الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فتحت قمة شرم الشيخ آفاق السلام الحقيقي؟!

عدنان الكاشف

2005 / 2 / 21
القضية الفلسطينية


لاقت قمة شرم الشيخ التي عقدت في الثامن من الشهر الجاري، والتي ضمت الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابومازن" ورئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون وبمشاركة الرئيس المصري حسني مبارك والملك الاردني عبد الله الثاني، ترحيبا دوليا واسعا على مستوى زعماء العالم، وابدى العديد منهم استعداد بلادهم لتسخير جهودها والمشاركة الفاعلة في محاولة احياء فرص السلام في المنطقة.
واذا كانت هذه القمة قد جاءت بعد حدوث تطورات سياسية بارزة في الساحة الفلسطينية، وخاصة بعد الانتخابات الرئاسية، والاهتمام الدولي الشديد بقضية الشرق الاوسط عموما، والفلسطينية خصوصا، وادراك الغالبية العظمى من زعماء العالم ان نجاحهم في محاربة ما يسمونه بالارهاب، يعتمد بالدرجة الاولى على مدى نجاحهم وتقدمهم في مسيرة السلام في الشرق الاوسط، ولهذا لم يكن مستغربا ان تتزامن قمة شرم الشيخ مع عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب الذي عقد في عاصمة السعودية الرياض.
وبغض النظر عما جرى في شرم الشيخ، ودون الدخول في التفاصيل ، فإن الاهم هو ما يمكن ان يجري على الارض من قبل الطرف الاسرائيلي، الذي يستطيع وحده ان يحدد بأي اتجاه يمكن ان تسير عملية السلام، وتبدأ عملية المفاوضات، خاصة اذا ما ابدى استعداده والتزامه بالمستحقات المطلوبة منه، ليس فلسطينيا فقط وانما دوليا ايضا. وباختصار يمكن طرح السؤال التالي: هل فعلا فتحت قمة شرم الشيخ آفاق السلام الحقيقي؟!
وللاجابة على ذلك لا بد من التذكير اولا ان غالبية ما جاء على لسان شارون في قمة شرم الشيخ قاله قبل ذلك في مؤتمر هرتسليا في 17/12/2004 ، وللتذكير ايضا ان هذا المؤتمر عني بالشؤون الامنية، ولذلك اذا نظرنا الى قمة شرم الشيخ والرؤية الاسرائيلية لها، نرى انها انطلقت من هذا الفهم. لقد ارادت اسرائيل من هذه القمة تطويع القيادة الفلسطينية – ان جاز التعبير – واجبارها على اتخاذ خطوات عملية لضرب ما تصفه اسرائيل بالبنية التحتية للارهاب وتفكيكه، ولذا فإسرائيل رفضت أي حديث او تصور عن الحل النهائي، وبمعنى آخر، ابقت المدخل الامني هو الاساس لاية مفاوضات مقبلة، وحرضت المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة، التي شاطرتها نفس الموقف، والقاضي بعدم كفاية الجهود الفلسطينية للتهدئة واعلان الهدنة، وطالبت بتفكيكك "الارهاب".

لقد ابدى الجانب الفلسطيني استعدادا كبيرا للتجاوب مع كافة الجهود الإقليمية والدولية للبحث في إيجاد الآلية المناسبة للخروج من المأزق الراهن، وأظهرت مختلف القوى والفصائل الوطنية والإسلامية تعاونها مع الرئيس محمود عباس، لتوحيد الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي، الأمر الذي أضفى أهمية خاصة من جهة، ودلل على مدى جدية ونية الجانب الفلسطيني المخلصة لإعلان التهدئة والوقف المتبادل لإطلاق النار من جهة اخرى.

وقد ادرك المسؤولون الفلسطينيون منذ اعادة بدء الاتصالات مع الاسرائيليين، ان الاخيرين يتعاملون بمنطق متعال ويحاولون فرض شروطهم واملاءاتهم على الجانب الفلسطيني، واتباع نفس الاسلوب والمنهج السابق الذي مارسوه في المفاوضات السابقة قبل اندلاع الانتفاضة. وحذرت القيادة الفلسطينية ان هذا النهج لن يحقق الامن والسلام ولن يؤتي ثماره وسيعود بالوضع الى الحلقة المفرغة، خاصة وان هناك قضايا تتعلق بالحل النهائي مثل القدس والحدود واللاجئين، هي اصعب بكثير من القضايا الثانوية التي يجري البحث عن حلول لها.
ان المجتمع الدولي الذي رحب بقمة شرم الشيخ مطالب بالتحرك بقوة أكبر و فاعلية أشد، على ان تأخذ اللجنة الرباعية دورها الحقيقي في سياق الجهود والتحركات السياسية والديبلوماسية، لانهاء الاحتكار الاميركي وموقف ادارة بوش الداعم للموقف الإسرائيلي، والضغط على هذه الادارة لاتخاذها وتبنيها موقفا أكثر اعتدالا، يأخذ القرارات الدولية بعين الاعتبار عند الحديث عن أي جهود لأي تسوية مستقبلية.
اما بخصوص الوضع الداخلي الفلسطيني، يمكن القول ان الفصائل المختلفة وخاصة الاسلامية منها، عبرت عن موقف مسؤول من قمة شرم الشيخ، ولم تتخذ موقفا متشنجا، رغم بعض الملاحظات الاولية التي ابدتها، انتظارا للقائها الرئيس "ابو مازن" والسماع منه مفصلا عما جرى، وهذا يدلل مرة جديدة على مدى النضج والحرص من قبل الجميع على التعاون البناء والحفاظ على الوحدة الوطنية، الذي يعتبر مؤشرا جيدا يعزز ثقة الناس بقيادتها الوطنية والسياسية، ويعطيها زخما كبيرا لمواصلة صمودها وتصديها لمخططات الاحتلال.
وحتى يكتمل هذا الموقف المسؤول، فان القيادة الفلسطينية مطالبة بإستمرار وضع "المعارضة" في صورة ما يجري من تطورات ومستجدات سياسية في كافة المراحل، ليصبح ذلك نهجا ديمقراطيا في الحياة السياسية الفلسطينية، وصولا الى رؤية ورسم خطة سياسية مشتركة ومتفق عليها، لاتخاذ التكتيك السليم حول كل نقطة من نقاط البحث في المفاوضات، والتي لا بد ان تصطدم بمفهوم شارون وحكومته بشأنها.
لقد القت قمة شرم الشيخ مسؤولية جماعية جديدة على كاهل القيادة والشعب الفلسطيني، واذا ما واصلت هذه القيادة حكمتها وحنكتها السياسية مدعومة من القوى الوطنية والاسلامية لتأخذ زمام المبادرة وتتقدم بخطة واضحة المعالم لشعبنا و للمجتمع الدولي تستند الى قرارات الامم المتحدة والشرعية الدولية، بما فيها خارطة الطريق، فإن ذلك من شأنه ان يرفع المسؤلية عن الجانب الفلسطيني، ليفضح ويعري السياسة الاسرائيلية الحالية واللاحقة، ازاء بروز تناقضات وعثرات جديدة ستظهر في الاشتباك التفاوضي، نظرا لوجود منهجين مختلفين في التفكير لايجاد الاليات المناسبة والفاعلة لتحقيق السلام الحقيقي العادل والمنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة