الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العقل العربي .. فاشل في إدارة ألأزمات وناجح في إنتاجها
سامي بن بلعيد
2012 / 8 / 21مواضيع وابحاث سياسية
أثبتت ألمراحل التأريخية على إمتدادها الطويل منذ ألأزل على إن العقل العربي فاشل وبجدارةٍ كبيرةٍ في إدارة الأزمات , حتى ما يسمّى بحضارات عربية كانت عبارة عن طفرات طغى عليها جانب الصراع والتآكل الذي أفرز حضارات ودويلات على حساب أخرى وكل تلك المسميات الرنانة التي يتباهى بها العرب عندما يشعروا بالخيبة والفشل الكبير في صناعة الحاضر والمستقبل لم تترك أي إرث إيجابي في طيات الذاكرة المجتمعية التي تشير ولو الى الشيئ اليسير من الدلالات التي تؤكّد أو تبرز شيئ من السلوك الحضاري الجمعي ما عدأ شذرات من التأريخ الاسلامي الذي ما برح إن حوله تابعيه الى مصدر رئيسي من مصادر صناعة الأزمات
فالحقيقة الواقعية لا تحتاج الى تنجيم وضرب بالرمل والحصى لأنها مُتجلية تماماً لمن أراد أن يدركها وهي لا تخرج عن إطار الذات العربية التي تعطّلت فيها مسارات وقواعد التفكير العقلي والإنساني وأصبحت العاطفة التي تحركها إهواء النفوس هي الموجهة للأنسان العربي , حتى العقول العربية الناضجة لم يعد لها فاعلية لأن الثقافة الاتفعالية هي صاحبة الغالبية , فضاع الحق والمنطق في حقول الوهم والعشوائية التي تغمر الساحات الفكرية
وإذا سألنا ... لماذا لم ننجح ؟ لماذا لم نستطع تشخيص الامراض وإعطاء الوصفات الشافية ؟ لماذا تنتهي أزمة لنفاجئ بعدّة أزمات على غِرارها ؟
لا الاسلاميين نجحوا ولا العلمانيين نجحوا ولا المفكرين ولا العلماء ولا المثقفين على مُختلف ألأطياف ؟
لماذا شعوب العالم تتحرّك الى الأمام ونحن نتحرّك الى الخلف ؟
ألإجابة أنا أعتبرها صغيرة وهي :
إن العربي عندما يغضب وينفعل يضيع منه عقله ... وعندما تتحدّث مع الكثير من الناس المثقفين في الظروف العادية ... تقول ما شاء الله .. نحن في أحسن حال
والحقيقة لسنا في أحسن حال لأن أهواء نفوسنا هي من يحكمنا ... والنفوس عاطفة وإنفعال يتبعه خلاف وصراع فحروب ومؤمرات .. فالإنفعال هو الداء العضال الذي قطّع ألأوصال ...والطبيعة البدوية ما زالت تفعل فعلها بغض النّظر عن المؤهلاة والشهادات العلمية العالية .. وسبق أن أشرت الى ذلك في أحد مواضيعي السابقة
تؤكّد علوم الصحة النفسية إن الشخص المُنفعل عندما تأتيه حالة الانفعال والغضب
تحصل عملية فصل بين ألإنسان وعقله الواعي _ المحايد الذي يرى الحقيقة كما هي عليه في الواقع _ مهما
كانت درجة أهلية الشّحص
تلك المشكلة المحورية المكرّسة في واقع الانسان العربي لم تكن جديدة بل إنها نتاج لمخاض زمني طويل
ترتب عليه إندفاع ألانسان العربي نحو العاطفة والانفعال بعيداً عن مسارات العقل الواعي الذي يصنع المعرفة
وبالتالي أصبحت ألأُمةَ تتحرّك على عكس حركة الحياة الحضارية للشعوب برغم إنّها تقدّم من الاعمال المضنية
أكثر مما تقدمّة كثيراً من الشعوب الأُخري والسبب إنها تنطلق من ميادين العاطفة ومن ميادين لا تمُت بصلة
الى ميدانها الحقيقي ( كيانها الثقافي )
ونتيجة ذلك التراكم الذي ينتجه العقل المجتمعي _ ذاكرة المجتمع _ تظهر المفارقات المضحكة المبكية
التي تجعلنا مندفعين نحو الهدف بين مدافعين عن تراثنا وعاداتنا ومعتقداتنا او مدافعين عن آمالنا وطموحاتنا
ومستقبلنا وفي الواقع الملموس نحن نمثّل ألاراء والأفكار التي تدور في ذاكرتنا المجتمعية الجبّارة التي
نقدّم أنفُسنا ضحايا وقُرباناً لها مع إصرار وإستكبار على إننا نصنع التأريخ ونعالج ألأزمات ونحن على العكس من ذلك
ومع ذلك فإن العقل الواعي قد لا يموت لدى فئةٍ من الناس في جزء مما يسميه فرويد العقل الباطن
وعندما يثور أولئك ألافراد ضد ما هو قديم وما تنتجه ماكنات العقل المجتمعي بجانبها السلبي يلقى
أولئك المميزين الكثير من الصد والعقاب والتعذيب الذي يصل الى درجة القتل
وأولئك المميزين أدركوا إن هناك عقل مجتمعي منفعل وقاهر وعقل واعي ينظُّر الى ذلك العقل ويهدف
الى التصحيح والتغيير وهذه المرحلة هي ما أسماها الجابري مرحلة التفكير بالعقل في العقل
والتفكير بالعقل في العقل يشكِّل نوعاً من إنعكاس الفكر على ذاته ... فتصبح الذات موضوعاً للبحث
الفكري المُمنهج بدل إن يكون الموضوع _ العقل الانفعالي _ ميداناً للعمل الفكري في الاحوال الموروثة
وهذا ألأمر يضعنا أمام لحظة مراجعة بالملكة التي تصنع المعرفة للملكة ذاتها كأداه لأنتاج المعرفة
ويكون ذلك أفضل بمليار مرّه من أن نجعل وسائل إنتاج المعرفة مجرّد وعاء يحفظ تأريخ وتراث الماضي
او يقلّد ألآخر وينقل عنه المعرفة دون تمحيص أو تبيئه تعطي العقل النقدي حقّه في التفكير والتحليل
ويبقي الجميع داخل دائرة الجمود المتحرّك بقوّة قاتلة
لأن كل الجهود التي تبذلها الشعوب ونخبها ستظل في عالم ألأماني والأُمنيات مهما تخيّل الينا إننا نتحرّك ونثور
فسرعان ما نعود الى نفس محاريبنا العتيّة
فإن لم تقُم ثورة فكريّة قيمية
تقلب طاولة المفاهيم رأساً على عقب وتقوم بعملية تفكيك ممنهج مع إنتزاع كل بالي وسلبي وبطريقة مرادفة
سنظل هكذا الى أن نهتدي ونُغيّر ... أو نستمر في صناعة ألأزمات لحتى نخرج من إطار التأريخ الحديث والمعاصر
ونصبح حينها حاملين اللقب بجدارة ( علماء وملائكة ألأزمات ) وطبعاً سيكون أغلب أبطالها إسلاميين وعلمانيين
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - العقل و الوعي
أسۆ بیارەیی
(
2012 / 8 / 21 - 22:16
)
الاخ الفاض سامي! تحیاتي الحارة و عاشت الایادی علێ هذا التحلیل السلیم لواقع المٶلم لمجتمعات الشرق. انا اضیف اضافة قصیرة و اقول هناك اسباب و عوامل ذاتیة لعدم فهم الانسان الشرقي لتطور نفسە و محاولته لخروج من الازمات، مثلما قلت ، غالبا یکون هو منتجها، من بین هذە العوامل القوێ الرجعیة(لیس بالمعنی السیاسي) رجیست.، التي لها التأپیر الدائم في انتاج العقل القدیم سنوات و قرون بعد قرون. من هذا القوی العنصر الدینی المٶثر علی الانسان العربي. فالدین اصبح یدیر العقل الباطن و حتێ السلوك الیومي للأنسان المسلم بشکل عام و العربي بشکل خاص، مرات کثیرە یصل الێ قمة السایکوباتیة و البارونویدا النفسیة و مع الاسف الشدید لە اثارە السلبیة علی السلوك و المقاییس الاجتماعیة. ..آسو بیاري ماجستیر في علم النفس الاجتماعي،/السوید
2 - ألأستاذ الكريم : آسو بياري
سامي بن بلعيد
(
2012 / 8 / 22 - 03:30
)
أشكرك جزيل الشكر على هذه الاضافة الرائعة والتي تتحدث لسان حال الواقع
والبارانويا آفةٌ مستديمه عند العرب
والصحة ألنفسية بحاجةً ماسه الى عناية وإعادت نظر
أكرر شكري مع كل الاحترام والتقدير لشخصك الكريم
.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت
.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا
.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و
.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن
.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا