الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناشطين فردانيين مقابل أحزاب ثورية

عيسى ربضي

2012 / 8 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أصبح من الدارج في العديد من البلدان ان يظهر اسم " الناشط" او " الناشطة" في مجال حقوق الانسان او السياسي او الاجتماعي...الخ. مع تغييب ملحوظ للطليعة السياسية المنظمة أي الحزب الثوري بالتحديد.
ان مراجعة سريعة للعقدين الأخيرين تظهر بجلاء تراخي معظم الأحزاب السياسية وتراجع مدها بين الجماهير الشعبية وتحديداً الأحزاب الثورية واليسارية التي لا تحظى بدعم وتأييد الرأسمالية العالمية او عائلات البترودولار. ضعفت الأحزاب الثورية لأي سبب وبرزت الحركات السلفية القائمة على التفريق بين قطاعات الشعب سواء التفريق السياسي او الديني او الطائفي او او او. وظهرت بقوة حركات التكفير الشوفينية الدينية الوهابية والتي حملت لواء الفتنة الكبرى بين آل البيت وحاربت بدعم البترودولار حركات طائفية اخرى خصوصاً الشيعية ولم تخفي هذه الحركات عدائها لحركات مقاومة مثل حزب الله كونه حزباً شيعياً بالأساس. ومع ان هذا الحزب شوفوني ديني بدوره الا انه بهذه المرحلة حزب مقاوم يتقاطع مصالحه مع الحركة الثورية، مع ذلك فأن الحركات التكفيرية الوهابية تسعى لأضعاف هذا الحزب وأي حراك شبيه فيه تحت لواء طائفي قذر وهذا ما نراه جلياً في قمع الحراك الثوري في تونس ما بعد الثورة وما نراه من تكفير للمطالبين باستكمال الثورة في مصر في زمن الأخوان المسلمين.
في ظل هذا الأضعاف للأحزاب الثورية سواء ببنيتها الفكرية او النضالية ذاتياً وموضوعياً برز مقابلها ابراز للحراك المعنون بفردانية ظاهرة بدأت بالبداية في دول ما يسمى محور الممانعة والمقاومة ( ايران سوريا...) حيث تم تسليط الضوء على حالات فردية لمعارضة النظام وتركيز الضوء عليها لتتضخم وتظهر بمظهر المعارضة العريضة. واستمر بعد ذلك نقل هذه الفلسفة للعديد من الدول حتى اصبحت ظاهرة لا يمكن ان نغفل عنها واستمرت أبواق الأعلام تركز على هذه الحالات الفردية وتغفل عن الحراك الجمعي وفي العديد من الحالات تتجنب ذكر الأحزاب الثورية خصوصاً الموضوعة على القائمة السوداء للرأسمال المركزي والصهيونية العالمية.
لا شك ان هنالك " ناشطين" فاعلين في مختلف المجالات لكن اختزال الصراع في قضايا اجتماعية وحقوقية يعبر عنها هذا الناشط او ذاك تدعمه مؤسسة أهلية هو محاولة جديدة للرأسمالية لتحجيم الصراع الوطني والطبقي وتحويله إلى صراع حقوقي بأحسن الأحوال. وهو بلا شك استمرار لمحاولات زرع الفتنة بين الطبقات والفئات المضطهدة لتفتيت قوتها وبعثرة جهودها لتبقى حبيسة التشكيلة الرأسمالية.
ان ابراز العمل الفرداني واعطاءه هالة من القدسية يشكل نفي للعمل الجماعي المتمثل بالحراك السياسي الثوري الطليعي ويعتبر أحد أهداف الرأسمالية الساعية لبلورة سوبرمان متجدد يكون قادر بأحسن أحواله على ان يحدث بعض الضجة هنا او هناك دون أي تأثير حقيقي على الأرض. وكذلك ترى العديد من " الناشطين" يقعون فريسة سهلة لفخ " الأنا" التي تبرز اسمهم فيقومون باغراق الفضائيات بتصريحاتهم ولا ينقصهم الا المشاركة ببرامج الطبخ واحوال الجو!!!!
الرأسمالية العالمية في حربها المستمرة لتأبيد وجودها ونهب المزيد من ثروات الشعوب تسعى جاهدة لتسخيف وتسطيح أي عمل جماعي مبني على اساس الوعي الطبقي واستبداله بأسماء لامعة يسهل شراءها او بأسواء الأحوال التخلص منها. وهذا ما يجب ان تعيه الجماهير الثورية وتعيد الأعتبار للأحزاب الثورية على ان تقوم هذه الأحزاب بتغيير جذري في بناءها الفكري وكوادرها لتكون قادرة على مواجهة التحديات بدل اللهاث وراء من يلمع اسمه بهدف كسب تصريح منه او منها يعلي هذا الحزب او بالأحرى يعلي من رضى بعض القيادات المهترئة عن اداءها المخزي.
المستقبل سيحمل لنا المزيد من الأمثلة على الفردانية الليبرالية التي تسعى – واعية او غير واعية – لمحو "موضة" الأحزاب الثورية واستبداله " بموضة" الناشطين محدودي القدرات ومحدودي التبعية وبذلك لا يكون هنالك خطر من تحول اولئك الناشطين إلى شخصيات كاريزماتية قادرة على الانفراد بقراراتها او محاولة الخروج عن سيطرة الرأسمال المركزي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب