الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجمل التهاني لحجاج البحر

زياد أبوالهيجاء

2012 / 8 / 23
القضية الفلسطينية


أجمل وأصدق التهاني لحجاج البحر , لمن أغرقوا بحر يافا بأشواقهم المتأججة , لمن تذوقوا أيام عيد الفطر حلاوة المياه المالحة..والمرة أيضا , في بحر الأباء والأجداد ,فهو بحرنا مثلما الأرض أرضنا,والتعمد بمياهنا واستنشاق هواء أرضنا , متعة تستحق التضحية والتجمل والتجاوز عن مايلجم التعبير التام عن العشق الفلسطيني الدائم .
تقول الصحف , أن نحو مئة وخمسن ألفا , من فلسطينيي الضفة الغربية , " اجتاحوا " بحر يافا خلال عطلة عيد الفطر , وقدرت صحيفة " هارتس " العبرية . عدد سكان الضفة الغربية الذين " زاروا"...ماوراء الخط الأخضر بثلاثمائة ألف مواطن وهو ما يعادل زوار المسجد القصى المبارك في ليلة القدر , وبعيدا عن تقديرات الصحف والمصادر فان المؤكد أن شاطىء يافا , تحرر تماما لثلاثة أيام هي عطلة عيد الفطر , وبدت ألوان المناديل والجلابيب النسائية طاغية على زرقة البحر , فالفلسطينيات مارسن السباحة الشرعية ,,بالملابس الكاملة , بل وان معظم الشباب الذين جذبهم اغراء البحر لم يكونوا مجهزين بملابس السباحة فنزلوا الماء يمايوهات " شرعية " أيضا...فسعداء الحظ وجدوا في خزائنهم " شورتات " ومن هم أقل حظا اكتفوا برفع سراويلهم الى الركبة . واختلطت رائحة الشواء بتوابله العربية مع روائح الأراجيل , ولم يظهر اليهود على الشاطىء ,,,بل أن الشرطة الاسرائيلية اكتفت بمراقبة عن بعد للظاهرة الغريبة .
وبما أننا شعب اعتاد اللطم والحظ العاثر لعقود طويله , فقد تم الالتزام بهذه العادة حتى في طقوس فرح مارسه عشرات ألوف الفلسطينيين , ويتمنى ملايين من اخوانهم في الشتات أن يتاح لهم , فقد اشتكى بعض من شارك في هذه " الانتفاضة البحرية " من الحواجز الاسرائيلية , واشتكى بعضهم من عدم توفر المظلات ...مع أنها كما علمت متوفرة ومجانية ولكنها غير كافية طبعا لمثل هذه الأعداد...
وبما أننا شعب , عانى على مر عقود من التأمر , فان عادة تحليل كل شيء وفقا لنظرية المؤامرة , تم الالتزام بها أيضا ....والتحليل الكلاسيكي في هذا المجال عندنا ينطلق من الايمان بخبث الخصم ومكره....فاسرائيل أرادت عبر تساهلها الواضح في دخول الفلسطينيين الى ماوراء الخط الأخضر , التنفيس عن انتفاضة تتراكم في النفوس منذ سنوات نتيجة الشعور المتنامي بالاحباط , ومن هم أكثر شغفا بالفلسفة قالوا : ان اسرائيل أرادت اجتذاب أموال المشترين الفلسطينيين لتغذية اقتصادها الراكد...أما من هم أكثر تعمقا في تحليل الأمور فقالوا أن اسرائيل تريد تعويض أهالي الضفة عن بحر غزة ..بحيث يعتاد سكان الضفة على بحر بديل , فيكفون عن المطالبة بالوحدة الوطنية !
أما في اسرائيل , كيان الثعلب الداهية , كما بفترض الفلسطيني المحبط , فلم يكن هناك ترحيب تام أو حفاوة غير معتادة , وبلدية تل أبيب ردت على استنكارات عصرية لزيارة الضيوف غير المرغوب بهم بأن الشواطىء مفتوحة لجميع الزوار دون تمييز على اساس العرق أو الدين , وبمناسبة الاطلاع على ردود الفعل الاسرئيلية فقد عرفت أن في اسرائيل منظمة متطرفة اسمها " لن نطبع " وهي ترفض التطبيع مع العرب , تماما كما ترفض عشرات المنظمات الأهلية في العالم العربي التطبيع مع اسرائيل , وعلى خير صحيفة هارتس يوم أمس . كانت تعليقات مثيرة للقراء ...توزعت بين الحيادية والعنصرية , وخلت جميعها من الترحيب :
- من لوث البحر؟
- قريبا نحتفل بعيد رأس السنة , سيكون دورنا , فلنذهب الى الضفة الغربية لقضاء العيد.
- هم أتوا هنا ليس من أجل التمتع بالبحر..انهم يعتبرونها فلسطين.
- الأردن أيضا هو فلسطين ..فليذهبوا الى هناك.
- كان من الأفضل تركهم يذهبون الى غزة ففيها بحر أيضا.

وعلى الفيسبوك , جاهد الاسلاميون ضد هذا الفسق , وناضل القوميون ضد هذا التطبيع , وانقسم الفلسطينيون . وتلك رياضة وطنية يمارسونها بانتظام , بين مؤيد ومعارض لغزوة عيد الفطر على شواطىء يافا وتل أبيب. أما الغالبية العظمى من حجاج البحر فقد استمتعوا وبيتوا النية لأخذ احتياطاتهم لمرة قادمة..لابد من شراء الملابس المناسبة للسباحة , وربد من تعلمها مادام ركوب الخيل غير متيسر, وستزدهر قريبا في الضفة الغربية تجارة ملابس السباحة , بما فيها طبعا , الملابس الخاصة بالمحجبات .
من أجمل ماكتب في الصحافة الاسرائيلية حول ظاهرة بحر العيد الفلسطيني , مقال في هآرتس هذا اليوم 23-8-2012 بقلم جدعون ليفي , جاء فيه :
" وكان مفتشو البلدية بقمصانهم البرتقالية يكنسون الشاطيء، وقد تكون هذه أول حالة في التاريخ ينظف فيها اليهود وراء العرب؛ وكان هناك بحر للعرب في شاطيء بحر المدينة العبرية، بغير وجود لشرطي واحد من حرس الحدود أو شرطي واحد من الشرطة الخاصة ولا من الشرطة ولا من "الشباك" ولا من "دفدفان"؛ وكان هناك فتيان شباب يسألون أين الجليل وكيف يمكن الوصول اليه على الأقدام ليروا قرى آبائهم التي خربت؛ وشيوخ لا يصدقون ما تراه أعينهم: فقد كانت هناك حنفيات عامة مع ماء جارٍ حر؛ وهم رجال بالغون بنوا اسرائيل ورمموا بيوتها وكنسوا شوارعها يعودون اليها بعد ان لم يكونوا هنا سنين طويلة؛ ونساء ينظرن في دهشة الى أول بكيني بالحجم الطبيعي رأينه في حياتهن وفتيان يرون بحرا حقيقيا لأول مرة، برغم أنهم يسكنون على بعد ساعة سفر منه. اسألوا كل سجين ما الذي حلم به في سجنه يجيبكم: البحر. وهم الآن هنا، آلاف من السجناء، أحرارا مبتهجين. لم أر منذ زمن شاطئا سعيدا بهذا القدر"

وهذا الكاتب الاسرائيلي في نظر منظمة " لن نطبع " اليهودية المتطرفة , هو انهزامي ومنبطح ومتخاذل , كما هو حال كل فلسطيني سبح أو يشجع السباحة على شاطىء يافا , وفقا لنظرات أعداء التطبيع العرب , وقد رد عليهم ناشط فيسبوكي من الذين شاركوا في مسيرة الأمواج : لقد اقتحمناها بصدورنا العارية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات