما زال أمامها طريق المليار ميل ويا دوبها تتحرك ، فإن التونسية هرولت على طريق الألف ميل وقطعت منه أشواطاً ، وليس من المعقول أبداً أن نتلاعب بالألفاظ كأن نقول : تكامل ومكمل
وليس من المنطق أبداً أن تعود القهقرى
بل إنهم يرفعون شعاراتهم المدسوسة إلى أقصاها لتربح المرأة ما هو أقل : القضاء على كل محاولة للتحرر من سطوة الذكور وإحكام الوثاق إلى التخلف الذي يزينونه بعبارات وشروح غامضة
المرأة التونسية قد تجاوزت الأولويات السخيفة التي تعيشها أختها في البلاد العربية الأخرى
والتفكير بالطرق السلمية للحوار في الأمر ليس إلا كمنْ يمشي جنب الحائط يطلب السترة
كما تفضلتِ أستاذة : مكتمل
لا مكمّل ولا غيرها من الألفاظ
دمتِ داعمة متمنية لك وافر الصحة وشكراً


3 - تكامل!!؟
عبد الحسين طاهر ( 2012 / 8 / 19 - 11:26 )
عزيزي الاخ سامي بن بلعيد تحياتي باي (شيطان سلفي )اهتديتم لمفردة تكامل لكي تجهزو على حقوق امهاتكم ( بئس الأبناء أنتم )اسمحلي وانا اخاطبك بلغة المحبة وأرجو ان لا اجرح شيء من مشاعرك يا اخي التكامل في احد معانيه معنى الكماليات التي تلحق بزينة السيارات والماتورات سكل وغيرها من الحاجيات وهذا بالطبع تبسيط من جنابي لكي اوضح الفكرة وقد يستغنى عن الكماليات ايام العوز وتعتبر الكماليات في وقت ما نوع من الترف ..ولبغدده والاسراف عند ذاك يظهر علينا احد وعاظ السلفين او المتسلمين او او اوليصرخ باعلى صوته ان الله لايحب المسرفين وبذلك يسحب البساط من تحت اقدام امهاتكم وتفقد امهاتنا في تونس الحقوق التي تمتعن بهامنذ عام 1956 وبعدها لا نجد الجنة التي هي تحت اقدم الامهات //تحياتي للكاتبة الكبيرة المكللة بالتاج الفضي الجميل السيدة نوال السعداوي


4 - لعبت السلطات هي التلاعب بالدستور
فؤاده العراقيه ( 2012 / 8 / 19 - 12:27 )
تدفع المرأة وخصوصا العربية ثمن تخلف الشعوب دون أن تأخذ شيئا , فهي اليوم تعمل داخل البيت وخارجه بعد ان كانت داخله فقط عندما احتاج لها الرجل خرجت للعمل فازدادت متاعبها فقط لكنها لا تعرف حرية الفكر
ازدادت اعبائها فقط هذا ما جنته من مجتمع اكل السوس فكره ولا زالت محصورة ومقيدة بقوانين وضعتها السلطات غير واضحة والتلاعب بها هي لعبتهم
ولكــن سيأتي ذلك اليوم الذي ستعي به المرأة بحقها المهدور مهما بعــد
الف تحية لكِ سيدتي الجميلة

م/ اريد طريقة للتواصل معكِ للضرورة ولا اعلم كيف الوصول لكٍ يا سيدتي ابعث احيانا لك عبر راسلوا الكاتب ولكن اعلم بانك لا تقرأين الرسائل واعتمادك على الموقع في نشرها بالأضافة الى وقتك الثمين لكني لن أأخذ منه الكثير, ولكن كلمة منك ستغير لي الكثير


5 - الخوف على ثورات الشعوب من مسمار جُحا
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 19 - 17:00 )
أخي الكريم عبد الحسين طاهر في البداية أنا لستُ سلفياً وهابياً , ولا ضرورة للإستمرار في حرب النصوص الذي حوّل ألأمة الى ظاهرةً صوتيةً مُزعجة
أنا أشرت الى ألتكامُل بجانبه ألإنساني الشامل وفق إشارة إلى المستنقعات السياسية في طرح السيدة الفاضلة نوال السعداوي وعلى أن السياسة تمارس من كل أطياف المجتمع وفي واقعنا العربي قتلت كل أمل نظراً للصراع المحتدم بين ذئاب السياسة ونمورها
فأمر التكامل في بناء المجتمعات المبتدئة بالخُطى ألأولى أمر مفيد للغاية وأفضل بكثير من صراع الأضداد الذي حول الواقع العربي الى ساحة قمار تدفع الشعوب ثمن فواتيرها الغالية
ثم مع إحترامي للدكتورة نوال وللجميع
علينا أن نعي ما نقول ومن الواجب إحترام ثورات الشعوب وخياراتها ونوال السعداوي ليست مصر ومرسي ليس مصر ... نحن أمام شعوب تتحرّك ببطئ نحو الاهداف الاستراتيجية البعيدة ولا خوف من ظهور الاسلام السياسي على السطح فذلك سيخرجه من لاعب خفي وخطير الى لاعب واضح تحت التجربة التي ينجح او يسقط بها سقوط نهائي
ونتمنى من المتعصبين بأقلياتهم أن لا يكونوا مثل مسمار جُحا كما نتمنى للذي أخفقوا في كسب الشعوب أن لا يقفّوا حجر عثره في طريقها


6 - حتى لا نجادل!
نيسان سمو ( 2012 / 8 / 20 - 20:24 )
حتى لا نجادل الاخوة والاخوة يجادلوننا ويتهموننا بالسلفية والإلحادية سنسأل سؤال بسيط .. انتم تعلمون بأن الأمة الاسلامية هي آخر الامم في كل شيء ولا يوجد اسباب لذكرها هنا لأننا نذكرها في مقالاتنا اليومية وسؤالي الآن هو: إذا كنا في كل شيء آخر العالم وكل العالم لا يُفرّق بين الجنسين في الحرية والحقوق والواجبات لا بل للمرأة في بعض الدول تفوق واضح على الجنس الخشن فلماذا نبقى نكذب على انفسنا ونعاند على عقولنا ونتكبر على واقعنا ؟؟ نحن في كل شيء متخلفين فلماذا لا نكون في هذا المجال ايضاً متخلفين ؟؟ الرجو الرد إن امكن . ..بالمناسبة قبل ان يرد احد الاخوة على تساؤلي اقول له : اننا في هذا المجال متخلفين اكثر من كل الأمور الاخرى .. اكثر بكثير .. مع تقديري واحترامي للجميع


7 - المشكلة في الافكار وليست الاماكن
خليل احمد ابراهيم ( 2012 / 8 / 20 - 20:40 )
الاخوين بن لعيد وعبدالحسين طاهر كلاكما يسعى الى هدف واحد وهو الارتقاء بحال المرأة والحمد لله فهو مبتغى الجميع ولكن تختلفان في الوسائل وتلك هي المشكلة 0
اوفر عليكم سادتي ان مشكلتنا هي هيكليه اي انها تغوص في اللاوعي الجمعي الذي يشكل جل منظومتنا الفكريه والاجتماعيه
المرأة وكذلك الرجل في مجتمعاتنا مسحوقان تحت رحى ايديولوجية كبيره تمكنت من النفوس والعقول ليس الامر سهلا ولاميسورا بل نحن في حاجة الى اعادة النظر بمجمل تراثنا وعقائدنا وبنانا التحتيه واقصد بها منظومة الانساق التي تشكل الحيز الاكبر من وعينا
ليست المشكله بالمرأة المصرية او التونسية او الخليجية بل المشكلة في الرؤى والاقانيم التي تعتمل في دواخلهن0 كل نسائنا ورجالنا محكومون بثقل كبير من الاحكام والاعراف والعادات التي تهيمن بشكل غير ملموس على مجمل الحراك الاجتماعي والفكري شئنا ام ابينا مازلنا في مرحلة الطفولة الفكرية والاختباء تحت كثير من اشباح الحداثه والمعاصرة اما ذواتنا الحقيقية ورؤانا الذهنيه فهي تمتح من قساوة الصحراء وجلافة بداوتها للاسف لا العلمانين في هذه الامة انتبهوا الى جوهر المشكلة ولادعاة التغريب ومازال الامر متعبا

اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت