الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«الدستورية» تسأل: ماذا يريد الشعب فى الدستور الجديد؟

رفعت السعيد

2012 / 8 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



وتأبى المحكمة الدستورية إلا أن تظل على الدوام حصناً لمصر والمصريين. ليس فقط بما تصدره من أحكام ناطقة بصوت العدل، وإنما بفضل ما تنشره من ثقافة دستورية وقانونية. وكانت آخر هذه الإسهامات مجلتها «الدستورية» «إبريل ٢٠١٢» والتى صدرت تحت عنوان رئيسى «ماذا يريد الشعب فى الدستور الجديد؟» ويزهو هذا العدد بعديد من الدراسات البالغة الأهمية، لكننى أستأذن فى أن أكتفى بدراسة واحدة منها، وهى دراسة شديدة العمق ورائعة البساطة، كتبها المستشار محمد أمين المهدى- رئيس مجلس الدولة السابق. والدراسة بعنوان «المرجعية التراثية والثقافية للأحكام الدستورية».

وفى البداية يحذرنا السيد المستشار من «أن مفهوم الأغلبية يختلف فى مجال التطبيق القانونى المحدد عن المفهوم فى مجال علم السياسة والاجتماع. ففى المجال القانونى ترد الأغلبية على من أدلوا بأصواتهم، أما فى مجال السياسة فإن الأغلبية ترد على كل من لهم حق التصويت»، وهذا فارق مهم فى وضعنا الراهن. ثم نأتى إلى وضعية حقوق الإنسان وحريته واحترام عقيدته باعتبارها حقوقاً طبيعية، وصونها إعلاء لقدر النفس البشرية، ومنحها بذلك الرعاية الأولى والأشمل لقيمتها بما يعلو بها حتى على النص الذى صرح بذلك، فثمة حكم للمحكمة الدستورية يقول «إن حرية الإنسان الشخصية هى الضمان الذى لا غنى عنه لوجود الإنسان محصناً فى بدنه ومحافظاً على سلامة عقله». وهى من الحقوق الطبيعية، أى اللصيقة بالإنسان وليست فقط إحدى الحريات المكفولة» «القضية ٢ سنة ١٥ قضائية».

إن مفهوم الحرية الشخصية «استقر فى الوجدان الجمعى بطبيعة خاصة مما يعتبر مكتسباً ثقافياً يستعصى التطاول عليه» وتمضى الدراسة لتؤكد أن المحكمة الدستورية قد أرست فى حكمها فهماً واضحاً تماماً لمبدأ المساواة التامة بين المواطنين على اختلاف معتقداتهم أمام القانون، بحيث يعتبر «أساساً للعدل والسلام الاجتماعى ويصير من ثم قيداً على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق والتى لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون خلالها أمام القانون» «القضية ٢٨٦ لسنة ٢٥ قضائية» «إن عدم التمييز الذى ينال من الحق الطبيعى فى المساواة باعتبارها حقاً من حقوق الإنسان لصيق بإنسانيته فلا يقبل انتقاصاً أو تطاولاً». وكذلك «الإخلال بمبدأ المساواة إذا اتسع نطاقاً أو اتسم بالمنهجية والاطراد يمكن أن ينحدر إلى درك الجريمة الجنائية فى مفهوم أحكام القانون الدولى الجنائى الآمرة». أما فى مجال الإبداع الفنى فإن حكم المحكمة الدستورية يؤكد «أنه أداة ارتقاء الأمة» «القضية ٢ لسنة ١٥ قضائية».

ثم يضع السيد المستشار يده على الجرح الراهن قائلاً «إن أساس الديمقراطية هو اشتراك المواطنين فى إدارة شؤون البلاد، وإنه ولئن كان للأغلبية أن تحكم، إلا أنها تكون مقيدة دائماً باحترام قواعد تعلو الدولة القانونية ذاتها فتحكمها، وتتحصل هذه القواعد فى الحقوق والحريات المقررة للإنسان باعتباره إنساناً، والتى تلتحم مع شخصه فيصير احترامها من احترامه وصونها من كرامته»، وأخيراً يؤكد سيادة المستشار أن «الدولة الديمقراطية سواء كانت محايدة أو علمانية أو مرتبطة بدين تقوم على مبدأ حماية حرية الضمير وممارسة شعار العقيدة، مع إيجاد مواقع متوازنة داخل المجتمع لمعتنقى الديانات السماوية».

هذه الرسالة واضحة المعالم لقننا إياها السيد المستشار، فلعلها تصل إلى أسماع من أراد أن تصل إليهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ