الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون .. متى ما تحرروا .. تحررت الشعوب

سامي بن بلعيد

2012 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ألمثقفون هم الداء القاتل وهم العلاج الشافي بنفس الوقت.. والمثقفون يمثلون روح الثقافة وصمام أمانها الذي يحميها من الضعف والانحلال وجسر العبور الى أي مشروع حضاري تنشده الأُمّة متى ما كانت توجهاتهم إنسانية وطنية عقلانية جامعة ... وهم الداء الذي يسري الى جسد الشعوب ويضعف مناعتها ويجعلها عُرضة للأمراض الموروثة أو الوافدة من الخارج متى ما سائوا التعامل والتعاطي مع ألأشياء من حولهم وأقاموا الحياة على قاعدة ألإقصاء والتعصُّب الذي يسجن المثقف داخل مربعات التّمترس للأخر إعتقاداً منه بأن الحقيقة المطلقة لا توجد إلاّ لديه ومن معه على نفس ألإتجاه وأن الوطن ذاهب في أدراج الرياح ولن تقوم له قائمة إلاّ إذا كان هو ومن على نهجه هم من يحكم

والمعروف إن الشعوب مدرسة والمثقفين بمثابة المعلمين ... والمعلّم ليس من يمتلك الكم الهائل من المعلومات ألإستعراضية ولكنّه من أدرك نفسيات طُلابه ووجّه زوايا أفكارهم ومداركهم نحو الميادين العلمية والإخلاقية والمعرفية الانسانية العامّة ويكون هدفه بناء جيل أو أجيال تتنافس في ميادين الشرف التي تبني ألإنسان وترتقي به بصفة عامة لا يعتريها الحشو المعلوماتي الغير ممنهج ولا سباق على الدرجات من أجل الظهور

المتأمل الى واقع الثقافة العربي يصاب بالخيبة .. فالساحة العربيّة برمتها تحوّلت الى ما يشبه ساحات القمار ولا يستطع أحد أن يخفي ذلك فالواقع خير شاهد وعلى مدى قرون طويلة

مستودع الذاكرة المجتمعية وماكنات إنتاج الصراع والتخلُّف تعمل وبدون توقف ... وبإصرار بدوي قاهر لكل شيئ حولة وكأن الطبيعة قد غلبت التطبُّع كما يقول المثل السائد

المثقفين بغالبيتهم ينطلقون عاطفيا من نفس الميادين الثقافية البائدة التي تجعل من ألأشياء التي تعتنقها مرجعيّةٍ ثابتة بدلاً من جعل الاشياء مواضيع للتداول والبحث العام وذلك ألأمر لا يعطي للعقل النقدي الواعي أي دور كافي للمراجعة والتحليل فيصبح الجميع ذاهب في مدارات لا تفضي إلاّ الى الكثير من ألاختلاف والتشتيت

فمتى يصل المثقف الى درجة التفكير بالعقل في العقل كما أوضحها الجابري لإن ذلك ألأمر يعكس النظرة الى الذات ويتمكن المثقف من تفقُّد ذاكرته _ مركز صناعة الوعي _ فيقوم بإصلاح عملها ويصفيها إن كان هناك من ألأفكار المتناقضة والمتعصّبة والسلبية ويعيد البناء على قاعدة علمية قيمية تخدم التوجه ألإنساني العام الذي يصنع ألإستقرار للشعوب والأُمم ويدفعها نحو مصاف الشعوب المتقدمة

فهل سيأتي حيناً من الدهر يمتلك فيه المثقف العربي الشجاعة أمام نفسه ويعترف بالاخطاء السارية ويقرر الخروج من مربعات الكبر والعناد الذي جعل الساحات العربية مسرح للصراع الدائم الذي جعلنا بدوره في يد الغريب؟

هل من أمل بتحرر المثقفين وخروجهم من عالم العاطفة والصراع والتآكُل الداخلي المميت كي يتسنى للشعوب أن تتحرر وتنهض ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وين تعليقي على الموضوع؟
عاصم كامل ( 2012 / 8 / 20 - 23:37 )
وين تعليقي على الموضوع؟


2 - التعليق لم يصل
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 2 - 14:49 )
على كلٍّ لك الشكر والتقدير أستاذ عاصم

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر