الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد الدعوة :- آن الأوان لتأسيس تيار ماركسي لينيني مغربي-

رفيق عبد الكريم الخطابي

2012 / 8 / 28
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


بصدد الدعوة :" آن الأوان لتأسيس تيار ماركسي لينيني مغربي"
الجزء الأول
1- منطلقات أولية:
- ننطلق في هذه الدراسة من كون المتبني للماركسية اللينينية ، كمنهج للتحليل وكهوية إيديولوجية ، تمتلك كل الامكانات العلمية للإجابة على إشكالات الواقع الاجتماعي ، تفسيرا وتغييرا ، مستمر في النضال والعمل الثوريين من أجل إنجاز مهام التغيير الجدري ببلادنا اي مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية (اختصارا سنكتبها الثودش ) هذا العمل والنضال تعتبره الاصلاحية خطيئة البروليتاريا أي "خطيئة" المناداة بالثورة وتحضير القوى الطبقية اللازمة ، وعيا وتنظيما ، لإنجازها . فواقع مجتمعنا يحبل بتناقضات اجتماعية-طبقية حادة ، إفرازاتها أكثر تعقيدا وموضوعية بحيث لن يتمكن لا القمع ولا التضليل أو هما معا أن يحجباها أو يحجزاها .
- ننطلق من أن الحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) إن كانت هزمت في محطة ما ، فإنه لا يمكن الجزم بهزيمتها في كل المحطات . فخسارة جولة ، كما الحروب وهي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، لا تعني خسارة المعركة ، لنرخي السمع قليلا لقائد أول ثورة اشتراكية جين يقول :" فأن يعمل(المرء) بلا كلل ، حتى في الوضع الذي قد تغير ، على المناداة بالثورة ، وعلى تحضير قوى الطبقة العاملة للثورة ، ألا تلك هي جريمته الرئيسية ، ألا تلك خطيئة البروليتاريا الثورية من وجهة نظر الاصلاحيين . لا جدوى للمرء أن " يحمل حيث انهزم سابقا " تلك هي حكمة المرتدين والذين يستسلمون للقنوط بعد كل هزيمة ".
- ننطلق من كون انهيار الاتحاد السوفياتي ما هو إلا وصول للتحريفية إلى نهايتها الطبيعية ألا وهي التصفوية بماهي إعادة إحلال لعلاقات الانتاج الرأسمالية وضرب كل المشروع اللينيني أي هدم لأول بناء اشتراكي في التاريخ ، فتحت شعار تحقيق اشتراكية ذات وجه انساني ، الذي رفعه خروشوف والخروشوفيين تم تحطيم وتحويل الوطن الاشتراكي الى شرذمة من الدول الرأسمالية كما هو الحال حاليا.لذلك ننطلق من كون الماركسية اللينينية ليست نظرية تقبل التفاسير المتعددة ،وكل محاولات تحويل الماركسية الى ماركسية خلاقة او ماركسية عصرية أو جديدة أو التعبير الذي أطلقه فرسان التحريف وكاتبهم العام عبد الله الحريف في رده على ملاحظات زعزاع سنة 1995 حين صرح بأن الاطار لا يجب أن يتبنى الماركسية وكفى ..بل " ..هي تنهل من إنجازات الفكر التقدمي العالمي وعلى رأسه الماركسية ومن تجارب الشعوب ونضالاتها ...ومن أجل بناء ديمقراطية حقيقية وصولا إلى الاشتراكية ..فالأرضية إذن لا تطرح الانعزال والانغلاق بعيدا عن الفكر التقدمي" وإلى حين العودة بشيء من التفصيل لحفدة خروتشوف بالمغرب في هذا المقال، نسجل هنا أن تلك الميوعة الفكرية سميت عند "رفاقنا "انفتاحا والمتبنين للماركسية اللينينية حصرا هم منغلقون وانعزاليون ..دون تحديد طبعا لماهية هذا "الفكر التقدمي العالمي" والذي اتسع في ممارساتهم إلى التحالف مع جماعة غارقة في الظلامية والإجرام..وفي هذا السياق نعتبر تقييم حزب النهج الديمقراطي لتجربة البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي تقييما سطحيا بل وانتهازيا لتبرير شعارات إصلاحية حول التعددية والديمقراطية ..(أنظر وثائق المؤتمر الثاني ص 23)
2 - تفاعلا منا مع الدعوة الأخيرة التي وجهها الرفيق حسن أحراث وجماعته " آن الأوان لتأسيس تيار ماركسي لينيني بالمغرب " هذه الدعوة التي أراد لها أصحابها ان تجمع كل طاقات الماركسيين اللينينيين ، يمكن القول أنها شكلت هاجسا بالنسبة لكل الماركسيين الللينينيين منذ مدة طويلة ، فلا يخلو خطاب أي مناضل من استحضار العائق الذاتي الذي يعيق عملية المراكمة واستثمار التضحيات وتنظيم ادائهم النضالي ( مع ضرورة الاشارة إلى الارتباط الوثيق بين الذاتي والموضوعي) ، منذ أن استوى خط التراجع والمراجعة داخل تنظيمات الحملم (الحركة الماركسية اللينينية بالمغرب) على سكته التحريفية الانتهازية منذ اواخر السبعينيات . هذا الشبه إجماع حول تنظيم فعل الماركسيين اللينينيين بالمغرب ،في أفق تهييء الشروط اللازمة لبناء الأداة الثورية أي الحزب الثوري من أجل إنجاز مهام الثودش (الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية). إلا أن هذه الدعوة وإن كانت تستند على معطيات موضوعية لم تخل من محاولات استثمارها انتهازيا .
ولأننا لا نريد في تعاطينا مع الدعوة ان ننطلق من موقع ذاتي ولا أن نلعب دور شرطي المرور ، فإننا سوف نحاول التفاعل معها إيجابيا أي نضاليا ونقديا ، وسنحاول في هذه المقالة وضع بعض الدروس التاريخية لتكون سندا للرفاق وخصوصا ممن لم يواكبوا بعض المحطات الهامة في خلاصاتها ، ونعني بها محاولات التجميع التي أطلقت منذ أواخر عقد السبعينيات ، ساعين أن تكون تلك الخلاصات والمحطات التاريخية سندا في اتخاد الموقف الذي يخدم في آخر المطاف مصلحة شعبنا ومسار الثورة المغربية ، وهو تعاطي مبدئي بنظري دون أي حزازات ذاتية (تكررت كثيرا في النداء). سيجد القاريء ما يمكن أن يشكل له حافزا على طرح الأسئلة اللازمة والضرورية لصياغة الموقف بشكل موضوعي من تلك الدعوة، خاتمين المقال بمجموعة من الاستفسارات التي تستدعي الإضاءة ، لأن النداء بنظرنا حوى مجموعة من نقاط الظل ليس أقلها :
لماذا اختيار إسم التيار للتجميع ؟ الموقف من تجربة الحملم في السبعينيات من القرن الماضي؟ الموقف وشكل التعاطي مع المجموعات المدعية انتماءها للماركسية ؟ موقع أصحاب المنبر أو وجهة نظر 96 من عملية التجميع ؟ ومدى انسجام الدعوة المراد لها أن تكون مبنية على أسس مبدئية مع مواقف وممارسات الماضي القريب من قبلهم دون نقد ذاتي ولا قراءة موضوعية لمسار تلك الدعوة ونتائجها المدمرة بنظرنا ؟ وهي ممارسة بنظرنا تضع مسافة كبيرة بين الموقف المعلن ( تبني النقد والنقد الذاتي) قولا ، والممارسة العملية المبنية على تضخيم الذات والدفاع عن المنزلقات ؟ .
3- تعتبر الدعوة للتجميع ، التي أطلقها مجموعة من قيادات تنظيمات الحملم والمعتقلين السابقين والتي غطت كل عقد التسعينيات من القرن الماضي ، من أهم المحاولات التجميعية بعد المحاولة الأولى التي أطلقها الأنواليون أو متراجعو منظمة 23مارس ، وهي بذلك تشكل أثمن الدروس ، وتناولها نقديا لا غنى عنه لكي نحدد مسارا بديلا يدفع للأمام ولا يعيق للخلف . ولأن العلاقة مع الحملم وتنظيماتها (امتداد ، استمرارية ، قطع ، تبني..) أو العلاقة مع تجربة السبعينيات وما أنتجته كإجابة على واقع الصراع الطبقي ببلادنا ، من النقاط المهمة والتي لا غنى عنها في أي محاولة ترمي التاسيس لتجربة جديدة .
لقد شكلت بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي بداية لمرحلة جديدة بالنسبة للمسار الذي سوف تتخذه تنظيمات الحملم (الحركة الماركسية اللينينية المغربية) وأغلب مناضليها ، فإن كانت مرحلة بداية السبعينيات قد شكلت مرحلة للعمل والنضال الثوريين ، لإنجاز المهام التي حددتها الحركة لنفسها منذ الفترة الأولى لتأسيسها وبلورة لمهام إظافية في كل المجالات على ضوء معطيات الصراع الطبقي ومستوياته ، وبلورة لهويتها التي أكدتها بلا غموض ولا تردد أي الماركسية اللينينية ، تلك الهوية التي وضعتها في مصاف قوى التغيير والثورة في العالم، وأعلنت عن موقعها الطبقي بذات الوضوح والمبدئية ، إلى جانب الجماهير الشعبية الكادحة ومن موقع الطبقة العاملة ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية – يمكن القول ان ما أنجزته الحملم خلال مرحلتها الثورية وهي هي مرحلتها التأسيسية من إشعاع وحضور على المستوى الفكري والسياسي والابداع النضالي ، ضمن سنوات تعد على رؤوس الأصابع ، لم ينجز مثله على مدى عقود من الصراخ الانتهازي التحريفي، وإن كنا سنقتصر في دراستنا على تناول فترات الردة والتراجع ، لن نستفيض في تبيان تلك الانجازات وهي معروفة على كل حال - . فإن مسلسل إعادة النظر قد انطلق منذ النصف الثاني من السبعينيات وهو ما يمكن اعتباره تقوقعا وانكفاء على الذات وأعطى تصدعا وتشرذما وسط التنظيمات الرئيسية للحملم . نتج عن هذا المخاض ظهور مجموعات وتنظيمات مستقلة جديدة منحدرة من تلك التنظيمات . فنجد أن منظمة " 23مارس " انبثقت عنها:
-منظمة العمل الديمقراطي الشعبي : أصدرت جريدة أنوال في 15نونبر 1979 لتعبر عن وجهة نظرها ولتعلن عن توجهها الجديد ، عمل هذا الاتجاه على تقديم التنازلات المطلوبة للحصول على شرعية النظام القائم ، ودخلت انتخابات 1984 وما تلاها من مسلسلات انتخابية ، وستعرف بدورها في سنة 1996 انشقاقا جديدا تكون على إثره ما يسمى الحزب الاشتراكي الديمقراطي .
- رابطة العمل الثوري بالمغرب – الاستمرار الثوري ل"23مارس" ( لنلاحظ جيدا التسمية الرنانة جدا ) ، ظهرت كتنظيم في بداية الثمانينات ، والتحق أعضاؤه بشكل جماعي في نهاية ذاك العقد بحزب الاتحاد الاشتراكي – اللجنة الادارية وهو ما يعرف حاليا بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.
- أما منظمة " إلى الأمام " فقد حاولت سنة 1979 أن تقوم بعملية تقييم ونقد ذاتي عميق لتجربة السبعينيات وللأخطاء التي أدت للاعتقالات الجماعية خلال سنوات 1974 و 1977 ، كما أنها عملت على توجيه تلك العملية في إطار يحافظ على هيكل المنظمة وهوما نجحت فيه نسبيا ، إلا ان هذا النجاح لم يمنع من انشقاق وتكون مجموعات أخرى منها مجموعة " آفاق" التي سميت باسم المجلة التي أصدروها سنة 1980 ، ومجموعة " بيان يونيو" وهو بيان صدر خلال شهر يونيو 1979 من طرف مجموعة من رفاق إلى الأمام من داخل السجن المركزي بالقنيطرة نشرته مجلة آفاق . وانشقت عن هذه المجموعة مجموعة أخرى..إظافة إلى بروز مجموعات وأفراد بلا انتماء سواء داخل السجن أو خارجه.
هذه العملية ، أي عملية التراجع أو المراجعة ،أخدت مداها طيلة عقد الثمانينيات ، حيث تكاثرت وجهات النظر وتعددت الردود ، مما أثار نقاشا واسعا تميز بعلنية نسبية ساهم في ذلك احتضان بعض المجلات والصحف لتلك النقاشات ( جريدة أنوال، المقدمة أقلام الجسور ...)، هذه الحيوية النقدية والسجالية التي عرفتها تلك المرحلة ,تميزت بالمقابل بغياب أي حضور سياسي فاعل في الميدان باستثناء تواجد نضالي محدود في انتفاضة 1984 (وهنا نستثني من النقاش عموما التجربة المتميزة للطلبة القاعديين داخل الجامعة المغربية )، على عكس ما يذهب إليه الرفيق عبد السلام أديب الذي كتب في مقاله الأخير حول الدعوة لتأسيس تيار ماركسي لينيني مايلي: " رغم هذه الموجة القمعية الثانية والتي صادفت تعمق ازمة النظام الرأسمالي عمل خلالها التيار الماركسي اللينيني على تفجير انتفاضات شعبية عارمة سنوات 1981 و1984 و1990..." مع التمييز بين الحضور النضالي المتميز للماركسيين اللينينيين داخل هذه المحطات وبين مقولة تفجيرها أو قيادتها.
ونعتقد أن ذلك الشكل من الحضور كان محكوما بالوضع الذاتي الذي كان يعيشه ما سماه أصحابه " باليسار الجديد" والذي كان يعرف تفككا كبيرا سواء على المستوى التنظيمي أو السياسي ، وعلى المستوى الايديولوجي حيث كان يعيش وضع إعادة النظر بما تعنيه من إعادة الصياغة للأسئلة السياسية والبحث لها عن إطار فكري جديد يستطيع استيعاب تلك العملية من المراجعة او التراجع . ويبدو أن الجانب الذاتي كان حضوره طاغيا في طرح تلك المقدمات الأولية وعدم طرح أو تجنب طرح المعطيات الموضوعية إلا من أجل تبرير هاجس الوجود الذاتي (وسنعود لغياب طرح المعطيات الموضوعية بشكل موضوعي وليس تبريري لاحقا). وعلى هذا الأساس نجد ظهور اتجاه عام يدعو إلى تصحيح العلاقة مع الأحزاب السياسية الي كانت تعتبرها (الحملم ) إصلاحية ، تلك العلاقة التي لن تستقيم ،كما العلاقة مع النظام القائم ،إلا بتغيير الموقف منها أو عدم إيلائه أهمية في رسم العلاقة معها ، تمهيدا لخلق شروط تساعد على انتقال هذا الموقف ، وبدأت تظهر بالتالي مقولات من قبيل " القوى الديمقراطية " حينا و"التقدمية " حينا آخر أو القوى الحية ، دون أن يستند إنتاج مثل هذه المواقف الجديدة على أي تحليل يتناول برامج هذه الأحزاب وموقع الطبقات التي من المفترض أن تلك الأحزاب تعبر عن مصالحها أو تمثلها ، ضمن الصراع الطبقي الدائر على ضوء موازين القوى .
إن هذا المسار العام الذي اتخذته أغلب مجموعات وفصائل هذا " اليسار الجديد" يوحي بكون النظام نجح في تحييدها ،فدخولها في مرحلة كاملة من إعادة النظر من خارج الانخراط في الصراع الطبقي مباشرة وتقدم عملية الفرز داخلها قد يفسر التطورات المتلاحقة التي شهدتها تلك التنظيمات وعدم استقرارها على أي موقف ثابت في هذه المسيرة ، والرابط الوحيد الذي نجده هو التأكيد على أهمية نقد بل نقض المرحلة السابقة (أي المرحلة الثورية في مسار الحملم) والاعتراف بالأخطاء والدعوة الضمنية أو الواضحة في أحيان كثيرة للقطع مع تجربة السبعينات وخصوصا في جانبها السياسي والفكري وما يرتبط بها من تصورات تنظيمية . فمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي قد أخذت موقعها الطبيعي إلى جانب القوى والأحزاب والأحزاب القانونية الأخرى وحلت المجموعات الأخرى نفسها أو تلاشت ، وتكيفت منظمة "إلى الأمام " مع هذا المسار بتغيير رؤاها وبرنامجها المرة تلو الأخرى .
والجدير بالذكر هنا تسجيل المفارقة التالية للتاريخ : ففي الوقت الذي كان رفاق الأمس تحريفيو اليوم يسجلون تراجعا على المواقف والمبادىء تلو التراجع ، مع ما رافق ذلك من تفريخ للمجموعات ووجهات النظر وسيادة للذاتية ، كان الواقع الاجتماعي الموضوعي يسير ومعه أو ضمنه حركة الجماهير الشعبية في نفس الفترة ينحو منحى آخر ، عنوانه العريض احتداد الصراع والتناقضات الطبقية بحيث تفجرت انتفاضة في 20 يونيو 1981 ،هذه الانتفاضة التي كانت أبرز دلالاتها فشل بل إفلاس القوى الاصلاحية التقليدية ،التي يريد الاصلاحيون الجدد الرهان عليها بل الارتماء في أحضان مواقفها وشعاراتها، ومعها النظام وأبواقه في تكريس الاجماع المخزي حوله ، وحول شعارات المسلسل الديمقراطي والسلم الاجتماعي وتمتين الجبهة الداخلية واحتواء الوضع الاجتماعي باسم تلك الشعارات . ففي الوقت الذي أعلنت فيه الجماهير الشعبية عن إدانتها لتلك القوى جميعها ، كان " الرفاق" المتراجعون يعيدون النظر في الموقف منها ، وفي ذات الوقت شكلت تلك الانتفاضة تجاوزا ورفضا لأساليب النضال الموسمية والمحدودة والغير مجدية من أجل الدفاع عن مصالحها ضد الحرب الطبقية التي يخوضها النظام ضدها بمباركة من تلك الأطراف الاصلاحية . وفي غياب طليعة ثورية منظمة بمستطاعها توجيه وقيادة هذه الطاقة النضالية الهائلة خرجت جموع المتظاهرين في انتفاضة ضخمة لتعبر بصوتها عن مطالبها وسخطها متحدية القمع والتدجين والتضليل ، في ذات الوقت كان يتم التهييء لتطبيق مقتضيات مخطط التقويم الهيكلي المملى من طرف الدوائر المالية الامبريالية والتي سيكون من نتائجه المباشرة تعميق التبعية وتفاقم تدهور الوضع الاجتماعي للجماهير الشعبية المتدهور أصلا ، وهو ما سيواجهه الشعب المغربي ويعيه مستفيدا من تراثه النضالي ، والتي تشكل الانتفاضة أحد أركان ذاك التراث وكأبرز شكل نضالي وإبداع شعبي للاحتجاج والمواجهة لكل المخططات الرجعية ، فاشتعلت مدن الشمال والشرق ومراكش في يناير 1984 وهو ما واجهه النظام بإنزال كل أجهزته القمعية لإسكات صوت الانتفاضة كصوت معبر عن تطلع شعب للحرية والانعتاق.
إن انفجار انتفاضتين في أقل من أربع سنوات وما كلفته من تضحيات وعطاءات متميزة من جانب الشعب المغربي ومناضليه المبدئيين يدل إضافة على واقع التفقير والقهر الذي تعيشه جماهير شعبنا ، ورفضا للآثار المدمرة لمخطط التقويم الهيكلي ، على وعي متقدم (مقارنة بأصحاب المراجعات) بذاك الواقع المرير ورفض لا رجعة فيه من طرفها .
فبموازاة مع المعطى الموضوعي الذي أبانت عنه حركة الجماهير في مواجهة نقيضها الطبقي وحلفاؤه ، كان بعض " الرفاق " يتجهون يمينا لملاقاة الأحزاب والتنظيمات الإصلاحية الانتهازية ، والتي أصبحت "ديمقراطية " وطنية " بجرة قلم . فأن تسير حركة الجماهير أماما ليس شرطا أن يسير " المناضل " في ذات الاتجاه وإن ادعى الثورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لديموقراطية الشعبية
فؤاد النمري ( 2012 / 8 / 28 - 22:20 )
الرفيق الخطابي
لا يتشكل التنظيم أي تنظيم قبل أن يتحدد هدف التنظيم وأنت سارعت بتحديد الهدف وهو الديوقراطية الشعبية
لكن هل الظروف الدولية والمحلية تمكن من تحقيق مثل هذا الهدف الكبير؟
ما هي القوى الطبقية التي تشارك في إقامة الديموقراطية الشعبية؟
لنتفق أولاً على إمكانية تحقيق الديموقراطية الشعبية قبل إقامة التنظيم فالهدف هو ما يحدد طبيعة التنظيم واتساعه
دعوتك لن تلقى القبول ما لم تؤكد إمكانية تحقيق الديموقراطية الشعبية
ما طبيعة التنمية الاقتصادية في ظل الديموقراطية الشعبية التي تدعو إليها
الوقوف بوجه الصهيونية والامبريالية ليس ذا دلالة على أية تنمية


2 - السلفيين الجدد
BOUGRIN ZAYANI ( 2012 / 8 / 28 - 22:44 )
مشكلة بعض الماركسيين أنهم حفاظ نصوص، أي أنهم يحفظون المقولات الماركسية عن ظهر القلب (يعني درّاخين- بالعراقي) يرددونها كالببغاء ودون أن يستوعبوا معانيها. وهذا ما يسمى في الأدبيات الماركسية، بالجمود العقائدي والذي ينتقدونه بشدة، ولكنهم في نفس الوقت هم أنفسهم من أشد الناس المصابين بهذا المرض الوبيل. فرغم أنهم يقولون أن الماركسية فلسفة خلاقة تتطلب الإبداع في تطبيقها وفق الشروط الموضوعية لكل بلد، ولكن ما أن يخرج أي مفكر أو زعيم ماركسي بشيء من الإبداع في تطبيق الماركسية حتى وتنهال عليه الاتهامات الجاهزة من كل حدب وصوب، مثل التحريفية والخيانة للمبدأ والعمالة للبرجوازية والإمبريالية وغيرها من الاتهامات الباطلة. لا فرق بينكم وبين السلفيين الظلاميين


3 - تحية للرفيق النمري
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2012 / 8 / 29 - 12:03 )
إطلالة الرفيق النمري أسعدتنا ونحيي تعاطيك الايجابي مع المقال ...الأسئلة التي طرحتها جدا مهمة وتستدعي التوضيح والاجابة ،ولا أخفيك أنها مهمة جماعية وليست فردية ومع ذلك لنحاول تفكيكها قليلا في هذه العجالة:بداية أنا لم أطلق دعوة للتنظيم ولا غاية ذلك التنظيم أنا حاولت الرد على دعوة لتأسيس تيار ماركسي لينيني بالمغرب
ثانيا أنا لم أستعمل الديمقراطية الشعبية كهدف أنا أتحدث عن ثورة وطنية ديمقراطية شعبية كهدف محدد لممارسات كل الماركسيين اللينينيين بالمغرب المرتبطين بهذا الشكل أو ذاك مع تجربة الحملم خلال الفترة الثورية لسبعينيات القرن الماضي..تحديد الهدف باعتقادي تستند حصرا على دراسة التناقضات الطبقية ببلادنا وسيرورتها..أي دراسة تلك التناقضات في حركيتها وليس بشكل ستاتيكي..أما الظروف الدولية فباعتقادي هي عوامل مساعدة وليست محددة..فحتى بوجود داعم ، أي مركز اشتراكي بتعبيركم، لم تستطع كل الثورات إنجازمهامها.الواقع بالمغرب كما يبدو لي هناك تحالف طبقي مسيطر متكون أساسا من البرجوازية الكمبرادورية أو المرتبطة مصالحها مباشرة بالامبريالية والملاكين العقاريين الكبار وبقايا الاقطاع والبيروقراطيتين العسكرية


4 - تتمة التحية للرفيق النمري
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2012 / 8 / 29 - 12:20 )
والبيروقراطيتين العسكرية والمدنية ، هاتين الأخيرتين مرتبطين بشكل مباشر أو خاضعتين للسيطرة المباشرة للامبريالية فالعسكر يخضعون للأمريكي وأجهزة الأمن أو القمع الأخرى تخضع للفرنسي تدريبا وتجهيزا وتوجيها- هناك العديد من الدراسات والوقائع تشير لهذا الأمر قد نشير لها لاحقا- وهذاالتحالف الطبقي يتزعمه الكمبرادور ويضمن استمرار العلاقة بين عناصره وهو ما يحدد طبيعة النظام القائم بالمغرب كنظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي..في مقابل هذا التحالف المسيطر هناك تحالف آخر موضوعي ولم يرقى إلى إفراز تعبيره السياسي بعد ، وتتجسد قواه الطبقية الأساسية في الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والفئات الدنيا من البتي برجوازية وعموم الكادحين ..هذا التحالف يجب أن تكون قيادته السياسية للطبقة العاملة حصرا ، وهذا أحد أبرز دروس هزيمة 1967 على اعتبار أن كل التجارب التي قادتها البتي برجوازية لم تفعل سوى إعادة إنتاج علاقات الانتاج القائمة أي إعادة إنتاج التبعية.إن بنية النظام القائم عاجزة عن الاستمرارية وكل الويلات التي تعيشها الجماهير الشعبية ما هي إلا تجليات للأزمة الخانقة التي يعيشها النظام منذ عقود ولن يخرج منها


5 - ختام التحية للسيد النمري
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2012 / 8 / 29 - 12:51 )
في مقابل هذا التحالف المسيطر هناك تحالف آخر موضوعي لم يرقى إلى إفراز تعبيره السياسي بعد ، وتتجسد قواه الطبقية الأساسية في الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والفئات الدنيا من البتي برجوازية وعموم الكادحين ..هذا التحالف يجب أن تكون قيادته السياسية للطبقة العاملة حصرا ، وهذا أحد أبرز دروس هزيمة 1967 على اعتبار أن كل التجارب التي قادتها البتي برجوازية لم تفعل سوى إعادة إنتاج علاقات الانتاج القائمة أي إعادة إنتاج التبعية. إن بنية النظام القائم عاجزة عن الاستمرارية وكل الويلات التي تعيشها الجماهير الشعبية ما هي إلا تجليات للأزمة الخانقة التي يعيشها النظام منذ عقود ولن يخرج منها....سوى بكسر حلقة التبعية وهو ما يمثل الأساس المادي لأي باء ديمقراطي يستجيب لحاجات شعبنا...لا يمكن القبول بتأبيد أنظمة عميلة كهذه ثروة البرجوازي الواحد تفوق ديون الدولة ..مثال غني عن مداخيل الفوسفاط للخزينة العامة حيث كشفت أرقام ميزانية سنة 2005 رقما جد متراجع، 500 مليون درهم، علما أن هذا الرقم يماثل إلى حد بعيد مداخيل نوع واحد من أنواع الكحول بالمغرب”البيرّة- دون الحديث عن مقارنة ميزانية الشؤون الاسلامية التي


6 - ختام الختام
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2012 / 8 / 29 - 13:04 )
دون الحديث عن مقارنة ميزانية الشؤون الاسلامية التي تضافت ب 2000% من 2002إلى 2012ولنقارنها بميزانيات التعليم والصحة والتشغيل هذا دون الحديث عن ميزانيات الجيش والصناديق السرية.قلت الجرائم التي ترتكب في حق الشعب المغربي وأبنائنا في سجونه لا يمكن أن يستمر معها هكذا نظام لا بالقمع ولا بالتضليل..حينما نتحدث عن تنظيم فعل الماركسيين اللينينيين لا نتحدث حصرا عن تأسيس الحزب الثوري قائد الثورة ،بل نتحدث عموما عن تنظيم فعل الماركسيين اللينينيين وهم موجودون بشكل موضوعي وفاعلين ، إذن تنظيم فعلهم أمر أساسي ومجمع عليه ، على أي أرضية ولأية مهام ذلك ما نتصارع حوله...وعموما نحن مع التنظيم على أسس مبدئية واضحة من حيث المبادىء ومن حيث الموقف السياسي..وأكيد أن ذو الوجهين لن يكون له مكان في أي تنظيم أو صيغو تنظيمية للماركسيين اللينينيين كما قال ستالين يوما...صراعنا اليوم وكما بالأمس من أجل كشف هؤلاء ذوي أكثر من وجه...كما حاربهم ستالين يوما سنحاربهم دوما....أرجو أن أكون وفقت في شرح جزء من الصورة ،أما باقي أجوائها فأعتقد أن الجزء الثاني كفيل بذلك لأنه سيتناول فهمنا للتنظيم...تحياتي رفيقي النمري


7 - إلى السيد زياني من العراق
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2012 / 8 / 29 - 13:18 )
لا أعرف لماذا أتردد كثيرا في رد الاساءات بمثلها في حواري خصوصا مع الرفاق بفلسطين المحتلة والعراقيين ..المهم أن السيد زياني يتهمنا بحفظ المقولات وترديدها كما يفعل الظلاميونويسميه جمودا عقائديا...وأننا نواجه أي إبداع بالاتهام بالخيانة والتحريفية..وهو ما لم أجده في المقال...لو اخترنا هذا الأسلوب الذي اخترته أنت عزيزي العراقي لما بذلنا كل هذا الجهد والطاقة كي نعطي موقفنا من مبادرة معينة بشكل موضوعي ولما فتحنا الكتب والمراجع من أجل الاضاءة على جانب من تاريخ الحركة الماركسية اللينينية بالمغرب ونستلهم منها جميعا الدروس اللازمة....صراعنا على الأرض ، أوض المصالح الطبقية، وليس في السماء أو الكتب عزيزي ..إن كنت تريد حوارا بالفعل أعد قراءة المقال أعلاه..إن كنت تريد كيل الاتهام أو تسجيل موقف فقد فعلت...ولاحظ جيدا أنت اتهمتني بالسلفية ,انا لم أقل أنك لا تحريفي ولا عميل ..ولا حتى أمي في السياسة هل هناك أدب في الحوار أكثر من هذا..عموما أنا بانتظار أن تعطي دليلا على ما قلت انطلاقا من المقال..تحياتي

اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي