الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع الامريكي

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2012 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن المتابع او المثقف العربي يتوقع ان تكون هكذا هي نهاية الثورات العربية او كما سمي الربيع العربي بان يفقد جزء كبير منها مضمون اهدافها التى قامت من اجلها كما حصل في ثورتي مصر وتونس ويتم محاصرة الاخري كما حصل في البحرين واليمن وليس غريباً ان يحصل ذلك بعد ان تحولت هذه الثورات من معاناة شعوب ضد الدكتاتورية والفقر وسوء التنمية الى سلعه يسمسر بها الوكلاء الاقليميون كقطر والسعودية لحجز مواقع اقليمية لهم لصالح الدول الكبري وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية.
ففي تونس مهد الثورات العربية سيطرت حركة النهضة (الاخوان المسلمين) ليبقي النظام السابق ويتغير بن على فقط وإذا تمعنا في التعهدات او الصفقه التى وافقت عليها حركة النهضة لكي يسمح لها الامريكي والفرنسي بالوصول للحكم وفي مقدمتها ان اسرائيل لم تعد عدو وهو ما دعى عميد الاسري العرب سمير القنطار ان يتحدى زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بان يعلن ان اسرائيل عدو فجاءه الجواب بهجوم السلفيين عليه وعلى المحتفلين بيوم القدس العالمي ثم خروج المهاجمين من التوقيف بسرعة البرق!! مما يؤكد ان الرسالة قد وصلت فتونس بن على لا تختلف كثيراً عن تونس النهضة فالجميع يدور في الفلك الامريكي وفق مصالحها ولا تغيير على صعيد حياة الشعب فالعدالة الاجتماعية مازالت مؤجله والتكفيريون اصبحوا اخطر من جهاز امن بن على وما حصل للقنطار يوضح الية التعامل مع المعارضين لحركة النهضة في المستقبل.
وفي مصر التى سعد الشعب العربي برحيل الدكتاتور حسني مبارك جاء البديل من تحالف السلف والإخوان المسلمين بدعم الولايات المتحدة الامريكية وحصلت اسرائيل على ما تريد من ضمانات لمعاهدة كامب ديفيد ولم يتغير النظام بل بقي النظام السابق وتغير الرئيس فقط فلا تنمية في مصر بل قروض البنك الدولي كما كان يفعل مبارك والسياسية الخارجية بقيت على حالها في تبعيتها للرجعية العربية في الخليج مقابل دولارات تشحن بها الخزينة المصرية ومن كان يهاجم اتفاقية كامب ديفيد اصبح اليوم يبررها او يتحدث عن تعديلها في افضل الاحوال !!.
في الجماهيرية العربية الليبية سيطرت الشركات الامنية الامريكية والفرنسية على ابار النفط وسيطر التكفيريون من القاعدة وغيرها على مقاليد السلطة السياسية وهدمت الدولة كما هدمت قبور الاولياء الصالحين وتناحرت القبائل ومن كان متحمساً لليبيا ليسقط النظام الوطني فيها من وكلاء الخارجية الامريكية كقطر اصبح اليوم غير مكترث ما دامت ابار النفط او مصادر الطاقة مؤمنه للغرب والمثقفون الذين يروجون للنضال العربي وتحرير فلسطين من قاعدة العديد في قطر كعزمي بشاره  مستمرون في الترويج للثورة الامريكية في ليبيا.
 
 
بل تفوق الامريكي بان اصبح ربيعه ليس دفاعياً فقط بل هجومياً كما حصل في ليبيا واليوم ما يحصل في سوريا من مؤامرة كبيره تحت مسمي الثورة السورية وهي محاولة انقلاب امريكي بأدوات اقليمية كقطر والسعودية وتركيا بل انها تشكل مفهوم خطير في الانقلاب على ما سمي الشرعية الدولية لان القيادة السورية ومن يقف معها اليوم من ايران وروسيا والصين يطرحون حلاً منطقياً وهو التغيير من خلال صندوق الاقتراع اي الانتخابات الرئاسية بإشراف دولي وهو ما يؤكد بان الرئيس بشار الاسد وخط المقاومة الذي يتبعه هو محتضن شعبياً ويمثل رأي الاغلبية من السوريين وهو ما ذهب اليه نائب رئيس مجلس الوزراء السوري قدري جميل بان الحوار الوطني يناقش استقالة الرئيس ولكن جاء الرفض من البيت الابيض لان ليس المطلوب ديمقراطية في سوريا بل تفتيت الدولة السورية وصياغة مفهوم دولي جديد هو قيام الاستكبار العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة بخلع اي نظام حتى لو كان ديمقراطياً او يملك ارادة شعبية فالولايات المتحدة هي مصدر شرعية اي نظام وهذا ما حصل في ليبيا وما يراد له ان يكون في سوريا.
ولكي يكتمل الربيع الامريكي كان لا بد من اجهاض او تأخير نتائج ثورات البحرين واليمن لان نتائجها في كل الاحوال ليست في صالح الولايات المتحدة الامريكية ولا يمكن ترويض القوي المعارضة فيها على طريقة الاخوان المسلمين في تونس ومصر وضمن ظروف اقليمية وسياسية تعتبر خسارة الولايات المتحدة في العراق درساً لها في التعامل مع القوي الشيعية المعارضة فتم اجهاض الثورة اليمنية ومازالت المحاولات قائمة للإجهاض على الثورة البحرينية عن طريق الدور الامريكي الخبيث بعلاقات الاحتواء مع المعارضه لتحجيم سقفها ووضع الالتزامات التى تخدم النظام على تحركها كما تم استخدام اللقاء المشترك في اليمن للقضاء على الثورة اليمنية بل ان الاسوء ان ما تطرحه الولايات المتحدة في الملف البحريني لا يرتقي لنصف ما تم في اليمن فعلاقات الولايات المتحدة مع المعارضة البحرينية هي بهدف الاحتواء لها وهي نجحت بذلك فبيانات الادانة لإيران او العداء المصطنع لها لم يرضي عوائل الخليج الرجعي عنها ولم يفتح الابواب الامريكية للسلطة لها وساهمت في احتوائها من حيث السقف السياسي والحراك الميداني.
لذلك فان نتائج الثورات العربية لم تحقق اهدافها التى قامت من اجلها في الكرامة والاستقلال والقرار العربي المستقل والمواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ونحن بحاجه اصبحنا لاستمرار ثورات الربيع عربي لوقف الربيع الامريكي بعد هذا التداخل ومؤشراتنا في ذلك هو ان يرفض الثوار العرب التدخل القطري والسعودي لأنه بوابة الربيع الامريكي وهنا فقط يعود الربيع عربياً خالصاً لذلك جاءت الدعوات للتظاهرات المليونية ضد النظام الاخواني في مصر بتاريخ 24 اغسطس وجاءت ثورة الكرامة في سيدي بوزيد التى وصف قمعها راشد الغنوشي بالجهاد في علامة واضحة على دكتاتورية جديدة ولكنها ثورة حقيقية لا نسمع عنها في قنوات التآمر العربي الجزيرة والعربية لأنها ربيع عربي وليس امريكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار