الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرائم اللاشرف

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2012 / 8 / 24
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


في ذكرى محمود درويش، ومقابل ضريحه اصطفت مجموعة من النسوة أمام أربعة نماذج لتوابيت كُتب عليها أسماء أربعة نسوة قُتلن مؤخرا على خلفية ما يدعى بقضايا الشرف، وبالإضافة لفكرة النعوش الرمزية حملت النسوة يافطات كتب عليها شعارات تدعو لحماية المرأة، وتعديل القانون القديم الذي لا يكتفي بتسهيل المهمة على مقترفي هذا النوع من الجرائم؛ بل وأيضا يؤمن لهم الحماية القانونية والدعم المجتمعي. وقد استغلت النساء المعتصمات مرور رئيس الوزراء د. سلام فياض؛ فأمسكن به من قبته، وتحدثن بصوت مرتفع يفيض بالعتاب والغضب، وأوضحن مطالبهن بلغة لا لُبس فيها ولا غموض.

فإذا افترضنا أن رئيس الوزراء لم يكن يعلم بوجود مثل هذا القانون المتخلف، وأنه لم ينتبه لأكثر من عشر حوادث قتل على نفس الخلفية منذ بداية هذا العام فقط .. وربما لم يكن يعلم أن القاتل في كل مرة كان ينجو بفعلته، بل ويباهي ببطولته "الزائفة"، ويشجع غيره على تكرار جريمته .. فإنه الآن وبعد أن رأى بنفسه، وسمع الشكوى من المتضررات بشكل مباشر، واطلع على حيثيات الموضوع لم يعد له عذر .. والسؤال البديهي ما تنتظر الحكومة لتعديل قانون يبيح القتل، ويكافئ المجرم ؟! حجة غياب المجلس التشريعي غير مقنعة؛ طالما أن الحكومة سنت ومن خلال دائرتها القانونية عدة قوانين، بل أنها كانت تسارع وبدون تلكؤ عندما يتعلق الأمر بالضرائب والجمارك .. فهل قوانين الضرائب أهم من حياة الإنسان ؟!

وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن موضوع "جرائم الشرف" لا يخص النساء دون الرجال؛ فهو موضوع غاية في الأهمية والخطورة، ويتصل مباشرة بحقوق المواطنة، والسلم الأهلي، والنظام العام، واحترام القانون، واحترام آدمية الإنسان وحقوقه الطبيعية. كما أن الموضوع لا يُحل بمجرد تغيير القانون؛ فرغم أهمية هذه الخطوة إلا أنها غير كافية، فلا بد من حملات توعية تأخذ على عاتقها مهمة تغيير منظومة المفاهيم الثقافية المتخلفة البائدة المتسربة إلينا من عصور الانحطاط، وزمن الحريم: زمن امتهان المرأة وسلبها إنسانيتها والتعامل معها كسلعة رخيصة.

أول خطوة في هذا الاتجاه عدم تسمية هذا النوع من الجرائم بجرائم الشرف؛ لأنه لا شرف مع القتل، ولا شرف لقاتل يستقوي على الطرف الضعيف، ولا شرف لمن ينصب نفسه قاضيا وجلادا ويأخذ القانون بيده، ولا شرف لمن يسلب الآخرين حقهم في الحياة, ولا شرف لمن يتعامل بازدواجية عوراء، لولا شرف من يبيح لنفسه غزواته النسائية والتغني بجولاته ومغامراته الجنسية، وينكر على الآخرين أي خطأ مهما كان بسيطا، ولا شرف لمن يقتل لمجرد الاشتباه، ولا شرف لمن يبيح لنفسه ارتكاب أفظع الاعتداءات (على المحرمات عليه) بما يعرف بسفاح القربى التي يندى لها الجبين، ثم يقدم على قتل ضحيته لإخفاء "شرفه" !! ولا شرف لمن يستجيب بكل سهولة وخفة لنزعاته الحيوانية الشريرة وتعطشه للدم واستخفافه بقيمة الحياة، ولا شرف لمجتمع يقبل بقاتل في صفوفه ..

القتل جريمة لا مبرر لها، بل هي أفظع الجرائم وأكثرها وحشية وقسوة، ومن العار أن يقرن القتل بالشرف. وإضافة إلى ذلك، فإن ما يسمى بجرائم الشرف عادة ما تقترن بالغدر والخسة والظلم، وتنفذ بطريقة جبانة، فإذا كانت الإحصاءات تشير إلى أن هذا النوع من الجرائم لم يرتفع لمستوى تشكيل ظاهرة؛ فإن أخطر ما في الموضوع أن عقلية المجتمع وثقافته لا تنكر هذه الجرائم ولا تدينها بالدرجة المطلوبة، بل وأن الكثيرين يتساهلون معها، وفور سماعهم عن أي خبر لمقتل فتاة فإنهم بدلا من استنكار الجريمة وإدانة المجرم يبدؤون بالتساؤل عما فعلت تلك الفتاة !! وهذا بحد ذاته تشجيع لمسلسل القتل.

أيها المجرمون القتلة: عن أي شرف تتحدثون !! وأنتم بلا شرف ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - A broken record..
Raji Batarseh ( 2012 / 8 / 24 - 16:30 )
again and again we are talking about the same subject. I is the never ending story of shame. the man assigns himself as persecutor and an executioner at the same time.
The belief that had been implanted in our mens minds about their perfection despite all their adventures with the other sex, but thats normal because the man is able to do anything he desires freely and he is immuned from any condemnations.
The big problem is, too many innocent women were accused falsely, suffered and killed because a womans life is worthless .
I am just wondering if this will ever change?????????


2 - غسلا للعار
منى حسين ( 2012 / 8 / 24 - 20:48 )
تحياتي السيد عبد الغنس سلامه
اعتقد ان العار الوحيد الذي لحق بنا هو قتل النساء تحت مسمى غسل العار والمشكله في الوعي ولاحظت في الفتره الاخيره ازدياد ارتكاب هذه الجرائم وهذا يعني ان هناك انتكاس خطير تشهده الثقافه وتراجع كبير يعود بالمجتع الى الوراء وما زال امامنا الطريق طويل من اجل السيطرة على القانون والوعي الاجتماعي للرجال قبل كل شيء سلمت يداك عزيزي
اكرر تحياتي


3 - الثقافة والوعي...............
هوزان خورمالى ( 2012 / 8 / 24 - 22:16 )
عزيزي واستاذي عبد الغني سلامة نحن ايضا في كردستان نستنكر تلك الجرائم الشنيعة التى تقام تحت ذريعة الشرف وغسل العار,لكن عزيزي الاستنكار وتشكيل منظمات نسوية وتشريع قوانين تحرم القتل تحت تلك الذريعة لن يجدي نفعا ,لان مجتمعنا شرقي والاسلامي ذو سايكولو جية متعصبةوالحكم وشعور القبلي متسلط علية ويقيدة بسلال ليس من السهل بمقال او عدة مقالات الانفراج عنة المشكلة يا عزيزي سلامة تكمن في انة الحضارة والتراث القبلي يسيطر على عقلية الفرد من الذكور وينقصة الوعي وفهم مفهوم الحرية ورغبة والارداة عن الانسان با المعنى الصحي والمقبول لذا يجب ان نعمل جميعا على تغير الوعي القبلي والتخلص من تسلط روح الذكرية والسلطوية للمجمتع الذكري بتغير العادات ونفي العادات القديمة التى يحلل القتل كرد لاعتبار لعايلة والقبيلة اذن القوانين والحركات النسوية والمقالات وحدها لن تكفي لتخلص من تلك العادة بل برفع مستوى الثقافي للمراة والرجل بيحث يدرك احدهما الاخر ويفهم معنى الحرية والخيانة وحينها تحل الشاكل المجتمع عندما كل كلمة تعطي معناها فيالواقع وتترجم بشكل الاخلاقي دون اى غش وخداع ...على المودة............نلتقي


4 - غرق في مستنقع العار
عبد الغني سلامه ( 2012 / 8 / 24 - 23:57 )
الأخت المحترمة منى حسين
كل الشكر والاحترام على مداخلتك القيمة والهامة
وبالفعل لا بد من معركة توعية تخوضها القوى الحية والتقدمية في المجتمع لمواجهة هذه الآفة وتلك الجرائم التي تتخبى برداء الشرف، وفي الحقيقة أنها لا شرف لها
تقبلي مودتي


5 - تحية لشعب كردستان
عبد الغني سلامه ( 2012 / 8 / 25 - 00:00 )
الأخ هوزان المحترم
كل الشكر والتقدير على متابعتك مقالاتي
أوافقك الرأي أن الموضوع لا يحل بمقالة أو بسلسلة مقالات
ولكن لا بد من البداية
وحتما سنصل إلى ميتغانا ونحرر مجتمعاتنا من تلك الجرائم الفظيعة التي ترتكب باسم الشرف
على المودة نلتقي دوما صديقي


6 - الاستاذ عبد الغني سلامه المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 8 / 25 - 18:08 )
تحيه وتقدير
تهنئه بالعيد مع امنيات ان تكونوا بتمام العافيه ايها الصديق العزيز
هذه وقفه شجاعه لمن تظاهرن وساندوهن واختيار رمزين مهمين هما التوابيت و محمود رويش
اسنادكم لهن اكيد سيشجعهن على ان يعلين اصواتهن مستقبلا
شكرا لكم صديقي الغالي


7 - نظم صوتنا لكم السيد الكاتب
علاء الصفار ( 2012 / 8 / 25 - 19:11 )
اجمل التحية
ان الجرائم هي سمة الانظمة الرجعية, فكل الجرائم هي منصلب النظام القائم على الظلم و القهر الطبفي و الاجتماعي, وتكريس الخلف و الامية هو السبب بظهور هذه الجريمة المحببة للمتخلف ذا القيم العشائرية ان النظام هو من يخلف هذا الدمار اذ للان نسير على قوانين العشائر و الفقة و العمامة و سيستمر هذا النزيف الى ابدا طويل طالما يوجد مثل هذا الزوير المراوغ فهو يكذب و يداري اذ نظامه قائم على سرقة الشعب و سحق الكرامة للرجل فالرجل حين يكون بلا كرامة و اخلاقيات المجتمع عشائرية فان البشر سيستمر على افكاره المتخلفة السوداءفهو يقوم بواجبه المتخلف الذي حاصره به تحلف النظام و فساده ان البلاد حلها و ثرواتها و ما عليها من بشر عرضة للاهانة, والاضعف في السلسلة هي المرأة في تحجب احجز في البيت بلا علم و ثقافة وحين تخطأاو تحب تقتل أ ذ هي بلا نصير تماما!

اخر الافلام

.. جون مسيحة: أرفض ارتداء الحجاب في فرنسا


.. شاهدوا الفتاة التي اختارها بيو من أجل جاك ??




.. الأردن: ما وراء ارتفاع مؤشرات العنف ضد النساء؟


.. العراق.. -سوسو- تنتزع لقب ملكة جمال القطط • فرانس 24




.. إحدى المشاركات سعدية العسري من مدينة قلعة مكونة بجنوب المغرب