الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حراك سياسي وشعبي مصري مناهض للاقتراض من صندوق النقد الدولي

عليان عليان

2012 / 8 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أثار توجه الحكومة والرئاسة المصرية بالاقتراض خمسة ملايين دولار من صندوق النقد الدولي ، ردود فعل مختلفة في الشارع السياسي المصري ، بين بعض المؤيدين في أوساط التيار الإسلامي ومعارضين له في أوساط مختلف القوى القومية واليسارية.
المؤيدون لهذا التوجه استندوا إلى عدة مبررات وحيثيات أبرزها:
أولاً: أن الحكومة والرئاسة المصرية ورثت أوضاعاً اقتصادية غاية في البؤس جراء نهج وممارسات نظام مبارك البائد ، وأن الخزينة المصرية في وضع لا يسمح لها بحل أزمة الاقتصاد المصري بدون الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
ثانياً: أن هنالك مبرر شرعي في ضوء الاقتصاد الإسلامي بشأن جواز الاقتراض بالفائدة ، إذا سدت جميع أبواب الحلال البديلة عملاً بالقاعدة الشرعية " الضرورات تبيح المحظورات ".
ثالثاً: أن الحكومة المصرية ستفاوض الصندوق ، وأنها لن تخضع لأي مطلب أو شرط يضر بالسيادة المصرية.
أما المعارضون لهذا التوجه فيستندون في رفضهم إلى ما يلي:
أولاً: أنها لا تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية ، حيث يؤكد بعض المتخصصين الإسلاميين في المسائل الشرعية مثل الدكتور حسن حسين شحاته " أن جمهور الفقهاء يرون أن فائدة القرض عين الربا المحرم شرعاً ، ومن أدلتهم على ذلك حديث الرسول " صلعم " " كل قرض جر نفعاً فهو ربا " وكذلك الحديث الشريف " لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه".
وأوضح شحاتة " أن فتاوى صدرت عن مجامع الفقه الإسلامي تؤكد ذلك بالإضافة إلى فتوى مجمع البحوث الإسلامية عام 1965 وأكدت أن التمويل بالقروض الربوية هي مسكنات ، ولا تحقق التنمية مشيراً إلى أن الذي يتحمل عبء هذه القروض وفوائدها ، هي الأجيال القادمة ، وهذا مخالف لأساسيات السياسة الشرعية".
وحول الاقتراض بحكم الضرورة أكد أن الفقهاء حددوا أهم الضوابط الشرعية للضرورة ، وعلى رأسها أن تكون الضرورة ملحة بحيث يجد الفاعل نفسه في حالة يخشى عليها من التلف في الأعضاء.. ألخ.
ثانياً ، أما القوى السياسية القومية واليسارية فتلخص موقفها فيما يلي :
1- أن حزب الحرية والعدالة – الذراع السياسية لأخوان المسلمين تراجع عن موقفه حيال الاقتراض من الصندوق ، وأنه سبق أن عاب على حكومتي عصام شرف والجنزوري توجههما للاقتراض من الصندوق رغم أن الظروف الاقتصادية في مصر في عهد الحكومتين السابقتين وفي اللحظة الراهنة لا تزال على حالها، بائسة ومتردية جراء نهج النظام السابق، الذي اعتاد على رهن البلاد والعباد لصندوق النقد والبنك الدوليين.
2- أن الاقتراض من صندوق النقد الدولي وغيره من مؤسسات التمويل الدولية ، يضع مصر مجدداً في حالة من التبعية الاقتصادية ومن ثم السياسية ، ويسلب مصر سيادتها التي بدأت تتحقق بعد ثورة 25 يناير.
3- أن شروط صندوق النقد الدولي في مجال اشتراط الخصخصة وإنهاء القطاع العام ، والتراجع عن برامج الإنفاق الاجتماعي ، وعدم دعم السلع الأساسية ألخ ، تلحق أكبر الضرر بمعظم طبقات الشعب التي أشعلت الثورة ، على صعد الفقر والبطالة والحرمان من التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية ، ناهيك أن اقتصاد البلاد والناتج القومي يصبح رهينة للفوائد وجدولة الديون ، عبر نادي باريس ونادي لندن وغيرهما.
4- أما قضية مقاومة اشتراطات صندوق الدولي ، فتجربة عموم دول العالم الثالث تقول بعدم إمكانيتها ، لا سيما أن صندوق النقد الدولي ومن واقع التجربة لن يغير الخطوط العامة لاستراتيجيته من اجل مصر أو غيرها ، ومن ثم فإن صندوق النقد الدولي لم يكن في يوم من الأيام جمعية خيرية.
5- أن الاقتراض من الصندوق يخالف مبادئ ثورة 25 يناير في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، وأن تداعيات الاقتراض تصب في التحليل النهائي في خانة التنازل عن هذه المبادئ.
ولا يخف على أحد أن صندوق النقد الدولي يشكل مع البنك الدولي ومع منظمة التجارة العالمية ، الثالوث الشيطاني للعولمة الإمبريالية الذي يسعى إلى توظيف إمكانات الشعوب وثرواتها خاصة في العالم الثالث في خدمة عمليات النهب المبرمجة ، وسلب الدول سيادتها وتحويلها إلى هياكل أمنية ومخافر للشرطة وليس أكثر.
ويجب أن لا يغيب عن بال أحد في مصر أن صندوق النقد والبنك الدوليين يخضعان بالكامل ، لتفاهم واشنطن النيوليبرالي الذي يشتمل على مبادئ غاية في الخطورة على نحو:
1- أن الإصلاح الضريبي الذي يجب على الدول المقترضة الالتزام به هو تخفيض الضرائب على الدخول العالية ، وتوسيع قاعدة المكلفين ، بمعنى إلغاء الاستثناءات الضريبية الخاصة بالفقراء من أجل زيادة حجم الواردات الضريبية ، للتمكن من سداد القروض وفوائدها.
2- تأمين المساواة في المعاملة بين الاستثمارات الوطنية والأجنبية من أجل زيادة الأمن لهذه الأخيرة.
3- التفكيك قدر المستطاع للقطاع العام ، وعلى وجه الخصوص المؤسسات التي تملكها الدولة أو هيئة تابعة لها .
4- إلغاء جميع الأنظمة المقيدة للاقتصاد الوطني ، من أجل ضمان حرية التنافس بين جميع القوى الاقتصادية في السوق.
5- تقوية وحماية الملكية الخاصة.
6- تشجيع تحرير المبادلات التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية" ما يعني إفقاد منتجات العالم الثالث القدرة على المنافسة ، ومن ثم تدمير القطاعين الصناعي والزراعي في الدول النامية.
7- تأمين شفافية السوق ، وإلغاء المعونات التي تقدمها الدولة للفعاليات الاقتصادية الخاصة ، وإلغاء الدعم عن أسعار المواد الغذائية.
لقد ذاقت دول العالم الثالث الأمرين جراء الديون وفوائدها وما حصل في مصر في عهدي السادات ومبارك شاهد على ذلك ، كما عانت دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من تصاعد الديون وفوائدها فعلى سبيل المثال بلغ مجموع ديون أمريكا اللاتينية خلال عقد الستينات من القرن الماضي 60 مليار دولار .
وقفز هذا الرقم إلى 206 مليار دولار عام 1980 ووصل إلى 443 مليار دولار في مطلع تسعينات القرن الماضي ،وقفز إلى 750 مليار دولار في مطلع الألفية الثالثة
( أنظر محاضرة موريس ليمون- رئيس تحرير لبموند ديبلوميتيك - التي ألقيت أمام اجتماع الاشتراكية الدولية في ريودي جانيرو في البرازيل في 2-4 – 2001 ).
في ضوء ما تقدم أضم صوتي إلى أصوات كافة المعارضين لتوجه الحكومة والرئاسة المصرية ، للاقتراض من صندوق النقد الدولي وأعتقد أن هذا التوجه خطوة خطيرة ، في الاتجاه الخاطئ وعلى الحكومة المصرية أن تبحث عن بدائل لهذه الخطوة ، على نحو العمل الدؤوب لاسترداد الأموال المنهوبة من قبل مبارك ونجليه وبقية أزلام النظام السابق التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ، وإعادة الاعتبار للقطاع العام والبحث عن مصادر تمويل لا ترهن مصر وسيادتها للقوى الاستعمارية وأدواتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق