الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية

جورج حزبون

2012 / 8 / 26
القضية الفلسطينية




ظلت الشرعية في فلسطين تكتسب بالفعل الثوري ، وتحققت وحدانية وشعبية منظمة التحريرمن هذا المعيار ، فهي تقود الفعل الثوري الكفاحي ، وتضم كافة الفصائل الفلسطينية والمنظات الاجتماعية ضمن اطار المجلس الوطني الفلسطيني ، على قاعدة البرنامج الوطني المنبثق عن المجلس ، ليكون استراتيجية مرحلية لحين انعقاد المجلس اللاحق ، وبقراءة لمقررات المجالس الفلسطينية المتعاقبة يتبين التطور السياسي المتوافق مع الحالة العربية والدولية ، فمن شعار الدولة الديمقراطية الى شعبين لدولتين ، مرت مجريات طويلة ومعقدة تصلح لقراءة الواقع العربي ككل ، لان الثورة الفلسطينية لم تستطع ان تكون اطارا مستقلا عن تاثير الانظمة العربية والجغراقيا العربية ، وافقدها هذا الكثير من ثوريتها لتصبح اقرب الى نظام عربي تقليدي ، حتى في العمل العسكري امتلكت جيوشا بدل ميليشيات ، واحتاجت الى التعامل بالمواقع الثابتة ، حتى كانت حرب 82 والخروج من بيروت ، لتصبح حركة سياسية اكثر من حركة ثورية ، فتم اعلان الدولة وانتخاب رئاسة ، وانتقلت الى الشرعية الدستورية حتى اتفاقات اوسلو.
وفرت تلك الاتفاقات عنصر الارض والشعب ، فكانت الدولة ! واصبحت الشرعية انتخابية ، وجرت الانتخابات لعدة دورات تنافست فيها مختلف القوى الوطنية ، وتشكلت وزارت حسب تلك الشرعية ، حتى كانت انتخابات المجلس التشريعي التي فازت بها حركة حماس الاسلامية بالاغلبية وشكلت الوزارة ،ودفعت حركة فتح الى المركز الثاني ، وهي حركة لم تدخل عضوية منظمة التحرير ولا تعترف بقيادتها للشعب الفلسطيني ، وهكا فقدت الشرعية الثورية حضورها .
لم تستطع حركة حماس ان تكون بديلا ثوريا فهي حركة اسلامية ذات طابع ديني عضويتها مقتصرة على هذا البعد ، واطلقت اسلوب التفجيرات الانتحارية ، لكافة المجتمع الاسرائيلي المدني والعسكري مما جعلها حركة ارهابية بالعرف السياسي والعالمي ، واحدث ذلك خلالا في العلاقات السياسية الدولية مع السلطة الوطنية ، وبين كافة قوى المجتمع الفلسطيني المدني والسياسي ، وسادت اجواء التوتر الوطني ، حتى قامت حركة حماس بانقلابها العسكري وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، في محاولة لاقلامة امارة اسلامية على الحدود مع مصر ،ليتكرس وجود قيادتين فلسطينيتين ،تستغله اسرائيل كما يستغله كثيرون اخرهم قيام ايران بدعوة رئيس القطاع الحمساوي لحضور مؤتمر دول عدم الانحياز مما يشكك في شرعية السلطة الوطنية ، ومنظمة التحرير التي هي الاطار الاشمل والمكون للكيان الفلسطيني المنبثق عن اتفاقات اوسلو التي وقعتها منظمة التحرير .
كذلك تواجه السلطة الوطنية ازمة مالية خانقة تهدد قدراتها على الاستمرار في تحمل اعباء المسؤولية ، بفعل الحصار الغير معلن عربيا ودوليا بوقف المساعدات ليتازم الموقف وتسهل عملية التاثير على السلطة لتمرير حل سياسي ينسجم مع المخططات الجاري تنفيذها في ارجاء الوطن العربي ، تحت مسميات الثورة او الربيع ، وتصبح مرة اخرى الشرعية مهدددة وتحت التساؤل ، بعد ان فقدت شرعيتها الثورية ، وشرعيتها الدستورية التي حرمتها منها عوامل الانقسام الحمساوي ، حين لم تتمكن من اجرء الانتخابات لما يقارب عشر سنوات سواء للرئاسة او التشريعي او البلديات ، حتى ترهلت تلك المؤسسات وغبت عنها روح الابداع والمبادرة ، ويمكن تلمس ذلك من واقع المجلس التشريعي حيث الاعضاء يتلقون مخصصات دون ممارسة مسؤلية ، يبررونها بفقدان النصاب لاعتقال اسرائيل مندوبي حركة حماس ! وهو امر يؤكد ما ذهبنا اليه من فقدان الثورية والاتكاء على البيروقراطية والدستورية بدل خلق مبادرات شعبية تعبوية بقيادة هؤلاء المتبطلين ، والامر ذاته عند المجالس البلدية التي تواجه ازمات ليس اقلها تحولها الى مجرد هيئات بروتوكولية ! بعضها بلا مال والاخر بلا مشاريع وجميعها بلا مبادرات ، مما ادى الى تفاقم ازمات المياه والكهربا والنظافة ، وغياب المشاريع التطويرية وصيانة الشوارع ، بذرائع متعددة جميعها ادارية لفقدانها الشرعية التي جاءت بهم قبل سبع سنوات وتاجيل مستمر للانتخابات ! فقد دكان يمكن ان تلجىء للعمل الطوعي لو ملكت التفاعل مع الجمهور ؟ .
واخيرا اعلنت السلطة الدعوة لانتخاب المجالس البلدية في شهر تشرين اول من هذا العام ، على ان تجري في الضفة دون القطاع لمعارضة حركة حماس ذلك ، بمبررات غير مقنعة بقدر ما تؤكد تكريس الانقسام ، وهي حالة تفقد الشعب الفلسطيني الشرعية الثورية والدستورية وتترك مئات الاف الفلسطينين في الشتات تائهين يائسون في ظل الحالة السياسية التي تجتازها المنطقة وتنذرهم بلجوء جديد بدل امل عقدوه بقيام دولتهم العتيدة ، حين احتضنوا منظمة التحرير وكانوا ثوارها وثوريتها .
جيد ان تعقد الانتخابات البلدية لعلها تعيد الحيوية للمجتمع الفلسطيني ، ولوجاءت بشكل محدود ، لكنها لاتمنح شرعية عامة ، لتحقيق انهاض ثوري ، في حالة احباط متواصل يعيشه الشعب الفلسطيني من استمرار الغلاء الفاحش وبطالة واسعة ، وتوقف زيادة الاجور ، واخيرا اعلان توقف التوظيف والعلاوات ، وغياب برنامج لاستيعاب الخريجين الجدد من الجامعات الفلسطينية وعددهم بالاف ، كثيرون منهم يهاجرون وبعضهم يتوجه للعمل في اسرائيل ، وباعبار الشعب الفلسطيني شعب فتي حسب الاحصائيات الرسمية اغلبهم بين سن 15-الى 24 فان قطاع الشباب هو الاكثر تضررا ، وتسوده روح الاحباط وعدم الاكتراث بغياب القدوة والمثال والافق ، فان الثورية التي هي بطبيعنها فتية ، تغيب ويكاد ينسد الافق ، مع عدم التعرض لحالات الفساد المحبط جدا !.
ومع ذلك كله فلا زال الكثيرون يشككون في امكانية اجراء الانتخابات في موعدها ، فنحن شعب يعيش في رمال متحركة ، لا ندري ماذا سيجري من تطورات حولنا عربيا وعالميا واسرائيليا ، واحتمالات حدوث عودة للمفاوضات مع حماس التي تشترط وقف الانتخابات لحين تحقيق شروط لها ، وهو امر يجعل الاستعداد الانتخابي ضعيف ، ثم احتمال المشاركة اضعف ! وهذا السيناريو يفقد الشرعية بكاملها حضورها، ويهيء لحراك شعبي دفاعا عن حق العيش والعمل والاستقرار ، بدل التحرك من اجل مواصلة الكفاح حتى الاستقلال .
ان الاستعدادات لفرض سيناريوهات شرق اوسطية جديدة لا يمكت ان تستثني فلسطين ، وما نعيشه من ازمات هو مقدمات لنتائج قد لا تكون خيارا فلسطينيا ، وحتى لا نبقى فى خانة الانتظار ، يمكن تحول الدولة الى ثورة وحشد الجماهير عبر اوسع مشاركة ومصارحة للتقدم بالدفاع عن وطنها ومستقبلها لنعود الى الشرعية الثورية ويواصل الفلسطينيون طريقهم نحو الاستقلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة