الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذهب هبة رؤوف وسيف العولمة

شريف الغرينى

2012 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


طالعتنا السيدة الفاضلة الدكتورة هبة رؤف عزت التى أصبحت مؤخراً مدفعا تويتريا سريع التويتات عبر حسابها الشخصى بمبادرة تتحدث فيها بحماس عن تبرعها بمبلغ ثلاثون ألف جنيه مصرى هى قيمة ماتمللك من ذهب وهى تسعى لأن تكون فكرتها وتبرعها بداية لمشروع يمكن تبنيه قومياً ، كبديل محلى عن قرض صندوق النقد الدولى المزعج !! والحقيقة أن هذا الأمر كان مثار إعجاب الكثيرين وتناقلته تعليقات المدونين ببالغ الإحترام والتقدير ، والحقيقة أن هذا الإقتراح أو هذه المبادرة لا تخلو من طرف وخفة ظل وربما استعراض وللاسف ايضا لاتخلو من بعض جهل بطبيعة المشكلة وحقيقة الأزمة الإقتصادية التى نحن بصددها فى مصر بل وفى جميع البلدان الفقيرة التى تبنت فكر لإقتصاد الحر وهى مازلت فى ظروف لاتسمح لها بذلك سيايا ولا عسكريا ولا حتى إجتماعيا ، فهذه المبادرة ومثيلاتها كان من الممكن ان تكون مؤثرة لو لم يكن الإقتصاد المصرى قد تعولم بالفعل ولكن هذه المبادرة الأن لا تزيد عن فرقعة عاطفية لا تغفر لصاحبتها " الدكتورة" جريمة الجهل ولاتنذر هذا المجتمع إلا بعواقب وخيمة إذا ما أصر البعض الذى لا يعلم على تصدر المشهد ومخاطبة الناس دون علم بما سيخاطبهم به ، فمهما حسنت النوايا ومهما كان لون الحديث فإن الأحاديث الفارغة من العلم والتى لا ترتكز إلا على النوايا الحسنة هى أحاديث لاهية لن تزيد ولن تنقص ولن تخدم فى حل مشكلة مصر الإقتصادية حتى ولو تبنت الفكرة كل بنات حواء وحتى لو حذت حذوها كل نساء مصر ورجالها أيضا ، ذلك لأن المشكلة التى تواجه مصر هى أزمة العملة الصعبة والتى هى أم الأزمات الكثيرة التى تحدث وستحدث كتبعات مباشرة لإنخفاض الإحتياطى من النقد "الاجنببى" الناتج عن تراجع قدرة مصر على توفير مصادر جديدة لهذا النقد ، وقد أدى هروب رؤوس الأموال بنفس النقد الاجنبى فى بداية الثورة والذى مازال مستمرا حتى بعد أو بسبب انتخاب رئيس يمينى إخوانى ، علاوة على ضعف التصدير الذى يعد الحل الامثل لانه يدر عائدا من العملات الصعبة ، مقارنة بالإستيراد الذى تعاظمم ليسرب مالدينا منه من احتياطيات إضافة إلى نقص تحويلات المصريين و ضعف ايرادات مصر من السياحة نتيجة التدهور فى الحالة الامنية ، كل ذلك ادى إلى إلى خفض التقييم الإئتمانى لمصر عالميا والذى جاء فى تقارير مؤسسات مثل "ستاندرد اند بوذر" و" موديز" و"ميريل لينش" حتى أصبح تصنيف اقتصادنا متأخراً و فى مستوى متدن جدا يقترب من تصنيف اليونان التى أعلنت افلاسها ، ويأتى الخطر من أن هذه التقارير التى تصدرها تلك المؤسسات لها مصداقية كبرى وأثر بالغ فى قرارات التمويل والإقراض والتجارة و حركة الإستثمارات فى العالم كما أنها لمصداقيتها أصبحت مرجعا مهما لتحديد اسقف الإئتمان بحسب حالة الدولة الطالبة لدعم وتعاون مؤسسات التمويل وبنوك الإستثمار الدولية ، هذا وقد أصدرت هذه المؤسسات مؤشراتها مؤخرا وهى مؤشرات لا تعنى سوى الحذر فى التعامل مع الشركات المصرية ومؤسساتها وما ينطوى على ذلك من خطورةلكل مقرض أو مستثمر او حتى بائع بالأجل وقد ادى ذلك بدوره إلى إحجام المقرض الأجنبى عن منح مصر أية قروض بالعملة الصعبة وإلى إحجام المصدر الأجنبى عن البيع الأجل للحكومة او للشركات المصرية ( بالعملة الصعبة ) إلا بمزيد من الضمانات وذلك من أجل اتمام أى عملية تجارية مع أى طرف مصرى ، وقد يوافق البعض على الإقراض والتعامل مع مصر ولكن بفرض مزيد من الفوائد المتوحشة كمقابل لمخاطر الإئتمان ، وهذا ينطوى فى النهاية على رفع تكلفة الإقتراض وبالتالى زيادة الدين وتكلفته وزيادة العجز فى ميزان المدفوعات بما يؤدى إلى إتجاه كل الحسابات المصرية وجميع أنشطة الدخل إلى اللهاث وراء محاولات يائسة لسداد الدين فى مقابل التضحية بعمليات التنمية والنمو ، إذاً المشكلة لن تحل بذهب الست الدكتورة ولا بتبرعات المصريين بالجنيه المصرى ، المشكلة تتلخص فى رصيد البنك المركزى من العملات الصعبة .
والأن بعد أن عرفنا المشكلة ، هل ستعى الست "الدكتورة" الفرق بين التبرع لأقتصاد دولة هى جزء من اقتصاد عالمى يتنفس الدولار وبين التبرع لإنعاش اقتصاديات ملاجىء الأيتام؟ ، وعموما تظل المساهمة المجتمعية ممكنة ، و لو أراد كل محب لوطنه أن يقدم شيئا عمليا وفعالاً لحل جزء من مشكلة اقتصاد بلاده فعليه أن يرشد استهلاكة من البنود التى يعرف أنها مستوردة وتحتاج لعملات صعبة بدأ من القمح وحتى المواد البترولية ، وحيث أننا للاسف نستورد ما يزيد عن 80% من احتياجاتنا ؛ فإن الحل السحرى أو الدعم الذى يمكن أن يقدمه المواطن المصرى العادى لإقتصاد بلاده يكمن فى ترشيد الإستهلاك من الأساسيات أولا، والإستغناء كليا عن الكماليات المستوردة ثانيا ، هذا إذا لم تكن قادرا على ضخ عملات صعبة لخزينة البنك المركزى من خلال تحويل ما لديك من مدخرات فى بنوك الخارج إلى بنوك وطنية دون أى تبرع ، فمجرد دخول العملات الصعبة إلى حسابك فى أحد البنوك المحلية يعنى أنها أصبحت جزء من الإحتياطى النقدى الاجنبى فى البنك المركزى المصرى، أما إذا كنت من الغالبية المقهورة فليس مطلوبا منك ترشيدا ولا تقشفاً أكثر مما انت عليه بمقتضى الوضع الراهن ، فلا أحد يجرؤ على طلب ذلك من المحرومين ، فطوبى لكم أيها الفقراء وحسبكم ما ستلاقونه من أهوال المرحلة المقبلة التى سيديرها اليمين الراسمالي الجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من