الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبلة باردة

محمد إبراهيم محروس

2012 / 8 / 22
الادب والفن


قبلة باردة"" بقلم محمد إبراهيم محروس

أهلاً..انتظرتك طويلا ..لماذا تأخرت ؟..
_العمل كما تعلمين .. فهم لا يرحمون هنا..
أشارت بيدها, وهزّت رأسها ,أنها تفهم بكل تأكيد.
وقالت وهى تعطيه ابتسامتها المعهودة:_ سوف اسخن لك الطعام مرة أخرى لقد برد..
قال متعاطفا:_ كلا سأكله الآن كما هو ..لا داعى ..
إنها أيضا لم تكن تستطيع أن تقف على قدميها لتعيد تسخين الطعام,ولكنها أجبرت نفسها أن تعرض عليه الأمر.. وقد اراحها بجوابه.
أنهى طعامه..وقام ,أشعل سيجارة ,واتجه الى المكتب ,فرد أوراقاً كثيرة ..وشرع فى العمل .يطلبون الأوراق غداً .ويجب أن ينتهى منها..
اقتربت منه ,وضعت كوباً من الشاى أمامه .. تحسست شعره بيدها ,رفع رأسه, ثم أمسك راحتها, ووضعها على فمه وقبلها..تركت راحتها لبرهة بين شفتيه, ثم سحبتها برفق. ..
انصرفت لتتركه لعمله الذى لم ينته , ولن ينتهى منه منذ وطأت أقدامهما أرض هذا الوطن الغريب.
خمس عشرة سنة وهما هنا..مروا عليهما كأنهم قرون .
كل سنة يحلمان بالعودة إلى أرض الوطن.. ولكن يأتى الحلم بصعوبة.
أحلامهما تتعثر ,ثم تستقيم, ثم تعود للتعثر ,وهكذا الايام تمضى.
جلست أمام التلفاز تتابع حوار المذيعة اللامعة مع ضيوفها"الحياة أصبحت مفتوحة أمامنا رغم كل الضيق الذى يسيطر على مشاعرنا العالم أصبح قريةصغيرة .وتتشابه الأسماء والأزمنة وتختلط المفاهيم فى عقول الناس ولكن لابد للعودة إلى رحم الحياة الأم إلى بكورتها ولحظات التنفس الحقيقى"
ما كل هذا الذى قاله العالم المهيب..
والمذيعة تهزّ رأسها موافقة..
مصمصت شفتيها وغيرت القناة
صوت ذلك المطرب لا يعجبها به رنة مزعجة قامت بتحويل القناة مرة أخرى..اللعنة!
ألم تحذف هذه القناة من القائمة أمس؟!..
تعلقت عيناها بالقناة للحظة,ثم سارعت بحذفها مرة أخرى
مرت على القنوات سريعا. لا شىء, لا شىء جديد.
أغلقت التلفاز ,وقامت إلى المطبخ متثاقلة..جهزت العشاء وانتظرت برهة قبل أن تلج فى غرفة المكتب..
مازال منكباً على أوراقه..تنحنحت
قال:_قاربت الانتهاء,نصف ساعة أخرى
قالت:_لقد جهزت العشاء.
قال فى لامبالاةوهو يواصل عمله:_كلى أنتِ أمامى بعض الوقت
انسحبت من أمامه, ودخلت للمطبخ مرة أخرى ,غطت العشاء. منذ متى لم يجمعهما والخبز وقت..سنوات طويلة, تنهدت فى حسرة ولم تتناول لقمة..قررت أن تنام ..دلفت إلى حجرة النوم ارتمت على السرير.
لم تشعر بالبرد هذه الليلة وبتلك القوة؟
راحت الذكريات تتوالى ..أحلام الثراء أحلام السفر الغربة بكل ما فيها من ضغط ومرارة
والأطفال الذين يرفضون أن يجيئوا فى تلك البلد ..زيارتها للطبيب لعدة مرات..وعلى مدار سنوات حتى ملت الأطباء
قال الطبيب:_لا مانع لديك من الحمل وزوجك كذلك.. أهم شىء الراحة النفسية لكما معا..
ومن أين تأتى هذه الراحةالتى تكلم عنها؟
جسدها يرتعش تحت الأغطية الكثيفة..دمعة تسللت من عينيها وفرت تبغى الخلاص.
لقد تحملت الكثير ,تحملت فوق طاقتها,ولكن ماذاأمامها لتفعله؟
سمعت صوت حركة أقدامه فى الصالة جففت دموعها التى بدات فى الانحدار..من الجلىّ أنه أنهى عمل اليوم.ذلك العمل الذى لا يدع فرصةلهما ليعيشا حياتهما الخاصة..سيذهب للمطبخ الآن ..ويتناول عشاءه فى سرعة,وكأنه يؤدى واجباً مملاً,ثم يذهب ليفتح التلفاز ..سيقلب القنوات سريعاً,سوف يُلاحظ أنها حذفت تلك القناة الملعونة سيضحك..تعلم أنه سوف يثبتها مرة أخرى ثم يشاهدها لدقائق بحكم التأكد من التثبيت ..ويغلق التلفاز..ستعيد فى النهار حذفها هكذا تمضى الأمور بينهما منذ سنوات.
خطواته تقترب من باب غرفتها ..سيفتح الباب الآن ,ويدخل يحاول إلاّ يزعجها ..ستلتف بجسدها إليه وتنير اللمبة الصغيرة بجوار السرير ليعرف أنها لم تنم بعد..وتتقابل العيون والأبتسامات
.ضحكت وهو يقول :_لقد انتهيت
اقترب منها وضع قبلة على جبينها ..ازاح طرف الغطاء .ودلف للسرير..لثم جبينها مرة أخرى وأعطاها ظهره وذهب فى النوم.
ما زال النوم بعيداً عن عينيها.
بينما ارتفع شخيره وهى ما تزال ترتعش
وتتساءل لماذا تشعر بكل هذا البرد ..لماذا؟! محمد إبراهيم محروس [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة