الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب صناعة أمريكية - قراءة فى مسرحية -الحادثة اللى جرت فى شهر سبتمبر- للكاتب محمد أبو العلا السلامونى.

ابراهيم حجاج

2012 / 8 / 21
الادب والفن


د/ابراهيم حجاج - مدرس بقسم الدراسات المسرحية- كلية الآداب - جامعة الاسكندرية.
أصبح يوم الحادى عشر من شهر سبتمبر عام ألفين وواحد يومًا حاسمًا فى تاريخ البشرية، حيث مثلت أحداث هذا اليوم بكل معطياتها نقطة تحول لا فى تاريخ الولايات المتحدة فحسب، بل فى تاريخ العالم بوجه عام فقد كانت المفاجأة أن تأتى الأخطار من الداخل، وهو أمر غير عادى، حيث ظلت أمريكا تتحسب للأخطار من الخارج، ومن المعسكر المعادى لها، فكانت حرب النجوم، وتطوير الأسلحة بعيدة المدى وغيرها، أما أخطار الداخل، فلم تكن فى الحسبان، مما جعل المفاجأة كبيرة، والتداعيات أكبر من أى تصور.
"وكما قال المستشار الألمانى "شرودر" Schroederفإن العالم قد تحول فى هذا اليوم ولن يعود أبدًا إلى ما كان عليه قبل هذا التاريخ"ففى هذا اليوم تمكن الإرهاب، وقوى الظلام من تحقيق ما لم تستطع تحقيقه القوى العالمية العظمى. فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية حتى يوم 11 سبتمبر هى أكثر دول العالم أمانًا، بسبب موقعها الفريد كقارة نائية وآمنة، لا يمكن الوصول إليها بكافة أنواع الأسلحة، وامتلاكها لكل عناصر القوة، حتى جاء اليوم الذى "استطاع فيه عدد من الأشخاص الاستيلاء على طائرات ركاب مدنية أمريكية بوينج 767 وبوينج 757 وبوينج 747، وتحويل إياها إلى قنابل أو صواريخ بما تحمله من أطنان هائلة من الوقود، تعمل على الانفجار والاشتعال عندما يصطدمون بها – فى عملية انتحارية بربرية – بكافة رموز القوة فى الولايات المتحدة الأمريكية، المركز التجارى العالمى أو المركز العصبى للعالم المتقدم، ورمز القوة الاقتصادية والرخاء الأمريكى، والبنتاجون رمز القوة العسكرية لأقوى قوة فى تاريخ العالم".
ومن أهم تداعيات أحداث هجوم الطائرات الانتحارى، مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية العالم كله بالوقوف معها فى معركتها العسكرية والسياسية والاقتصادية ضد جماعات الإرهاب وما أسمته "الدول المارقة"، حيث شرع الرئيس الأمريكى بوش الابن، فى تكوين تحالف دولى على غرار التحالف الذى وقف أمام غزو العراق للكويت، ونادت واشنطن بإعلان موقف جميع الدول: هل هى مع العالم المتحضر والمدنية، أم مع الإرهاب الفوضوى، وبمعنى آخر "فإن العالم الآن قد تغير شكله تماما وأصبح ينقسم إلى كتلتين: كتلة العالم المتحضر وكتلة الدول والجماعات التى تساند الإرهاب، لم يعد هناك شرق وغرب، أو عالم رأسمالى وعالم شيوعى، ولكن يوجد عالم يساند الحضارة وعالم يساند الإرهاب والفوضوية".
هذا إلى جانب تصرفات الحكومة الفيدرالية التى اتجهت إلى زيادة هذا الشعور لدى رجل الشارع الأمريكى بدلا من طمأنته، الأمر الذى ترتب عليه هذا الكم من التشريعات والقوانين والقواعد الجديدة التى أربكت الحياة فى الولايات المتحدة وأثرت بالسلب على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بوجه عام، فبعد أن كانت الولايات المتحدة، هذا البلد الذى يرحب بالجميع على أراضيه، ويشجع الهجرة إليه باعتباره العالم الحر والعالم الجديد، جاءت القوانين والقواعد الجديدة، لكى تضع الكثير من علامات الاستفهام أمام كل هذه القواعد، وكل هذه المبادئ التى كانت تمثل "العالم الحر"، وأصبحت الحركة وحرية الأفراد تحدها الكثير من الالتزامات والقيود.
والمسرح بوصفه أكثر الفنون تداخلا مع حياة المجتمع، إذ يستمد غذاءه من معايشته الكاملة لسير المنعطفات التاريخية الحاسمة فى المسار الزمنى، كان له دورٌ هام فى تناول هذا الحادث الذى هز العالم بأسره، وكان هو السبب المباشر لغزو العراق وخلفية لمآسى شعب عربى، أو شعوب عربية فى مواجهة فكر فيه الكثير من العداء والاستعداء على حريات الأشخاص والأجناس والدول.
ومن بين كتاب المسرح برز اسم "محمد أبو العلا السلامونى"، الذى قدم أول دراما مسرحية تتعرض لهذا الحادث من خلال نصه "الحادثة اللى جرت فى شهر سبتمبر"، وهو ما يؤكده الكاتب نفسه بقوله: "تعتبر هذه المسرحية أول مسرحية وربما أول عمل فنى وأدبى يتعرض لحادث الحادى عشر من سبتمبر بكل جرأة وصراحة ودون مواربة أو ادعاء، فهو يقدم لحظة المكاشفة المريرة أمام الذات وإزاء الآخر على حد سواء".
وفى هذا النص "يعكس الكاتب مردودات ما حدث فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد هذا الحادث على المجتمعين العربى والإسلامى" وذلك من خلال سياق سياسى مغموس فى دراما اجتماعية واقعية، وأحداث لا تزال الأمة العربية كلها تكتوى بنار معاركها التى لم تتوقف.
يتكون نص "الحادثة اللى جرت فى شهر سبتمبر" من فصلين ويطالعنا فى مشهده الافتتاحى بشخص يدعى أنه "أسامة بن لادن"، وقد أتى لزيارة الطبيب النفسى بغية العلاج ومن خلال جلسة العلاج النفسى نتبين حقيقة شخصيته، فهو الدكتور "أبو الفرج الشرقاوى"، أحد الكوادر المصرية العلمية فى تخصص الأدب العربى الذى يقوم بتدريسه فى إحدى جامعات أمريكا، وهناك تزوج من "ليزا" وهى سيدة أمريكية أشهرت إسلامها برغبتها، للزواج منه، وقد أنجب منها ولدًا وبنتًا (مروان ومروة)، هما الآن فى مرحلة الشباب.
من خلال القراءة التحليلية لبنيات النص المسرحى "الحادثة اللى جرت فى شهر سبتمبر". يتضح تكرار عدد من المقولات الأساسية التى ترددت عبر جزئياته الداخلية، والتى يمكن إجمالها فيما يأتى (الحب – الكراهية – الإرهاب) حيث تتمثل البنية الكلية للنص فى إدانة الإرهاب، والسياسة الأمريكية البراجماتية التى وظفته خادما لها، وكشف الزيف عن الوجه الحقيقى لأمريكا، "التى ترفع شعارات العدالة والحرية والديمقراطية، فنحبها، ثم تفسرها تفسيرا شاذا، وتعيد تعريفها بطرائق متناقضة حسبما تقتضى مصلحتها الذاتية"، مما يكون له الدور الإساسى فى تأجيج مشاعر الكراهية والاستياء والسخط، وخلق المواقف العدائية التى قد تنتهى بالترهيب واستخدام القوة.
كما تحمل الرؤية الفكرية للنص الولايات المتحدة الأمريكية جانبا من مسئولية الحادث، حيث تعتبر الإرهاب الأفغانى – المسئول عن تدبير الحادث من وجهة نظرها – صناعة أمريكية وهى رؤية متوافقة مع بنية اجتماعية "حيث التقت مصالح الطرفين الولايات المتحدة والحركات الإسلامية الأصولية المتطرفة، ودربت عناصر هذه التنظيمات الإسلامية الأفغانية وكانوا يسمونهم (أفغان عرب) على أرض أفغانستان، كما مدت أمريكا وحلفاؤها من دول النفط هؤلاء المجاهدين بالدعم المالى وبالعتاد المتطور، وأهمها صورايخ "ستنقر" المضادة للحوامات، ومنذ تلك المرحلة خلقت علاقات متشابكة ومتداخلة و معقدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وهذه الحركة الإسلامية الأصولية". وقد تناحرت المصالح بين حركة القاعدة من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، وجاء هذا التناحر بعد أن شعر" أسامة بن لادن" أنه قد خدع، "بعد أن وعدته أمريكا بوعود شخصية متعلقة بمناصب سياسية أو قيادية لم تنفذه بعدها أراد أن يهدم المعبد على رؤوس الجميع هنا وهناك، أما من يقومون بتنفيذ هذه المخططات فلا ناقة لهم ولا جمل فيما حدث بين "ابن لادن" وأجهزة المخابرات العالمية، ولكنهم مغيبون إما بالطبيعة أو نتيجة عمليات غسيل مخ شيطانية زرعت فى عقولهم أفكارًا خاطئة بدأ العالم كله يعانى منها بعد حادثة البرجين".
تلك هى البنية الاجتماعية التى تولد عنها فكر الكاتب، وهى تمثل وجهة نظر ورؤية عالم لدى جماعة اجتماعية محددة، تبناها الكاتب لإيمانه بها، وهو ما يؤكده "محمد أبو العلا السلامونى" بقوله: "إن النص سياسى يهاجم الإرهاب والسياسة الأمريكية، وينتقد الجماعات الإسلامية فى أفغانستان، ولن أتعاطف مع أعضائها حتى لو كانوا أبرياء من تفجيرات "11 سبتمبر"، لأنهم سمحوا لأنفسهم منذ البداية بأن يكونوا أداة تستخدمها الولايات المتحدة كيفما تشاء"، وبذلك يطرح النص رؤية للعالم، خاصة بجماعة محددة وقد تكون مغايرة ومخالفة لرؤية أخرى، تقدم تفسيرات أخرى للحادث، فهناك من يرى أن "أحداث سبتمبر لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يقوم بها أفراد كأسامة بن لادن ومنظمته المسماة بالقاعدة، خاصة أن مصادر تمويل هذا المنشق السعودى لم تكن ببعيدة عن معرفة سلطات الأمن الأمريكية والغربية بل إن معظمها فى أوروبا وأمريكا"، ومن هنا يعتبر أصحاب هذا الرأى أن عملية نسف برجى التجارة والبنتاجون عملية واسعة النطاق، ذات تكنولوجيا عالية وتحتاج إلى إعداد لفترة طويلة وتدريب دقيق، لذا لا يمكن بل لا يعقل أن تكون من ترتيب وتنفيذ أفراد أو منظمات ذات إمكانيات محدودة، كما يضع أصحاب هذا الرأى تصورًا جديدًا ومخالفًا لما يطرحه النص حول ماهية الفاعل، حيث يرون أن "أى قراءة محايدة للحادثة وضخامتها، وتكنولوجياتها العالية، تنبئ بأن الجماعات اليمينية فى الولايات المتحدة والمشهورة بتطرفها وقدراتها وإمكانياتها الواسعة لها دور كبير فى هذه الأحداث، فالمنظمات اليمينية المتطرفة لها خطوطها الحمراء وترى أن التعدى عليها من جانب الحكومات الفيدرالية الأمريكية أيا ما كانت انتماءاتها الحزبية تستدعى الهجوم المباشر من جانبها"، وتتهم هذه المنظمات اليمينية الحكومية الفيدرالية بأنها قد ارتكبت العديد من الأخطاء بسياستها الخارجية والداخلية التى بدأت فى تطبيقها بعد تولى الحزب الجمهورى السلطة وتحوله عن المبادئ الأساسية التى يقوم عليها المجتمع الأمريكى "كمسايرة الحكومة الفيدرالية للحكومة الإسرائيلية والمنظمات الصهيونية واللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة والتى ستؤدى فى نهاية المطاف إلى فقد أمريكا احترامها الدولى وهيبتها كدولة عظمى وحيدة". ويتفق الباحث مع هذه الرؤية مستبعدًا الرؤية التى طرحها الكاتب "محمد أبو العلا السلامونى " فى نصه حول ماهية الجانى. ولكنه يتفق معه حول أسباب الحادث، والتى تتلخص- فى عمومها - فى سياسة أمريكا المغلوطة القائمة على القهر وتغليب المصلحة الذاتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحداث 11سبتمر
د.محمد لطفى سليمان ( 2012 / 8 / 21 - 18:02 )
أحداث 11 سبتمبر تفوق قدرات أى منظمة شرق أوسطية بمراحل.ولم تكشف أمريكا عن أسرارها حتى الآن.أحداث11سبتمبر قامت بها أمريكا لتشن الحرب العالمية على الإرهاب فى أفغانستان والعراق ولا تزال تستغلها حتى الآن وإستعملتها فى إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين لتحقق مصالحها فى العالم كله.أما أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى فهما رجال أمريكا.لقد كانت أمريكا تمول أسامة بن لادن ضد الإتحاد السوفيتى علنا وأمام العالم كله.وأمريكا هى من يحرك أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وتنظيم القاعدة.وأمريكا هى من يحرك جماعة بوكو حرام الإرهابية فى نيجيريا.إن الإرهاب صناعة أمريكية أصيلة بالفعل

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي