الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لصوصُ الإعمَارِ والأعْمَار:

أديب طالب

2005 / 2 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لصوص الإعمار:
سرقوه حياً، سرقوه وهو يحيي قلب بيروت وأطراف لبنان، سمحوا له بالإعمار شرط أن يملؤوا جيوبهم وبنوكهم.
كان يعنيهم أن يبقى قلب بيروت ميتاً وأن يبقى لبنان خرائب عفنة مظلمة فهم خفافيش الظلام وطيورالجثث والفطيسة. أما إذا دُفِعَ لهم نقداً خُوّةً فليفعل الحريري بقلب بيروت العمراني ما يشاء، وليشربوا قهوتهم في الـ"تاون سنتر" بثقة "العراب" الممتلىء قدرةً وسطوةً وغراماً بالمال والجريمة.
جراؤهم، أذنابهم، حثالتهم؛ كرهوا نهر الخير الحريري، ساءهم توزيع الزكاة سمناً وزيتاً وما يقيم أوَدَ الفقراء وسييئي الحظ، وضحايا الحروب. فقد تعلموا أن يأخذوا المال ولا يعطوه- كانت إشارة أستاذنا غسان تويني حول الزكاة والزيت شديدة البراعة- فليسامحني من هذه السرقة البيضاء. ساءهم نهرالعلم الحريري، وآلاف الجامعيين الحريريين، ومئات الأساتذة، وعشرات العلماء الذين ما كانوا لو ما كان الحريري؛ ولأن لبنان يبنيه العلم فهم مع الجهل ومع الخراب.
هم وأذنابهم رأوا فيه بنكاً مباحاً للسرقة، أما أهل بيروت وصيدا وكثير من أرض لبنان؛ فرأوا فيه نبع خير وحب وحنان، ومدارس، وجامعات، ومشافي، وعيادات، وكنائس، وجوامع كان درتها جامع محمد الأمين حيث يرقد الشهيد تحت جبل من الورد يسقيه نهر من الدموع.
عندما تحدث المطران جورج خضر عن تبرع الحريري للكنائس لم أستطع أن أحبس نفسي عن البكاء.
عندما اختلطت أجراس الكنائس بقرآن المآذن لم أستطع أن أمسك نفسي عن البكاء.
عندما بكت امرأة في الثمانين، وطفلة في الثامنة، ومراهق في الثامنة عشرة؛ لم أستطع أن أمسك نفسي عن البكاء.....
لصوص الأعمار:
لم يكتف الشهيد بالإعمار والعلم والخير، ولو اكتفى؛ لكفوا أيديهم عنه، وما قتلوه. فالإعمار والعلم والخير شيء؛ والسياسة والسلطة شيء آخر. قال عمر كرامي:" فليقولوا ما يشاؤون أما الأمن فلا".
الأمن في بلاد الإستبداد هو السلطة والسلطة الوحيدة، ولا يحمي السلطة الوحيدة غير قتل الآخرين أفراداً كانوا، جماعاتٍ كانوا، شعوباً كانوا، أطفالاً... نساءً كانوا، القتل هو الحماية؛ القتل أساس البقاء.
كان رحمه الله يعرف كل هذا. وبحكمة وشجاعة عاليَتَين دخل نهر السياسة في لبنان وتعاون حتى مع الشيطان لتحقيق الهدف الأرقى والأكثر حضارة والأكثر حاجةً، والأكثر ضرورة؛ "إعمار السياسة في لبنان". وظنَّ أنه مؤهل بالكامل فيداه لم تلوثا بالدماء، وليس على ملابسه غير عطر الخير. وليس في نيَّتِه العداء أو الإعتداء أو الإستعداء على أي لبناني. أرادها سياسة معتدلة نظيفة إصلاحية وسطية تنفذ الطائف وتوصل إلى السيادة وإلى التفاهم والحب مع الجارة الحبيبة.
سبح في نهر السياسة اللبنانية والإقليمية والعالمية ببراعة نادرة، نهر السياسة هو نهر الحياة لا يقفُ ولا يجفُّ إلا إذا نفخ إسرافيل. تابع السباحة؛ ازداد خبرة وكفاءة وتأهيلاً، وَضُحَ الهدف: "السيادة"، "الحرية"، "الحرب على الفساد"، "حماية الديمقراطية اللبنانية" هذه الجوهرة النادرة في صحراء الإستبداد العربي.
" اتسعت الرؤية وضاقت العبارة" عندما اكتشف أنَّ قلب بيروت السياسي في مرحلة الإحتضار؛ ولا بد من غرفة الإنعاش ضم قلب بيروت إلى صدره، فقتله لصوص الأعمار كما سرقوا أعمار غيره من قبل. كان خطّاً أحمرَ أن يبقى قلب بيروت السياسي سيداً حراً ومستقلاً. كان خطاً أحمرَ أن يبقى لبنان الديمقراطي ديموقراطياً وأن ينمو ويشعَّ ويؤثِّرَ. هل يكفي دمه لينقذ قلب بيروت السياسي من الموت، الشارع اللبناني يقول "نعم" ونقول نحن المسنون "لعل وعسى" فهم وأذنابهم قادرون،
قال لي صديقي المتفائل: "والشعب قادر كذلك......"
كاتب سوري
د.أديب طالب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح 300 ألف من رفح.. واشتباكات ضارية بين القوات الإسرائيلية


.. لا تنسيق مع إسرائيل بمعبر رفح.. القاهرة تعتبر اتفاقية السلام




.. السير نحو المجهول.. مأساة تهجير جديدة تنتظر نازحي رفح الفلسط


.. الخلافات تشعل إسرائيل..غضب داخل الجيش الإسرائيلي من نتنياهو




.. موكب أمني لحماية المغنية الإسرائيلية -إيدن جولان-.. والسبب -