الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل التنوع أضعف أمريكا بعد العولمة؟

مجدى خليل

2012 / 8 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر


قامت التجربة الأمريكية على فلسفة واضحة أن أمريكا بوتقة أنصهار للمهاجرين حيث أن القارة معزولة عن العالم القديم، ومن خلال الثقافة والقيم الأمريكية يبدأ المهاجر تدريجيا الإندماج فى البوتقة بحيث يخرج بعد عدة سنوات جزءا من هذا العالم الجديد بدرجات مختلفة حسب سرعة استيعابه لهذا العالم، ولكن بالنسبة لابناءهم فهم بلا شك سيخرجون كجزء أصيل من هذه التجربة ثقافيا وقيميا. فى العقود الأخيرة تغيرت الفلسفة الأمريكية من بوتقة الانصهار إلى تمجيد التنوع كقوة للمجتمعات، ومع وجاهة مقولة التنوع قوة إلا أنها كانت لها أثارها السلبية على أمريكا والغرب، كانت الفلسفة الجديدة قائمة على تشجيع الاحتفاظ بالتنوع الثقافى للمهاجرين ولكن مع محاولة استيعابهم فى القيم الأمريكية والغربية، ولكن للأسف فأن هذه الفلسفة تضخمت أثارها السلبية بشكل كبير فى ظل العولمة وذلك لتداخل الثقافى والدينى مع القيمى، واصبح الكثير من المهاجرين معزولين فى جيتوهات ثقافية وقيمية ولغوية أيضا، فهناك مناطق داخل الولايات المتحدة اللغة الاولى فيها هى اللغة الاسبانية، وهناك مناطق اصبحت تعيش وكأنها فى بلدانها الاصلية،ولم تكتفى هذه الجيتوهات بالإنحراف عن القيم الغربية فقط ولكنها اصبحت تعادى هذه القيم.وإذا استمر التنوع والتفتيت بهذا المعدل ستتحول أمريكا خلال عدة عقود إلى جزيئيات متنافرة لا يربطها سوى صرامة تطبيق القانون.
لقد ربطت العولمة ،من خلال ثورة الساتلايت والانترنت والاتصالات، المهاجر بوطنه القديم ثقافيا وقيميا وأخلاقيا أكثر من ربطه بوطنه الجديد،وإذا اضفنا إلى ذلك دخول نوعية جديدة من المهاجرين عن طريق الهجرة العشوائية والعائلية فى معظمهم لم يكن مستعدا للهجرة وغير مستعد للاندماج، نكون أمام عوامل عدة ساهمت فى بروز أثار التنوع السلبية.
مع تفاقم مشاكل التنوع ظهرت مشاكل مثل الفساد والمحسوبية والرشوة، فقد حمل هؤلاء المهاجرين هذه القيم السلبية من مجتمعاتهم الاصلية ولم تنجح قيم المجتمعات الجديدة ولا صرامة القانون فى جعلهم يتخلون بنسبة 100% عن هذه القيم الفاسدة، وتدريجيا بدأ الفساد يتزايد حتى وصل لنسبة 25% فى المجتمع الأمريكى وفقا لمنظمة الشفافية الدولية. وتعدى الموضوع إلى مسألة الفرص المتساوية التى كان يتيحها المجتمع الأمريكى، لم تعد الفرص متساوية كما كان ،ومن الصعب الحصول على وظيفة بدون توصية، ودخلت المحسوبية والوساطات فى الوظائف، فالهندى يميل للتوسط للهنود واللاتينى يفعل نفس الشئ والمسلم يقوم بالشئ نفسه، بل وصلت الأمور إلى أن مؤسسة مثل الاف بى آى يحتكر المسلمون معظم وظائف الترجمة الخاصة بالغة العربية فيها ويندر وجود مسيحى عربى فى هذه الوظائف، بل يقوم الجانب المسلم بتطفيشهم أو التدخل لعدم تعيينهم أصلا بحجة أنهم متحاملون فى ترجماتهم على المسلمين رغم أن صناعة الترجمة فى الشرق هى من انجازات المسيحيين العرب تاريخيا، ورغم امانتهم المعهودة فى هذا الصدد.
وصلت الأثار السلبية إلى درجة أخطر من هذا، فهناك احياء يخشى المواطنون الاصليون من الدخول فيها خوفا على حياتهم مثل سكن المغاربة والجزائريين فى ضواحى باريس والجيتو المسلم فى بلجيكا وبعض الشوارع التى يسكنها مسلمون فى الدول الاسكندنافية.
الأخطر أن التواصل الثقافى والقيمى مع المجتمعات الأم وصل إلى الجيل الثانى، فهناك ما تسمى ظاهرة التطرف الجهادى لدى بعض المولودين فى أمريكا وبعض أبناء الجيل الثانى من الباكستانيين فى بريطانيا.... وصلت الأزمة إلى أن المنظمات الإسلامية فى الغرب تطالب رسميا بتطبيق الشريعة على الجاليات المسلمة، وقد دفع هذا التخوف بعض الولايات الأمريكية لعمل استفتاءات رسمية لحظر تطبيق الشريعة الإسلامية.. ولكن فى نفس الوقت وخوفا من الإرهاب طالبت بعض الشخصيات الغربية البارزة بتطبيق الشريعة على الجاليات المسلمة كحل لمشاكلهم كما اقترح رئيس اساقفة بريطانيا،وإذا تم ذلك فى المستقبل فمعنى ذلك التضحية بأخر رابط يلملم هذه الجزيئيات المختلفة وهو سيادة القانون.
الهوس الأمريكى بفكرة التنوع جعلها تصل إلى هذه الحالة، فكل شئ يزيد عن حده ينقلب إلى ضده، ورغم وجاهة وصحة مقولة التنوع قوة إلا أنه عند نقطة معينة يكون التنوع ضعف وخطر على المجتمعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال ممتاز-1
مجدي سعد ( 2012 / 8 / 27 - 09:08 )
تحية للكاتب علي مقال اكثر من رائع

سياسة التعدد او التنوع اثبتت فشلها الذريع فهنا في بريطانيا مثلا هناك مدن باكملها لا تري فيها وجه بريطاني اصلي ولا يدخلها شرطي الا نادرا ... هذه قنابل موقوته

اما عن انعزال الجاليات عن الوطن الجديد فنري هذا واضحا في كل مناحي الحياة سأعطي مثالين عن هذا فيما يلس اما عن مقولة اسقف كانتربري السابق ودعوته لتطبيق الشريعة الاسلامية فقد كانت مقولة اظهرت جهله بالاسلام قبل ان تظهر جهله باحوال بلده التي من المفترض انها كان راعيها الروحي

المثل الاول اثناء مرروي للتسوق في حي في مدينة برمنجهام اثناء رمضان لفت نظري اعداد كبيرة من الملتحين ذوي الجلاليب القصيرة متوجهين في جهة واحدة اتضح لي ان احد يقدم ما يبدو انها وجبة افزار مجانية في الشارع... سأترك لكم تصور ما جري من فوضي وتدافع وخلافه...ولكن ما أثار اشمئزاز رفاقي وكانوا من البريطانيين الاصليين هو ما قام به عدد من هؤلاء ذوي اللحي من تنخم وبصق في الطريق بل وانا لا ابالغ بتاتا قام احدهم بطرد محتوي انفه بيده ( ينف كما نقول في مصر) ومسح يده علي عامود الانارة... طلبت مني احدي السيدات العودة فورا الي السيارة

يتبع


2 - مقال ممتاز-2
مجدي سعد ( 2012 / 8 / 27 - 09:34 )
تكملة

لانها تشعر بالغثيان

لا استطيع وصف حرجي لانني من اقترح هذه الزيارة للتسوق وبالطبع لا فرق يذكر بين الباكستان والمصريين

اما المثل الثاني فمع ان الشخص المقصود لم يكن مهاجرا الا انه لا فرق

جاء هذا الشخص الي اميريكا لاتمام دراساته العليا في بعثه

انخرط في الدراسة ولم يختلط الا بالعرب المسلميين في الجيتو الذي اختار الاقامة به مع زوجته

اثناء هذا الانعزال كان من السهل استمالته الي التطرف الديني وساعد في ذلك الخوف من المجتمع المحيط به الذي لا يعرف عنه الا القليل

حتي اللغة لم يتقنها رغم انها كانت طبعا لغة الدراسة ولكن عدم التفاعل الاجتماعي لم يحسن منها في شيئ

نجحوا في ضمه وزوجته الي جماعة الاخوان المسلمين وصاروا اعضاء ناشطين

اسم هذا الشخص

محمد مرسي عيسي العياط

لا ادري كيف كان يحاضر بلغته الانجليزية تلك في الجامعة التي اشتغل وقتا بالتدريس بها؟ ربما يكون هذا مثلا عن اما التسامح المذهل في مستوي التعليم او في مدي الفساد الذي اشار اليه الكاتب

لمعرفة مدي اجادته للانجليزيه
لمعرفة مدي اجادته اللغة ابحث في يو تيوب عن
انجليزي ده يا مرسي

http://www.youtube.com/watch?v=QFUhdkPeGso


3 - حالة خطيرة فعلاً
رعد الحافظ ( 2012 / 8 / 27 - 13:39 )
الغرب في إسلوبهِ الحضاري الديمقراطي في إستيعاب الجميع
يُفكّر في إصلاح هذا العالم بطريقته التي يفهمها
لكن كيف يتقبّل الآخرون , هذا الفكر ؟
خذ عندك المثل التالي
الشيخ يوسف القرضاوي يقلك
سينتشر الإسلام ويعّم العالم كلّه بديمقراطيتهم التي إخترعوها , يقصد فليشربوها
*****
وبعض المهاجرين هنا في السويد عندما اسألهم بطريقة ودّية / لماذا تُخرّب أو تسرق البلد الذي أنعم علينا والناس الذين عاملونا كأنفسهم وأفضل ؟
يجيبوني / لعنهم الله , ومن قال لهم أن يضعوا قوانين متساهلة الى هذا الحدّ ؟
***
ماذا يعني ذلك ؟
يعني أن الثقافة الأصلية والأديان التي تحتقر الديمقراطية , لن تحترمها يوماً حتى لو عاشت وترعرت وظهرت أجيال جديدة لهم هناك
****
الموضوع مهم للغاية / وأنا دائم القول / أنّ الغرب سيصبح يوماً وهو يسبح بدماء أبناءه
وقد حدث ذلك فعلاً
الحلّ في ظنّي أن يكون شرط قبول المهاجر واللاجيء خضوعهِ الصارم لقوانين البلد / والطرد في حالة المخالفة المتكرّرة


4 - جهل الغرب بالأسلام هو المشكلة
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 8 / 27 - 15:09 )
تحية لك أيها الكاتب الجليل، أستاذ مجدي خليل.

إن عدم معرفة الشعوب الغربية بتفاصيل الأسلام، وخطره الكبير على مستقبل البشرية، هو الكارثة، فهم يعتقدون إن ألأسلام عبارة عن دين كباقي الأديان، وإن الأرهابيين هم نفر ضال، لايمثلون الأسلام،هذا ما يقوله لهم المسلمون في الغرب والحكومات الأسلامية خوفاً من كشف حقيقة الأسلام، علماً بأن هؤلاء الأرهابيين هم من يمثل الأسلام الحقيقي، إسلام وإقتلوا وإنكحوا.

وهذا مايدفع المسلمين لمنع المترجمين المسيحيين من الحصول على وظيفة في FBI, خوفاً من كشف الحقيقة، وإستمرارهم بتضليل الأدارات الغربية.
إنّ ألأسلام ليس دين، وإنما منظمة إرهابية مخادعة، بدأت خيوطها تنفتح، وأسرارها تنتشر، وما هي إلا مسألة وقت، ونسمع بقرار دولي بمنع ألأسلام في الغرب وإعتباره منظمة إرهابية وعنصرية.

تحياتي.


5 - امريكا ضريرة
بشارة خليل قـ ( 2012 / 8 / 27 - 23:37 )
سمعت مرة انه بلغ التخشب القانوني في امريكا مبلغ الامعقول: احد المحكوم عليهم بالاعدام حصل على ادلة جديدة على برائته وقد قام محاميه بطلب الاستئناف فما كان من القاضي النبيه الا ان احاله الى الاستئناف لكن بعد تنفيذ الحكم
يعني بالذمة يا استاذ مجدي امريكا لا ترى انتهاك حقوق الانسان في قطر والسعودية لتقيم تحالف مع ابو متعب وابو موزة وكل الشلة الفاشية ضد دولة علمانية على الاقل شكليا والتي هي سوريا؟ اصبح الذي لا يعطي شعبه حق التصويت ولا حتى شكليا ويتخذ البلد بالفعل كمزرعة له ولعائلته ولاعوانه اصبح بنظر امريكا هو حامي الديمقراطية؟ ما هذا الهراء؟
انا كنت جديا مخدوع بواجهة القيم الكونية وحقوق الانسان والديمقراطية والعدل والحرية والمساواة الزائفة للغرب....خذلني الغرب وخدعني, لا اصدق حسن نواياهم بعد
الههم ليس الهي..انا لا اعبد المال
تحياتي للاصدقاء المعلقين

اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا