الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادرة هيئة التنسيق الوطنية والبحث عن مخرج وطني من الأزمة التي تعصف بالوطن

إبراهيم معروف

2012 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


مبادرة هيئة التنسيق الوطنية
والبحث عن مخرج وطني من الأزمة التي تعصف بالوطن
إبراهيم معروف
أطلق المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في سورية بتاريخ 14/08/2012 مبادرة لوقف العنف وتحقيق تغيير ديمقراطي سلس وآمن تنطلق من:
• الإيمان " بحق الشعب السوري في حياة حرة كريمة والعيش في ظل نظام ديمقراطي يؤمن له المساواة والعدل والتقدم".
• من كون "النظام الحاكم لم يعد قادراً على إخضاع الحركة الثورية الشعبية بالقوة رغم كل ما مارسه من استخدام للقوة العارية المفرطة".
• ونظراً لأن "التضحيات الغالية والكبيرة التي قدمها شعبنا وقواه الوطنية والتي وان استطاعت ان تفرض معادلة التوازن بالقوى مع النظام الحاكم إلاّ أنها لا تزال بعيدة عن تحقيق انتصار حاسم في ظل توازن دولي لا يقبل انتصار أي من الطرفين على الآخر , وهو الأمر الذي يجعل من استمرار العنف طريقاً لتدمير سورية المجتمع والوطن والكيان".
ومن أجل تخفيض تكاليف التغيير المنشود وحماية ما يمكن حمايته من البنى التحتية للوطن ومن وحدة المجتمع دعت الهيئة إلى :
أولاً: التوافق على هدنة مؤقتة بين جميع الأطراف التي تمارس العمل المسلح، في مقدمتها قوى النظام، تلتزم فيها بعدم إجراء أي عمل عسكري وعدم تغيير الأوضاع الميدانية على الأرض .
ثانياً: يطلق الطرفان خلال أسبوع من بدئ سريان الهدنة سراح جميع المعتقلين والأسرى والمخطوفين.
ثالثاً: يسمح الطرفان لهيئات الإغاثة بإيصال المعونات الغذائية والطبية وتسهيل معالجة الجرحى في المشافي العامة والخاصة وبرعاية الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
رابعاً: وفي حال التزام الأطراف المعنية بما سبق يكون المناخ قد توفر لإطلاق عملية سياسية تقوم على التفاوض بين قوى المعارضة وبين وفد من النظام يملك صلاحيات تفاوضية مطلقة يضم شخصيات لم تتلوث أيديها بالدماء من أجل البدء بمرحلة انتقالية محددة المدة (سنة) تهدف تحضير البلاد من اجل التوصل إلى نظام ديمقراطي تعددي برلماني.
واقترحت الهيئة أن تشرف هيئة الأمم المتحدة ممثلة ببعثتها أو بمن ترتئيه بالإشراف على تنفيذ بنود الخطة بعد إجراء تعديلات على حجم وصلاحيات المراقبين يتم التوافق عليها بين جميع الأطراف التي لها علاقة بالأزمة السورية .
وأعقب هذه المبادرة إعلان نائب المنسق العام للهيئة ورئيس فرع المهجر، الأخ هيثم المناع، في مقابلة مع يونايتد برس انترناشونال- يو بي آي عن توجه هيئة التنسيق الوطنية للإعداد لمؤتمر موسّع للمعارضة السورية في الداخل..
وقد أثارت مبادرة الهيئة وتصريح الأخ هيثم المناع مواقف الأطراف المعنية بالأوضاع في سورية.. ومن المفيد التوقف عند مواقف وأراء بعض أطراف المعارضة السورية:
المجلس الوطني السوري:
أصدر المجلس بياناً ذكّر فيه بإيجاز بالنقاط الأساسية للمبادرة، ثم سجل الملاحظات التالية:
• إن المبادرة خلت من أي إدانة واضحة للنظام.. ويقول البيان أن المبادرة "ذهبت أبعد من ذلك بالحديث عن "طرفين" في الأزمة يتساويان في استخدام القوة والاعتقال والاختطاف وإعاقة وصول المعونات الغذائية والطبية" و وتعتبرهما طرفين متساويين إلى حدّ كبير في المسؤولية،
• تسعى المبادرة لإحباط معنويات الثورة والشعب بالقول إن الثورة "لا تزال بعيدة عن تحقيق انتصار حاسم".
• ورأى المجلس في مبادرة "هيئة التنسيق الوطني" خروجا عن الإجماع الوطني. وأن مبادرتها هذه تضعها في انسجام مع الأطراف التي سبق أن دعمت النظام وأطلقت مبادرات لإنقاذه.
إذن المجلس يرى أن المبادرة تساوي بين طرفي الأزمة، النظام والمعارضة، في استخدام القوة والاعتقال والاختطاف والمسؤولية عمّا يجري.. وهذا ليس وارداً لا في نص المبادرة ولا في البيانات الأخرى الصادرة عن الهيئة..وهذه المساواة المفترضة أو المتصوّرة لا أساس لها لأكثر من سبب، في مقدمة الأسباب أن الهيئة كانت تؤكد دائماً أن اختيارات النظام ونهجه وممارساته هي المسؤولة عن وصول الأوضاع في البلد إلى ما هي عليه. كما أن الإمكانيات الفعلية لممارسة القوة والاعتقال والاختطاف ليست متماثلة بين النظام والمعارضة.. وربما كانت نقطة المساواة الوحيدة، التي يمكن أن نقرأها في البيان، كامنة في قدرة التضحيات الغالية والكبيرة، التي قدمها شعبنا وقواه الوطنية، على فرض معادلة التوازن بالقوى مع النظام الحاكم.. وهذا يسجل انجازاً لشعبنا في مواجهة قوى النظام، انجازاً ثمنه تضحيات عظيمة وجليلة جديرة بالاحترام والتقدير بنظر الهيئة.
أما عن مطالبة الهيئة بهدنة وإطلاق سراح جميع المعتقلين والأسرى والمخطوفين. وبالسماح لهيئات الإغاثة بإيصال المعونات الغذائية والطبية وتسهيل معالجة الجرحى في المشافي العامة والخاصة وبرعاية الصليب الأحمر والهلال الأحمر. فإن شعبنا وقواه الوطنية هو المستفيد منها بكل تأكيد ولا توجد أية أوهام عند أحد بتساوي عدد المعتقلين والموقوفين عند النظام والمعارضة..
وعندما يقول المجلس أن المبادرة تسعى لإحباط معنويات الثورة والشعب، من خلال القول إن الثورة "لا تزال بعيدة عن تحقيق انتصار حاسم"، فإنه يذكرنا باللغة والاتهامات التي دأب النظام على توجيهها لأبناء الشعب والقوى الوطنية المطالبة بحقوق الشعب، ويبدو أن هذه اللغة أخذت، مع الأسف، تتسرب إلى منطق وعقول بعض القوم الذين كان منهم من كان ضحيتها إلى زمن ليس ببعيد. إن الصدق في توصيف الأوضاع، ومصارحة الشعب بالحقائق، لا تحبط المعنويات بل تزيد الثقة بالنفس، وتشحذ الهمم، وتصحح المسار. إن مخاطر بيع الأوهام، الذي تمارسه بعض الأطراف، أخطر بكثير، وأشد ضرراً، من المصارحة والصدق الذي يجب أن تتحلى بهما قيادات العمل الوطني.
والنقطة الأخيرة التي أثارها المجلس، والمتمثلة بالخروج عن الإجماع الوطني، فإنها تغفل جانباً هاماً في المسألة.. ذلك أن المبادرة مطروحة للنقاش والتفاعل مع جميع الأطراف.. هي اقتراحات، إن تم اعتمادها من قبل الذين وجهت لهم، سيكون حولها إجماع أكبر من إجماع المعارضة.. فالمبادرة تتوجه لقوى المعارضة ولجهات في النظام لم تشارك بسفك دماء السوريين. والاقتراحات الواردة في المبادرة تشكل بمجموعها نوعاً من الهدنة تتوقف فيها أعمال القتل والتدمير، ويطلق سراح المعتقلين والموقوفين، ويفتح المجال لأعمال الإغاثة لمئات الآلاف من شعبنا الذي يعاني من ظروف حياتية في غاية القسوة والصعوبة. وعند الالتزام بذلك تكون الظروف قد توفرت للبدء بعملية التفاوض بين قوى المعارضة وبين وفد من النظام يملك صلاحيات تفاوضية مطلقة يضم شخصيات لم تتلوث أيديها بالدماء من أجل البدء بمرحلة انتقالية.
وملاحظة أخيرة لا بد من قولها وهي أن حديث المجلس عن الإجماع الوطني.. تناقضه أعماله وممارساته التي طالما تجاهلت ذلك عندما كانت تطرح المشاريع والمبادرات وتشكل الحكومات وتنسق مع الجهات الدولية وتطالب بالتدخل العسكري الأجنبي..
المنبر الديمقراطي السوري:
في بيان مختصر رأى المنبر أن "هذه المبادرة قاصرة عن قراءة الواقع الحالي للثورة السورية وفي قراءة واقع النظام، الذي لم يستجب لأي مبادرة للحل السلمي منذ بداية الثورة السورية".ورأى المنبر أن مبادرات كهذه تكتسب طابعا مجانيا لا يخدم القضية التي يناضل الشعب السوري من أجلها"، ورفض المنبر أي مبادرة سياسية لا يتعهد النظام بموجبها بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي وتحقيق مطالب الشعب.
لم ير المنبر في مبادرة هيئة التنسيق أساساً يمكن البناء عليه لمخرج للوضع السوري بكامل تعقيداته. ويؤكد المنبر على أن أي مبادرة تتضمن حلاً سياسياً يجب أن تحظى بتوافق قوى المعارضة الرئيسة، وعليه فالمبادرة غير صالحة للتداول السياسي..
لم يوضح المنبر لماذا اعتبر المبادرة قاصرة، ذكر نقطة واحدة وهي أن النظام "لم يستجب لأي مبادرة للحل السلمي منذ بداية الثورة السورية". لم يسجل المنبر أي نقطة أخرى في هذا المجال.. وأعتقد أن هذه الملاحظة لا تبرر للأخوة والأصدقاء في المنبر وصف المبادرة بأنها قاصرة.. ومن المؤكد أن عدم استجابة النظام واقعة معروفة، لا يجهلها أي مشارك أو متابع للأحداث الجارية عداك عن القوى الوطنية المعارضة. ومن البديهي أن بنود أية مبادرة، في ظروف مشابهة لما يعيشه شعبنا، يحب أن تقوم على أسس بيّنة واضحة ومحددة. والهيئة طرحت نقاطاً محددة واضحة، ترمي للتوصل إلى هدنة توقف القتل، وتفتح الباب للتفاوض. إنها مبادرة عملية، وليست محاضرة أو أطروحة أو ندوة حوارية لتحليل الأوضاع. ومع ذلك فعندما تقول المبادرة أن "التضحيات الغالية والكبيرة التي قدمها شعبنا وقواه الوطنية والتي وان استطاعت ان تفرض معادلة التوازن بالقوى مع النظام الحاكم إلاّ أنها لا تزال بعيدة عن تحقيق انتصار حاسم في ظل توازن دولي لا يقبل انتصار أي من الطرفين على الآخر، وهو الأمر الذي يجعل من استمرار العنف طريقاً لتدمير سورية المجتمع والوطن والكيان" فإن الهيئة تكون قد التقطت النقطة الأساسية في مسلسل الأحداث الجارية.. وقد كتب الأخ ميشيل كيلو، من قادة المنبر الديمقراطي، لاحقاً ما يلتقي مع جوهر هذا الرأي، عندما قال في مقال له تحت عنوان أكاذيب " أؤكد أن عدم التدخل لم يحدث بسبب قوة الجيش السوري، بل لأن من بيدهم قرار التدخل يريدون للنظام أن يستمر إلى أن يدمر مدن سوريا وقراها، ويشطبها من معادلات القوة والسيطرة في المنطقة لفترة جد طويلة. وبما أن جيش النظام هو الذي يدمرها، فإن أحدا لن يضع حدا لما يفعله، قبل أن ينتهي من إنجازه. (جريدة الشرق الأوسط السعودية 19/08/2012).. إن مبادرة هيئة التنسيق تنطلق من رؤية غير بعيدة عن هذه الرؤية ولكنها لم تكتف بالإشارة للمخاطر وإنما، وبدافع المسؤولية الوطنية، تحاول إيجاد مخرج وطني يخفض تكاليف التغيير المنشود وحماية ما يمكن حمايته من البنى التحتية للوطن ومن وحدة المجتمع ويفتح المجال للولوج إلى مرحلة انتقالية محددة تحضر البلاد من اجل التوصل إلى نظام ديمقراطي تعددي برلماني.
وأخيراً فإن المنبر يؤسس رفضه للمبادرة على ثلاث نقاط بقوله: "ويرفض المنبر أي مبادرة سياسية لا يتعهد النظام بموجبها بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي وتحقيق مطالب الشعب". ونظرة سريعة لبنود المبادرة تتبين أن النقطتين الأوليتين متضمنتان في المبادرة. وفي حال اعتماد المبادرة والبدء بالمرحلة الانتقالية يفتح الطريق أمام النقطة الثالثة.
التيار الثالث لأجل سورية:
أعرب التيار عن ترحيبه بتوجه هيئة التنسيق نحو طرح مبادرة لوقف العنف وتحقيق تغيير ديمقراطي سلس وآمن، وأعلن بيان للتيار عن رغبته بأن تحمل المبادرة مزيداً من الدقة والتحديد والعمق في مقدمتها وفي بعض بنودها.
وأكد التيار على أهمية العمل المشترك والتعاون بين كل قوى المعارضة الوطنية، من أجل إيجاد مخرج آمن للأزمة الوطنية، وصولاً إلى تحقيق التغيير الديمقراطي الجذري والشامل المنشود.
***
إن المخاطر المحدقة بسورية وشعبها تفرض على جميع الوطنيين، أينما وجدوا، الارتقاء إلى مستوى المسؤولية، والتعامل بصدق، والبحث بجدية، عن مخرج وطني من الأزمة التي تعصف ببلدنا، مخرج يخفض تكاليف التغيير المنشود، ويحمي ما تبقى من البنى التحتية للوطن ومن وحدة الشعب.. مخرج يفتح الطريق أمام مرحلة انتقالية، محددة المدة، تؤسس لنظام وطني ديمقراطي، يحمي وحدة الشعب والوطن، ويصون حقوق المواطنين وحرياتهم.
27/08/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا