الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستقالة صارخة

ساطع راجي

2012 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قليلة هي إستقالات المسؤولين في العراق ولذلك كانت إستقالة وزير الاتصالات محمد توفيق علاوي لافتة، الا إن ما جعلها أكثر من ذلك هي الرسالة التي بعثها الوزير المستقيل الى رئيس الوزراء، وهي رسالة جعلت من الاستقالة فعلا سياسيا صارخا لما أوردته من من تفاصيل إدارية وسياسية تفسر جزئيا حصيلة الفشل المتراكمة في الاداء الحكومي منذ أعوام، الرسالة لم يرد عليها أو يفندها أحد حتى الآن وقد نقلت من منطقة الظل الى منطقة الضوء، الكثير من التفاصيل والاشاعات التي نسمع بها من موظفين عاديين ينقلون في أحاديثهم الخاصة حكايات النفوذ والشخصيات المؤثرة خارج سياقات الادارة والقوانين، وحالات الاحتقان والاختلاف داخل الكادر الاداري للمؤسسات في الدولة العراقية، أحاديث نسمع بها لكن وزير الاتصالات المستقيل وثقها وبالاسماء والحوادث ومن المتوقع أن لايكون هذا الحال منحصرا بوزارة أو مؤسسة واحدة بفعل المنطق العام لادارة البلاد.
إستقالة الوزير كشفت لاول مرة المعنى العملي والحرفي لما كنا نسمع عنه ولا نعرف معناه، أي التهميش والتفرد في صنع القرار وانعدام الشراكة، وتتحمل القوى السياسية المعترضة على ادارة رئيس الوزراء مسؤولية كبيرة في تجاهلها للرأي العام وعدم عرض واقع العلاقة بين الوزراء ورئيسهم أو مقدار السلطة والحرية التي يتمتع بها الوزراء في ادارة وزاراتهم وبقي حديث القوى السياسية منحصرا في تقاسم المغانم وهو تقاسم يكرهه المواطن ويعتبره إحتيالا عليه، وكان من الاجدى بالقوى السياسية ووزرائها تقديم شروحات تفصيلية عن الخلل والارباك الذي يسيطر إداء السلطة التنفيذية، ولكانت القوى السياسية ووزراؤها أعانوا العراقيين على كشف الآليات التدميرية المتبعة في إدارة البلاد.
من الواضح إن الوزير إلتزم الصمت طويلا وهو بذلك سمح من حيث يدري أو لايدري باستمرار التجاوز على صلاحياته ويبدو إن وزراء كثر يتعمدون أيضا التزام الصمت راضين بما يحققون من منافع حتى صار فريق الحكومة هو المؤسسة الاكثر هدوءا وانسجاما، وتحول عدد من الساسة الصقور الى حمام بمجرد حصولهم على مواقع وزارية، بل إن الاشهر الاخيرة كشفت تخلي عدد من الوزراء عن التزاماتهم السياسية تجاه القوى والقوائم التي ينتمون اليها والتي عن طريقها حصلوا على مواقعهم في السلطة وهناك من أعلن التمرد على كتلته النيابية مفضلا المنصب على أي شيء آخر وصار مجلس الوزراء ينتج مشاريع قوانين ويتخذ قرارات يتبين فيما بعد إن الوزراء لم يعبروا عن مواقف كتلهم تجاهها وهكذا تنشب الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويتعرقل تشريع القوانين وتتعطل عملية البناء كما هو حاصل منذ سنوات.
إستقالة وزير الاتصالات كانت رسالة صارخة ولتكون ذات قيمة تحتاج الى كشف موقف من بقية الوزراء الذين يتداول الشارع العراقي كثيرا من الحكايات والشائعات عن سلبيتهم ولامبالاتهم بسيطرة موظفين ومسؤولين أدنى على مقاليد القرار في الوزارات بينما ينشغلون هم (الوزراء) بالصفقات الكبيرة والسياحة والعلاقات الخاصة ذات المردود المالي الضخم كما تقول الشائعات.
قد تظهر روايات وشائعات على هامش الاستقالة وقد تكال تهم وتبث ادعاءات تشويه ونيل وقد لاتكون رسالة الوزير صحيحة بشكل كامل وقد نجد تفسيرات كثيرة لما حصل، لكن رسالة الوزير المستقيل يجب أن تكون الخيط الذي تتمسك به الكتل النيابية والقوى السياسية ووسائل الاعلام للكشف عن آليات ومنهج إدارة مؤسسات الدولة العراقية بعيدا عن ترديد الشائعات الخالية من الاسماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا