الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخفاق الدرامي في مسلسل -باب الشيخ-

محمود الوندي
(Mahmmud Khorshid)

2012 / 8 / 22
الادب والفن



اطل علينا في شهر رمضان الفضيل المسلسل العراقي " باب الشيخ " من على قناة العراقية الفضائية ، شبه الرسمية ، وهو عبارة عن دراما سياسية واجتماعية عراقية تدور احداثها في ستينات القرن الماضي ، وتضمن الحوارات التي تجري فيه أهم الأحداث التاريخية التي مرت بالعراق إبان حكم البعث ، وكذلك يتناول قصة حب عراقية تواجه عددا من المشاكل الاجتماعية ، ويسلط الضوء على الحياة البغدادية والقيم النبيلة والعادات والتقاليد القديمة ، يشترك ببطولته نخبة من الممثلين العراقيين وفي مقدمتهم الفنان القدير " غالب جواد واحمد طعمة والفنانة القديرة اسيا كمال وغيرهم " وإخراج " أيمن ناصر " ، وتدور أحداثه في منطقة باب الشيخ ببغداد ، ويبرز مخرجه أيمن ناصر الدين فاصلا ساخنا من الحياة العراقية المتوترة في ظل الانقلابات البعثية الدموية وتداعياتها على الشارع العراقي .
ومن خلال متابعتي لحلقات هذا المسلسل واحداثه التي تدور حول احداث في نهاية الستينات من القرن الماضي ، اي بعد انقلاب 17 تموز 1968 وموقف اهالي باب الشيخ منه ويوشر المسلسل ايضا الى احداث 8 شباط 1963 ، وثم يؤشر الى تلك الاحداث التي قام بها من ابناء باب الشيخ لمقاومة الانقلابين دفاعا عن منجزات ثورة 14 تموز وعن قائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ، والذين تعرضوا الى الإبادة من قبل الاجهزة الامنية والحرس القومي .
ان فكرة المسلسل الجديد ولا تخلو من التشويق والاثارة لكنها مع اعتزازي للمؤلف والمخرج ان بعض احداث المسلسل فيه شيء من انحراف سياسي وتاريخي للعراق وشعبه من اجل ارضاء للاحزاب الحاكمة والاستسلام لنزوة السياسة الحالية ، مبينا أن المسلسل في تناوله للوضع الاجتماعي في باب الشيخ بعيدا عن الواقع تماما ، وعدم الدقة في نقله ويجافي الحقيقة والأمانة . وكان اجدر به ان ينقل للمجتمع العراقي وحتى العربي عن حقيقة ساكني باب الشيخ هم من الكورد الفيلية ( يعرفه القاصي والداني ) التي دفعت الثمن تلك الانقلابين ، ويؤشر المسلسل الى المعارضييين الحقيقيين وليس ان يكون المسلسل على الأوهام .
هذا يعني أن الدرامة العراقية بشكل عام مازالت تنوء تحت حمل رؤية سياسة مزيفة اما بتأثير قراءة غير صحيحة للواقع العراقي وأحداثه والفهم الخاطئ له او انها جاءت بتأثير أجندات خارجية وتنفذ من قبل بعض الاحزاب القوية على الساحة العراقية التي تكن العداء لاحد مكونات الشعب العراقي او القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية (بشكل خاص) ، لذلك نلاحظ التغيير والتزييف مرافق للاعمال الدرامية العراقية التي تخرج من هدفها الحقيقي وبعدها الفني .
ان المسلسل لم يؤشر الى العوائل الكورديه الفيلية في باب الشيخ نهائيا التي قاومت انقلاب 8 شباط وقدمت القوافل من الشهداء في ذلك اليوم من خلال انتماءاتهم الى الاحزاب الوطنية ، وكانوا اول من المعارضين لانقلاب 17 تموز عام 1968 بقيادة حزب البعث ، وكما احتضانهم للقوى الوطنية العراقية والكوردستانية (والشواهد على ذلك عديدة ولا يتسع المجال لذكرها بهذه العجالة ) ، وكما يغفل المسلسل بالدور الحقيقي التي لعبتها القوى الوطنية في مقاومة حزب البعث في كلا مرحلتين (حيث صدرت حول تلك الاحداث عشرات الكتب الى جانب الاف المقالات) . لقد حاول المسلسل ان يحصر الموضوع لاربعة من الشبان فقط وليس لهم اي ارتباط بالجهة السياسية المعارضة ، واشارة المسلسل الى العوائل ليسوا من سكنة باب الشيخ ، ويحاول المسلسل اعطاء دور ريادي الى احد الاحزاب الاسلامية الذي كان شريكا رئيسيا لحزب البعث في الإطاحة بحكم الزعيم الوطني في 8 شباط الاسود عام 1963 ، وبرغم لم تكن هناك الاحزاب الاسلامية فاعلة في الشارع العراقي ، وأن الهم السياسي كان المحسور بين المد اليساري والقومي هو المُسيطر على الشارع فإن الاحزاب الاسلامية ( الشيعة والسنة ) على السواء ليسوا ذات رصيد جماهيري أنذاك ، بالإيضافة الى غياب دور رئيسي للرفاق البعثيين في المسلسل .
اعطى المسلسل لمنطقة باب الشيخ صورة ضبابية ، وضعف الحبكة الدرامية لحساب التركيز الفاقع على شخصية عبدالله المناتي في المسلسل ، اضافة الى ما رافقه من أخطاء كثيرة تخص الوقائع والحقائق اغفلها مخرج المسلسل ومؤلفه ، والحوارات مليئة بالمغالطات الواقعية ومغمورة بالبعد عن الحقيقة ، والى الكثير من التهويل والتضخيم لمواقف صعبة الحدوث وخصوصا فيما يخص تبديل الاسرى بين المسلحين وبين الاجهزة الأمنية كأن لديها السلطة المطلقة لتبديل الأسرى بعيدا عن موافقة السلطة العليا والمتمثلة بمجلس القيادة الثورة البعثية ، وكذلك الحال الى الطرف الاول كيف يتصرف الشخص باسم " صباح " بعيدا عن الموافقة قياداته ، ومن خلاله كشف احد الأوكار الحزبية المعارضة للأجهزة الامنية . وثم تهديد ضابط الأمن الذي يرتبط بجهاز المخابرات البريطانية برسالة خطية حول تبرئته من الحزب ايام نظام الشهيد عبد الكريم قاسم ويجبره على المساوامات بينه وبين المسلحين بعيدا عن انظار حكومة البعث او باحرى عدم علمها (وهل من الممكن ان نصدق ) ، لقد نسى المخرج او المؤلف بان احمد حسن البكر هو تبرئ ايضا من حزب البعث من خلال وسائل الاعلام وثم اصبح رئيس العراق بعد انقلاب 17 تموز عام 1968 ، ألا يدري ذلك الشخص عن تبريئة البكر وهناك كثيرين على هذه الشاكلة داخل حزب البعث ولم يتحاسبوا عن براءتهم ، فكيفية هو يخضع للمقابل برغم ارتباطه مع المخابرات البريطانية ، هل يعقله العاقل ، مع الاسف ان قناة العراقية ما تزال تعمل بنفس الوتيرة والاسلوب والعقلية المنحرقة للنظام البائد ، ويبدو لديهم ان الشعب العراقي لازال يعيش عنصر الخوف والخضوع بدلا من الواقع .
وان الدراما السياسية يجب ان تصقل بشكل اكثر وان تبتعد على الخيال وان تاخذ منحى الجد والقصص الحقيقية وليس تاخذها على الأوهام ، لان المشاهد العراقي يأمل ان يشاهد عرضا نزيها وموضوعيا حول ما جري في العراق من احداث وتداعياتها ، كان من الضروري قيام المؤلف بجمع المعلومات من الاشخاص الذين عاشروا تلك المرحلة كان المسلسل اكثر وضوحا لنقل الحقيقة عن الاحداث في العقد الستينات من القرن الماضي الى المجتمع العراقي والعربي لان الاحداث لم تمر عليها سوى اربعة عقود ونيف من الزمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض