الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهات المتصارعة على -إقليم أزواد- و-كبش الفداء-!

محمد أغ محمد

2012 / 8 / 23
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لقد عانى الطوارق كثيرا من التهميش السياسي، والطبيعي معا!
فإضافة إلى تصحر البيئة كانت دولة مالي التي أضافتهم فرنسا إليها أهملتهم كعادة أية دولة تحس ب"جسم غريب" داخل كيانها، فينتقل التمييز من الشعور الفردي للمواطن المالي الزنجي تجاه "هذا الأبيض، والأسمر الذي قد يكون اجنبيا"! من "الفرد المالي إلى "المؤسسات الرسمية بالدولة"، فهي لا يديرها غير ذاك المواطن...
إلا أن كل تلك المآسي تحداها الطوارق بفضل ما منحته الحياة الصحراوية القاسية لهم من القوة، والصبر، والشجاعة، والشهامة ....
لقد تركتهم فرنسا لدولة مالي "كوديعة" يجب تغليفها في مكان بعيد عن الأضواء، والإعلام، ربما لإعدامهم قليلا قليلا! الله أعلم.
وما إن حاول بعضهم الخروج من ذلك السجن الأبدي المظلم حتى انتبه الجيران أيضا ل"جسم غريب" يستيقظ من تحت أقدامهم، وأعني "ليبيا، والجزائر"، فتنافست الدولتان على إعدام هذا "الشعب" شمال مالي، فتسلمتا الوظيفة نيابة عن السلطات المالية، ويبدو أن "القذافي" انتصر على "بوتفليقة" في المسابقة نحو التهام "الطوارق"، واستخدامهم كآلات لا روح فيها، ولا عقل!، هل يريد أن يحكم بهم افريقيا؟ هل يريد أن ينافس بهم الجزائر التي تمتلك "طوارق" كدمية أثرية! هل يريد أن يجهض حلمهم، ويمنعهم من إقامة دولة! استجابة لوصايا "الناصرية" مدرسة العقيد الليبي؟ أم يريد فقط أن يحفظ بهم "ملكه"، ويجعلهم حراسهم المخلصين ضد أية ثورة عربية محتملة!؟
في نظري هذه الأهداف كلها وغيرها مقصودة لدى العقيد... وكانت فرنسا تغض الطرف عن كل ذلك عمدا لأنها لا تريد سوى الانتقام من أشباح الصحراء الذين عجزت عن القبض عليهم بين الرمال المتحركة!
لكن الجزائر لن تسكت، أمام زحف ليبي إلى جنوبها، فهي أولى من القذافي بحكم الجوار على الأقل، ربما من الإنصاف يمكن أن نقول:
إن مشكلة الجزائر مع الطوارق تكمن فقط في أنهم لم يطق التاريخ "تعريبهم"، ولا "مسح عاداتهم" حتى يندمجوا اندماجا كليا مع الشعب الأمازيغي الجزائري المعرب!، فلو تم تعريب الطوارق مثل "القبائل، والميزابيين، والشاويين" لما كان هناك إشكال حسب تحليلي هنا، ـ وأنا أقول ذلك لحسن الظن ـ .
وفي نفس المناخ كان هناك تحرك سعودي قطري بالمنطقة بتنفيذ المشروع الوهابي الحنبلي" ضد "الصوفية و المالكية، والأشعرية"، فبنيت المدارس، والمساجد، وتم نشر الدعاة الوهابيين بشكل كبير، وتمويل سخي، في ظل إهمال كبير من قبل الدولة المالية لملف التعليم بالشمال.
وبينما تنشط كل تلك الجهات في إبادة الطوارق، أو شرائهم يتم تكوين وعي أمازيغي بالشمال الإفريقي عموما، وبين الطوارق المثقفين شيئا فشيئا، "للعلم: الطوارق لا يحملون القومية الأمازيغية إلا عندما يذهبون لدولة عربية فيشعرون هناك باحتقار الآخرين لكل من ليس عربيا" وتلك العنصرية التي شاهدوها بليبيا، والجزائر هي السبب الوحيد لالتحاقهم بإخوانهم الأمازيغ في كل مكان.
وهكذا أمكننا القبض على "اللاعبين الحقيقيين في الأزمة الأزوادية"، وهم:
(فرنسا، مالي، ليبيا، الجزائر، سياسيا، السعودية، قطر فكريا، وأيديولوجيا، المشروع الأمازيغي قوميا).
ولا شك أن كل جهة من هذه الجهات استقطبت مجموعة لا بأس بها من الشعب الأزوادي، فأصبحت هذه "الجهات مذاهب" تعتنق، فهناك "الطوارق الماليون، والفرنسيون، والليبيون، والجزائريون، والخليجيون الوهابيون، والأمازيغ، ولم يكن تأخير "الأمازيغ" هنا اعتباطا فالمذهب "الأمازيغي" أقل من المذاهب السابقة، لأنه ببساطة لا يملك "تمويلا، ولا ترسانة اقتصادية" بخلاف المذاهب الأخرى السخية.
ويتميز الطوارق طبيعيا بالإخلاص لمذاهبهم، وقلة خيانتهم للعهود، فكل ما يجري إذن على أرض الواقع اليوم إنما هو إفرازات طبيعية جدا لتعارض مصالح "المذاهب المذكورة"، فيمكننا القول الآن:
إنه على الرغم من كل ما ذكر هنالك "نداء عميق بعيد في التاريخ اللاشعوري" يسكن قلوب هؤلاء على تباين آرائهم، وأفكارهم، وانتماءاتهم، هو "نداء الحرية"، فلم يكونوا يوما من الأيام منذ 52 عاما راضين بالانضواء تحت أية سلطة غير سلطتهم فضلا عن دولة "مالي" التي يرونها افريقية زنجية لا علاقة لهم بها، كما يراهم الماليون أيضا أجانب على المملكة المالية ! ولهذا فليس انسحاب الجنود الماليين لضعفهم العسكري، ولا لجبنهم، بل لأنهم في قرارة أنفسهم يرون أنهم يضحون بأرواحهم فيما لاناقة لهم فيها ولا جمل...!
ومن المعلوم أن "ذلك النداء" الذي تجاوز الخلافات المذهبية لا يروق لتلك الجهات، فكل مستعمر مستبدا كان أو غير مستبد لا تعجبه "كلمات الحرية"، و"الثورة"، و"الاستقلال"، فالثورة تبعثر الملفات، وتفضح الأسرار، وتخلخل "النسق"، وتهدم البنى التحتية ...وتبني وعيا جديدا مغايرا!، وكل ذلك لا يسر المذكورين بطبيعة الحال.
لكن ما الذي صعد وتيرة الصراع الإقليمي، والدولي هذه الأيام في إقليم أزواد؟
تلك الجهات تسابقت كلها بعد أن أيقظها "ندء الحرية"، بالقوة هذه المرة أكثر من ذي قبل، واشتغلت على إيجاد حلول إما لإجهاض الحلم، أو للتوافق على تقسيم التركة!
يبدو أن الحلم نمى واكتهل، وتجاوز حلولا كحلول القذافي التقليدية، فلم يكن هناك بد من "إعادة النظر" في إحياء الخلافات الداخلية المذهبية قبل القبلية من أجل الاقتتال، والطائفية، وصوملة المنطقة.
وأعتقد أن "النفط الأزوادي" ـ إن كان حقيقيا ـ أصبح "أكبر لعنة على الطوارق" وأشد من من جميع المآسي السابقة في التاريخ، فبسببه تدخلت قوى جديدة كأمريكا، والصين ، واسرائيل خفية، كما من أجله اشتد الصراع بين "الجهات المتواجدة سابقا".
إن الناظر مثلي ليرى "الأزوادي المسكين الضائع" فريسة مخدرة ميتة بين تلك الذئاب الماهرة في أكل لحوم البشر، بل الأسود الضارية، فهو الضحية من قبل، ومن بعد، ولن ينجو إلا إذا كان له "نظام فكري داخلي حر"، وأنى له ذلك، وهو يعيش أيديولوجيا على فتات الآخرين من كل الجهات....
ونرجو أن يعي الرحماء، والإنسانيون في العالم هذه الحقيقة كما هي، ويعيها المناضلون الأزواديون المخلصون قبلهم... حتى يتعاملوا مع الوضع بشكل أرقى، وأعلى حاضرا، ومستقبلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون