الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصبي القادم من خلف القضبان برفقة حنجرة صدام

شوقية عروق منصور

2012 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


من الطبيعي أن يتحدى الإنسان الظروف والصعوبات, فوجوده على الأرض هو تلخيص لشريعة التحدي والتفوق والتوق إلى كسر الغموض وكشف الخفاء ورفع أي غطاء عن المجهول. لكن هناك صعوبات لها عناوين غير أن إقفالها محيرة، ومفاتيحها لا تدور، وأبوابها مصابة بمرض الإغلاق المحكم. ومن بين هذه الصعوبات قضية الأسرى الفلسطينيين, أصحاب السنوات المؤبدة، طويلة الأمد والأعمار, والتي تذوب ولا تعرف متى سيكون نهاية خلاصها وتحررها في هذا الجحيم.
هؤلاء الأسرى يقفون أمام الجدران والقضبان والزنازين، أيامهم نسخة يومية مكررة تبعث على الضجر القاسي الموجع. يعدون السنوات التي تركض, والعالم يتغير وهم مكانهم ينتظرون. طاقات الفرج تفتح حتى ينطلقوا إلى الحرية، والحرية في أعماقهم تحولت إلى حلم صعب المنال في ظل التشدد الإسرائيلي والضعف الفلسطيني والترهل العربي.
ومن أصعب المواجهات التي يواجهها الأسرى مع أنفسهم قضية "الإنجاب", حيث يرون زهرات شبابهم تذبل دون أن يسمح لهم بممارسة حقوقهم الإنسانية, مثلهم مثل السجناء اليهود، وأسوة بالقوانين العالمية التي تمنح المساجين, خاصة ذوي الأحكام العالية, ممارسة حياتهم الزوجية بين حين وحين.
وبما أن الحاجة أم الاختراع، وجد السجين الفلسطيني حلاً لكي ينجب عن بعد ويمارس أبوته الحقيقية، محطماً القضبان وعنجهية السجان وغرور القوانين اللا إنسانية. وها هو الأسير عمار الزين(57عاماً ) المحكوم مدة 27 مؤبداً و 25 عاماً, رزق بطفل وهو داخل السجن. لقد قام بتهريب حيواناته المنوية، وكان الفريق الطبي في المستشفى العربي في مدينة نابلس في الانتظار، فقاموا بتجميدها. وبعد فشل عدة مرات, استطاعت الزوجة الحمل والإنجاب، وأصبح عمار أباً وهو خلف القضبان وتحقق الحلم..!
قصة الأسير عمار الزين قصة طويلة من العذاب، وقد ساعدته زوجته دلال في حلم التحدي، حيث توجهت إلى المستشفى لاستشارة الطاقم الطبي, وأيضاً رجال دين قاموا بإصدار فتوى تجيز هذا الأمر. وبعملية بوليسية قاهرة لجميع من حاول قطع نسل هذا الأسير. وجاء الصبي "مهند" - تيمناً بأسم الشهيد مهند الطاهر الذي اغتاله الاحتلال الاسرائيلي خلال حملة السور الواقي في مدينة نابلس عام 2002 – مهند هو أول طفل أنابيب فلسطيني يخرج من أنبوبة السجن الضيقة..!
ان المفهوم الإسرائيلي لسجن الفلسطينيين يهدف إلى تدمير النفس والروح والشخصية, وتحطيم الذات على بلاط الانتظار البارد، وزرع الإحباط في أعماقهم، لأن أي بارقة أمل تعد سلاحاً موجهاً ضد العقلية الاحتلالية. لكن تهريب الحيوانات المنوية هو أكبر تحد للاحتلال والحرمان القاسي من نبض الأبوة، ووعي الأم التي أيقنت أنها تستطيع إسعاد زوجها ومنحه طفلاً وهو داخل السجن. ورغم أن هذا الأمر قد يعرضها للقال والقيل في مجتمع محافظ ويحمل أفكارا رجعية، لكنها بصمودها وقوة تمسكها بهذا الأمل استطاعت أن تصنع المعجزة.
إن معجزة ولادة الطفل "مهند" ستضخ القوة في معنويات باقي الأسرى، مع العلم أن هناك العشرات من الأسرى طالبوا الإختلاء بزوجاتهم كحق طبيعي وإنساني أقرتها الشرائع السماوية. ورفع العديد منهم طلبهم لمحكمة العدل العليا, الا أن المحكمة ردت الطلب بحجة أن الإختلاء بالزوجة يضر بالأمن, مع انها سمحت ليجيئال عمير- قاتل رئيس الوزراء الاسرائيلي رابين, والمحكوم عليه بالمؤبد- بالاختلاء بزوجته التي انجبت منه فيما بعد..!!
وفي الوقت الذي يتحدى الطفل "مهند" الصعوبات ويخرج للحياة, رافعاً شارة النصر ومحطماً أسطورة المنع، النائب افيغدور ليبرمان يقف في جامعة حيفا حاملاً حنجرة الرئيس العراقي صدام حسين. مشهد حقيقي وليس مجرد لقطة ظريفة او صورة، حيث أعلن في قاعة المحاضرة التي أصر على طرد الطلاب العرب منها ، أن إسرائيل استطاعت الحصول على حنجرة صدام حسين الذي اعدم في 30/ 12/ 2006. وأضاف في استخفاف أن "إسرائيل قادرة على سرقة أي حنجرة تهدد أمنها وقوتها"..!!
لا نعرف كيف وصلت الحنجرة إلى اسرائيل , وهل هي فعلاً حنجرة صدام!! وقد نصدق لأن العراق يتعرض يومياً للسرقة، وقد سرق تاريخه ومتاحفه وجامعاته وقتل علمائه ودمرت مدنه. فلماذا لا ينبشون قبر صدام ويخرجون حنجرته ويقدمونها لإسرائيل كهدية تاريخية رمزية؟! ولا ننسى الآف الجواسيس اليهود يرتعون في العراق .
صوت صدام كان يقلقهم, وها هم سرقوا ليس بلده فقط بل نبع صوته.
نعم, يستطيعون سرقة الحنجرة ولكن لا يستطيعون سرقة الصوت لأن التاريخ يحمل صوته. ويستطيعون سرقة الأعمار كي لا يكون النسل، لكن "مهند" سيقول غدا:ً "انا جئت رغم قسوة السجان ومفاتيح الاغلاق "، مع أن الزمن ما زال يعيش هناك خلف القضبان على وقع خطوات الأمل..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يرجى حذف المقال الكاتبة تمجد بصدام
مرتضى عبد الرحيم ( 2012 / 8 / 25 - 14:52 )
للاسف الشديد مازال الفلسيطينيون يمجدون بصدام قاتل اخوتهم العراقيون ولا اعرف لماذا يتعمدون نشر تفاهاتهم وسمومهم في مواقع عراقية ربما للايغال باهانة العراقيين عتبي على الحوار المتمدن كيف تسمح بنشر تمجيد دكتاتور اي ديكتاتور كان كيف وهو صدام ولكن اعتقد ان الكاتبه استطاعت تمرير العبارات التالية في ثنايا المقال دون ان يلحظها المحرر ارجو حذف المقال اكراما لارواح ضحايا الجلاد صدام
الكاتبة تقول:
صوت صدام كان يقلقهم, وها هم سرقوا ليس بلده فقط بل نبع صوته.
نعم, يستطيعون سرقة الحنجرة ولكن لا يستطيعون سرقة الصوت لأن التاريخ يحمل صوته
اي ان التاريخ يحمل صوت صدام ؟؟!!!


2 - أويد السيد مرتضى ت ـ 1
ماجد جمال الدين ( 2012 / 8 / 25 - 15:58 )
أويد السيد مرتضى عبد الرحيم ، وأرجو حذف المقال الذي يشيد بالفاشية الصدامية ..
يبدو أن بعض الفلسطينيين ما زالوا غارقين بأوهامهم وإجترار الكلام المعسول و المسموم .. فأرجو أن يحذف المقال لكي تفهم الكاتبة ثمن الكلمة ،
وعلها أيضا تفكر بشكل أحسن بما يساعد فعلا ألشعب الفلسطيني لحل مشاكله الحقيقية .

اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح