الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية و -حرب الأفيون - منهجان لمدرسة عدوانية واحدة ..!

جاسم محمد الحافظ

2012 / 8 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


منذ نشأة الخليقة حتى هذا اليوم مرت الأنسانية بدهاليز ومنعطفات موحشة وقاسية صارع فيها أجدادنا البواسل الضواري المتوحشة حيثما ألتقوها في الغابات والوديان السحيقة , وأدركوا مخاطر عجزهم في رد شر الوحوش وكوارث الطبيعة الغاشمة وتأمين البقاء على قيد الحياة في أطار عزلتهم , فلجأوا الى العيش الجماعي رغم هشاشة علاقاتهم الحيوانية القائمة على الغرائز حينئذن , وجهلهم بأستحقاقات ما ينجم عن فاعلية القوانيين الأقتصادية والأجتماعية الضابطة لسلوكهم وأتجاهات حركة تطور وعيهم في أطار التقسيم الأجتماعي للعمل , التي أفظت الى ما أستقر بهم الحال على العيش في كنف الجماعة وضمن تشكيلات أقتصادية – أجتماعية كالمشاعة والرق والأقطاعية , وكان أسلافنا في بلاد ما بين النهرين - سومر ,أكد , بابل – دون أستثناء عن هذه القاعدة , حيث كان لهم قصب السبق في أرساء أول دولة في التأريخ ما بين ( 4000- 2000 ق.م ) التي نيعيش نحن احفادهم اليوم في ظل " اللادولة " أو قُل أسوء واضعف دول العصر الحديث , الى الدرجة التي سلمنا فيها لبؤسنا زمام امورنا ومصائر أجيالنا بشكل محزن الى القوى الأمبريالية والرأسمالية , على أمل ساذجٍ في تحسين أوضاعنا , دون ادراك الطبيعة العدوانية والوحشية للنظام الرأسمالي المأزوم بالركود الأقتصادي والباحث له عن اسواقٍ لتنفيس أزمته الخانقة , حتى ولو أقتضى الامر أشعال حروب مدمرة أو أرغام الدول على القبول بشروطهم المجحفة , تماماً كما فعلت الأمبراطورية البريطانية , يوم حاولت ألزام الامبراطورية الصينية في عام 1793 على الموافقة بتكافء التبادل التجاري بينهما عندما مال ميزانه لغير صالح البرطانيين كثيراً , ورداً على رفض ذلك من الجانب الصيني , يتذكر المؤرخون كيف أغرقت برطانيا بدون حياء أو رحمة المدن والأحياء بالافيون المهرب , وكيف كان المرء يرى المدمنين على الأفيون ينتشرون كالاشباح الهزيلة في كل مكان بما فيها افراد الجيش , وكيف أنتشر بسببه البؤس والشقاء , واستخدمته الأمبراطورية البرطانية اسلوباً في حربها لأنهيار الامبراطورية الصينية الجبارة , التي عرفت فيما بعد بحرب الأفيون بين عامي 1839 – 1842 , وبالقوة المسلحة تغلغل الاوربيون في كل احياء شنغهاي حتى بلغ الأمر منع الصينيين دخول بعض أحيائها – مثل ما مُنعنا نحن في بغداد من دخول المنطقة الخضراء -, حيث عُلقت يافطات كتب عليها " يمنع دخول الصينيين والكلاب الى الحي " أن كابوس الفقر والعار والأهانة والأذلال , الذي ألحقه الأوربيون بالصين بقى حاضراً أبد الدهر في ذاكرة كل صيني , وصار رافعة و ملهماً لهم لتوطيد وحدتهم وحشد طاقاتهم لطرد المستعمرين الغزاة الغرباء والوصول الى ما هم عليه الآن من عظمة تحسدها عليهم جميع الشعوب التواقة للخلاص من العولمة وقواها الغاشمة ,
وعليه فأنني أعتقد أننا شعوب هذه المنطقة من العرب والمسلمين تَلقف جهالنا والرعاع السائدون في مجتمعاتنا بسبب التخلف الثقافي , المشروع الطائفي الذي صاغته لنا دوائر التخطيط الاستراتيجي للامبريالية العالمية والدوائر الصهيونية بالتعاون مع الرجعيات المحلية والأقليمية , وبالاخص السعودية وقطر والأردن وسواها من الدول الهامشية , لتكون خطة الطائفية أداة لشرذمتنا ورديفاً لخطة الأفيون - في حالة الصين – والتي سننشغل بها – بفضل سيادة العقلية القبلية في صفوف أغلبنا - لعقود وستُستنزف فيها كامل طاقاتنا ومواردنا لنجثوا راكعين أمام شروط الامبريالية العالمية وربيبتها الكيان الصهيوني , تماماً كما أنشغلنا بالفكر القومي الشوفيني الرجعي لأكثر من ستين عامأ عجافاً وتسربت من بين أصابعنا بسبب مناهج أحزابه احلام التنمية الاقتصادية والأجتماعية وبناء دولة ديمقراطية أنسانية .
ولذا فانني أرى بأن جميع الأطراف – بدرجة قربها أو بعدها من السلطة - وبالأخص أحزاب الأسلام السياسي وتياراتها المتطرفة والمنفلته من عقالها تقع عليها المسؤلية التأريخية والأخلاقية و" الشرعية " عن هذا البؤس الثقافي والأنتحار الجماعي المتجهين اليه , كون التمايز المذهبي والخوض في تفاصيله المثيرة للجدل والشقاق يشكل جوهر مشاغل عقيدتها الدينية المسيسة , والتي بناء عليه أنفسم أتباعها من العرب والمسلمين طائفياً أزاء التغيرات الأدراماتيكية الجارية في المنطقة .وليس أدل على ذلك من تجليات المواقف الطائفية بأقبح مظاهرها أزاء محنة الشعب السوري وحقة في مناهضة الأستبداد سلمياً وبناء دولته الديمقراطية لضمان تحقيق العدالة الأجتماعية والمساواة , بعيداً عن التدخل الأجنبي المسلح , وكذا الأمر في البحرين واليمن ولبنان والصراع الدموي والهمجي في العراق , أنها لعبة خطير لا طائل من ورائها سندفع ثمنها باهضاً , وسيكون حال بلدان شعوبنا في أكثر السيناريوهات تفاؤلاً ...تخلف أقتصادي واجتماعي مريع...تعطيل لبرامج التنمية ....تدهور للقطاعات الأنتاجية الزراعية والصناعية ...أستنزاف عبثي للموارد الطبيعية والبشرية ...جفاف وتصحر....أنشار للأوبئة والجهل والفقر ...ثم العودة المؤكدة للأستبداد والتعسف من جديد .
ولذلك فأن أيقاف الدمار الذي يتعرض له أهالي المدن العربية والأسلامية بسبب العنف الطائفي الهمجي , مرهون بتصعيد وتآئر النضال من أجل الديمقراطية الحقيقية عبر فصل الدين عن الدولة , للحفاظ على قدسية الدين عند المؤمنين من ناحية , ولتحريرالدولة من الاوهام الزائفة والفساد المستشري في مفاصلها من ناحية أخرى , لتنصرف مؤسساتها وهيئاتها الى العمل على تأمين السلام الأهلي ولقمة العيش لرعاياها . الى جانب النضال في سبيل تحذير الناس من مخاطر التبعية للغرباء وفضح خداعهم , قبل حلول ايام عجاف سيكون فيها لغيرنا من دول المنطقة الكاس المعلى , ولنا التشرذم والخيبة ,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -