الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى الأقصى يا بروتوس

محمد أبوعبيد

2012 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


صحيح أن 21 أغسطس/ آب يصادف الذكرى السنوية لجريمة حرق المسجد الأقصى عام 1969 على يد المتطرف اليهودي الاسترالي مايكل دينيس روهن، لكن الحديث هنا ليس عن جريمة حرقه وما خلفته من حرقة في قلوب المسلمين، إنما عن فعل شنيع شهدته تونس حينما هاجمت مجموعة من "السلفيين" مهرجان الأقصى في بنزرت، مع أني أتحفظ على استخدام مفردة "سلفيين" لأن أخلاق السلف أنقى وأرقى بكثير من بعض الخلف الذين أطلقوا على أنفسهم عبارة "سلفيين"، والسلف بريء من تصرفات كثير ممن انتحلوا من المفردة اسماً لهم.

لا يوجد في مهرجان الأقصى ما يستفز سلفياً، أو حنفياً، أو نجفياً، فاسم الأقصى بحد ذاته كفيل أن يراعيه كل حريص عليه مهما اختلفت المذاهب والمشارب، أو تباينت الملل والنِّحل، أو حتى تباعدت الرؤى. ولا يجوز لأي طرف أن يحتكر أقصى المشاعر تجاه المسجد الأقصى معتقداً أنه الأدرى والأحرى بأولى القبلتين وثالث الحرمين، وبالتالي يخرّب على جهات أخرى من خلال ترهيبها والأعتداء عليها وعلى ضيوفها بأساليب مقيتة لا تمت لديننا الحنيف بصلة، وليست من شيم الحضارة الإنسانية، والأخطر أنها تسيء إلى صورة الإسلام الحقيقية. فمهما حاول البعض إيجاد المبررات لتصرف "سلفيي تونس"، فإنه تصرف غير مقبول أبداً، ولا يعقل أن تعبّر جهة عن رفضها لمسألة ما بلغة السيوف والعصي، كأن لا قانون يسُود البلد، ولا أمن ولا أمان.

إن ما حدث في مهرجان الأقصى في بنزرت له دلالات خطيرة، على رأسها أن بعض الجهات الدينية، أيا كان اسمها، أضحت تتصرف وكأن الدول ملك لها من بعد أن تسلمت حركات إسلامية الحكم فيها، علمأ أن تلك الحركات الإسلامية الحاكمة في حلٍ من هذه الجهات لأنها تسيء أيضا لها بسلوكها وحتى خطاباتها التي وصلت، في مصر مثلاً، حد اعتبار تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس مؤامرة، فيجب إلغاء مادة اللغة الإنجليزية من المدارس.

ثانياً، الهجوم على مهرجان الأقصى يصرّح بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة لمخالفة الرأي، فنعيد سيرتنا الأولى حيث لم يكن مسموحاً لأحد أن يخالف الحاكم، وإن فعل فإن أجهزة الأمن والمخابرات له بالمرصاد. لا يُعقل، إذنْ، أن نتخلص من حاكم مستبد ومن أجهزة مخابراته وأمنه، لنواجه القمع نفسه لكن بأثواب وأسماء مختلفة. فلم يختلف تصرف بعض "سلفيّي تونس" ضد مهرجان الأقصى الذي لم يرق لهم، عن تصرف أمن حاكم مستبد تجاه مهرجان للمعارضة، فهذا صنو ذاك، وما تنفس العربي الصعداء بعد ربيعه.

مهرجان الأقصى ليس مهرجان مجون وجنون، وليس حفلة رقص حتى يُهاجَم بطريقة فظة كما فعل "سلفيو تونس"، وإنْ كان لهم انتقاد عليه وعلى أشخاص أو أطراف مذهبية شاركت فيه، فبإمكانهم أقامة مهرجانهم وفق رؤاهم، خصوصاً أن الأقصى بات تجارة رائجة ورابحة للعديد من المتاجرين.

ما أحوجنا أن ندرس سيرة الفاروق عمر، رضي الله عنه، مرة أخرى بتفاصيلها كي يعرف "الإسلامي" قبل المسلم كيف يكون الإسلام، وكيف يكون سِلمُه وتكون سماحته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو