الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطور التاريخي للصراع في منطقة الشرق الأدنى

زاردشت قاضي

2012 / 8 / 21
السياسة والعلاقات الدولية


ما يجري الأن في بعض البلدان العربية , الخاضعة لمخططٍ جديد , ومن تغيّيرٍ في الأنظمة والحكومات , وما سيحملها الأزمنة الآتية من تفتيتٍ للأواصر والجذور التاريخية بين تلك الدول , هي في حقيقة الأمر شبيهٌ تماماً بوضع تلك البلدان في النصف الأول من القرن الخامس عشرة للميلاد , أي ذلك التنافس العثماني- الصفوي آنذاك , ومحاولة كلتا الإمبراطوريتين إحراز أكبر قدر من المكاسب الجغرافية على حساب الممالك الإسلامية في تلك الحقبة , مع الأخذ بعين الإعتبار أن تلك التنافس اتسمت بالسني – الشيعي , وكذلك فيما يتعلق بأواخر الثلاثينات من القرن العشرين .
على أن ماحدثت في تلك الفترة , وفي المنطقة عينها , تمثّلت ببروز سياسة ثنائي القطب , والتي وصلت إلى الذروة في عام 1948م , وما رافقتها من حدثٍ حاسمٍ , كان قد رسمت خارطة التطور السياسي في منطقة الشرق الأوسط , الأمر الذي أدى إلى نشوب صراع جديد طويلة الأمد في المنطقة , والتي لم يهدأ هيجانه إلى الأن .
وبطبيعة الحال , فقد جاءت تلك التطورات رداً على تقلص النفوذ الشيوعي – السوفياتي فيها , على أن تقارب المصالح بين دول حلف وارسو مع جورج بوش الأبن , بخصوص إنشاء شرق أوسط جديد , كان قد تجاوز استبدال الأنظمة في العراق وفلسطين وإيران ليظهر هؤلاء إنزعاجاً بليغاً حول الأنظمة التي خضعت لمخبر الربيع العربي , وما تمرّ به سورية حالياً منذ أكثر من عام ونصف العام .
ما تمناه بوش في البداية , بغية إنشاء شرق أوسط جديد , من إسقاط الدكتاتورية في بغداد كان من أجل خلق نوعٍ من الراحة والإسترخاء في تلك المنطقة التي أضحت الآن بؤرة صراع الشعوب ضد حكامهم الطغاة , لكن الأنظمة القائمة في المنطقة لم يأخذوا العبر من ويلات حرب العراق , وبالتالي التسارع في إصلاح أنظمتهم , بل فعلوا العكس تماماً , ومارسوا أشد أنواع الإستبداد ضد شعوبهم , غير أن الوضع السياسي الجديد التي ظهرت في المنطقة بعد 2003م , ويمكن القول الفريد من نوعه , قد زادت من علاقات التنافس بين الدول العظمى والتي شلّت مراراً وتكراراً قرارات الأمم المتحدة وكان أخرها بخصوص الوضع المتعلق بالثورة في سورية .
وفي واقع الأمر , فإن العلاقات التنافسية تلك لن تخلق أبداً أنظمة أخلاقية , لا بل سيقلل من نفوذ مجلس الأمن , والتي تقلص شأنه كثيراً بخصوص الملف السوري . , كما حدث قبل ذلك لجامعة الدول العربية , والتي فشلت تماماً في المهمة الملقاة على عاتقها بغية لعب الدور الرئيس في حلّ الصراع الدائر بين الشعوب العربية وحكامهم الطغاة , لا بل تحولت هي الأخرى إلى مؤسسة ديكتاتورية عبر شبكة عنكبوتية المصالح مع تلك الأنظمة .
وبطبيعة الحال فإن خلق شرق أوسط جديد يتناسب مع إضعاف الكتلة الشرقية في المنطقة عينها , والتي باتت ضعيفة جداً , وفي أيامها الأخيرة في سورية , الأمر الذي فتح المجال لأمريكا ليظهر كقوة عظيمة في المنطقة بلا منازع , وذلك لأن فرص نجاحه هي في الدور التصاعدي , وسيبلغ الكمال في حال فشل روسيا في سورية .
لكن ومن ناحية أخرى , فإن أمريكا ليست القوة الوحيدة في الساحة السياسية بغية خلق أشكالٍ جديدٍ من الصرعات والتحديات في الشرق الأوسط , ذلك لأن الصراع العربي- الإسرائيلي قد نبّهت أيضاً الهيئات والمحافل الدولية الذين أسسوا لأنفسهم قواعد راسخة من أجل التنافس مع القوى العظمى , وقد ظهر ذلك جليّاً بعد حرب الكويت الأمر الذي أدى إلى بروز أشكال جديدة من الصراعات من النوع الطائفي – العرقي , والصراعات أوالنزعات الدينية , وكذلك الإضطرابات الاجتماعية على خلفية عدم المساواة في طبقات المجتمع , وأبرز مثال على ذلك هو الصراع الطائفي - التاريخي الطويل الأمد في لبنان .
وكذلك مايتعلق بالغنى في الخليج العربي والإختلاف الواضح لا بل التفاوت الكبير بين دولة كاليمن , كواحدة من أكثر دول العالم فقراً , وقرينتها دولة الأمارات المتحدة والتي تعدَ من أغنى الدول في الوطن العربي , على أن مشكلة الفقر والغنى ليست الوحيدة بين دول الخليج العربي وباقي الدول العربية , ففي حين هناك أنظمة ملكية تتوارث الحكم في دول الخليج , فإن الإعلام الخليجي , كقناة الجزيرة على سبيل المثال لا الحصر , والتي أبدعت في فضح الأنظمة العربية الديكتاتورية - الجمهورية - , قد بخلت إلى حدٍ كبيرٍ بغية تغطية الأحداث في البحرين بالمثل , ذلك لأن البحرين تمتلك علاقات قوية مع قطر , كما حدث للإعلام السوري , فأثناء قيام الشعب العراقي بتمزيق صنم صدام الحسين تحت إشراف الجنود الأمريكان , لم يظهرفي التلفاز السوري أية صور لسقوط بغداد آنذاك .
وبغص الطرف عن العدو اللدود المشترك الذي يقطن في الطرف الشرقيّ من الخليج , فإن دول الخليج العربي حريصون بغية الحفاظ على الأواصر والعلاقات الملكية المتبادلة , ولأن قطر قد تكون خائفة جداً من تلك النوع من المشاكل التي نشبت في البحرين , والتي من الممكن الإنتقال إليها من الدولة الصديقة وبسهولة , ومن هنا فإن ما تودها التكلة الخليجية من ديمقراطية خارج نطاق حدودها لا يرضاها بتاتاً لنفسها .
والقاعدة العملية تنطبق تماماً على سورية الأن , وذلك عبر دعم تركية الديمقراطية في سورية من أوسع ابوابها , وتخوفها الشديد من آمال الشعب الكردي , على أن تحرر المناطق الكردية في الأونة الأخيرة من النظام البعثي بات هاجس أنقرة اليومي , وخصوصاً فيما يخص توحيد الحركة الكردية تحت كتلة سياسية واحدة متمثلاً بإتفاقية هولير , وتحت تسمية " الهيئة الكردية العليا " , لأن حصول ثلاثة ملايين ونصف المليون في سورية على حقوقهم القومية المشروعة , وبالتالي إنشاء إدراة ذاتية خاصة بهم في المناطق المتواجدة فيها , لن يسّكت 25 مليون من الكرد في تركية بغية الإستفادة من تجربة كردستان سورية , وخصوصاً في ظل غياب الموانع الجغرافية بين كرد كلا الدولتين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام