الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


  قراءة في -مديح الصدى* - لأحمد الزنيبر

حليمة زين العابدين

2012 / 8 / 27
الادب والفن


أحمد الزنيبر، شاعر، باحث يحملنا عبر جسر الكلمات الشاعرية إلى عالم الإبداع والكتابة المغرية .حين أخذت مديح الصدى، بين يدي أول ما لفت انتباهي لوحة غلافه المفتوحة على اللون الأخضر بكل إيحاءاته الدينية في قدسيتها... ألا نقول أن لباس المنعمين بالجنة هو اللون الأخضر، ونقول سندس أخضر... وكذا رموز هذا اللون الدالة على بدء الحياة وتجددها وعلى الحب الكوني.. وفي تداولنا اليومي ننعث من يهيم بالجمال، بذي العين الخضراء. ومن قلب هذا الأخضر على الغلاف يبرز حرف الحاء، وهو من أجمل الحروف العربية ليس من حيث رسمه وحسب، ولكن، لأن به تبدأ لفظة الحياة، ولفظة الحب، والحرارة، والعلاقة مابين الحب والحرارة نجد تجلياتها في تلك النقطة ذات اللون الأحمر أسفل حرف الحاء، والأحمر في الثقافات القديمة، يشكل والأخضر ثنائة ضدية، فالأخضر بارد والأحمر حام، يعنون الحياة في عنفوانها و ويشير للنار والحرب والغضب والحب. ولازال اللون الأحمر يحمل هذه الدلالت فهو رمز الحرارة والحب والحياة.
وأنا أمعن النظر في اللوحة على وجه الكتاب، خمنت أن دفتية تضمان شعرا ـ وما جعل تخميني شبه يقين هو هذا العنوان المكتوب بالحرف السميك "مديح الصدى" عنوان فيه انزياح لا يقبله سوى الشعر. فهو يتكون من كلمتين تنتميان إلى حقلين دلالين متباعدين-المديح-هو الثناء ولا يكون إلا للإنسان بإبراز أكمل ما فيه، إن قيما ومواقف وسلوكات أو خصائص استيتيقية وجمالية، ولكن، هنا المديح، ليس للإنسان إنه للصدى، أي هو مديح رجع الصوت، وفي الجمع مابين هاتين اللفظتين في جملة خبرية، إحداث لخلخلة ذهنية ، تزيدها ارتجاجا، الجملة التي جاءت توضيحا ووصفا لها، "دراسات في "أدب الغرب الإسلامي" فهل الصدى هو الدراسة التي يقوم بها الأستاذ محمد الزنيبر أم هو أدب الغرب الإسلامي؟
عنوان يستدعي في الذهن مجموعات من التساؤلات و يغري بالدخول في مغامرة التأويل، لإيجاد العلاقة ما بين "مديح الصدى" و "دراسات في أدب الغرب الإسلامي".
لا يمكن أن تكون هذه الدراسة "صدى " فالصدى لا يدرك بالعين ولا يلمس، وهذه الدراسة واقع مادي ملموس، دليلها أنها كتاب مطبوع نقرأه، إذن، فاحتمال الصدى أن يكون أدب الغرب الإسلامي..
فهل أدب الغرب الإسلامي هو صدى أدب الشرق، لكونه جاء متأخرا في الزمن مقارنة مع تاريخ الكتابة المشرقية، وفي جدته تقفي لخطاها وتريد لأصواتها؟ أم أن الكتابة المغربية هي التي تركت ذاك الصدى الممتح من أسطورة "إكو" الإغريقية، تلك الإلهة المثولوجية، الي سقطت في غرام شاب رائع الجمال يدعى نرجس، وكان نصف إله ولم يبادلها هيامها، فضلت تذبل وتذبل إلى أن تلاشى منها الجسد وبقي ذاك الصوت المردد لآهات الجوى أتيا من أعالي الجبال.. وكلما رفعنا الصوت بالفضاءات الرحبة، أحسسناه رجع صوت حب وعشق للجميل، منعبت من أعماقنا.
ونقلب الكتاب فنرى على خلفية الغلاف، وبأعلاها صورة الكاتب، نقرأ في عمق التفكير المنبعث منها، أن المؤلف مبدع وأنه إنسان، وهكذا عرفت أحمد الزنيبر، مفكرا خدوما في سخاء لا ينتظر مقابلا. وبوسط الدفة الخلفية للكتاب، إطار يحيط قراءة للأستاذ سعيد علوش أو هي كتابة ثانية، مُكثِفة "لمديح الصدى" و جواب عن بعض من متعدد الأسئلة التي يطرحها العنوان.
فالصدى وهنا بمعنى الإشعاع ، هو ذاك الأثر الإبداعي الذي خلفه ثراتنا المغربي موضوع الدراسة في مديح الصدى، هذا الكتاب النقدي الذي قارب أدب الغرب الاسلامي من اليوسي في القرن السابع عشر إلى نجاة المريني وهي لا زالت تعيش بيننا.( بل هي حاضرة معنا في هذا الملتقى)
مديح الصدى قراءة عالمة في الأثر المغربي، شعره ونثره، عالمة بقواعد النقد الأدبي وأصوله، هي تركيب بين متعدد من المناهج القرائية أو النقدية.
نقد سوسيوتاريخي، حين يقدم لنا المختار السوسي في سياقه التاريخي والإجتماعي.
قراءة في بنية الخطاب وهو يتناول رسائل أبي الحسن اليوسي
قراءة عاشقة للإبداع والفن متذوقة له وهو يُكلم لنا ثانية شعر محمد الحلوي، يقدمه لنا من خلال شعره وطنيا حماسيا، يتغنى بأمجاد الوطن وبتفانيه في حبه، يقدمه لنا رومانسيا يسكن الطبيعة وتسكنه، يستعير صوتها، حفيف شجرها، وخرير مائها، لاستحضار أيام الصبا. يقدمه لنا في بعده الاجتماعي الإنساني، وهو يحل في معاناة إنسان شاخ وقد أعيا به الدهر وأعياه جوعا، والجوع كافر يمتهن الكرامة.
لم يقل أحمد الزنيبر في مديح الصدى ان (أدب الغرب الإسلامي) هو الأدب المغربي نسبة إلى المغرب الأقصى، فهو كل الأدب الذي صدر عن كتاب وشعراء ولدوا وعاشوا في المغرب، أو ولدوا وتربوا في الأندلس، وجاءوا مهاجرين أو مهجرين إلى المغرب، يحملون صدى الوطن يتردد في شعرهم، حبا وعشقا وألما من فراق، فهذا يوسف الثالث الملك الشاعر الذي أنكر النقاد حقه، يعلي أحمد الزنيبر من صوته، فنسمعه يتردد شذى عذبا بمعاناة الغربة ، بعشق الوطن والحنين إليه.
وبعودتنا إلى العنوان "مديح الصدى" نجد أنه رجح صوت أدب رفيع، هو هذا الأدب المغربي الأصيل وذاك القادم من الأندلس.. ومطلوب منا ألا نسمعه فحسب، بل نصغي إليه، ليس لأنه تراث ولكن لأنه أدب يتفجر إنسانا وجمالا
* مديح الصدى دراسات في أدب الغرب الاسلامي :أحمد الزنيبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري